fbpx

العراق: “إريكسون” نجت من العلاقة مع “داعش”… ولكنها لم تنجُ من حرق القرآن!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم يحرّك العراق ساكنًا أمام الممارسات غير القانونية وتقديم الرشاوى والتهرّب الضريبي، والدفع لتنظيم الدولة الإسلامية وخطف عفّان والمخاطرة بحياته وبحياة الكثيرين مثله، بل ما حرّك العراق هو “حرق القرآن”، السبب الوحيد الذي لا علاقة له بالشركة!  

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أخيراً علّقت الحكومة العراقيّة عمل شركة “إريكسون” للاتصالات على كلّ الأراضي العراقية، ولكنها اتّخذت هذه الخطوة لسبب خاطئ… وليس بسبب الفساد والتهرّب الضريبي اللذين مارسهما عملاق الاتصالات، أو الدفع لتنظيم إرهابي والذي أثبتناه في تحقيقنا “وثائق إريكسون”، أو المخاطرة بحياة العمّال العراقيين، ولكن لسبب وحيد، لا علاقة للشركة به، وهو حرق القرآن!

يوم الخميس في 20 تمّوز/ يوليو 2023، قرر رئيس هيئة الإعلام والاتصالات في العراق علي المؤيد، تعليق ترخيص عمل شركة “إريكسون” السويدية للاتصالات في الأراضي العراقية، وذلك “لسماح دولة السويد بحرق المصحف الشريف والعلم العراقي”. 

تصاعد التوتّر الدبلوماسي!

جاء القرار العراقي بعد الأزمة الدبلوماسية العميقة بين الدولتين، والتي خلّفها سماح السويد بحرق القرآن والعلم العراقي، وفي المقابل طرد العراق السفيرة السويدية من بغداد، واستدعاء القائم بالأعمال في السفارة العراقية في استوكهولم.

اقتحم متظاهرون عراقيون يتبعون المرجع الديني الشيعي البارز، مقتدى الصدر، السفارة السويدية في بغداد وأشعلوا النار فيها في 20 تموز الحالي.

ماذا عن فساد “إريكسون”؟

المفارقة أنّ القرار العراقي جاء بعد نحو عام ونصف العام من التحقيقات العابرة للحدود، التي كشفت ارتكابات شركة “إريكسون” الفادحة في العراق، من بينها الدفع لأعضاء من تنظيم الدولة الإسلاميّة للتهرّب من الضرائب على نقطة الصفرة العراقية. علماً أن القضاء الأميركي غرّم الشركة بسبب ذلك 206 ملايين دولار، فيما العراق المتضرر من هذا الفساد لم يغرّمها دولاراً واحداً! 

ألم يسمع رئيس هيئة الإعلام والاتصالات في العراق علي المؤيد بتحقيقات “وثائق إريكسون”، التي كشفت ممارسات الشركة غير القانونية في العراق؟ فهل فعلاً تجاهلت دولة العراق الأرواح التي خاطرت بها “إريكسون” وتهرّبها الضريبي الذي ألحق خسائر مادية ضخمة بالدولة، والذي في المقابل ساهم في تمويل التنظيم الذي فتك بأهل العراق وبموارده، وإن بطريقة غير مباشرة؟

بلى سمع! ففي تحقيق سابق، تواصل “درج” مع وزارة العدل العراقية، وكان هذا ردّها: “تمت إحالة القضية إلى هيئة النزاهة لاتخاذ اللازم بخصوصها وفق صلاحيات وزارة العدل والهيئة المذكورة. وبعد إنجاز الهيئة تحقيقاتها وفق القانون وثبوت ارتكاب الشركة الجرائم المنسوبة إليها في العراق، فبإمكان الدائرة القانونية في وزارة العدل السير لإقامة الدعوى في السويد والمطالبة بالتعويض وفق القانون”. وطبعاً لم يُبن على الشيء مقتضاه، وحُرم العراق من غرامات كان من المفترض أن تدفعها الشركة.

من الواضح أنّ الدولة العراقية لم تأبه بالقدر الكافي لمتابعة التحقيقات ولا لمحاسبة الشركة التي انتهكت قوانين الدولة، فيما سارعت الى تعليق عمل الشركة أمام حرق القرآن. هذا درس لنا جميعاً: كل شيء مباح في دولنا المُختلّة: القتل، التنكيل، التعذيب، الاغتصاب، الظلم، السرقة، انتهاك الموارد والقوانين… كل شيء إلّا… المسّ بالمقدّسات الدينيّة. 

على هذا النحو تُحكم بلادنا: شعبوية وتعصّب، وفوضى قرارات، والإفلات من العقاب والمحاسبة. 

انتهاكات إريكسون في العراق لم تقتصر على تهرّب ضريبي و/أو رشاوى وفساد، بل تعدّت ذلك بكثير الى درجة دفع رشاوى لأعضاء من تنظيم “داعش”، والمخاطرة بحياة الكثير من العمّال العراقيّين، كما حصل مع أكرم عفّان، موظّف شركة “أوربيتال”المقاولة التي كانت تعمل مع “إريكسون”، إذ خطفه التنظيم وهو يقوم بالعمل الذي فرضته “إريكسون” على شركته في سياق مشروع الأخيرة مع “آسياسيل”، ومشروع “بيروزا” (أي مبارك باللغة الكرديّة).


كشفت وثائق محكمة أميركية أن شركة إريكسون احتفظت بسجلات حول مخططات رشوة محتملة في خزائن الطابق السفلي، بينما حجب محامو الشركة التفاصيل الأساسية من تقرير يزعم أن الشركة السويدية قد تكون دفعت أموالاً الى إرهابيين في العراق.

المؤسف أنّ الشركة كانت قد اعترفت بارتكاباتها وباختراقها اتفاقية الملاحقة القضائية المؤجلة مع وزارة العدل الأميركية، من خلال حجب المعلومات حول ارتكاباتها الخارجة عن القانون في عملها في العراق، ووافقت على دفع 206 ملايين دولار أميركي، أمّا العراق فهو “الشاهد الذي لم يرَ شيئًا”.

لم يحرّك العراق ساكنًا أمام الممارسات غير القانونية وتقديم الرشاوى والتهرّب الضريبي، والدفع لتنظيم الدولة الإسلامية وخطف عفّان والمخاطرة بحياته وبحياة الكثيرين مثله، بل ما حرّك العراق هو “حرق القرآن”، السبب الوحيد الذي لا علاقة له بالشركة!  

خلفيّة عن مشروع وثائق “إريكسون” والدعوى ضدّ الشركة

لا بدّ من التذكير بأنّ مشروع “وثائق إريكسون” المبني على تحقيق الشركة الداخلي السريّ، حول عملها في العراق، الذي حصل عليه “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين” (ICIJ) وشاركها مع أكثر من 110 صحافيين من 30 مؤسسة صحافيّة في 22 دولة حول العالم، بينها موقع “درج”، كشف أنّ الشركة الأوروبيّة متورّطة في ممارسات غير قانونيّة في العراق، منها تقديم الرشاوى والتهرب الضريبي وانتهاك مدونة أخلاقيات العمل (CoBE)، إضافة إلى دفعات لأعضاء من تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش”.

لا بدّ من الإشارة هنا، إلى أنّه في آب/ أغسطس 2022، أي بعد 6 أشهر من نشر التحقيقات الاستقصائيّة في سياق مشروع “وثائق إريكسون”، قدّم 528 مواطناً أميركيّاً شكوى قضائيّة ضدّ شركة “إريكسون” بشأن انتهاك قانون مكافحة الإرهاب (Anti-Terrorism Act) في محكمة الولايات المتحدة لمنطقة كولومبيا، وذلك على خلفيّة دفع الشركة أموالاً لكلّ من تنظيمات “القاعدة”، “القاعدة في العراق”، وتنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش”.

 ومن ضمن المدّعين، رهائن سابقون وعائلات الرهائن وأعضاء الخدمة المصابون بجروح خطيرة أو أفراد عائلات من قُتل أو أُصيب خلال هجمات ارتكبتها تنظيمات “القاعدة” أو “القاعدة” في العراق أو الدولة الإسلامية في كلّ من العراق وأفغانستان وسوريا بين عامي 2005 و2021. وأبرز ما تضمّنته الدعوى، أنّ شركة إريكسون موّلت “القاعدة” و”القاعدة في العراق” و”الدولة الإسلامية” من خلال دفعات الحماية من عام 2004 حتى عام 2019 على الأقل.

مرت كل هذه الوقائع وواصلت إريكسون عملها بسلام في العراق. اليوم، اتخذ القرار بوقف عملها بسبب حرق القرآن، لا بسبب كل هذه الانتهاكات!  

تحديث

مساء الجمعة في ٢١ تموز/ يوليو، نفى مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية، فرهاد علاء الدين، تعليق عمل شركة “إريكسون”، مضيفًا أن الحكومة العراقية تحترم الاتفاقات التعاقدية التي أبرمتها. الغريب أنّ هذا النفي جاء بعد نحو ٢٤ ساعة من نشر وكالة الأنباء العراقية خبر التعليق ممّا يطرح علامات استفهام حول الأمر الّا أنّه ومع ذلك، هذا لا يغيّر حقيقة أنّ المرّة الأولى التي يتم فيها الحديث عن تعليق عمل “إريكسون” في العراق جاءت عقب حادثة حرق القرآن في السويد، لا بعد الكشف عن فساد الشركة منذ سنة ونصف.

*تمّ تعديل هذا المقال يوم السبت ٢٢ تموز/يوليو ٢٠٢٣ فيما يخصّ نفي العراق لتعليق عمل الشركة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.