fbpx

تحية إلى المنتخب السعودي رغم الخروج…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ليس من باب التصفيق للخسارة وترديد أسطوانة “الأداء المشرف” التي تعقب خسارات الفرق العربية، إنما يمكن القول إن فوز المنتخب السعودي على الأرجنتين في كأس العالم 2022، قد يفيد في استعادة شيء من ثقة الكرة السعودية بنفسها وثقة جمهورها بها، مع الإشارة إلى أن الخسارتين المتتاليتين أمام بولندا والمكسيك هما في الوقت نفسه تذكير بأن ذاك الفوز ليس كافياً على الإطلاق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في عقد الثمانينات من القرن الفائت، شهدت كرة القدم الخليجية نهضة لافتة، بدأت مع إحراز الكويت لقب كأس آسيا مطلع العقد، ثم تأهلها إلى نهائيات كأس العالم 1982، قبل أن يحذو العراق حذوها في المكسيك عام 1986، ومن ثم الإمارات في نسخة 1990 الإيطالية، وبين هذه المحطات المونديالية الثلاث، ظفرت السعودية بلقب كأس آسيا في مناسبتين عامي 84 و88.

كانت أسرتي خلال معظم سنوات الثمانينات تقيم في السعودية حيث يعمل والدي ووالدتي مدرّسين، وإن كنت عشت سنوات الطفولة الأولى هناك، فإنني اليوم لا أملك إلا ذكريات غائمة عن تلك الفترة، التي لم تستمر طويلاً، حيث عادت الأسرة إلى سوريا مع انتهاء عقد عمل ربّها.

لا أعرف كيف كان يمكن أن يذهب مساري الدراسي والشخصي والقِيمي لو أنني عشت سنوات أطول في تلك البلدة السعوديّة الصغيرة جنوب البلاد، ليس بعيداً من مدينة أبها مسقط رأسي، لكنّني أعرف أنني نجوت من نظرة تنميطية وفوقية وتعميميّة يحملها قدر لا بأس به من السوريّين تجاه بلد هائل الحجم ومتنوع طبقيّاً ومناطقيّاً وطائفيّاً وثقافيّاً مثل السعودية، (وهو ما عمل النظام السوري بدأب على ترويجه وتعزيزه بشكل علني ومبطن وشاركه في ذلك مثقفون معارضون). بل إنّ حنيناً يشدّني أحياناً إلى ساعات اللهو وملاحقة الكرة مع أبناء الجيران، سعيد وفيصل وشريف وعبد الخالق، وإلى افتتاني بإله كرة القدم في تلك السنوات دييغو مارادونا، وإعجابي، على خطى أشقائي الأكبر، بمهاجم نادي النصر السعودي فهد الهريفي.

كان الهريفي أحد أفراد جيل ذهبيٍّ سعوديٍّ، ضمّ كذلك ماجد عبد الله وصالح النعيمة وعبد الله الدعيع وآخرين، أحرز كأس آسيا مرتين، لكنه فشل في بلوغ كأس العالم، وبينما كانت أبرز هذه الأسماء على وشك الاعتزال، بزغ جيل جديد قاد المنتخب السعودي لنهائيات كأس العالم للمرة الأولى في نسخة 1994 في الولايات المتحدة.

سأتابع المونديال الأميركي في سياق مختلف: سوريا المتقشّفة والبائسة في منتصف التسعينات. فارق التوقيت كان يعني أن قسماً وازناً من المباريات سيقام في أوقات متأخرة نسبياً. وضعت القرعة المنتخب السعودي في مجموعة صعبة إلى جانب هولندا المرشحة الدائمة للقب وبلجيكا والمغرب.

لمتابعة مباراة السعودية الأولى مع هولندا، كان لزاماً عليّ السهر خلسة، وانتظار موعد نوم والدي، كي أنقل تلفزيون الناشيونال الياباني الصغير الملون ذي البوصات الـ14 الذي عاد معنا من السعودية (وهو كان ثروة في ذلك الوقت مقارنة بتلفزيونات سيرونيكس المحلية الصنع الرديئة الألوان والتقنية) من غرفة الجلوس، إلى غرفتنا أنا وشقيقي، مع توجيه الشاشة نحو الحائط كي لا يتسرب أي ضوء من تحت الباب، في حال استيقظ الحاج ليلاً لشرب كأس ماء أو لإفراغ ما في جعبة مثانته من بول.

تفاصيل كثيرة من المباراة التي شاهدتها طفلاً ما زالت عالقة في ذاكرتي: فرحة فؤاد أنور بافتتاحه التسجيل للأخضر، في المباراة، وفي تاريخها الموندياليّ، بعد ست دقائق من صافرة البداية، والأداء السعوديّ المتزن، برغم مواجهة فريق قوي من النجوم، والتسديدة الهولندية البعيدة التي جاء منها هدف التعديل بعد دقائق على انطلاق الشوط الثاني، ثم الخطأ القاتل للحارس محمد الدعيع الذي أفسح المجال للهولنديين لإضافة هدف ثان قبل ثلاث دقائق من نهاية الوقت الأصلي ومن ثم الفوز بالمباراة، إلى عينيّ المسافرتين بين الشاشة وباب غرفتي ذهاباً وإياباً خشية انكشاف سهري السرّي.

استعاد المنتخب السعودي توازنه في مباراته الثانية، وسجل أول فوز له في تاريخ مشاركاته بكأس العالم، على حساب المغرب بهدفين لهدف، قبل أن يعود ويسجل فوزاً لا ينسى على بلجيكا بهدف سعيد العويران الذي اختير حينها كأجمل أهداف البطولة، لتبلغ السعودية الدور ثمن النهائي، حيث واجهت السويد، وخسرت أمامها بثلاثة أهداف لهدف، لتودع المنافسات، بينما واصل المنتخب السويدي مشواره نحو المركز الثالث في تلك النسخة.

السعودية التي كانت نالت وصافة كأس آسيا في نسخة عام 1992، عادت لتستعيد اللقب مرة جديدة عام 1996، لكن هذه السيادة السعودية آسيوياً، وتسجيل المشاركة القوية في أول حضور مونديالي عالمياً، تعرضا لهزات متتالية ومتتابعة: ففي كأس العالم 1998، خرجت من الدور الأول بعد تعادل وهزيمتين، إحداهما أمام فرنسا بأربعة أهداف دون مقابل. وفي كأس العالم 2022، سجلت أسوأ مشاركة في تاريخها، فخسرت مبارياتها الثلاث، وتلقت شباكها 12 هدفاً، منها 8 في مواجهة ألمانيا لوحدها. وفي نسخة 2006، عادت لتكرر تقريباً نسخة 1998 بتعادل وخسارتين، إحداهما أمام أوكرانيا بنتيجة 0-4. ثم فشلت في التأهل لنسختي 2010 و2014، قبل أن تعود بمشاركة مخيبة في مونديال 2018، حيث خسرت مباراة الافتتاح أمام روسيا بخمسة أهداف ثم مباراتها الثانية أمام الأوروغواي بهدف، وفازت في مباراة تحصيل حاصل على مصر بهدفين لهدف. وطيلة هذه الفترة، فشل الأخضر في استعادة عرشه الآسيوي، بل إنه فشل حتى في بلوغ الدور نصف النهائي خلال آخر ثلاث نسخ من كأس أمم آسيا. بدا وكأن الكرة السعودية فقدت ثقتها بنفسها.

والحال هذا، ليس من باب التصفيق للخسارة وترديد أسطوانة “الأداء المشرف” التي تعقب خسارات الفرق العربية، إنما يمكن القول إن فوز المنتخب السعودي على الأرجنتين في كأس العالم 2022، قد يفيد في استعادة شيء من ثقة الكرة السعودية بنفسها وثقة جمهورها بها، مع الإشارة إلى أن الخسارتين المتتاليتين أمام بولندا والمكسيك هما في الوقت نفسه تذكير بأن ذاك الفوز ليس كافياً على الإطلاق. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.