fbpx

تهديد “مفطرين رمضان”: الحريات vs “نصرة الدين” في سوريا…  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما حصل في رمضان من تضييق إلكتروني وغير إلكتروني على غير الصائمين في سوريا ليس سوى ورقة نعي جديدة للحريات العامة والتنوع الثقافي والديني، في بلد خرج مدمّى من حرب السنوات الـ12، إنما ما زال كثيرون فيه مستعدين لقتل الآخر المختلف وإلغائه، دفاعاً عن الدين!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في  رمضان 2020، كان الفنان التشكيلي عدنان كردش يدخّن قبيل آذان المغرب أمام منزله في  إدلب حين رمى عليه جاره قنبلة يدوية ما أدى إلى وفاته، إثر مشّادة كلامية بسبب “إجهاره بالإفطار”. 

صحيح أن إدلب منطقة يغلب عليها التشدد الديني وتكثر فيها حالات قتل المفطرين ومحاسبتهم، إثر سيطرة جماعات متشددة عليها، غير أن مناطق الداخل السوري ليست بأفضل حال، ولو حاولت أصوات تابعة للنظام السوري ترويج عكس كذلك. 

يبدو رمضان شهراً من المعاناة لغير المسلمين وغير الصائمين عموماً، فالحرية ممنوعة تقريباً، وعلى الجميع الالتزام بعدم تناول الطعام أو شرب الماء في الشوارع السورية، ومن يخلّ بذلك، إنما يعرّض نفسه لمساءلة الاجتماعية ومحاكمة أخلاقية، في انتهاك صارخ للخصوصية وحرية المعتقد.

من ينجُ من المشّادات الكلامية، تلاحقه النظرات الغاضبة كيفما اتجه. 

هذا التشدد تحاول تحركات محلية مجابهته، فمجموعة “مفطرين رمضان” الفيسبوكية مثلاً، والتي تحث على حق غير الصائمين في التعبير، والعيش بحرية، أحدثت انقساماً في الشارع السوري، وهو ما تحول إلى تهديدات بالقتل وتحريضٍ على العنف بحق أعضاء المجموعة، وسرعان ما أخذ أبعاداً سياسية بعد تحريك دعوى قضائية رسميّة بحق “المؤسسين والأعضاء وحتى المتفاعلين”.

 “الهدف الأساسي من إنشاء مجموعة “مفطرين رمضان” كان الاحتجاج على مقتل شابين اثنين في شمال سوريا العام الماضي بتهمة الإفطار العمد، ورداً على سلوك الصائمين المؤمنين الذين يفرضون طقوسهم الدينية عنوةً على الآخرين” بحسب ما قال رائد بركات مؤسس المجموعة لـ”درج”، يكمل رائد الموجود خارج سوريا: “نتعرّض للهجوم من كل الجهات: الإخوان من جهة، والنظام من جهة، لم ينصفنا أحد”.

المجموعة تعرّضت منذ اليوم الأول لهجومٍ شرسٍ من الصائمين، تحوّل خلال أيامٍ إلى تنظيماتٍ يديرها أشخاص مؤثرون في مجموعاتٍ فيسبوكيّة أخرى مثل مجموعة “فالوجيين” التي تعد من أبرز المجموعات السورية الافتراضية. وبرغم أن الجدال بدا أنه لن يتعدّى أي “تريند” فيسبوكي، إلا أنه تصاعد ليشمل تهديداتٍ وتحريضاً على قتل المشاركين في المجموعة، الذين تعرضوا للتكفير والشتائم الجنسية المختلفة. وفي التصعيد السياسي للصراع، نشرت قناة “أورينت” المعارضة للنظام السوري تقريرين تهاجم فيهما المجموعة، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات ضدها، يعلّق عليهما رائد: “من الواضح أنها مزايدة دينية على الجهات الرسمية وتسجيل نقاط على النظام أمام التيار السائد، وبالتالي ستتحرّك الجهات الرسمية سريعاً بدورها لرد المزايدة بخاصة مع وجود قوانين غير مفعّلة في القانون السوري تعاقب على مثل هذه الأفعال”.

وعموماً، اتفق المعارضون والموالون بما فيهم إعلام الطرفين على جلد أعضاء المجموعة وتبرير التعرّض لهم وإهانتهم، لمجرّد أنهم طالبوا بحق غير الصائمين بتناول الطعام والتصرف على راحتهم.

يبرر معظم مهاجمي “مفطرين رمضان” موجة الغضب بأنها دفاعٌ عن الدين، وبعضهم يؤكد أنها في سياق “الجهاد الإسلامي”

كما تقدم  المحامي غالب محملجي من فرع نقابة المحامين بحلب بدعوى رسمية جاء في نصّها: “في الآونة الأخيرة تجرأ عدد من المسيئين على إنشاء صفحة ومجموعة على فيسبوك باسم (مفطرين رمضان) والهدف منها الإساء إلى الدين الإسلامي وشعائره والازدراء من شهر رمضان المبارك.. وذلك بشكل علني ومستفز الغاية منه إثارة الفتنة والنعرات الطائفية، وتضليل الجيل الناشئ. ولم يكتفوا بهذه الإساءة بل عمدوا إلى التجرؤ على تحريف الآيات القرآنية والإساءة لها والتجرؤ على الذات الإلهية”. واتهم المحامي المجموعة بنشر “الشذوذ” والإيحاءات الجنسية الخادشة للحياء تحت مسمى الحرية الشخصية، مطالباً بمحاسبة القائمين والمتفاعلين، بناءً على القانون رقم 20 لعام 2022 الخاص بالجرائم المعلوماتية وقانون العقوبات.. جئت مقامكم الكريم ملتمساً مطالباً بإنزال أٌقصى العقوبات الرادعة والمقررة قانوناً بحق المسيئين والغرامات المالية المناسبة. المفاجئ أن طلب غالب قوبل برد سريع من قبل المحامي العام ورؤساء النيابة العامة في حلب وقاضي التحقيق، متقدماً بشكرٍ لهم على صفحته على “فيسبوك”، علماً أنه لم يصدر أي رد من القضاء على الدعوى حتى اللحظة.

يبرر معظم مهاجمي “مفطرين رمضان” موجة الغضب بأنها دفاعٌ عن الدين، وبعضهم يؤكد أنها في سياق “الجهاد الإسلامي”، وهي مبررات تذكّرنا بخطاب “داعش” وغيره من التنظيمات التي قاتلت باسم الدين، بحجة الحفاظ على الدين ضد “الكفار” أو محرّفي الدين أو غير المؤمنين ببساطة.

لم يكترث رائد بشأن حملة التشهير ضده والتي تضمّنت استخدام صوره ونشرها على نطاقٍ واسعٍ للتنمر، إضافة إلى التحريض على قتله وأحياناً دعواتٍ “لاغتصابه” لاعتقادهم بمثلية ميوله الجنسية. يقول لـ”درج” إنه قلق على الأفراد الموجودين في سوريا داعياً إياهم إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة، إذ نشر على صفحته الشخصية محذراً “إلي ما إله ظهر بسوريا لا ينشر أو ينشر بصيغة مجهول”، يقول: “بالطبع أنا خائف على الشباب، لكننا لا نريد أن يشعر البقية بأننا رضخنا للبلطجة الدينية وإلا فلن تتوقف أبداً… أنا واعٍ للمخاطر، لكن الحملة ستكمل لنهاية رمضان… إن لم نقدم أنفسنا على أرض الواقع على أننا نرفض الوضع الذي يعتبره المؤمنون “طبيعياً”، لن يتم الالتفات لنا وسيصبح مشهد قتل المفطرين طبيعياً في مجتمع يفترض أنه محكومٌ بدولةٍ مدنية”.

ما حصل في رمضان من تضييق إلكتروني وغير إلكتروني على غير الصائمين في سوريا ليس سوى ورقة نعي جديدة للحريات العامة والتنوع الثقافي والديني، في بلد خرج مدمّى من حرب السنوات الـ12، إنما ما زال كثيرون فيه مستعدين لقتل الآخر المختلف وإلغائه، دفاعاً عن الدين!

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.