fbpx

الاختفاء أو “الإسلام”… كيف تنفصل مسيحيات مصر عن أزواج سامّين؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ملف الطلاق في المسيحية ملف مثار طيلة الوقت، لما فيه من تعقيدات، والاستعانة بالكثير من النصوص في الكتاب المقدس لا تمنح الطلاق إلا لعلة الزنا، وهو ما دفع الطوائف المختلفة الى إعداد مسودات لقانون الأحوال الشخصية، والوصول الى حلول في تلك الأزمة، التي قد تدفع البعض الى تغيير الديانة أو الطائفة للتمكن من الطلاق، أو الخلاص من علاقة غير مرغوب فيها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قبل ذهابها الى النوم، تمسك مارلين رزق بصور طفليها التي لم ترهما منذ 6 سنوات، لا تعرف شكلهما الحالي أو في أي مكان هما الآن، لا تعرف سوى أنها حُرمت منهما رغماً عن إرادتها، لتحاول النوم، على أمل لقائهما في حلم ربما يتحوّل الى حقيقة.

مارلين رزق، سيدة مسيحية مصرية، تزوجت وأنجبت طفليها، لتبدأ مشاكل وخلافات بينها وبين زوجها، وصلت الى الضرب والتعنيف والهجر، ورغم ذلك لم يُسمح لها بالطلاق حتى مع استحالة العشرة بين الزوجين، حتى وصل الأمر الى هجرها، واختفاء الزوج والطفلين منذ 6 سنوات.

تقول مارلين إنها في بداية الخلافات لجأت الى الكنيسة، لكن الطلاق لم يكن خياراً متاحاً، فالطلاق في المسيحية طريق ليس بالسهل، لتلجأ الى المجلس الملي لمحاولة الصلح بينها وبين زوجها، حتى تتمكن من العيش مع طفليها، ولكن من دون جدوى أيضاً، حتى اختفى الزوج والطفلين، وحرمت منهما.

سعى مارلين الى الصلح بحسب قولها، لم يكن رغبة منها في استمرار الحياة الزوجية التي انتهت، ولكن كان سعياً الى حماية الأطفال، “زوج طول الوقت بيشتم ويضرب استحالة الحياة معاه لكن زي أي ست مصرية وعلشان عارفة إننا معندناش طلاق قلت أحاول الصلح علشان ولادي يعيشوا حياة مستقرة، وبرضه ده منفعش”.

إشهار الإسلام لأجل الوصاية

بعد اختفاء الزوج والطفلين، حاولت الزوجة البحث عنهم، والتواصل مع أسرة الزوج لمعرفة أي معلومات عنه وعن الطفلين، “مكنش في أي إجابة غير طبعا تبديد العفش وكل الحقوق الزوجية اللي ضاعت واللي ضاع معاها الولاد”، لتكتشف قبل عامين عند استخراج قيد عائلي، أن زوجها غيّر ديانته الى الإسلام، وبالتبعية أصبح الطفلان مسلمين، وحينها تمكنت من رفع دعوى خلع لاختلاف الديانة التي تجمع بينها وبين زوجها السابق.

وفقاً لحديث الأم، ما عاشته كان ممكناً أن يحل من دون الدخول في تلك التجربة الصعبة، لو كان الطلاق أمراً متاحاً، حينها كان في استطاعتها الخروج من علاقة قاسية، والتمكن من حضانة طفليها، “بعد كل البهدلة زي سنين من عمري ضاعت في حياة قاتلة وفي النهاية حرمان من الأطفال”.

ملف الطلاق في المسيحية ملف مثار طيلة الوقت، لما فيه من تعقيدات، والاستعانة بالكثير من النصوص في الكتاب المقدس لا تمنح الطلاق إلا لعلة الزنا، وهو ما دفع الطوائف المختلفة الى إعداد مسودات لقانون الأحوال الشخصية، والوصول الى حلول في تلك الأزمة، التي قد تدفع البعض الى تغيير الديانة أو الطائفة للتمكن من الطلاق، أو الخلاص من علاقة غير مرغوب فيها. وفي أحيان كثيرة، حتى بعد هذا التحول، يواجه الشخص أزمة جديدة عند الزواج مجدداً، فقد ترفض الكنيسة منحه تصريحاً بالزواج ثانية.

“زوج طول الوقت بيشتم ويضرب استحالة الحياة معاه لكن زي أي ست مصرية وعلشان عارفة إننا معندناش طلاق قلت أحاول الصلح علشان ولادي يعيشوا حياة مستقرة، وبرضه ده منفعش”.

أزمة الطلاق في المسيحيّة

مارلين واحدة من حالات عدة بدأت تظهر مجدداً، ليعود الحديث مرة أخرى عن هذا الملف. وفي الفترة الأخيرة، تناقلت مواقع قبطية أنباء عدة عن اختفاء سيدات مسيحيات، كانت دوماً توجه تهم الخطف لهن، وأن هناك جماعات تستهدف السيدات المسيحيات، حتى ظهرت واحدة من السيدات اللاتي اختفين أخيراً في مقطع فيديو، تؤكد أنها لا تزال مسيحية، وسبب اختفائها بصحبة طفلتها كان لخلافات بينها وبين زوجها أدت الى استحالة العشرة بينهما.

المحامي مكاريوس لحظي، والمهتم بشؤون الأقليات، قال لـ”درج”، إن هناك عدداً من السيدات المسيحيات المتورطات في زيجات لا يردن البقاء أو الاستمرار فيها، فيصبح الطريق أمامهن الاختفاء أو تغيير الديانة، “خصوصاً لو لقوا حد مسلم ممكن يساعدهم في الموضوع ده، فببساطة كل الأمور بتتحل بمجرد ما يروحوا الأزهر ويشهروا إسلامهم… كده قدروا يهربوا من العلاقات السامة اللي هم فيها، يقدروا يوفروا لنفسهم حماية الأغلبية المسلمة، وفي نفس الوقت بيلاقوا شريك مسلم يبدأوا معاه حياة جديدة”.

لكن النهايات لا تكون دائماً كما تتمناها السيدات، فقد يتعرضن للاستغلال أو التعذيب ليجدن أنفسهن في علاقات يسعين الى الخلاص منها مجدداً. وهنا، يحدث المشهد الذي وصفه لحظي بالمزعج، “سيدة تضطر أو تجبر لتصوير فيديو انها لسه على المسيحية، ده أحيانًا بيكون مخرج للستات دي من الورطة اللي هم فيها، يعني أحيانًا دي بتكون طريقة لرجوع للستات اللي عايزة ترجع، لأنها توفر لهم غطاء درامي يساعد على إعادة دمجهم في المجتمع القبطي مرة تانية: اختطاف ثم إنقاذ، خداع وتغرير ثم صحوة، خطية ثم توبة… إلخ.. أو حتى فتح مسار تالت زي توفير ملجأ أو تغيير محل إقامة أو سفر”.

كل المشاهد التي تتعرض خلالها السيدة إما للتعذيب إو الإجبار على الاستمرار في علاقة، أو حتى الاختفاء من دون إرادة حقيقية منها، كان يمكن حلها من البداية، لو تمتع الزوجان بحق الطلاق. وهنا يوضح لحظي لـ”درج” كيف بدأت الأزمة، ففي الماضي كانت لكل جماعة دينية أو طائفة محاكم ملية تنظر في الأمور الخاصة بأحوالهم الشخصية، قبل توحيد التقاضي أمام القضاء الوطني في الخمسينات. وبناء عليه، نص القانون أن الطوائف التي كانت لها محاكم ملية منظمة حتى هذا التاريخ، ومنها الأقباط الأرثوذوكس والأرمن والبروتستانت واليهود، سيتم الحكم لهم وفقاً للوائحهم الخاصة. أما البقية ممن لم تكن لهم محاكم ملية فسيخضغون للقانون الموحد الجديد، وأساسه الشريعة الإسلامية ومذهب أبي حنيفة.

يتابع لحظي أن هناك قضايا كان الطرفان فيها ينتميان الى طائفتين مختلفتين، فهنا يتم الاحتكام الى القانون العام وأساسه الشريعة الإسلامية، وهو ما يعتبره مخرجاً للكثير من الأزواج والزوجات، “حد فيهم يغير طايفته ويروحوا قدام المحكمة، فالمحكمة تلاقيهم مختلفين في الملة أو الطائفة فتطبق عليهم القانون العام اللي فيه طلاق بطبيعة الحال”.

يقول لحظي إن لائحة 1938 الخاصة بالأقباط الأرثوذكس في تنظيم أحوالهم الشخصية،  كان بها ما يقرب من 9 أسباب للطلاق، “طبعًا الزنا وتغيير الدين على رأسهم، بس بالإضافة ليهم في أسباب تانية متعلقة ببعض الأمراض المزمنة والغيبة واستحالة الحياة الزوجية.. إلخ، المشكلة الحقيقية بدأت مع البابا شنودة، اللي لأسباب مركبة ومعقدة  عقيدية وسياسية ونفسية واجتماعية وإدارية، المهم إن كل الأسباب دي مجتمعة أدت بيه إنه يكون متصلب ومتشدد جدًا في قصر أسباب الطلاق على الزنا وتغيير الدين”. وفي السبعينات، حدث تغيير في الدستور جعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وبما أن لائحة 38 تتعارض في مواضيع كثيرة منها مع الشريعة الإسلامية، فهنا حدثت مواءمة أو تفاهم من نوع ما بين الدولة والبابا، مفاده تعطيل لائحة 38 بالكامل، ما يخالف الشريعة منها وما لا يخالف.

ثمن تغيير الدين

تلك التعقيدات السياسية والعقيدية التي لا تلتفت الى الشخص ومعاناته اليومية في علاقة لا أمل في إصلاحها، أصبح المخرج الوحيد أمام الأقباط للحصول على الطلاق هو تغيير الملة والاحتكام الى القانون العام. ولكنه أيضاً ليس بالطريق السهل، فكما روى لحظي، “الموضوع صعب جداً إلا على الناس المقتدرة اللي كانوا يقدروا يغيروا طائفتهم برة مصر في قبرص ولبنان، بأسعار فلكية طبعاً، ويرجعوا يتطلقوا قدام المحكمة… وحتى لو حصلوا على الطلاق من المحكمة، مكنش بيطلع لهم تصريح بالزواج الثانى. طبعًا فيه أزواج مش فارقة معاهم زواج تاني، هم عايزين يخلصوا من بعض وخلاص، بس الموضوع أصبح غاية في الصعوبة، الوضع ده خلف آلاف الحالات من طالبي الطلاق على أعتاب المحاكم والمجالس الكنسية لسنين طويلة بدون حل. الأسر دي فيما بعد بقت مجموعات كبيرة، وفي الألفينات وبدأوا كذا حركة احتجاجية منظمة للمطالبة بالإصلاح التشريعي والسماح بالطلاق”.

كل ما سبق دفع الكثير من الطوائف المختلفة الى العمل على مشروع قانون للأحوال الشخصية، ينظم للمسيحيين تعاملاتهم، وعلى رأسه قضية الطلاق. ورغم العمل عليه منذ سنوات عدة، إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد، وجاء مشروع القانون الجديد، ليقرر في أسباب الفرقة إمكان الطلاق المدني، وهو منح الطلاق في المحاكم للزوجين إذا ثبتت استحالة العشرة واستحالة الحياة الزوجية بين الطرفين بشرط مرور ثلاث سنوات متصلة من دون أطفال و5 سنوات في حال وجود أطفال من وقت إثبات وجود الخلاف بين الزوجين في الكنيسة أو المحكمة، فتحكم المحكمة بالتطليق المدني، من دون إلزام الكنيسة بإصدار تصريح زواج ثان لأي من الزوجين.

وهنا يعقب لحظي على الأمر، بأن هناك محاولات جادة من البابا تواضروس لحل الأزمة، لكن في المقابل هناك مقاومة ممن أطلق عليهم “الحرس القديم”، متابعاً: “المشروع ده برضه فيه مشاكل على فكرة مش مثالي يعني، بس على كل حال موقف البابا تواضروس عمل خلخلة في مركزية القرار، فبقى فيه ايبارشيات تسهل الموضوع وإيبارشيات بتعقد الموضوع، ورجعت تاني شهادات تغيير الملة، وبقى بيزنس كمان وفيه ناس بتسترزق منه. لكن دي برضه رفاهية مش متاحة لأكثر من 90 في المئة من الأقباط الغلابة اللي ماعندهمش القدرة على الخوض في معارك أمام المحاكم والمجلس الإكليريكي”.

لا مفرّ ولا حضن آمن

في بداية أيلول/ سبتمبر الحالي، خرجت سيدة تدعى إلهام عبد الإله في مقطع فيديو، ترد على اتهامات زوجها لها بخطف أطفاله والهروب، لتؤكد أن سبب اختفائها هو الخلافات بينهما أيضاً، ما دفعها الى السفر للمغرب للهروب من تلك المشاكل، ليؤكد هذا المقطع أن الأمر ليس حالة فردية لسيدة أو اثنتين، ولكنه أزمة حقيقية تهدد السيدات وتحتاج الى حلول.

وعن الحلول، يشير لحظي إلى أن الوضع القانوني يأتي في المقدمة، فنحن في حاجة الى قانون أحوال شخصية يتعامل مع تلك الحالات، وبالفعل هناك مسودة مشروع يمكن العمل به كحل سريع، كما أننا في حاجة الى فتح قنوات تواصل مع السيدات اللاتي أجبرن على اختيار تغيير الديانة كمخرج لحل الأزمة، “محتاجة تتوفر لها بيئة داعمة وقادرة على فتح قناة تواصل مستمرة للاطمئنان عليها وتوفير الحماية لها إذا تعرضت للاستغلال في بيئتها الجديدة، والنموذج المثالي لمتابعة ده هو جمعيات نسوية متخصصة في متابعة الحالات دي بالتحديد، مع تأمين طريق للعودة إذا كانت هي دي رغبة الست اللي تحولت للإسلام، بدون فضيحة وبدون شوشرة.. وده فيه تحديات قانونية وإجرائية وأمنية محتاجة حلول من الدولة، وكمان فيه تحديات اجتماعية لإعادة الدمج أو على الأقل توفير بيئة حاضنة بديلة، ممكن البيئة دي تكون بيوت استضافة ومع الوقت ممكن تتحول لمجتمع يضم حالات مشابهة قادرين على تنظيم حياتهم والحصول على فرص لحياة جديدة”.

وحتى تتحقق الحلول السابقة، ستظل مارلين لا تعرف شكل طفليها اللذين أصبحا على مقربة من سن المراهقة، وتغيرت ملامحهما، فيما تبحث أخريات عن مخرج من علاقات سامة لا يمكنهن الاستمرار فيها.

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 16.05.2024

“مفاتيح دبي”: عن علاقة إلياس بو صعب ببرج نورة الإماراتي!

برز الياس بو صعب كشخصية محورية في لبنان في السنوات الأخيرة الماضية وضجّت مؤخرًا وسائل الاعلام بخبر فصله من التيار الوطني الحر. تكشف وثائق مشروع "مفاتيح دبي" بالتعاون مع مشروع "الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد" OCCRP، عن امتلاك بو صعب ستة عقارات في برج نورة الاماراتي. تبلغ القيمة التقريبية للعقارات نحو 6.5 مليون دولار أميركي.