fbpx

الإسفنج البحري في سوريا ضحيّة التلوّث والصيد الجائر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يوثّق هذا التحقيق، الذي تعاون على إنتاجه صحافيون من “الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية – سراج” وجود أدلّة قوية على اكتشاف الإسفنج في بعض الشواطئ السورية، وذلك بعد نحو 30 عاماً من اختفائه أمام سواحل جزيرة أرواد. لكن مخاطر الصيد الجائر وغير القانوني المتمثلة باستخدام المتفجرات وتلوث الشواطئ بمياه الصرف الصحي، تضع الإسفنج المكتشف حديثًا في الخطر مجدداً، بخاصة في ظل ضعف تطبيق التشريعات التي تحمي البيئة البحرية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“اليوم، لم تبقَ منه حبة واحدة في جزيرة أرواد”، يقول فاروق بهلوان، 80 عاماً، وهو يشير بيد مرتجفة إلى المياه الزرقاء، مؤكداً أنّه توقّف مع أصدقائه عن ممارسة مهنة صيد الإسفنج البحري منذ نحو 40 عاماً. رحل معظم أصدقائه بسبب التقدم في السن، أو ماتوا خلال ممارسة هذه المهنة الخطيرة، ومن بقي منهم بضعة أشخاص مسنين يُعدّون على أصابع اليد الواحدة. 

يأسف بهلوان الذي عمل ما يقارب الـ 40 عاماً في مهنة صيد الإسفنج في الساحل السوري بمحافظة طرطوس، على اختفاء هذا الكائن المائي من شواطئ جزيرة أرواد، بعدما كان يشكل ثروة بحرية في الماضي. 

رافقنا بهلوان، الذي يعرف الكثير عن أسرار هذا الكائن، في جولة على المحلات المتخصصة ببيع المنتجات البحرية في جزيرة أرواد كنوع من الذكرى للقادمين إلى هذه الجزيرة الوحيدة المأهولة في سورية. لم نصادف أي قطعة إسفنج في أسواق الجزيرة، ولا في بيوت الزيرة (الجزيرة)، وأكد لنا جميع الباعة الذين التقيناهم أنه اختفى منذ زمن ولم يعودوا يتذكرون إلّا قصص هذا الكائن ومغامرات أجدادهم الصيادين معه. 

تمكّن بهلوان بصعوبة بالغة من تزويدنا بقطع من الإسفنج، أخرجها من داخل مستودع قديم لأدوات الصيد يمتلكه. قدم لنا القطعة قائلاً، “لا أحد يستعمله في أرواد، ولم نستخدمه يوماً”. 

لم يعرف هذا الصياد السوري سبب إقبال التجار الأوروبيين على شراء الإسفنج، كل ما كان يعرفه هو أنَّ الكائن البحري يشكل مصدر رزق كبير لهم في الجزيرة، وكان هناك 30 زورقاً متخصصاً بهذا النوع من الصيد في أرواد، يعمل سبعة أشخاص  تقريباً في كل زورق، “ما يقارب 300 شخص، كانوا يعيشون على هذا المصدر”، يقول بهلوان.

حيوان وليس نباتاً

يعد الإسفنج أحد أنواع الحيوانات اللافقارية، ويتسم بشكل كروي غير منتظم وقريب من شكل قلب الإنسان أو مستطيل دائري الزوايا، يعيش في المياه المالحة ويتراوح حجمه بين حبة بطاطا وجرة الفخار والوسطي بحجم كرة القدم. تختلف ألوانه من الأبيض والرمادي إلى الأصفر والبرتقالي والأحمر والأخضر، فيما يتسم جسمه بثقوب أو فتحات عدة تنتهي إلى حجرات يمر من خلالها الماء، ولهذا سُمي بالمساميات.

بحسب مدير فرع المنطقة الساحلية في الهيئة العامة للثروة السمكية والأحياء المائية الدكتور علاء منذر الشيخ أحمد، كان يعتقد كثر من غير المتخصصين أنه نبات، قبل أن يكتشفوا أنه حيوان.

 يوضح أحمد أن الإسفنج كان يتوزع على طول الساحل السوري، وبشكل أساسي حول محيط جزيرة أرواد. ومن المؤكد حسب قوله، أن هذه المنطقة كانت تنتج الكثير منه بسبب كثرة عدد من كان يصطاده، وتصديره بحجم كبير بلغ ما يقارب الـ 15 طناً سنوياً وفق إحصائات غير رسمية. 

 وكان يأتي التجار إلى لبنان ومنه إلى سوريا لشرائه ومن ثم تصديره إلى تركيا، قبل أن يصل إلى اليونان وإيطاليا وفرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية.

تكمن أهمية الإسفنج في أنّ خلاياه تعمل كـ “فتلر” لتنقية مياه البحر، فضلًا عن كونه ملاذاً آمناً لتكاثر الأسماك الضعيفة داخله لحماية نفسها وأجنّتها من الافتراس، على ما يوضح خبراء التقيناهم خلال العمل على هذا التحقيق.

يوثّق هذا التحقيق، الذي تعاون على إنتاجه صحافيون من “الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية – سراج” وجود أدلّة قوية على اكتشاف الإسفنج في بعض الشواطئ السورية، وذلك بعد نحو 30 عاماً من اختفائه أمام سواحل جزيرة أرواد. لكن مخاطر الصيد الجائر وغير القانوني المتمثلة باستخدام المتفجرات وتلوث الشواطئ بمياه الصرف الصحي، تضع الإسفنج المكتشف حديثًا في الخطر مجدداً، بخاصة في ظل ضعف تطبيق التشريعات التي تحمي البيئة البحرية.

يأسف بهلوان الذي عمل ما يقارب الـ 40 عاماً في مهنة صيد الإسفنج في الساحل السوري بمحافظة طرطوس، على اختفاء هذا الكائن المائي من شواطئ جزيرة أرواد، بعدما كان يشكل ثروة بحرية في الماضي. 

هل عاد الإسفنج الى المياه السورية؟

يشير الباحث في الاقتصاد البيئي محمد سلمان ابراهيم، الى أن الإسفنج كان موجوداً في ثمانينات القرن المنصرم وتسعيناته، ولا توجد برأيه أية مبادرة لاستعادته في السواحل السورية اليوم، لافتاً إلى أنّه لم يختف في السواحل الليبية والتونسية والمصرية، فضلاً عن كثافة أعداده في المياه المحيطة بجزيرة كاليمنوس اليونانية.

يلفت لدكتور الشيخ أحمد إلى إجراء دراسة ميدانية ضمن مياه جزيرة أرواد ومحيطها، استُعين فيها بغطاسين متخصصين غاصوا في أعماق البحر، ولم يعثروا إلا على قطعة إسفنج واحدة بعد ثلاثين أو أربعين جولة بمحيط الجزيرة. ويقول بأسف شديد: “تدفعنا هذه النتيجة الى القول إن الحالة حزينة ومأساوية”.

في المقابل، تؤكّد الدكتورة ازدهار عمار ، الأستاذة والباحثة في المعهد العالي للبحوث البحرية، أن عمليات المسح البيولوجي والأبحاث المنجزة في الفترة المنتظمة ما بين 2003 وحتى 2018، كشفت عن وجود الإسفنجيات في مختلف المناطق على أعماق تتراوح ما بين النصف متر حتى 35 متراً. وطاولت الأبحاث مناطق عدة مثل السمرا ورأس البسيط وبرج إسلام واللاذقية (موقعا الرائد العربي ومحمية فنار ابن هاني)، وبانياس.

وسجل الباحثون في جولاتهم  وجود  22 نوعاً من الإسفنج، عشرون منها محلي ونوعان دخيلان وهما من أصول استوائية، تم توثيق وجودهما في الشاطئ السوري خلال عامي 2018 و2022. معظم الأنواع هي من الإسفنجيات الغروية، ويشكل جزء منها بحسب قول الدكتورة ازدهار، “قيمة اقتصادية وطبية وصيدلانية كبيرة يتقدمها النوع  Spongia officinalis الأكثر أهمية على مستوى العالم، وكذلك النوع  Hippospongia communis وأنواع مختلفة من جنس Axinella، ما يطلق عليه الإسفنج الأصفر و Agilas  وغيرها”.

صرف صحّي وصيد جائر

تقف عوامل عدة وراء فقدان الإسفنج في المياه السورية خلال السنوات الماضية، مثل تفريغ مياه الصرف الصحي في السواحل، والصيد بالمتفجرات حسب فاروق بهلوان. فهناك وفق تقديره الشخصي، أكثر من 500 كيلوغرام من مياه الصرف الصحي تصبّ في البحر يومياً وتقضي على كل شيء حتى الأعشاب. وتُعد هذه المياه الملوثة برأيه، أحد عوامل فقدان الإسفنج وكذلك الثروة السمكية.

من جانبه، يشرح الدكتور الشيخ أحمد، أن التراجع الحاد في أعداد الإسفنج يعود الى سببين أساسين، الأول هو الصيد بالديناميت إذ يستخدم بعض الصيادين متفجرات تُصنع من الأسمدة، أو متفجرات جاهزة. وحين تنفجر، تدخل بقايا هذه المتفجرات الى أجسام الكائنات المائية.

وفي حين تستطيع الكائنات المتحركة الهرب أثناء الانفجار، يبقى الإسفنج ويتعرض للهلاك، ذلك أنه كائن ثابت ويعيش في مستعمرات على أعماق ضحلة في البحر، ما يعرضه أكثر من غيره لأخطار المتفجرات والتلوث. أما السبب الثاني برأي الدكتور الشيخ أحمد، فهو ممارسات الصيادين الخاطئة، إذ كانوا ينتزعون الإسفنج من القاع بجذوره، من دون ترك قسم منه للتكاثر والنمو مجدداً. 

يؤكد فاروق بهلوان هذه الممارسة مستشهداً بأنهم لم يكونوا يقصون الإسفنج خلال الصيد، بل كانوا يقتلعونه من الجذور، على رغم تأكيده ضرورة قص جزء منه وإبقاء أجزاء أخرى كي يعود ويتكاثر مجدداً.

لا تقتصر مصادر التلوث في الساحل السوري على الصيد بالديناميت وحده، بل تمتد لتشمل مصادر أخرى، على رأسها الصرف الصحي ومخلفات حركة السفن، وقد لاحظنا في جولة بمرافقة الباحث محمد سلمان إبراهيم، آثار مياه الصرف الصحي في البحر.

يقول ابراهيم في هذا الشأن: “تصب مياه الصرف الصحي غير المعالجة وتصل الى مئات آلاف الأمتار المكعبة سنوياً في البحر”. وقد توصّل الباحث بعد تحليل عينات من مياه ساحل طرطوس، إلى وجود 1080 بكتيريا ضارة في الليتر الواحد من المياه، فيما الحدود المسموح بها للسباحة هي 100 بكتيريا ضارة في الليتر فقط.

ويشير في دراسته، الى غمر جميع قنوات الصرف الصحي الواصلة إلى البحر في طرطوس مع ردم الشاطئ باستثناء مصبين بقيا مكشوفين، في حين غُمرت نحو ثمانية مصبات رئيسية، أما في جزيرة أرواد فيتم تفريغ مياه الصرف الصحي في البحر من دون معالجة.

إضافة الى ذلك، يورد ابراهيم أسباباً أخرى لفقدان الإسفنج تتمثل بتدهور موائلها الطبيعية وتغير المناخ، بالإضافة الى مياه الصابورة أي مياه السفن التي يتم تفريغها في البحار، وتستخدم عادة لتوازن هذه المركبات، وبرأيه لهذه المياه دور كبير في تراجع موائل الكائنات بشكل عام والإسفنج بشكل خاص. 

صيد بوسائل بدائيّة

يؤكد فاروق بهلوان أن مهنة صيد الإسفنج خطيرة جداً وقد تتسبب في وفاة أو شلل من يمارسها في حال لم يلتزم بالتعليمات الصحيحة. وحين بدأ بممارسة المهنة مع أخيه محمد بهلوان عام 1952، كان عمره 12 سنة، لم تدخل أجهزة التنفس تحت الماء وكان يغطس بالطريقة التقليدية بعمق نحو 6 أو 7 أمتار.

ترك الاثنان المهنة قبل دخول أجهزة الغطس الى سوريا، فاتجه موفق الى الصيد فيما اختار محمد، 84 عاماً، بناء القوارب الخشبية، وما زال يمارسها هذه المهنة الى اليوم رغم تقدمه في العمر. استقبلنا هذا الأخير وهو جالس قرب قارب خشبي صغير عمل عليه بتأن كبير كي يقدم عملاً فنياً متميزاً.

بحسب رواية محمد، كان الأتراك سباقين في هذا العمل ولم يكن يعرف السوريون شيئاً عنه قبلهم. ويروي في هذا السياق: “كنت أغطس بواسطة ماكينة يضعون فيها الهواء، برفقة ثلاثة غطاسين أتراك يتقاسمون المهام، وأمسك ما يشبه الهاتف، وهو عبارة عن حبل طويل، فيعطيني الغطاس عبره إشارة أو اثنتين، ولكل حركة معنى، مثلاً يريد هواء أو أنه يريد الخروج”. ويشير في روايته الى سحب الغطاس الحبل بهدوء، لأن السرعة قد تعرضه لفقاعات الدم وتؤدي الى الشلل أو الوفاة. وقد توفي بالفعل كثير من الأتراك واللبنانيين ومن أهل جزيرة أرواد، خلال عمليات الصيد ودُفنوا في الجزيرة.

من ناحيته، يشير محمد سلمان إبراهيم، الى أن صيد الإسفنج مر بمرحلتين في سوريا، كانت الأولى بدائية ومن دون أجهزة الغوص حتى عمق 30 الى 40 متراً، والثانية بواسطة أجهزة الغوص، إذ أصبح بإمكان الغواصين الوصول الى عمق يتراوح بين 50 – 60 متراً. أما تجميع الإسفنج وقطفه في قاع المياه، فكانا يتمان يدوياً أو باستخدام عصا برأس مدبب خشبي أو معدني، ثم يتم التخلص من قاع الإسفنج بعد خروجه من المياه، كما كان يمر بمراحل عدة قبل استثماره اقتصادياً. تبدأ المرحلة الأولى بالتنظيف والتخلص من العوالق، ثم تجفيفه على أحبال غسيل، وتهذيبه بواسطة آلات حادة أو مقصات.

الإسفنج والتوازن البيئي البحري

يلعب الإسفنج دوراً مهماً في تنقية المياه، وهو يشكل أيضاً ملاذاً لبعض أنواع الأسماك التي تعيش فيه وتتكاثر بجانبه، وبالتالي حرم فقدانه هذه الأسماك من مخبأها، ناهيك بأدوار أخرى له في البيئة البحرية.

 تشرح الدكتورة عمار  أن الاسفنجيات تملك أهمية بيئية كبيرة، فهي مرشحات بيولوجية نشطة تتغذى عن طريق ترشيح مياه البحر وتستطيع ترشيح كميات كبيرة من الماء يومياً، الأمر الذي يساهم في تنقية مياه البحر من العناصر المعدنية الثقيلة والمركبات النفطية والعناصر المشعة وكل ما يصل إلى القاع من ملوثات عبر عمود الماء، وبناء على ذلك يطلق عليها تسمية “عمال النظافة البحريون”.

تتابع الباحثة بالقول، “تحمي الإسفنجيات نفسها من العوامل المضرّة في البيئة البحرية كالفطريات والجراثيم والفيروسات، من خلال إنتاج مركبات ثانوية نشطة تعمل كمضادات حيوية لكل من هذه العوامل، وتشتهر الإسفنجيات بأنها كائن حي شديد المناعة والحصانة”. فهي بحسب وصفها عنيدة أمام السموم، وأي عدو بحري يقترب منها تقابله بدفاع كيميائي شديد الضراوة. ولا تنتج الإسفنجيات هذه السموم بنفسها، بل تختزن البكتيريا التي تستطيع بناء هذه السموم.

لا تستطيع المواد الضارة العالقة في المياه أن تمس الإسفنجيات بسوء، فهي تمتص مثلاً كميات من الزئبق أكثر ألف مرة مما يوجد في محيطها من دون أن تصاب بالتلوث، وتقوم الإسفنجيات بتخزين هذه المواد الضارة في مستودعات خاصة، وبذلك تحمي نفسها من هذه المواد، لكن حجم التلوث الكبير الذي عاناه الإسفنج في المياه السورية فاق قدراتها على المجابهة والدفاع.

كما يعتبر الإسفنج من أكثر الكائنات المفضلة لدى باحثي الطب والعقاقير الطبية لما له من قدرات متنوعة، فهو يعد مصدراً طبيعياً مهماً من مصادر المستخلصات الطبية لإنتاج مضادات حيوية، خصوصاً ضد السلالات البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية التجارية، وتدخل هذه الكائنات البحرية أيضا في الكثير من الصناعات، منها الطبية مثل العظام الصناعية وحشو الأسنان.

وبعيدًا عن الطب، تستخدم الإسفنجيات في تقنيات النانو وعلوم المواد، والتي تهدف الى دراسة خصائص المواد وتطبيقاتها، كما تدخل في الصناعات البحرية مثل الدهانات الواقية للسفن وموصلات الضوء وغيرها من الصناعات الكثيرة.

هل يمكن الحفاظ على الإسفنج المُكتشف؟

في ظل تأكيد عودته الى المياه السورية، يقترح عدد من الخبراء خطوات من شأن تنفيذها حماية الإسفنج، لا سيما أن أهميته الاقتصادية والرغبة في التجارة به قد تجعلانه مغرياً للصيد العشوائي مجدّداً، ما يعرض البيئة البحرية  للتدهور مرة أخرى.

يشير الدكتور الشيخ أحمد، الى ضرورة العمل على استعادة الإسفنج الى المياه السورية، إنما الأمر برأيه يقتضي قبل كل شيء، وضع حد للتلويث الكيميائي والفيزيائي الحراري الناتج من المصانع النفطية والغذائية في البحر، ناهيك بأهمية العمل على بناء محطات معالجة للصرف الصحي قبل وصوله الى البحر.

إن أي نجاح لاستعادة الإسفنج يحتاج الى التعاون مع منظمات دولية ودول لديها خبرة بهذا الشأن بحسب الباحث، علاوة على قوانين تضمن الصيد المستدام ومكافحة مصادر التلوث وحماية موائله المائية. يقدم محمد سلمان إبراهيم في السياق ذاته، اقتراحاً ببناء أحواض لتربية الإسفنج من خلال المحميات الشاطئية، مشيراً الى وجود ثلاث محميات تساعد على إعادة ترميم موائل الاسفنج، أو يمكن تربية الإسفنج بحسب خبرته في محطات عائمة مثل المسامك الموجودة في البحر في أقفاص عائمة ونشرها في أماكن محددة نظيفة بعيدة عن مخارج الصرف الصحي غير المعالجة.

 ومن جانبها، تشير الدكتورة عمار، الى قيامهم بدراسة التنوع الحيوي للاسفنجيات والأحياء المرتبطة بها من خلال أبحاث عدة، يعود تاريخ إنجاز بحث منها الى عام 2018، إذ أقيمت تجارب حقلية لاستزراع بعض أنواعه بطرق مختلفة، وأثبتت طريقة التعليق على الحبال إمكان النجاح، خصوصاً بالنسبة الى إسفنج الحمام، ما يشجع على استخدام هذه الطريقة في تنمية الإسفنج محلياً في المستقبل.

تضيف الدكتورة عمار، بأن بناء حيود اصطناعية ووضعها في بعض البيئات المتضررة والمناسبة لنمو الإسفنج، قد يكون هو الحل الأنسب في هذه المرحلة لإعادة تأهيل هذه البيئات واستعادة هذا المورد الحيوي المهم. ويبقى موضوع تطبيق إجراءات الحماية الفعلية وزيادة عدد المحميات البحرية بالتنسيق مع المجتمع المحلي هو الحل الأمثل والمستدام.

رخاوة العقوبات

تشدد الباحثة على ضرورة تسليط الضوء على أهمية الإسفنجيات واستدامتها، بخاصة بين الشريحة الأكثر تضرراً، وهي الصيادون وأسرهم والسكان المحليون الذين تشكل البيئة البحرية مصدر دخلهم.

وسط هذه المعلومات عن بوادر ظهور الإسفنج في المياه السورية مجدّداً، تبدو القوانين البيئية الوطنية رخوة ولا تستجيب للتحديات التي تواجه النظم البيئية المحلية. على سبيل المثال، تنص المادة 61 من القانون 11 لعام 2021 على عقوبات تتراوح بين مئة ألف ومئتي ألف ليرة سورية (8 – 16 دولاراً أميركياً) ضد كل من اصطاد أو أنزل أو حاول إنزال الإسفنج، خلافاً للمادة 32 من القانون ذاته.

وتشترط المادة 32 صدور قرار من وزارة الزراعة من شأنه تنظم صيد الإسفنج ومواسم جمعه وأساليبه، على أن تحدد المديرية العامة للموانئ الشروط التي ينبغي توافرها لدى من يعمل رباناً أو غواصاً أو ملاحاً على مراكب صيد الإسفنج.

*تم انجاز هذا التحقيق بإشراف الصحافي البيئي خالد سليمان

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.