fbpx

سوريا: لمى عباس و”دولة القانون”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نحن بحاجة إلى علاج نفسي جماهيري طويل الأمد. نخشى من صدمات أخرى كما حدث في مشهد محاولة اعتقال لمى عباس. قد تكون مؤامرة وقد تكون بشرى.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ما أجمل أن نرى “بطلات جميلات” مثل لمى عباس التي أربكت عنصر المخابرات الساعة الثانية صباحاً وحمّلته بتهكّم سلاماً “للعقيد لؤي”، وردّته عن بابها بعدما طالبته ابنتها بمذكّرة إحضار “لأننا نعيش في بلد القانون”، ويهدّده ابنها قبل أن ينفد صبره ويطرده شرّ طردة.

لم نكن نحلم بمثل هذه المسرحية حتى على المسارح. لم يجرؤ مخرجو الدراما قبل اليوم على عرض قطعة تشبه ما حدث في هذا الفيديو القصير الذي شاهده السوريون في كل أقطاب الأرض وهم يفركون أعينهم.

شاهدت هذا الفيديو أجيال سوريّة تربّت، منذ 60 عاماً، على تبادل أخبار الاعتقال همساً حتى بين جدران البيوت، شاهده أولاد المعتقلين الذين سحبوا من أسرتهم قبل الفجر أمام أعين عائلاتهم ولم يعودوا.

 شاهد الفيديو أطفال السوريين الذين أعدموا بلباس النوم أمام حائط بنائهم السكني ولم يعتقلوا، لأن المعتقلات كانت ممتلئة، لم يكن لدى “الجهات الأمنيّة” الوقت حينها لإحضار مذكرات اعتقال أيام أحداث حماه 1982. شاهدته أمهات وآباء لم يستلموا جثث أبنائهم، ومنهم من لم يعرفوا مصيرهم حتى الآن. شاهدته زوجات مكلومات ما زلن ينتظرن حتى الآن خبراً عن زوج ذهب ولم يعد أو سحب على حاجز أو شوهد في معتقل ما في زمن ما.

قبل هذا الفيديو “المبارك” لم نكن نعلم أن هناك ورقة قانونية اسمها “مذكرة إحضار”، كنا نسمع عن وحدات الاقتحام التي تداهم المنازل وتقلبها بحثاً عن المنشورات والسلاح، وتعتقل المشبوهين، قبل أن يسمح لأحد أن يسأل من قدّم الشكوى أصلاً. تصدر المذكرة وترفع التهم إلى القضاء بعد الاستجواب وتصدر الأحكام ولا أحد يجرؤ على السؤال. سمعنا قصصاً عن أشخاص خرجوا من المعتقلات بحكم براءة بعد 10 سنين أو 20 سنة. ولم يكن أحد يجرؤ على الاطّلاع على حالتهم الصحية والنفسية بعد ذلك. 

أذكر أنني أخبرت صديقتي المقربة أنني بصدد زيارة أستاذنا في الجامعة بعد أن خرج من المعتقل للاطمئنان عليه وتهنئته، فنظرت إلي شزراً. وأجابتني: “قطعاً لا أريد أن أذهب معك. هل أنت مجنونة؟”.

نرّحب بـ”البطلة الجميلة” التي فوّضها الشعب لتتكلم باسمه وتطالب بحقوقه وتصرخ بوجه الظلم والذلّ والتجويع باسمه، ونتجاهل كم تأخرت في استعراض فصاحتها لسنوات طويلة.  نتجاهل توجهها لاتّهام الحلقة الأضعف: مجلس الشعب ورئاسة الوزراء، الهيئتان اللتان لا حول ولا قوة لهما هنا والكل يعرف ذلك. نتجاهل حفاظها على قواعد الصراخ ونحترم أنها تعترض من داخل البلاد. ولكن ما هكذا تؤكل الكتف بعد ستين سنة من الاضطهاد الممنهج.

أخبرينا: هل تغير الحال على غفلة منا؟ هل تحولنا إلى لغة القانون والحوار على حين غرّة من الزمن؟

أخبرينا: هل هي فعلاً حالة إخبارية تفيد بأن الدنيا ستتغير؟ شيء ما سيتبدل في بلاد الكبت؟

أخبرينا، هل أنت حالة خاصة؟ أم أنك مثال عما يمكن أن يحدث مستقبلاً؟ هل هي قوانين طائفتك؟ واعذري خطابي الطائفي فأنا أتحّرى الحقيقة فقط كي لا نتهوّر ثم نندم.

 نحن بحاجة إلى علاج نفسي جماهيري طويل الأمد. نخشى من صدمات أخرى كما حدث في مشهد محاولة اعتقال لمى عباس. قد تكون مؤامرة وقد تكون بشرى. كل ما نعرفه حتى اليوم أننا لم نمت بعد وأننا ما زلنا نحتفظ بذاكرتنا الحيّة. وأن أرواح من ذهبوا تراقب وتنتظر.

جلبير الأشقر - كاتب وأكاديمي لبناني | 06.05.2024

بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قضيّته 

ظهور حركة جماهيرية متعاطفة مع القضية الفلسطينية في الغرب، لا سيما في عقر دار القوة العظمى التي لولاها لما كانت الدولة الصهيونية قادرة على خوض حرب الإبادة الراهنة، يشكّل تطوراً مقلقاً للغاية في نظر اللوبي المؤيد لإسرائيل.