fbpx

“العودة الآمنة” في لبنان: 450
اعتقالاً و66 ترحيلاً و13 مداهمة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“يظنون أننا لا نريد العودة. يظنون أن الأمر عائد لنا. لكن تخيلي أن أصل إلى الحدود السورية ويعتقلني رجال الأمن أمام أطفالي وزوجتي”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يُنشر بالتعاون مع “روزنة”

سجّلت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين منذ بداية عام 2023 أكثر من 13 مداهمة أماكن وجود لاجئين سوريين. ووفق مصادر موثوقة تواصلنا معها، تم اعتقال 450 سورياً منذ بداية عام 2023، وبين هؤلاء تم تأكيد ترحيل 66 شخصاً حتى الآن، ضمن مبدأ “الترحيل الجماعي” الأكثر خطورة.

وقد سجل شهر نيسان/ أبريل الحالي زيادة مطردة في المداهمات التي يشنها الجيش اللبناني (من خلال فرع المخابرات) على التجمعات السكانية السورية في كلّ من منطقة بيروت وجبل لبنان.

وبحسب لاجئين تواصلنا معهم تضمنت عمليات الترحيل حالات انفصال عائلي، بما في ذلك حالات فصل قاصرين عن عائلاتهم.

“سنعود… آمنين”

“سنعود إلى أرضنا ذات يوم آمنين”، هكذا قال أحد اللاجئين في مخيم مكتظ في عكار، شمال لبنان. وحين سألناه عن الدمعة التي علقت في عينيه أجاب: “يظنون أننا لا نريد العودة. يظنون أن الأمر عائد لنا. لكن تخيلي أن أصل إلى الحدود السورية ويعتقلني رجال الأمن أمام أطفالي وزوجتي”.

جميل (50 سنة، أب لخمسة أطفال) كما يخبرنا مطلوب للخدمة العسكرية في سوريا، التي تعني أن يبتعد من عائلته ويتحمل عقوبة التخلف إضافة إلى عقوبات أخرى يشاء النظام السوري أن يفرضها على من يسميهم “خونة”، لأنهم هربوا من الموت الذي أعده لهم.

“لقد تركت أرضي في دير الزور وبيتي الصغير عام 2015، وجئت إلى هنا حتى أحمي عائلتي، هذا كل ما في الأمر”. ويتابع: “حين ولد طفلي الأصغر في لبنان، خفت أن أسجّله لأن الأمر يحتاج إلى التوجه إلى السفارة السورية، حيث يمكن أن أعرّض نفسي للمساءلة، كما أن التوقيع الواحد يكلف 25 دولاراً، وهو ما يفوق قدراتي المادية”. ويضيف: “والآن لا نعرف في أي لحظة يصل عناصر الأمن إلى المخيم ويطلبون منا المغادرة والعودة إلى النظام الذي يريد قتلنا”.

مخاوف جميل من الترحيل يشاركها مع آلاف اللاجئين في لبنان، لا سيما في ظل موجة المداهمات التي ينفذها الجيش اللبناني في أكثر من منطقة لبنانية، كان آخرها مداهمات نيسان/ أبريل التي انتهت بترحيل العشرات الذين أصبح مصير عدد منهم مجهولاً على الحدود اللبنانية- السورية.

والجديد في الأمر هو تسليم الأمر للبلديات التي لا تتوقف عن إصدار قرارات اعتباطية، كمنع الأجانب من التجول ليلاً، أو الطلب من السوريين تسجيل أسمائهم في مباني البلديات، ومن يتخلف منهم ومن لا يملك أوراقاً رسمية، يكونون مهددين بالطرد والترحيل.

“لقد تركت أرضي في دير الزور وبيتي الصغير عام 2015، وجئت إلى هنا حتى أحمي عائلتي، هذا كل ما في الأمر”.

تعليقاً على ما يحصل، توضح المفوضية السامية لحقوق اللاجئين في اتصال مع “روزنة” أنه “استناداً للتقارير التي وردتنا من اللاجئين ومعلومات أخرى تم تلقيها، تلحظ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان زيادة في عدد المداهمات في صفوف سوريين في كلّ من جبل لبنان وشمال لبنان. ولغاية شهر نيسان الحالي، علمت المفوضية بما لا يقل عن 13 مداهماتٍ تم تأكيدها. تلقت المفوضية أيضاً تقارير عن سوريين محتجزين بهدف ترحيلهم في ما بعد، ومن بينهم من هو معروف ومسجلّ لدى المفوضية.

تدعو المفوضيّة إلى “احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية، كما وتتلقى تقارير ترحيل اللاجئين السوريين قسراً بقلق شديد وتُتابعها مع الأطراف المعنية”.

مخطط قديم…

عام 2019، أصدر المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، تعليمات للأجهزة الأمنية بترحيل السوريين الذين يدخلون لبنان عبر المعابر الحدودية غير الشرعية. وفي رسالة إلى منظمة العفو الدولية في كانون الأول/ ديسمبر 2020، أكدت مديرية الأمن العام أنَّ السلطات رحَّلت 6002 سوري منذ أيار/ مايو 2019، بما في ذلك 863 في 2020، فيما توقفت عمليات الترحيل جزئياً عام 2020 بسبب وباء “كوفيد-19”.

وفي تقرير صدر في أيلول/ سبتمبر 2021، وثقت منظمة العفو الدولية قائمة بالانتهاكات المروّعة التي ارتكبها ضباط المخابرات السورية بحق 66 لاجئاً سورياً عائداً، بينهم 13 طفلاً. وكان معظم هؤلاء الأطفال مُعادون من لبنان، بمن فيهم اثنان سبق أن تمَّ ترحيلهم.

وأخضع ضباط المخابرات السورية النساء والأطفال والرجال العائدين إلى سوريا للاحتجاز غير القانوني أو التعسفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي، والاختفاء القسري. وكانت هذه الانتهاكات نتيجة مباشرة لانتمائهم المتصور إلى المعارضة.

والآن تتجدد موجة الترحيل والضغط على اللاجئين، من دون أي اعتبار لما يمكن أن يواجهوه في حال العودة إلى سوريا، وهو ما يتعارض مع التزامات لبنان الدولة، التي تحظر إعادة لاجئ إلى مكان قد يتعرض فيه للخطر.

في هذا الإطار، يقول المحامي محمد صبلوح لـ”روزنة” أن “هناك حملة منظمة لإثارة النعرات المذهبية والعنصرية ضد النازحين السوريين وكأنهم يريدون تحميلهم سبب الأزمات التي نعاني منها، مع تناسي استفادة لبنان من اللجوء عبر تدفق المساعدات وتحريك الاقتصاد في البلاد”. 

ويشير صبلوح إلى أن “هناك مخالفات صارخة للاتفاقيات الدولية في موضوع ترحيل اللاجئين إلى بلادهم، إضافة الى صعوبة إثبات أن اللاجئ هو شخص معارض لنظام بلاده”. وينوه صبلوح هنا إلى أن “الأمن العام قام بتسليم أعداد كبيرة لم يستطيعوا إيقاف تسليمهم حيث يتم إعتبار أن الغالبية هم أشخاص غير معارضين بالرغم من أن 90 في المئة من الموقوفين هم معارضون للنظام”.

الجديد في الأمر هو تسليم الأمر للبلديات التي لا تتوقف عن إصدار قرارات اعتباطية، كمنع الأجانب من التجول ليلاً، أو الطلب من السوريين تسجيل أسمائهم في مباني البلديات.

يعتبر صبلوح أن عناصر الجيش الذين يعملون بإذن القيادة أو خارج إذنها يرتكبون مخالفات قانونية جسيمة وفاضحة، إذ لا يحق للجيش أن يقوم بإعتقال اللاجئين من منازلهم وبحسب مصادر متابعة فإن الجيش اللبناني قد اعتقل  بأقل من أسبوع حوالي الـ49 لاجئاً و قد أدخلهم إلى الأراضي السورية بشاحنات لبنانية دون أن يسلمهم إلى الجيش السوري حتى…

وعن السوريين الذين يدخلون إلى سوريا، يقول صبلوح أنه “لو تم تنظيم داتا من عشر سنوات حتى الآن يتم من خلالها معرفة النازحين السوريين الذين يذهبون بشكل دوري إلى سوريا نجد أن عدداً كبيراً من السوريين بما يقارب الـ40 الى 50 في المئة يستطيعون الدخول إلى سوريا بسهولة والعودة إلى لبنان وبالتالي لا يمكن لأحد أن يلوم الحكومة إن قررت ترحيل هؤلاء”.   

وذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” في تقرير له، أن المداهمات التي تشنها السلطات اللبنانية تزايدت ضد السوريين منذ بداية نيسان 2023، وتخللتها انتهاكات خطيرة، أبرزها الاعتقال التعسفي، والترحيل القسري، وسوء المعاملة تحت ظروف لا إنسانية.

وشملت الحملات مناطق مختلفة من العاصمة بيروت وبرج حمود وحارة صخر، وصولاً إلى منطقة وادي خالد والهرمل مروراً بالشوف وكسروان في جبل لبنان.