fbpx

للمرة الأولى: محكمة فرنسية تلاحق 3 مسؤولين سوريين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ليست هذه المحكمة سوى جزء صغير من طريق عدالة طويل ينتظره السوريون.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في محاكمة هي الأولى من نوعها في قضايا جرائم ضد الإنسانية بحق مسؤولين سوريين، أمر قاضيا تحقيق فرنسيان، ببدء أول محاكمة فرنسية بحق مسؤولين تابعين للنظام السوري، إذ توجَّه اتهامات بحق ثلاثة مسؤولين كبار في النظام السوري، بتهمة قتل مواطنين سوريين – فرنسيين، هما مازن دباغ ونجله باتريك، بحسب أمر توجيه الاتهام الذي اطلعت عليه الوكالة الفرنسية للأنباء.

من هما مازن وباتريك دباغ؟

بدأت القصة في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2013، حين ألقى ضباط قالوا إنهم ينتمون الى جهاز المخابرات الجوية السورية، القبض على باتريك دباغ (1993) الذي كان طالباً في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق، ووالده مازن (1956) الذي كان يعمل مستشاراً تربوياً رئيسياً في المدرسة الفرنسية في دمشق. وقال صهر مازن دباغ، والذي اعتقل في الوقت نفسه وتم الإفراج عنه بعد يومين، أن مازن وباتريك نُقلا الى سجن المزة، الذي تحدث فيه عمليات تعذيب بحق المعتقلين.

لم تسمع عائلة مازن وباتريك أي أخبار عنهما حتى آب/ أغسطس 2018، حين أعلن النظام وفاتهما، وبحسب شهادتي الوفاة، توفي باتريك في 21 كانون الثاني/ يناير 2014، ومازن في 25 تشرين الثاني/ 2017، ما يعني أن النظام انتظر 4 سنوات ليخبر العائلة عن وفاة مازن، وسنة لإعلان وفاة ابنه، ما يعكس مدى استهتار النظام بآلام عائلات المعتقلين إلى حد حرمانهم حتى من الحصول الى جثثهم أو خبر وفاتهم.

وبحسب أمر القاضيين، “يبدو أنه من المؤكد أن باتريك ومازن دباغ تعرضا على غرار آلاف المعتقلين لدى المخابرات الجوية، لتعذيب شديد لدرجة أنهما توفيا”. لم يكتفِ نظام الأسد بتعذيب الأب وابنه وقتلهما، إنما صادر كذلك منزل مازن دباغ وطرد زوجته وابنته في تموز/ يوليو 2016. وبحسب القضاة  تم نقل ملكية المنزل الى “الجمهورية العربية السورية” التي قامت بتأجيره “لمدير المخابرات الجوية لقاء مبلغ يصل الى 30 يورو سنوياً”. 

المسؤولون السوريون المتهمون

وجهت المحكمة الفرنسية الاتهامات إلى ثلاثة مسؤولين سوريين مقربين من نظام الأسد وهم:

اللواء علي مملوك:

 هو المدير السابق للمخابرات العامة السورية، تقلد عام 2012 منصب رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، أعلى هيئة استخبارات في سوريا. يمتد نفوذ مملوك من عهد الأسد الأب الى الأسد الابن، إذ رافق حافظ الأسد في تأسيس إمبراطوريته الاستبدادية، ليتابع تمدده من حقبة الأب إلى حقبة الابن، وكُلف رئيساً لجهاز المخابرات العامة (أمن الدولة).

تتهمه منظمات حقوقية بالمسؤولية والإشراف على الترسانة الكيماوية في سوريا واستخدامها لتصفية معتقلين سياسيين في سجن تدمر بين عامي 1985 و1995. توسعت سلطة مملوك بعد اندلاع الثورة في سوريا، بخاصة بعد العمليات التي استهدفت تصفية رجال بارزين في النظام، مثل داوود راجحة، آصف شوكت، حسن تركماني وهشام بختيار، إذ عيّن عوضاً عن الأخير فصار مسؤولاً بشكل مباشر عن جميع أجهزة المخابرات السورية، إضافة إلى تكليفه بمسؤولية التنسيق مع أجهزة الاستخبارات العالمية في كل ما يتعلق بالشأن السوري لدى تلك الدول. صدرت بحق مملوك مذكرات عدة، من بينها مذكرة إحضار أصدرها القضاء اللبناني بحق مملوك منذ عام 2013 في قضية محاولة قتل سياسيين ورجال دين ونواب ومواطنين، وحيازة متفجرات بقصد القتل والقيام بأعمال إرهابية في لبنان.

اللواء جميل حسن:

يشغل جميل حسن منصب رئيس إدارة المخابرات الجوية السوريّة، وكان يتولى هذا المنصب حين اختفى دباغ وابنه. حسن، المولود في ريف حمص عام 1952، هو الرجل الثاني من بين الضباط العلويين المنحدرين من مدينة حمص، الذي تمكن من الوصول إلى رئاسة جهاز أمني، طوال حكم الأسد لم يصل أحد من علويي حمص إلى رئاسة جهاز أمني سوى لمرتين، برز بشكل كبير بعد عام 2011 بسبب عنفه الشديد في مواجهة الثائرين على السلطة. جميل الحسن ملاحق من السلطات الألمانية إذ نشرت مجلة “دير شبيغل” الألمانية  في شباط/ فبراير 2019، تقريراً حول مطالبة السلطات الألمانية لبنان بتسليم رئيس فرع المخابرات الجوية السورية جميل الحسن، الذي كان يتلقى العلاج في أحد المستشفيات اللبنانية، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتورطه في جرائم القتل والتعذيب الوحشي الممنهج بحق سجناء في فرع المخابرات الجوية.

يعتبر الحسن أحد أساسات النظام الأمني الذي بناه حافظ الأسد منذ تسلّمه السلطة في سبعينات القرن الماضي، ويعتبر أحد أهم الداعمين والمشرفين على الرد العسكري العنيف على التظاهرات التي انطلقت عام 2011، حتى إنه لم يتوانَ عن الاعتراف بأن حملة عسكرية كبيرة كتلك التي استهدفت حماه في الثمانينات كانت ستنهي التحرك منذ بدايته، ومن أهم عباراته التحريضية: “العدد الهائل للمطلوبين لن يشكل صعوبة على إتمام الخطة؛ فسوريا بـ10 ملايين صادق مطيع للقيادة أفضل من سوريا بـ30 مليون مخرب”.

اللواء عبد السلام محمود:

اللواء عبد السلام محمود، الملقب بـ”العميد الحقوقي” لحيازته شهادة في القانون، هو مدير التحقيق في إدارة المخابرات الجوية في سجن المزة العسكري في دمشق منذ عام 2010، يشرف بشكل مباشر على التحقيقات والتعذيب في معتقلات المخابرات الجوية سيئة الصيت. وارتبط اسمه بمجزرة “مساكن صيدا” التي حدثت في نيسان/ أبريل 2011، وقتل فيها الطفل حمزة الخطيب تحت التعذيب. يذكر أن عبد السلام محمود أُدرِجَ  في قائمة عقوبات سابقة صدرت عن الاتحاد الأوروبي، وأخرى عن المملكة المتحدة، بصفته رئيس فرع دمشق للمخابرات الجوية، الواقع في منطقة باب توما.

خطوة على طريق العادلة 

بحسب “الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان” و”المركز السوري للإعلام” و”رابطة حقوق الإنسان”، أطراف الحق المدني في هذا الملف، فإن “هذا القرار يفتح الطريق، للمرة الأولى في فرنسا، لمحاكمة كبار المسؤولين في آلة القمع السورية”.

على رغم أن إلقاء القبض على المسؤولين الثلاثة لن يكون متاحاً وستتم محاكمتهم غيابياً، لكن هذه المحكمة هي خطوة على طريق العدالة، وبينما ينتظر ملايين السوريين مساندة دولية في الحصول على حقوقهم، فإن مجرد،توجيه الاتهام إلى قتلتهم، هو انتصار بحد ذاته، في ظل قدرة النظام على التفلت من جرائمه، هو الذي يؤجّر منزلاً لمعتقل قتله تحت التعذيب بثمن بخس، لفرع أمنٍ ضالع في التعذيب، هذه أمور لا تحصل إلا تحت إشراف نظام الأسد الذي صفّى على مدى سنوات رجاله وضباطه ومسؤوليه حتى يصل إلى الصفوة المختارة من القتلة، والذين لن يتوانى عن إقصائهم عند انتهاء عملهم.

عجلة القمع والتعذيب والتنكيل مستمرة، وإلى اليوم لم يصل السوريون إلى حل يؤثر في وضع المعتقلين والمخفيين قسراً، في المقابل ما زال المتورطون في تعذيب المدنيين وقتلهم أحراراً من دون عقاب، وليست هذه المحكمة سوى جزء صغير من طريق عدالة طويل ينتظره السوريون.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.