fbpx

“ابتسم أيها الجنرال”… لماذا الأسماء المستعارة؟  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“فرات” و”عاصي” وهما شخصيتا المسلسل الرئيسيتان، كانا نموذجين عن عدم إثقال عقل المشاهد بالالتباس. إنهما بشار وماهر الأسد. اسماهما المستعاران وإن تبدد التباسهما سريعاً بالصفة، أي “بالسيد الرئيس” وشقيقه، لكنهما يستدرجان المرء إلى التباس معناهما، ورمزيتهما.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 إحدى ميزات المشهد التلفزيوني أنه يتسلل إلى العقل أفضل من النص المكتوب، وهذا على الأقل ما افترضه القائمون على مسلسل “إبتسم أيها الجنرال” الذي يتابعه المشاهدون راهناً.

  المسلسل الذي يلقي الضوء على الوقائع التي تلت موت حافظ الأسد، يقترب من هذه الميزة غالباً، ويبتعد منها أحياناً. وابتعاد كهذا يفضي بالعقل إلى الإلتباس والتأويل برغم أن المسلسل كان إعلاناً صريحاً عن الميزة الأولى. إنه الدخول إلى خفايا “آل الأسد” وصراعاتهم والشخصيات المؤثرة من حولهم، كما إلى الوقائع الدموية والاستبدادية التي تقترن بهم.

مشهد من مسلسل “ابتسم أيها الجنرال”

   بعد عرض أكثر من 10 حلقات من المسلسل، خضع المشاهد إذاً لالتباس صنعته غالباً ماهية الشخصيات التي تدور في فلك أفراد العائلة الأسدية، مع تخففه من مشقة تأويل شخصيات الأخيرة كمتن للمسلسل، رغم تغليفها بأسماء مستعارة، سهَّلت الوقائع السابقة عليه هذا التخفف.

   والأسماء المستعارة، كما أدوارها الحقيقية لا تني تخضع للتأويل. وهو ما يفضي إلى سؤال جوهري عن الغاية من التباس كهذا.

  أغلب الظن أن القيمين على المسلسل، وهم من المعارضين غير الملتبسين للنظام، لم ولن يفترضوا أن المشاهدين سيبددون سريعاً استعارات الأسماء والوقائع. هذا في أحسن الأحوال يفترض أننا أمام مشاهدين عاشوا في قلب الأحداث الحقيقية، قبل أن تتسمر عيونهم على المشاهد التلفزيونية. أو أن المشاهدين لم يكونوا بحاجة إلى مشاهد تفكك نصوص كثيرة كتبت عن النظام ورجالاته، وهذا يفترض أيضاً أننا أمام قراء محترفين لن تحيلهم وقائع المسلسل إلى عصف ذهني هو على الأرجح ديدنهم اليومي أمام أحداثه وشخصياته. أو أنهم يفترضون أخيراً أن نظاماً أمنياً عميقاً يتبدى مكشوفاً إلى درجة يتقوض معها هذا الإلتباس.

  الافتراضات أعلاه ليست على الأرجح حال معظم المشاهدين. وهو ما يكثف السؤال عن جدوى الالتباس الذي أخضعوا له.

   “فرات” و”عاصي” وهما شخصيتا المسلسل الرئيسيتان، كانا نموذجين عن عدم إثقال عقل المشاهد بالالتباس. إنهما بشار وماهر الأسد. اسماهما المستعاران وإن تبدد التباسهما سريعاً بالصفة، أي “بالسيد الرئيس” وشقيقه، لكنهما يستدرجان المرء إلى التباس معناهما، ورمزيتهما.

   يشق على الذاكرة البعيدة والقريبة هذا الربط بين “ثنائي النظام”، وبين رمزية الاسمين موتاً وحياةً عند السوريين. شيء من هذا القبيل فكك شيئاً من وقائعه ماضياً المخرج السوري الراحل عمر أميرالاي في فيلم “طوفان في بلاد البعث”. 

فحين يكون “الفرات” شرياناً للحياة في سوريا، لا يستقيم والحال هذا التجانس الاسمي بين الحياة التي يوفرها النهر، وبين الموت الذي يقترن ببشار الأسد، تماماً كحال نهر العاصي. الأخير كمسمى فرضه تضاد الجهات ليس أكثر، وهو في أي حال، وكشراكة مائية بين لبنان وسوريا، يعتبر مجازاً لبنانياً أكثر منه سورياً، إلا إذا افترضنا أن عقل كاتب المسلسل أراد بهذا الإسقاط إدراج ماهر الأسد كرافد لنهر الدم الذي تنكبه “آل الأسد” في حياة السوريين واللبنانيين، تماماً “كفرات” في لحظة طوفان الدم. هكذا يتبدد الالتباس.

   عموماً، لا يزال المشاهد يبحث في التباس شخصيات المسلسل عن علي مملوك ومصطفى طلاس وعبد الحليم خدام وآصف شوكت ومحمود الزعبي، وشخصيات أخرى على تماس مع الأسرة. “حيدر” الشخصية الرئيسية الثالثة في المسلسل هي نموذج عن هذا الالتباس.

هي حلقات عشر اختصرت حتى الآن صراعاً دموياً بين الإخوة، وأخرجت “آل الأسد” وأذرعهم من الغرف المغلقة إلى عين المشاهد.

    التباس أخير أفضت إليه شخصية “فرات” التي جسدها مكسيم خليل. ففي مشاهد متناثرة ضمن الحلقات المعروضة، يُستدرَج المشاهد إلى فكرة رائجة في الأنظمة العسكرية عن الحمائم والصقور. فأمام الشخصية الدموية التي مثلها “عاصي”، بدت شخصية “فرات” أحياناً كما لو أنها تستمد دمويتها منه، أو تخضع لها قسرياً. هذا الالتباس كان يفترض أن يُبدد بأمرين. الأول على عاتق المتن، والذي يفترض بالضرورة عدم إدراج ” فرات” كضحية للبعد الدموي لأخيه وهو ما كذبته  وقائع ما بعد الثورة . والثاني في المواءمة الباهتة أحياناً بين الحدث وملامح مكسيم خليل. الأخير بدا في تلك المشاهد أقرب إلى “رومانسية” في مسلسل يكتسح الغدر والظلم والقتل كل مشاهده. وأغلب الظن أن مشاهد كهذه ستكثف “فرات ” كضحية عند صنف من المشاهدين يستبيح المسلسل وجدانهم من خارج معارضي بشار الأسد ومواليه.

   والحال، لن تبدد كل الافتراضات والالتباسات التي كان يمكن تجاوزها، أو التخفف منها، أننا أمام مشاهد بصرية عرَّت نظام الحكم في سوريا، وأن قابلية تسييلها في عقل المشاهد، كما ذاكرته، تملك جاذبية عامة أكثر من النص المكتوب، والذي على أهميته،  يبقى قاصراً عن خلق جاذبية موازية لها.

  هي حلقات عشر اختصرت حتى الآن صراعاً دموياً بين الإخوة، وأخرجت “آل الأسد” وأذرعهم من الغرف المغلقة إلى عين المشاهد. أما البحث عن حقيقة الوقائع التي شاهدناها، فأغلب الظن أن صدقية دمويتها أقل مما سجلته مشاهد القتل اليومي، والحي، والتي تبدت لاحقاً في حياة السوريين بعد ثورتهم على النظام، حين تواطأ على دمهم الإخوة الأعداء.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.