fbpx

السودان: من المستفيد من “فرار” قادة الإسلاميين من السجن؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يضعنا جنرالا الحرب في السودان، أمام احتمالين مستقبليين كارثيين، عودة قادة الإسلاميين للحكم، أو استئصالهم بالقوّة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فرار عدد من قادة نظام الرئيس السابق عمر البشير من سجن كوبر ليس حدثاً عارضاً، في ظلِ الصراع العسكري المحتدم بين قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وزعيم قوات الدعم “السريع”، محمد حمدان دقلو “حميدتي”. يحاول طرفا الصراع توظيف الحادثة لصالحه، فانفلات “القوى الإسلامية” قد يفتح الوضع على مزيد من التأزم.

هرب أحمد هارون، مساعد البشير، الذي كان محتجزاً في سجن كوبر، وتحدث في تسجيل صوتي عن فراره مع عدد من قادة النظام السابق بـ”مساعدة حراس السجن والقوات المسلحة”، مبدياً دعمه الجيش، قائلاً: “نفرق تماماً بين القائمين على السلطة ومؤسسات الدولة الوطنية، وفي مقدمتها القوات المسلحة، وندعو شعبنا وعضويتنا لمزيد من الالتفاف حولها ومساندتها”.

البديهي أن هارون ومن معه من قيادات إسلامية موالية لرأس النظام السابق، فروا بغطاء من الجيش، رغم تنصّل الأخير من الحادثة، ومسارعتِه إلى الرد على شائعات حول فرار البشير نفسه، مؤكداً الرئيس السابق يتلقى العلاج في أحد المستشفيات. الفوضى التي يمكن تبنيها كتفسير بديهي لحادثة فرار من هذا النوع في بلد يشهد نزاعاً مفتوحاً، تبقى احتمالاً ناقصاً، بسبب حديث هارون عن “مساعدة القوات المسلحة” وإعلان دعمه لها.

فوضى منظمة

الأرجح أن ما حصل “فوضى منظمة”، لتدبير الجيش حادثة الفرار، وتحديداً البرهان، الذي يسعى للاستفادة من القادة الإسلاميين، لتنظيم صفوف أنصارهم وضمهم إلى معسكره في صراعه مع حميدتي. وجود هؤلاء القادة خارج السجون، يوفر لهم هامش حركة للتعبِئة والتحشيد، وربما التخطيط في المعارك العسكرية.

الاستثمار بالإسلاميين ليس جديداً على البرهان، إذ سبق له أن سمح لهم بالتظاهر ضد بعثة الأمم المتحدة، التي كانت تمارس ضغطاً عليه، والكثير من التحليلات تشير إلى أن أنصار البشير ما زالوا في المؤسسة العسكرية، وبالتالي، فإن البرهان، يحاول في تدبير عملية الفرار من كوبر، إرضاء جناح في الجيش، الذي يقاتل معه أصلاً.

 يمكن القول أن قائد الجيش، يسعى لأمرين، منح جوائز للإسلاميين المصطفين معه، والاستفادة منهم بشكل مجدٍ، عبر تحرير قادتهم ودفعهم للانخراط بفعالية في المعركة.

الأرجح أن ما حصل “فوضى منظمة”، لتدبير الجيش حادثة الفرار، وتحديداً البرهان، الذي يسعى للاستفادة من القادة الإسلاميين

حميدي وقناع “الإصلاحيّ” 

لم يتأخر حميدتي في توظيف حادثة الفرار، إذ سارع للقول إن “كلام هارون نيابة عن قيادة النظام السابق الذين غادروا سجن كوبر يبين المخطط المكشوف بين قيادات القوات المسلحة وشركائهم من النظام السابق”.

 يحاول حميدتي استكمال دعايته، التي بدأها مع اشتعال الصراع، إذ يصور نفسه “مناهضاً” للإسلاميين، موجهاً رسائل بهذا الخصوص إلى الغرب والدول العربية. أعلن حميدتي في بيان بعد إطلاق أول رصاصة، أن قواته “تُدافع عن الديمقراطية” وتقاتل “الراديكالي الإسلامي” البرهان. 

القوى المدنية في السودان، لا سيما قوى “الحرية والتغيير” المنخرطة في “الاتفاق الإطاري”، مُستهدفة بدعاية العسكري الثاني في البلاد.  بحكم عداء هذه القوى للإسلاميين والنظام السابق، إذ يحاول حميدتي استقطابها أكثر لصالحه، بعد أن نجح نسبياً، بالتلاقي معها بما يخص “الاتفاق الإطاري”. إذ رفضا معه ضم قوى جديدة للاتفاق، بعكس رغبة البرهان، فضلاً عن انسجامهما بما يخص عملية إعادة هيكلة القوات المسلحة (إحدى القضايا الخمسة المضمنة في الاتفاق الإطاري)، إذ يتمسك حميدتي بتنقية الجيش من العناصر الإسلامية، الشأن الذي يرضي القوى المدنية.

يسعى حميدتي إلى تحسين صورته، كانقلابي وزعيم مليشيا ارتكبت انتهاكات مروعة في دارفور وسواها، عبر موضعة نفسه كنقيض للإسلاميين، متودداً بذلك للغرب وللقوى المدنية، فيما البرهان يسعى للاستفادة من الإسلاميين، وتقديم جوائز لهم، مثل عملية الفرار الأخيرة من سجن كوبر.

سيناريوهات “النصر” 

الاستثمار بالإسلاميين لتحسين الصورة إعلامياً وسياسياً، أو لتحسين شروط المعركة عسكرياً، له ثمن باهظ في حال انتصار أحد طرفي النزاع. ففي حال انتصار البرهان وسحق “الدعم السريع”، سيطالب الإسلاميون الذي وقفوا معه، بحصتهم من السلطة الجديدة التي ستكون انعكاساً لميزان قوى عسكري، أي سيعود نظام البشير، بشكل جزئي إلى الحكم. هناك تحديات جمة تحول دون هذا السيناريو، بحكم أن الكثير من قادة النظام السابق مطلوبون للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أنه يبقى مطروحاً، انطلاقاً من التحالفات القائمة حالياً.

 انتصار حميدتي يعني أن الرجل مُطالب بالاتساق مع منطق دعايته الحالية، وسنشهد استئصالاً جديداً للإسلاميين، يؤسس لمظلومية، تفتح المجال لممارسة العنف والعنف المضاد.

هكذا يضعنا جنرالا الحرب في السودان، أمام احتمالين مستقبليين كارثيين، عودة قادة الإسلاميين للحكم، أو استئصالهم بالقوّة.  الاحتمال الأول يتم ضمن صفقة، يقودها البرهان “المنتصر”، صفقة تضمن عدم محاسبة قادة نظام البشير، وتؤسس لنظام عسكري قمعي يستوعب النظام القديم. 

الاحتمال الثاني، سيكون بداية لقمع يقوده حميدتي “المنتصر” ضد الإسلاميين، لكن لن تسلم منه (على الأرجح) القوى المدنية في مرحلة لاحقة.  فإذا تم استيعاب الإسلاميين في نظام يقوده قائد الجيش، وفي حال استِئصالهم في نظام يقوده قائد “الدعم السريع”، في لحالتين إن البلاد مرشحة للعنف وعدم الاستقرار.

هذا التقدير السوداوي، يتعلق بموقع الإسلاميين فقط، فلوحة الخراب أوسع بكثير كما تشير الحرب المشتعلة حالياً في الخرطوم ومدن أخرى، لا سيما في إقليم دارفور المضطرب أساساً.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.