fbpx

ليلة “الرعب” في حوارة: الانتقام الإسرائيلي “من دون قفازات”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“إما الفصل العنصري أو الترحيل”، فهل ينتظر الفلسطينيون نكبة جديدة؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نشر الكاتب الإسرائيلي ميرون رابوبورت، مقالاً جاء فيه: “وزير المالية بتسلئيل سموترتش، ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، وكبار أعضاء الائتلاف في الحكومة الإسرائيلية الآخرين، لا يخفون أن هدفهم النهائي هو إرباك الفلسطينيين، وتقديم خيارين لهم: إما الفصل العنصري أو الترحيل”، فهل ينتظر الفلسطينيون  نكبة جديدة؟

شهادات الفلسطينيين من بلدة حوارة، التي اجتاحتها جماعات المستوطنين وعاثت فيها حرقاً وخراباً مُرعبة. نقرأ في إحدى الشهادات: “نحن نعيش كما لو كنا في سجن. المنازل لها قضبان، لذا هم يحرقونها ويقتلوننا. عندما رأيت كل شيء يحترق، ظننت أنني سأموت في تلك الليلة”.  يضيف آخر، “حاولنا الدفاع عن أنفسنا، لكن الجيش لم يسمح لنا،  رأيت هجوم المستوطنين. أحرقوا السيارة التي كانت تحت المنزل. جاء الجيش وطلبوا منا إغلاق الباب. نزلت أختي وأغلقنا الباب بالمفتاح. جاء المستوطنون إلينا، واقتحموا هنا وهناك، وكنا جميعاً محاصرين، ولم نتمكن من الخروج”.

نقلت الصحف الإسرائيلية وقائع ما حدث في اليوم التالي للهجوم غير المسبوق في عنفه وخطورته في حوارة،  إذ بدت البلدة، التي يسافر عبرها آلاف المستوطنين والفلسطينيين يومياً، وكأنها ساحة معركة، إذ أحرق المستوطنون الإسرائيليون ثمانية منازل وأُخلي نحو 30 شخصاً، وحُطّمت النوافذ في 35 منزلاً نتيجة رشقات الحجارة التي رماها المستوطنون، وأحرقت نحو 250 سيارة، وأصيب أكثر من120 شخصاً، أحدهم مصاب بجروح خطيرة في الرأس.  قُتل خلال الليل رجل الإنقاذ سامي اقطش( 37 عاماً) من قرية زعترة المجاورة، الذي وصل للمساعدة، ولم يتضح بعد ما إذا كان المستوطنون أو الجنود قد أطلقوا النار عليه.

قاطنو البلدة تحت الصدمة، بقوا في المنازل مع أطفالهم وكل شيء يحترق في الخارج، وقال عدد من السكان إنهم شعروا بألا أحد يحميهم. وأوضحت الشهادات من طريق مدخل البلدة الفلسطينية، أن المستوطنين المتطرفين ما زالوا مسيطرين على المكان، يتجول العشرات منهم لرصد أي حركة، بعضهم ملثمون، وأقاموا حواجز لتفتيش المركبات التي تدخل بحثاً عن فلسطينيين، فالمستوطنون يتصرفون على هواهم على رغم وجود قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي في البلدة.

يصلّي الفلسطينيون من أجل حياتهم، إذ تُرجم سيارات الإطفاء الفلسطينية بالحجارة، كما يلقي المستوطنون قنابل صوتية على الصحافيين الإسرائيليين، ولم يعد يجرؤ الفلسطينيون على التجوّل في حوارة التي أصبحت كمدينة أشباح، المحلات مغلقة، والحجارة متناثرة على الطرقات، ورائحة النيران تسيطر على الأجواء.

انتقام اليمين وغياب “الدولة”

يدل هجوم حوارة  يوم 26 شباط/ فبراير، على أن نتنياهو يفقد السيطرة على الوضع، وعلى رغم أن هجوم المستوطنين متوقع إلا أن قوات الجيش الإسرائيلي لم تحاول منعهم، فلديهم حصانة من القانون، والخوف من “الدولة” لا يعتريهم. حمّل محللون في الصحف الإسرائيلية حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة والجيش الإسرائيلي المسؤولية عن الهجوم الهمجي والوحشي، بذريعة الرد والانتقام على مقتل مستوطنين في البلدة في عملية إطلاق نار.

وقال المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، “إن اعتداءات كالتي نفذها المستوطنون في حوارة وأماكن أخرى في الضفة الغربية، كانت توصف بـ”دفع ثمن”، لكن “الثمن هذه المرة مضاعف وحجمه غير مسبوق”. ووصف برنياع اعتداءات المستوطنين، بأنها “ليلة البلور في حوارة”، في إشارة إلى عمليات تخريبية نظمها ونفذها النازيون ضد مصالح وبيوت يهودية في ألمانيا بين التاسع والعاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 1938، إذ حرّضت قوات من الشرطة وقوى الأمن الألمانية النازيين على القيام بأعمال ضد اليهود أينما وُجدوا في ألمانيا، فهجم النازيون على الكُنس اليهودية والمتاجر والمحلات التابعة لليهود، ودمروها وأحرقوها في الليلة المذكورة، وأُطلق على هذه الليلة هذا الاسم لكثرة الزجاج الذي تكسّر فيها.

رصد هجمات المستوطنين السابقة يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتقل أو يقتل منفذي عملية إطلاق النار من الفلسطينيين، لكن المستوطنين الذين غزوا القرى يعلمون أن أيدي قوات الجيش والشرطة مكبّلة. وكالعادة وفي أفضل الأحوال، يُعتقلون ليلة أو اثنتين، وكأن لديهم حصانة من القانون، ووفقاً لـ برنياع: “رهبة الدولة لا تسري عليهم”، وما يفاقم الوضع هو الحكومة الحالية، بوجود الوزيرين الكبيرين فيها، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.

وخلال كلمة له في مؤتمر اقتصادي عقدته صحيفة “ذي ماركر”، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، “أعتقد أنه يجب محو قرية حوارة من الوجود، وأعتقد أن على دولة إسرائيل القيام بذلك وليس أفرادها”. 

وصدرت أيضاً تصريحات صحافية من عضو الكنيست تسفي فوغيل، من حزب “عوتسما يهوديت”، قال فيها إن هجوم المستوطنين على حوارة هو “الردع الأقوى منذ السور الواقي” (اجتياح الجيش الإسرائيلي للضفة الغربية، في العام 2002)، فهو يريد أن يرى “حوارة محترقة ومغلقة”. وأضاف، أنه على إسرائيل التوقف عن تفادي رغبتها في تنفيذ عقاب جماعي بالفلسطينيين، فقط لأن هذا العقاب لا يلائم المحاكم، ويضيف في إشارة إلى رغبة في تلويث يديه :”أنا أزيل القفازات، وإذا استمرينا بوضع القفازات فلن نحصل على ردع. وإذا توقفنا عن الاستيطان فلن نحقق سيادة”.

وكتب نائب رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات (السامرة) شمال الضفة الغربية، دفيدي بن تسيون، على حسابه على “تويتر” بعد الهجوم: “يجب أن تُمحى قرية حوارة اليوم”. أُعجب  بالتغريدة سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع. وأضاف بن تسيون، “يكفي الحديث عن بناء الاستيطان وتقويته، يجب استعادة الردع على الفور ولا مجال للرحمة”.

أحد العوامل التي جعلت الهجوم فريداً هو موقع حوارة، الواقع في قلب المنطقة، وبحسب وصف الصحافيين الإسرائيليين للهجوم الوحشي،  فإن ما حصل يصنَّف كأخطر حوادث العنف التي تعرضت لها القرية، والتي غالباً ما تكون محور هجمات المستوطنين بسبب موقعها بالقرب من أكثر المستوطنات تطرفاً في الضفة الغربية، وعلى طريق يمر فيها الإسرائيليون بشكل يومي. 

تعرضت حوارة في السنوات الأخيرة لعشرات الاعتداءات التي نفذها مستوطنون، فانتقام الإسرائيليين كان متوقعاً بشكل واضح، لكن يحاول الصحافيون الإسرائيليون تبرير الأحداث في حوارة بعدم سيطرة نتنياهو على واقعي السياستين الداخلية والخارجية.

العجز أمام الانتقام 

نهوند، من سكان القرية وأم لستة أطفال، نتلمس في شهادتها العجز الذي اعتلاها، فصباح اليوم التالي للهجوم الوحشي، لم تكن هناك كهرباء في منزلها، إذ دمر المستوطنون البنية التحتية للبلدة، وتصف ما حصل قائلة: “ما حدث كان جنونياً، بدأت مجموعة كبيرة من المستوطنين، بدعم من الجيش الإسرائيلي، بمهاجمة منازلنا بالحجارة وإحراق الإطارات عند مداخل المباني. كانوا يحملون حاويات من البنزين. وطوال ذلك الوقت، نحو أربع ساعات، لم نتمكن من فعل أي شيء، بينما كانوا يحرقون أبواب منزلنا. وكل من حاول فتح الأبواب خاطر بإطلاق النار عليه أو رشّه بالغاز المسيل للدموع، اختنقنا بسبب ذلك، كنت وحدي في المنزل مع الأطفال، وبسبب الغاز المسيل للدموع في فناء منزلنا، لم يكن من الممكن الخروج. قررن لاحقاً الذهاب لمساعدة جيراننا الذين أحرق المستوطنون أسفل منزلهم”.

نقرأ في تقرير، لهاجر شيزاف، مراسلة صحيفة هآرتس في الضفة الغربية الوصف التالي: “كانت رائحة النار لا تزال في هواء حوارة ظهر(الاثنين) اليوم التالي، سيارات محترقة وإطارات وأثاث يتصاعد منها الدخان، وعدد لا يحصى من المنازل التي تحطمت نوافذها في القرية، حيث يمر الطريق الرئيسي الذي يربط نابلس والقرى المجاورة، وكذلك مستوطنة أرييل بمستوطنتي يتسهار وهار براخا. لم يفتح أي متجر أبوابه. لم يتم الإعلان عن إضراب رسمي، لكن أهل القرية أوضحوا سبب إغلاق أعمالهم، ألا وهو الخوف من تكرار أحداث الليل”.

“لا نريد العيش هنا”

وفقاً لإفادات أهالي البلدة، دخل مئات المستوطنين، بعضهم مسلح، إلى حوارة الساعة السادسة مساء، وتفرقوا بعد ساعات فقط، نحو الساعة الحادية عشرة ليلاً. وشهد جميع سكان القرية وجود جنود فيها، لكنهم لم يحاولوا منع هذا العنف غير العادي.

يقول عدي (32 عاماً) الذي تعرض منزله للهجوم :”لا يمكن مقارنة ما كان يحصل عندما كنت أصغر سناً بما يحدث اليوم، لأن بن غفير أكثر شجاعة. لم يجرؤوا على النزول إلى هذا الجزء من القرية من قبل. لقد تحلوا بالشجاعة”.

يعيش عدي مع زوجته وأطفاله وشقيقه في منزل كبير وجميل على أطراف القرية، في منطقة بعيدة من المستوطنات. تمتلك الأسرة محلاً لبيع الذهب في نابلس، وفي وقت مبكر من المساء، تلقى الإخوة مكالمة من زوجاتهم، يصف عدي المكالمة: “كانت النساء في المنزل بمفردهن مع الأطفال، وقد اتصلوا بي بينما يعلو الصراخ والبكاء، وقالوا إن هناك أشخاصاً يرشقون المنزل بالحجارة، وإن المهاجمين قفزوا من فوق الجدار لدخول فناء المنزل المغلق”.

وفق إفادة عدي لمراسلة صحيفة هآرتس، ومراسل الموقع الإلكتروني الإسرائيلي اليساري “محادثة محلية” أورين زيف: “تم إغلاق جميع الطرق. للوصول إلى هنا، مررنا بنحو 40 قرية، منحهم التأخير فرصة للدخول إلى هنا، عندما وصلنا إلى المنزل، كان هناك بالفعل حوالى 25 أو 30 مستوطنًا في الفناء، معظمهم تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً، ولكن كان هناك أيضاً أكبر سناً. كان بعضهم مسلحاً، والبعض الآخر ملثماً. عندما وصلنا، وضعنا غطاء الرأس على وجوهنا حتى لا يتعرفوا علينا، وركضنا داخل الفناء. سمعت الأطفال الصغار يبكون ولم نعرف ماذا نفعل”.

كانت نوافذ المنزل الذي يقيم فيه أطفاله قد تحطمت، واستمر هو وشقيقه في التحرك نحو مبنى آخر في مجمع الأسرة، حيث تعيش والدتهما. أضاف عدي: “في هذه المرحلة، أدركوا أنني لست مستوطناً، وحاولوا الإمساك بي ورموا الحجارة على ظهري. تمكنا من الوصول إلى المنزل، ووجدت جدتي فاقدة للوعي على الأرض. حاولت إيقاظها”.

بعد دخولهم المنزل، قرروا أخذ الصحون والأواني والصعود إلى السطح لرميها على المستوطنين وحماية أنفسهم، حينها هرب عشرات المستوطنين إلا أنهم عادوا مع تعزيزات. وتمكّن حوالى 200 شخص من إشعال النار في غرفة المعيشة في فناء منزل الأسرة. وسرق المستوطنون هواتف وساعات وشاشة تلفزيون من المنزل.

في صباح اليوم التالي لهجوم المستوطنين وإحراق منزلهم، اصطحبت زوجة عدي الأطفال إلى عائلتها في مدينة سلفيت شمال نابلس، وقالت لزوجها إنها لا تريد العيش هنا بعد الآن.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.