fbpx

مبادرة تشريعية في لبنان: محاولة لخرق جدار الإفلات من العقاب 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما يحصل من تعطيل للقضاء هو أخطر من أي قانون عفو عام، طالما أنّ من شأنه أن يعطّل المحاكمة في جرائم الماضي وجرائم الحاضر والمستقبل أيضاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في لبنان، تواصل قوى سياسية ونافذة مساعي تعطيل أيّ ادّعاء يقدّم ضدّ مسؤولين وشخصيات، بما يُلغي مبدأ المحاسبة وحقوق الضحايا باللجوء إلى القضاء. 

وبدا ذلك واضحاً من خلال استغلال نصوص في قانون أصول المحاكمات المدنية تسمح لأيّ مدّعى عليه بتعليق الملاحقة الجزائية المقامة ضدّه بمجرّد تقديمه دعوى بردّ القاضي الناظر في قضيّته أو مخاصمة الدولة على خلفية أعماله أياً كانت جديّة هذه الدعوى. 

هذه النقاط القانونية استغلها نافذون في قضية انفجار مرفأ بيروت، ما أدى إلى تعطيل التحقيقات في واحدة من أخطر الجرائم التي شهدها لبنان، وسرعان ما تمّ تعميمها في اتجاه تعطيل التحقيقات في عدد من القضايا المهمة، كقضايا المصارف والأموال المنهوبة، والفساد والإثراء غير المشروع. 

العلاقة بين السلطة السياسية والقضاء ليست جديدة وقد لا تبدو صادمة، فالقضاء لطالما ارتبط بأهواء السياسيين عبر التعيينات وتدخلات الأحزاب والمسؤولين في سير المحاكمات وفي عمل القضاء، ما أفقد الأخير الكثير من استقلاليته. وزادت تلك العلاقة تشابكاً مع الانهيار الاقتصادي وبروز قضايا فساد تطاول شخصيات تريد مواصلة التنصّل من المسؤولية مهما كان.

بناءً على مساعي السلطة لتكريس مبدأ الإفلات من العقاب، قدّم 9 نوّاب، هم إبراهيم منيمنة وأسامة سعد وإلياس جرادة وبولا يعقوبيان وحليمة القعقور وسينتيا زرازير وفراس حمدان ومارك ضو وميشال دويهي، اقتراحيْ قانون أعدّهما “ائتلاف استقلال القضاء” لإعادة الانتظام العام للدولة. 

الاقتراحان هما بمثابة مبادرة تشريعية تهدف إلى مواجهة تعطيل القضاء وممارسات الإفلات المعمم من العقاب من خلال سدّ الثغرات القانونية التي تتسلل من خلالها القوى النافذة لتعطل العدالة.

جاء هذان الاقتراحان بمثابة ردّ على ممارسات انتهجها عدد من القوى السياسية والنافذة لتعطيل أيّ ادّعاء يقدّم ضدّ أيّ من أعيانها، بما يُلغي تماماً مبدأ المحاسبة وحقوق الضحايا في التقاضي. حصل الأمر من خلال استغلال نصوص في قانون أصول المحاكمات المدنية تسمح لأيّ مدّعى عليه بتعليق الملاحقة الجزائية المقامة ضدّه بمجرّد تقديمه دعوى بردّ القاضي الناظر في قضيّته أو مخاصمة الدولة على خلفية أعماله أياً كانت جديّة هذه الدعوى. وتبقى الملاحقة معلّقة حتى بتّ دعوى الردّ أو المخاصمة من المحكمة المختصّة. وهو ما حصل مع النائبين المحسوبين على “حركة أمل”، والمتورطين في ملف مرفأ بيروت، علي حسن خليل وغازي زعيتر. 

مؤدّى ما فعله الأخيران وغيرهما من النافذين، هو عملياً إلغاء سلطة القضاء بالكامل، وانتهاك لمبدأ فصل السلطات والحقّ في اللجوء إلى القضاء ومبدأ المحاسبة والمساءلة وحكم القانون أيضاً. 

مؤسس “المفكرة القانونية” المحامي نزار صاغية، يرى أن “مشروع القانون هذا يوجّه الإصبع إلى مكمن الوجع، كما أنه يوضح الوضع الخطير لما وصل إليه لبنان، لا سيما لجهة الإلغاء الكامل للعمل القضائي وإمكانية المحاسبة”. 

أما في حديثه عن قرار نقابة المحامين بفرض الحصول على إذن مسبق قبل الحديث مع المؤسسات الإعلامية، فاعتبر صاغية أن “كم أفواه المحامين، بعدما كُممت أفواه القضاة، يفتح باب القمع أكثر”، مُشيراً إلى أن أحد أبرز ما حصل في ثورة 17 تشرين كان دفاع المحامين عن المظلومين، “فعلى النقابة الدفاع عن محاميها بدلاً من تهديدهم أو قمعهم”. 

من جهة أخرى، اعتبر النائب فراس حمدان في حديثٍ مع “درج”، أن “الشعار الأساسي في لبنان هو الإفلات من العقاب”، موضحاً أن مشاركته في طرح اقتراح القانون يقع ضمن رؤيته للمسار القضائي في البلد، من خلال إفشال فكرة المماطلة وتعطيل التحقيق واستعمال الحق”، كما اعتبر أن “المعركة الأكبر هي معركة استقلالية القضاء العدلي والإداري”. 

أما النائب إبراهيم منيمنة، فيرى أن معركتهم كنواب قوى التغيير تبدأ في مجلس النواب حين يتم طرح ذاك القانون، علماً أن القانون مُقدّم مُعجّل، أي أنه سيُطرح في أقرب جلسة لمجلس النواب.

يقول ابراهيم منيمنة لـ”درج”، “كل اقتراح قانون أو تعديل اقتراح يكون معركة بالنسبة إلينا، لأن المنظومة السياسية وما لها من كُتل داخل مجلس النواب، حريصة على عدم تقدّمنا بأي إصلاحات تُعزّز الاستقلالية أو الشفافية في مؤسسات الدولة… قد لا تكون تلك المعركة بالمباشر، ولكن بالسياق الذي اعتدناه أتوقّع أن تتجه السلطة السياسية نحو التمييع والتسويف بأي اقتراح جدّي يمكن أن يُساهم باستقلالية القضاء”. 

لم ينجح نظام الحكم في استصدار قانون للعفو العام يعفي أركانه وأعيانه من عقود من الفساد، لكنه يسعى حتماً إلى تمييع مسار المحاسبة، فما يحصل من تعطيل للقضاء هو أخطر من أي قانون عفو عام، طالما أنّ من شأنه أن يعطّل المحاكمة في جرائم الماضي وجرائم الحاضر والمستقبل أيضاً… واقتراح القانون ذاك، شرط لإحداث خرق في جدار الإفلات من العقاب. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.