fbpx

متى ينتهي كابوس التنكيل بباتريك جورج؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعد نحو عامين من الحبس الاحتياطي، أُفرج عن باتريك في كانون الأول/ ديسمبر 2021، لكن محاكمته استمرت، وأفضت في النهاية إلى اعتقاله مجدداً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في كل مرة يكتب فيها الباحث المصري باتريك جورج موعد جلسة محاكمته على “فيسبوك”، يطلب الدعاء لمنحه إذن السفر وإنهاء تعثر حياته الدراسية والشخصية، ثم يعاود بعد الجلسة كتابة “بوست” بتأجيلها إلى موعد آخر على أمل آخر!

 حتى جاءت الجلسة الأخيرة. لم يتوقع باتريك أن منشوره المعتاد لن يكتب بعده مستجدات، فقد تم القبض عليه من داخل قاعة المحكمة وفوجئ بقوى الأمن يقتادونه أمام عيني محاميه، بعد إصدار حكم نهائي بحبسه لثلاث سنوات بسبب مقال له نشره في “درج” عام 2019، رصد فيه بعض أشكال التمييز ضد المسيحيين في مصر ليتم اتهامه بنشر أخبار كاذبة والتحريض من داخل مصر وخارجها.

صحافي إيطالي كان حاضراً جلسة باتريك داخل محكمة المنصورة، قال لـ”درج”، إن “أجواءً أمنية مشددة كانت تطوق المحكمة على غير العادة، وبدأت الجلسة في الحادية عشرة والنصف صباحاً وانتهت في الثالثة عصراً، وهو أمر غير معتاد في الجلسات السابقة لباتريك ما جعلنا نتخوف من إصدار الحكم بسجنه والتحفظ عليه وهو ما حدث بالفعل”.

أكد الصحافي الإيطالي الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن “العاملين في المحكمة لم يسمحوا بحضور الجلسة سوى لوفد محامين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية ومحامية عن سفارة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، وأخرجوا والدته من القاعة، وحين صدر الحكم تم القبض عليه فوراً وإخراجه من باب آخر غير الباب الذي تنتظره أمامه والدته وخطيبته والصحافيين، ما جعل والدته تنهار تماماً وتتحول ساحة المحكمة إلى مشهد يشبه الجنازة”.

صامويل ثروت محامي باتريك لم يعد إلى منزله حتى منتصف الليل وكذلك فعل المحامون الآخرون، إذ طفقوا يجولون بين سجن جمصة، ونيابة أمن المنصورة الجديدة، وبين مكتب المحامي العام. يرى ثروت أن القبض على باتريك غير قانوني، طالما أنه لم يتم التصديق على حكم حبسه بالسجن لثلاث سنوات من جانب رئيس الجمهورية أو من يفوضه الرئيس بالنيابة عنه، وطالما كان حاضراً للجلسة بنفسه وليس داخل قفص الاتهام، وهو ما يحاول ثروت من خلاله أن يستخرج أمراً بالإفراج عن باتريك لحين التصديق على الحكم القضائي.

وبالفعل سلم ثروت مع وفد محامين من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية المحامي العام لنيابات جنوب المنصورة طلب إخلاء سبيل فوري عن باتريك زكي لحين تصديق رئيس الجمهورية على الحكم الصادر ضده من محكمة الطوارئ بالسجن ثلاث سنوات.

و خاطب مؤسّس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت، النائب العام المصري، ليصدر أوامر بإخلاء سبيل باتريك فوراً، وفقاً للكتاب الدوري للنيابة العامة رقم 10 لسنة 2017، عن تنفيذ أحكام محاكم أمن الدولة- طوارئ، طبقاً للبند السادس الذي ينص على أنه: “إذا قدم المتهم للمحاكمة مفرجاً عنه وقضي عليه بعقوبة مقيدة للحرية فيجب إخلاء سبيله فوراً دون تنفيذ العقوبة انتظاراً لما سوف تقرره جهة التصديق بشأن الحكم الصادر ضده”.

– وقال حسام بهجت إنه بجانب المخالفة القانونية الواضحة، فإن القبض على باتريك ومحاكمته من البداية، هو مخالفة صريحة لنص الدستور المصري والقانون.

كان باتريك – المحتجز الآن بمديرية أمن المنصورة الجديدة – يحتفل منذ أسبوعين بخبر حصوله على درجة الماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، برغم منعه من السفر لكنه لم يدخر أملاً في أن تنتهي قضيته سواء بالمدة التي أمضاها داخل السجن قرابة العامين، أو بمنحه الإذن بالسفر لاستكمال دراسته في جامعة بولونيا الإيطالية، وكان يرتب لزواجه بعد شهر بحسب ما ذكرت خطيبته ريني إسكندر.

لكن ما حدث، كان صادماً ليس لباتريك وأسرته ولمحاميه وحسب، بل لكثير من المشاركين في الحوار الوطني الدائر في القاهرة هذه الأيام، والذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتوفيق الآراء السياسية بين الأحزاب والاستماع إلى مطالب المعارضين بإعادة النظر في عدة ملفات حقوقية حساسة مثل الحبس الاحتياطي والتنكيل بالخصوم السياسيين وأصحاب الرأي.

لحسن الحظ استتبع خبر اعتقال باتريك انسحابات لبعض ممثلي الأحزاب واللجان السياسية والقوى المدنية في الحوار الوطني، فقد أعلن نجاد البرعي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني انسحابه من الحوار الوطني ومن العمل العام، وقال في بيان له على صفحته الشخصية “الحكم على الناشط الحقوقي باتريك زكي بالحبس في تهمه نشر أخبار كاذبة من محكمة أمن الدولة طوارئ بالمنصورة جعلت وجودي في مجلس أمناء الحوار الوطني المصري بلا جدوى. فوجودي هناك لم يعد يخدم فكرة الحوار وحقوق الإنسان، وقد قبلت تلك العضوية كمتطوع في محاولة مني لتجسير الفجوة بين الحركة الحقوقية المصرية وبين الدولة بشكل عام والأحزاب الحاكمة والمؤسسات بشكل خاص، لكنني لم أنجح في مهمتي”.

تواصلنا مع نجاد البرعي الذي عبّر عن إحباطه، مشيراً لـ”درج” إلى أنه “لا جدوى من الكلام وما حدث محبط للغاية سأعاود عملي كمحامي ونفضت يدي عن السياسة، أنا خارج الخدمة طالما أن الأوضاع التي نطالب بتغييرها لن تتغير”.

بعد انسحاب نجاد البرعي، انسحب أيضاً خالد داود المقرر المساعد للجنة الأحزاب السياسية بالمحور السياسي في الحوار الوطني، وقال لـ”درج” إن باتريك كان شريك زنزانته حينما كان معتقلاً، وانسحابه من الحوار الوطني “أقل واجب” لحين البحث عن إمكانية العمل للإفراج عنه بقرار عفو رئاسي.

انسحب أيضا من الحوار الوطني أيضاً أحمد راغب المقرر المساعد للجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطني، وقال راغب، في بيان مقتضب: “الحكم الصادر اليوم من محكمة أمن الدولة طوارئ بحق باترك جورج الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية رسالة بأن محاولتنا بالمشاركة في الحوار الوطني فشلت.. لذلك اعتذرت عن الاستمرار”.

موجة الانسحابات من الحوار الوطني ومطالبات مجلس أمناء الحوار الوطني للرئيس السيسي بالإفراج عن باتريك زكي أنهت مسرحية الحوار الوطني ذاتال سيناريو الذي وصفه رئيس حزب التحالف الشعبي المصري مدحت الزاهد “بالهزلية”  في ظل استمرار السياسة الامنية ، وكامل السياسات التي مثلها الرئيس السيسي ساهمت في سقوط فئات جديدة من الشعب تحت خط الفقر  وتم تجاهل هذه الأصوات نتيجة  لسياسة الأبعاد والاقصاء وانكار الحق في التعددية والتنوع  وإدارة  الدولة والمجتمع بمنطق الثكنات والقبضة الحديدية”

في شباط/ فبراير 2020، كان القبض على الباحث باتريك زكي، من مطار القاهرة، فور وصوله من إيطاليا، وأمضى باتريك ليلته الأولى بعد الاعتقال تحت التعذيب بحسب ما قال محاميه صامويل ثروت في تصريحات سابقة لـ”درج“، “باتريك تعرض للتعذيب الذي تخطى الضرب والصعق بالكهرباء على مدار 24 ساعة، لكنه طلب مني عدم ذكر تفاصيل حتى لا تتأثر أسرته بما مر به خلال استجوابه”.

وأشار ثروت إلى أن “باتريك فوجئ أثناء التحقيق معه بعشر صفحات عبارة عن (سكرين شوت) من تدوينات على فيسبوك، ينسبها الأمن إليه، لكن باتريك أنكر أن يكون هذا الحساب الفيسبوكي له وأنكر الاتهامات الموجهة إليه، وعلى رغم ذلك تم البت في حبسه احتياطياً 15 يوماً حتى يعرض على جهاز الأمن الوطني”.

بعد نحو عامين من الحبس الاحتياطي، أُفرج عن باتريك في كانون الأول/ ديسمبر 2021، لكن محاكمته استمرت، وأفضت في النهاية إلى اعتقاله مجدداً، ونظم عشرات المواطنين والباحثين الإيطاليين وقفات احتجاجية اعتراضاً على إعادة حبس باتريك الذي يحمل أيضاً الجنسية الإيطالية.