fbpx

العقوبات الأميركية… هل نجحت في نبذ الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وتصاعدت وتيرة العقوبات، الأمر الذي بات حدثاً عادياً. لكن هل نجحت العقوبات، سواء الأميركية أو الغربية، في إحداث تغييرات لتعديل سلوك طهران السياسي أو الإقليمي أو الحقوقي، أو حققت أهدافها في جعل نظام “آيات الله” منبوذاً؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مع تنامي الاحتجاجات في إيران، وظهور القمع الممنهج، بما فيه عقوبة الإعدام، التي تم توظيفها سياسياً، عادت العقوبات الأممية إلى الظهور مجدداً. 

غير أنّ هذه العقوبات بحق مسؤولين وكيانات اقتصادية إيرانية تثير أسئلة كثيرة حول مدى فعاليتها وتأثيراتها.

قد اتسع بالفعل نطاق العقوبات الأميركية على إيران مع سياسة “الضغط القصوى” التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، لتشمل أكثر من 900 كيان وفرد.

فمنذ نجاح الثورة الإيرانية، عام 1979، والتي اصطدمت سياسياً، بصورة مبكرة، مع الولايات المتحدة على خلفية احتجاز رهائن في السفارة الأميركية في طهران، بواسطة طلاب إسلاميين، فرضت إدارة الرئيس الأميركي حينذاك، جيمي كارتر، أولى العقوبات على النظام الإيراني. ونجم عن ذلك تجميد قرابة 8.1 مليار دولار من الأصول الإيرانية، بما فيها الودائع المصرفية والذهب وممتلكات أخرى.

وبينما رُفعت أجزاء من هذه العقوبات على طهران، مطلع عام 1981، إثر اتفاقات الجزائر، والتي نجحت في إنهاء أزمة الرهائن، فإنّ الإدارات الأميركية المتلاحقة لم تكف عن الاستعانة بسلاح العقوبات، مرة، بسبب الموقف من أنشطة إيران الإقليمية، وكذا التهديدات العسكرية، تحديداً في الخليج والملاحة الدولية، ومرات أخرى، بسبب مشاريعها النووية والتسليحية.

وتصاعدت وتيرة العقوبات، الأمر الذي بات حدثاً عادياً. لكن هل نجحت العقوبات، سواء الأميركية أو الغربية، في إحداث تغييرات لتعديل سلوك طهران السياسي أو الإقليمي أو الحقوقي، أو حققت أهدافها في جعل نظام “آيات الله” منبوذاً؟

وفي ما يبدو أنّ النظام في طهران، الذي يعتبر العقوبات بمثابة “حرب نفسية”، يبدو وكأنه يمتص، كل مرة، هذه الضربات المتلاحقة والمتراكمة، برغم ما تشير إليه الحقائق والأرقام الاقتصادية من خسائر هائلة في الكثير من القطاعات المالية المرتبطة بالطاقة. فضلاً عن المؤسسات الحكومية، ومنها مكتب المرشد ووزارة النفط والدفاع والاستخبارات والأمن الوطني والبنك المركزي والحرس الثوري، أو شبه الرسمية (وغير الحكومية) التابعة للمرشد الإيراني، مثل لجنة تنفيذ أمر الخميني، مؤسسة العتبة الرضوية المقدسة، مؤسسة المستضعفين للثورة الإسلامية (بنياد).

ومن بين تداعيات العقوبات الأميركية، غير المسبوقة، على الاقتصاد الإيراني، في فترة دونالد ترامب، تدني مستوياته عام 2020 إلى نحو 4.99 في المئة. ووفق وزارة الخارجية الأميركية، فإنّ صادرات النفط الإيرانية انخفضت بالتزامن مع إعادة فرض العقوبات على خلفية انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق النووي. وقد تم سحب 1.5 مليون برميل من النفط الإيراني من السوق، والذي كبد طهران خسائر بمليارات الدولارات (لا تقل عن 30 مليار دولار في اليوم).

كما نرى مع الدول الأخرى التي تواجه عقوبات (فنزويلا، كوبا، إيران…)، فإنّها تؤثر سلباً في المواطنين بسيناريوهات مختلفة، نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية، وارتفاع التضخم، ونقص السلع الأساسية، وفق الأكاديمي الأميركي في جامعة فلوريدا إرك لوب.

ومع ذلك، لا يبدو أنّ هذه العقوبات تؤثر، بشكل فعال، في النخب السياسية أو النظام المستهدف، يقول لوب لـ”درج”.

ويردف: “في حالة الدول الغنية بالنفط، على وجه الخصوص، تستطيع النخب السياسية الحاكمة البقاء على عائدات تصدير السلع الأساسية، وعمليات التهريب، وغسيل الأموال. فضلاً عن الوسائل أو بالأحرى الحيل الأخرى”. 

وبينما تفرض الولايات المتحدة ودول غربية أخرى عقوبات على إيران، فإنّها تصدر النفط والسلع الأخرى إلى دول داخل المنطقة وخارجها، بحسب لوب. فمن خلال وسطاء إقليميين ودوليين تسمح لإيران بالتفلت من العقوبات، مثل فنزويلا والصين. حتى لو كان ذلك مصحوباً بخسائر ربما لن تكون موجودة، لو لم تكن هناك عقوبات.

إذاً، ظلت العقوبات سلاحاً في مواجهة أنشطة إيران الإقليمية، كما حدث في عهد الرئيس الأميركي، رونالد ريجان، والذي حظر الأسلحة عام 1983، على خلفية الحرب العراقية- الإيرانية. ثم كان تصنيف إيران، للمرة الأولى، “دولة راعية للإرهاب”، بعد الاعتداء على ثكنات مشاة البحرية الأميركية في بيروت. 

من بين تداعيات العقوبات الأميركية، غير المسبوقة، على الاقتصاد الإيراني، في فترة دونالد ترامب، تدني مستوياته عام 2020 إلى نحو 4.99 في المئة.

وتزامنت العقوبات في فترة الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، مع تصعيد إيران النووي. وفي منتصف التسعينات قام كلينتون بحظر التجارة الأميركية والاستثمار في إيران. 

ويكاد الموقف الأميركي لم يتراجع في الفترات اللاحقة، بل دخلت العقوبات مرحلة “العقوبات الشاملة”. ودشن باراك أوباما في تموز/ يوليو 2010 “قانون العقوبات الشاملة ضد إيران والمحاسبة والتجريد من الممتلكات”. وقد وافق عليه الكونغرس، ليصبح قانوناً نافذاً. وتهدف إلى الضغط على إيران للاستجابة للمفاوضات النووية. وبينما استهدف القانون قطاع الطاقة الإيراني، والمؤسسات المالية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، ووكالاته. 

راهناً، أدرج الاتحاد الأوروبي، عقوبات بحق 20 مسؤولاً وكياناً إيرانياً، بينها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، في قوائم العقوبات ضد طهران.

وذكر الاتحاد الأوروبي في بيان، أنّ العقوبات الجديدة تستهدف المتورطين في التعامل “العنيف” مع الاحتجاجات المندلعة في إيران منذ مقتل الشابة الكردية الإيرانية، مهسا أميني. فضلاً عن مساعدة روسيا بالطائرات المسيرة في الحرب بأوكرانيا.

إذ أوضح البيان إدراج 4 أفراد و4 كيانات إيرانية إلى قائمة العقوبات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا.

وتتضمن العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر إلى الاتحاد ومنع الأموال أو الموارد الاقتصادية عن المدرجة أسماؤهم في القوائم.

وعليه، شدد الاتحاد الأوروبي، على ضرورة وقف (إيران) نشاطات زعزعة الاستقرار الإقليمي السياسية والعسكرية.

فيما دعا الاتحاد الأوروبي بوقف “الأعمال ومحاولات تهديد أمن وحرية الملاحة والطرقات البحرية في منطقة الخليج”.

وكان جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قد أعلن أن التكتل سيتفق على حزمة عقوبات “صارمة للغاية” بحق إيران.

وتابع: “سنقر حزمة عقوبات صارمة للغاية”. وقال: “سنتخذ أيّ إجراء بمقدورنا لدعم الشابات والمتظاهرين السلميين”.

وبسؤال الأكاديمي العراقي المتخصص في الدراسات الدولية والعلوم السياسية، مثنى العبيدي، عن الآليات والاستراتيجيات التي تتبعها طهران لتفادي هذه العقوبات الأممية، فيجيب: “للعقوبات الأميركية على إيران تأثير كبير على مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها. وصحيح هذا التأثير قد لا يبدو ظاهراً على النظام السياسي. بل وتحاول مؤسسات وشبكات هذا النظام إخفاء هذا التأثير”. 

لكن، في الواقع، القطاع الاقتصادي والصناعي في إيران قد تحمل كل منهما “العبء الكبير” جراء هذه العقوبات، وفق العبيدي لـ”درج”. ويردف: “إيقاف بيع تصدير النفط الإيراني للخارج، ومغادرة الشركات الدولية المستثمرة، وارتفاع التضخم وتراجع أسعار العملة المحلية، وتزايد البطالة والفقر، نجم عنهم تنامي السخط الشعبي إزاء النظام وسياساته. وكلها أمور تشير إلى مدى تأثير العقوبات الدولية في إيران”.

وفي مجال تخفيف وطأة العقوبات عن إيران، عمدت الأخيرة إلى انتهاج عدة طرق، منها الاستفادة من علاقاتها مع الصين والهند لتصدير النفط، والتعامل مع الشركات الدولية الصغيرة، وتجنب الشركات الكبيرة والمعروفة لتفادي تعرضها للعقوبات، كما تعتمد إيران سياسة تهريب النفط عبر ناقلات بحرية أجنبية، يقول العبيدي. 

واعتمدت إيران تفعيل شبكة علاقاتها الإقليمية لجهة ضمان بقاء منافذ اقتصادية لها، كما الحال مع العراق. إذ تقوم طهران بالتبادل التجاري المفتوح مع العراق حتى أمست الأخيرة السوق والحديقة الخلفية التي تعد بمثابة “الرئة الاقتصادية” التي تنقذ الاقتصاد الإيراني. ويضاف إلى ذلك تركيا التي تمثل، هي الأخرى، منفذاً لبيع النفط الإيراني مع العراق بطرائق غير مباشرة.

تتفق والرأي ذاته، الباحثة في شؤون الصراع وبناء السلام بجامعة بغداد، آية غانم، والتي تقول إنّ العقوبات تؤثر، بشكل سلبي، في الكثير من المجالات تجاه أيّ دولة، لا سيما إذا كانت موارد هذه الدولة تعتمد على مصدر رئيسي مثل النفط.

وربما، النظام السياسي في معظم الدول التي تفرض عليها العقوبات لا يتأثر، بشكل واضح، من العقوبات على مستوى استقراره، بحكم أنّ النظام السياسي لديه الموارد التي يمكن أن يوظفها في سبيل خدمة بقاءه كمؤسسة سياسية، وفق غانم لـ”درج”. بينما من يتأثر بالعقوبات هو “المواطن. ولنا تجربة في العراق أثناء العقوبات الدولية بين عامي 1991-2003”. 

وفي حين انخفضت موارد الدولة في إيران، وقد تراجعت قيمة العملة المحلية، بما أدى لتدني الأوضاع الاجتماعية، فإن إيران ركزت، مثلاً، على الصناعات العسكرية، والتي تمنحها الأولوية باعتبار أنّ الأمن هو العامل الأهم في سياستها الخارجية كونها لا تزال تملك علاقات صراعية وتنافسية مع واشنطن، وتعيش وسط بيئة مضطربة. هذه البيئة تفرض عليها أن تتجه لتعزيز عناصر الأمن على حساب العناصر الأخرى. 

وتلمح الباحثة في شؤون الصراع وبناء السلام بجامعة بغداد إلى أنّ أميريكا لا ترغب بانهيار إيران مرة أو دفعة واحدة وإنّما تنخرها بشكل بطيئ. 

وتختم: “استفادت إيران من التنافس الأميركي- الصيني والأميركي- الروسي في تقليل أثر العقوبات. فضلاً عن حاجة تركيا والعراق للغاز الإيراني. فحجم التجارة العراقية- الإيرانية قد أنعش السوق الإيراني. هذا التنوع في مصادر الدخل والتركيز على العلاقات التجارية وتقوية العلاقات مع الحلفاء، مثلاً، تجارة السيارات أو تجارة مواد زراعية أو تجارة طائرات مسيرة أو تصدير الغاز أو تصدير كهرباء، ساهم في تسريب فعالية العقوبات”. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.