fbpx

إسبانيا إلى اليمين سرّ…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هذه الأجيال التي عاشت في رخاء وسابقت الزمن لتصحيح الحالة البائسة التي كان عليها آباؤهم لتنهض ببلد مجروح بمكوناته وفصائله كافة… يتجه اليوم بالجيل نفسه الى المرشح المحافظ والحزب اليميني المتطرف “فوكس”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مسرعة أدخل صف اللغة، وبصوت خافت وعلى عجالة، حتى لا أقطع حديث المعلمة، قلت: صباح الخير، وكل عام ونساء العالم بخير.

ردت المعلمة بتنهدات عالية مسموعة، عن أي يوم للنساء تتحدثين، وماذا فعلن النساء في هذا اليوم سوى المزيد من المسيرات وإغلاق الطرق للغناء والرقص، حاملات شعارات رنانة، بينما معاناة المرأة مستمرة، حالات العنف تزداد بشكل واضح في البلاد، فعن أي نساء ويوم مرأة وحراك تتحدثين!

لم أتفوّه بكلمة، ما زال فمي مفتوحاً بابتسامة مصطنعة، متعجبة، أكملت عباراتها التي تحفظها عن ظهر قلب من أحدهم وهي تقول: لو صرخت إمرأة في الشارع مدعية حالة تحرش، لجاء ألف شخص لمساعدتها، بينما لو صرخ رجل يطلب مساعدة حقيقية لما التفت إليه أحد، كانت تقول كلماتها وتنظر إلى بعض الطلاب الذكور في الصف وكأنها تنتظر منهم تصفيقاً، لم يكن أحد يأبه، ولا حتى أنا، فقبل عقد او اثنين كنت أسمع مثل هذه التفاهات في مجتمعي، الذي يعتقد البعض أنه من العالم الثالث وأكثر تخلفاً من غيره، وكنت أغضب وأصرخ في وجه قائل هذه الكليشيات، وأبلغ حد مقاطعة القائل بخاصة لو كانت إمرأة. أما اليوم فبات الأمر منطقياً إذا ما حاولت دراسته كحالة من حالات الجهل المنتشرة في هذا العالم. أنا أتحدث عن سيدة في بداية عقدها الخامس، أي ممن وُلدن في مرحلة حاسمة في بلد كإسبانيا، إنها نهاية حقبة الديكتاتور فرانكو، الذي ما زال أثره واضحاً في البلاد فكرياً واجتماعياً، وحتى في بعض الأنظمة المطبقة اليوم، نهاية أسدلت الستار على حرب أهلية أزهقت أرواحاً وسالت دماء حتى بلغ ضحاياها من الإسبان المليون ونصف المليون بين جريح وقتيل، وبداية الملكية الدستورية الديمقراطية التمثيلية الاجتماعية.

هذه الأجيال التي عاشت في رخاء وسابقت الزمن لتصحيح الحالة البائسة التي كان عليها آباؤهم لتنهض ببلد مجروح بمكوناته وفصائله كافة، البلد الذي تلمس طيبة أهله وبساطتهم قبل كل شيء عند زيارتك له، يتجه اليوم بالجيل نفسه الى المرشح المحافظ والحزب اليميني المتطرف “فوكس”، الذي اكتسب شعبيته إثر عدائه المعلن تجاه ملفات على رأسها الانفصالية الكتالونية والنسوية وغيرها، لأن غالبية الجيل الشاب اليوم يعتقد أن الديمقراطية لم تؤت ثمارها وأنها إهدار للوقت، بخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، والتي تستغلها الأحزاب اليمينية في العالم بالترويج لبرامج تفوح بالدرجة الاولى بالعنصرية تجاه المقيمين واللاجئين من كل مكان، وتروّج لأفكار طبقية يعتقد بعض أفراد الطبقة المتوسطة اليوم أنهم مشمولون بهذا الحديث، غير أن الفجوة الطبقية التي تتسع أمام أعيننا أخيراً قد تأخذ نخبة قليلة معها وتترك كثراً منا تحت القاع .

ردت المعلمة بتنهدات عالية مسموعة، عن أي يوم للنساء تتحدثين، وماذا فعلن النساء في هذا اليوم سوى المزيد من المسيرات وإغلاق الطرق للغناء والرقص، حاملات شعارات رنانة، بينما معاناة المرأة مستمرة

 إنها حالة من حالات البؤس العالمي الذي نعيشه اليوم منذ انحدار الولايات المتحدة مع دونالد ترامب الى هذا المنحى، وبكل أسف فإن كثراً ممن لم تفلح الديمقراطية في توعيتهم خلال العقود الماضية، بأهمية السياسة في الحياة الاجتماعية، يحرقون أنفسهم بأوراق الاقتراع اليوم ويدخلون هم وأبناؤهم إلى منحنى مظلم. إنه جيلي، جيل تشوبه الأنانية إن أحسنت التعبير، فمن لم يذق مر التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته كما يقول الشافعي. أما بعض المحللين السياسيين فيقولون إنه لمن الطبيعي أن تنقلب الكفة ما بين 30 الى 40 عاماً في العالم، وإننا قد نكون متجهين نحو كفة اليمين والديكتاتورية الآن، وما زلت أجد ببساطة أن هذه التقلبات هي نتيجة حالة النسيان التي تصيب الإنسان بعد مروره من عنق الزجاجة وحالة الضيق المؤذية، فهؤلاء الناخبون الذين يغيرون قواعد اللعبة العالمية اليوم، هم تائهون في حساباتهم بين أولوية الحالة الاقتصادية او حرية التعبير والأمان الإنساني، حتى بات يصعب عليهم ربط  أولوية التغيرات المناخية بخلل المحاصيل الزراعية، فهنا في إسبانيا قد يحدثك مزارع بسيط أو حتى شاب في مقتبل العمر عن حسرته على شح الأمطار الموسمية خلال العامين الأخيرين، وتأثيره على محاصيل الزيتون والعنب وغيرهما، وإذا ما تطرقت الى التغيرات المناخية كأسباب، فإن الحوار سيتحول إلى أنها حالة طبيعية وأن السنوات المقبلة قد تعوّضهم خيراً، لأن ملف التغيرات المناخية بات عند البعض ملفاً سياسياً بالدرجة الأولى، ومحاولة ذكره ما هي إلا تلاعباً ومحاولة لجذبهم الى ملف يساري من النوع الثقيل!

ما يهمنا من هذا التحول العالمي الحاصل اليوم في منطقتنا العربية، التي لم تعرف لا اليمين ولا اليسار ولا حتى الوسط بعد، المنطقة التي لا تزال بعيدة من صناديق الاقتراع الواقعية والأحزاب الديمقراطية الحرة، هو أثر هذا التحول علينا ليس في واقعنا في منطقتنا فحسب، ولكن حتى عند زياراتنا الى مثل هذه الدول، فإن كنا كشعوب لا نكترث للاجئين منا ولا حتى المهاجرين من أقاربنا، فعلى الأقل لنتذكر الأثر الذي قد تتركه مثل هذه التغيرات علينا كسياح وزوار، فليس هناك أي مبرر لنا للانجراف صوب هذه الأحزاب وتأييدها مهما بلغت الحالة الاقتصادية والسياسية من سوء وخيبات أمل في منطقتنا، فعند زيارتك الولايات المتحدة أو إيطاليا اليوم تأكد أن العنصري المتعالي لن يدرك أنك تؤيد وجهة نظره تجاه حكومته، ولن يعطيك حتى الفرصة لتوضيح ذلك. من الجدير بالذكر هنا، الموقف الصحي الذي اتخذه الناشط المصري باتريك جورج زكي فور إطلاق سراحه بعد سجن دام لأكثر من 3 أعوام، عندما رفض مد يد إيطاليا، البلد الذي كان ينهي فيه دراساته العليا قبيل سجنه، لاستقباله وإجلائه بطائرة مخصصة من الحكومة الإيطالية بعد الإفراج عنه في مصر، ليختار العودة بطائرة تجارية، في إشارة منه الى استمراره في النضال بشكل مستقل بعيداً من الحكومات أياً كان اتجاهها، فالحكومة الإيطالية الحالية، وعلى رأسها جورجيا ميلوني، تسير باتجاه شعبوي متطرف تجاه المهاجرين واللاجئين، بمن في ذلك المسلمون منهم، ولا يمكنني تخيل موقف ميلوني لو كان باتريك مسلماً. هذا ليس إلا مثالاً واقعياً لحالة قد نراها قريباً في إسبانيا وباقي الدول التي تقترب منها غيمة اليمين المتطرف.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.