fbpx

المراكز الثقافيّة الإيرانيّة في الغرب… تهديد للمعارضين وحراسة الأيديولوجيا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المراكز الثقافية الإيرانية التي تنشط في عواصم عربية وأوروبية عدة، تكاد تتفوق في أدوارها الاستراتيجية بل وتتخطى المؤسسات الدبلوماسية الرسمية. هي جزء من نظرية “تصدير الثورة” ومراكز لتهديد المعارضين ومنتقدي النظام الإيراني.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تحظى المراكز الثقافية الإيرانيّة لدى “آيات الله” في إطاره الدعوي والخدمي، وأغراضه الخفية، بموقع دقيق، يكشف عن ذلك النفقات الهائلة التي تنفق عليهان والتي تتضاعف، سنوياً، في موازنة الدولة التي تعاني من تضخم تجاوز الـ 40 في المئة.   

لفهم دور هذه المراكز لابد من النظر في سياسات النظام الإيراني، منذ الخميني وعلى مدار أربعة عقود، تلك السياسات التي تتميز بثبات “وصبر استراتيجي” في جوانب عدة، أبرزها الدفع بمرتكزاتها الصلبة إلى تعميم أيديولوجيتها وقيمها في محيطها الإقليمي الحيوي ويقع ضمن مدار “الهلال الشيعي”. ثم امتداد هذه الشبكة لاستهداف المسلمين والعرب المهاجرين بالغرب وفي آسيا وأميركا اللاتينية، بحيث تضحى هذه المجتمعات حواضن جاهزة ضمن حيز إدارة الملالي وهيمنتها، ونقل تأثيراتها. فالعزلة وإيجاد التمثيل السياسي يعدان هدفاً سياسياً.

فضلاً عن الحالة الولائية، فإن وقائع عدة تكشف عن انتقال حتمي، أو بالأحرى تلقائي، لهذا الدور الذي يتحول إلى أمني، بينما تشكل العناصر البشرية، كحوامل أيديولوجية، في غيتواتها الضيقة والمنغلقة “ذئاباً منفردة” شيعية تبعيتها للحرس الثوري. وهنا، تبرز أدوار وظيفية لهذه المراكز التي تتحول الى منصات دفاعية وانتقامية لصالح النظام في مواجهة خصومه بالخارج والذي تورط في حوادث عدة، بداية من تفجير مؤتمراتهم، مروراً بخطف آخرين، وإعادة بعضهم قسراً الى طهران، وحتى التهديدات المستمرة لهم ولعوائلهم.

رغم الأزمة البنيوية في هياكل المؤسسات بطهران، والتضخم الذي لامس الـ 46 بالمئة مع الموازنة التي انتهت قبل عام، وقد فاقم الأعباء على المواطنين بينما رفع حدة الانتقاد الموجهة ضد حكومة إبراهيم رئيسي، إلا أن رئيسي وهو يعلن عن مخصصات الموازنة الجديدة ونفقاتها أمام البرلمان، ضاعف ما يعرف بـ”الإنفاق الدفاعي”.

جبهات ثقافيّة

أشارت رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية التابعة لوزارة الثقافة الإيرانية، مطلع العام الماضي، إلى أن تدشين “الجبهة الثقافية” هو “الجدار الدفاعي لمواجهة أي غزو ثقافي يقود الى حافة الهاوية”. وقالت عبر منصتها الرسمية، إن “الجبهة الثقافية هي خط الدفاع الأخير للأمة وبعده السقوط. ولا يمكن أمة عريقة تحتضن رسالة اﷲ للزمن الأخير أن تتهاون في هذه المواجهة. وإن تكن التجارب السابقة لم تنجح في توحيد الجهود على الجبهات الأخرى لاختلاف المصالح وتصادم وجهات النظر، فإن الأمر هنا مختلف. إنه دفاع عن البيوت والأبناء، عن الدين والهوية. والأمة تملك مخزوناً كبيراً من القيم والطاقات قادرة إن جمعت ووحدت على الصمود وإلحاق هزيمة قاسية بالمشاريع التي تستهدفها. وتتهيأ لأن تشكل رأس الحربة الدولية للتحرر من الهيمنة الاستكبارية”.

مبدأ “تصدير الثورة” هو وسيلة سياسية وأداة دعائية توظفها إيران لمصالحها الإقليمية والبراغماتية، بل وتعمل على “ابتزاز” الآخرين بها ضمن أوراق عدة، الأمر الذي يبرز في سوريا، مثلاً. فتتولى هذه المؤسسات نشر المذهب الشيعي الإثني عشري وتعليم اللغة الفارسية، فضلاً عن إعادة هندسة المجتمع بما يشمل التغيير الديمغرافي.

وبغض النظر عن الحالة الدعائية الفضفاضة، ثمة مصالح ملحة وأهداف مباشرة تتخفى وراء هذه الشبكات الثقافية المعقدة لإيران، والتي تقع مراكزها الرئيسية في قم، ومنها منظمة “إسلام أورينت” تحت قيادة الدبلوماسي الإيراني محسن رباني. وبفضل هذه المراكز، تنجح طهران في “تبييض الأموال” ودعم نشاط الميليشيات وإيجاد طرق عدة لتفادي القيود على العقوبات الأميركية.

لذلك، لم يكن مباغتاً في ظل تدني الوضع الحقوقي والسياسي والاجتماعي في إيران، أن تعلن وزارة الثقافة عن المخصصات المالية المتنامية تجاه هذه المراكز. ونقلت وكالة أنباء “مهر” الإيرانية عن وزير الثقافة محمد مهدي إسماعيلي قوله إنه قد تم “إضافة مستشارين ثقافيين في دول مثل الجزائر وتونس”. وتابع: “نحن نسير على طريق توسيع الدبلوماسية الثقافية”. ووفق وزير الثقافة، شهدت ميزانية المؤسسات الثقافية وأذرعها المختلفة قفزة هائلة في العامين الأخيرين.

اللافت، أنه مع صعود الأزمة الاقتصادية، وتداعياتها السياسية، في إيران، عام 2019، على خلفية احتجاجات الوقود، واصل النظام الاتجاه وراء بوصلته الحادة مع دعم مرتكزاته الثقافية. فتضاعفت الميزانية مع الاحتجاجات التي اندلعت بسبب رفع أسعار الوقود لجهة دعم نحو 12 من المراكز الثقافية والدينية في الغرب، وذلك بزيادة بلغت 9 بالمئة متخطية ما كانت عليه في العام المالي 2018. ووصل الدعم إلى 31,1 تريليون ريال (853 مليون دولار) لغرض تعزيز “البرامج الأيديولوجية” لـ”الجمهورية الإسلامية”.

الوعي الأوروبي بخطورة المراكز الثقافيّة

وفي ما يبدو أن الهامش الذي منح لهذه المراكز الدعوية الشيعية سابقاً يتضاءل، بخاصة في ألمانيا. فيما عرج زعيم حزب الخضر الألماني، أميد نوري بور، في منشوراته على منصة التواصل الاجتماعي إكس (تويتر سابقاً) إلى الدور المشبوه الذي يقوم به أحد المراكز في إيران بتهديد المعارضين. وكان حديث نوري بور، نهاية الشهر الماضي آب/ أغسطس، عن المراكز في فرانكفورت وهامبورغ. وقال: “مركز فرانكفورت الإسلامي للثقافة يهدد منتقدي النظام الإيراني، ويلعب دور جهاز الدعاية للنظام الإيراني، وله علاقات وثيقة مع مركز هامبورغ الإسلامي. هذان المركزان يهددان ديمقراطيتنا ويجب إغلاقهما على الفور”.

فيما لمّح مكتب حماية دستور ولاية هيسن الألمانية، إلى أن هناك شبهات عدة تحوم حول أنشطة المركز الإسلامي، منها تدشين حفل لقائد فيلق القدس الذي قتل بمسيرة أميركية، مطلع عام 2020، قاسم سليماني، في ذروة التصعيد العسكري بين طهران وواشنطن. فضلاً عن الاحتفالات بذكرى الخميني، كل عام.

يمارس حزب الخضر وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي ضغوطاً على الحكومة الألمانية لإغلاق المركز الإسلامي في هامبورغ، بحسب مصدر في حزب الخضر. وقال المصدر (فضل عدم ذكر اسمه) إنه يوجد في ألمانيا عدد من المراكز والمنظمات الإسلامية التابعة للإيرانيين الموالين للحكومة، والتي تستخدمها إيران لمحاولة التأثير على الشيعة من مختلف الجنسيات الذين يعيشون في ألمانيا.

وتابع لـ”درج”: “هناك بلاغات عدة من الإيرانيين بخصوص محاولات للتخويف والمضايقة. التقارير التي توثق هذه الحوادث متاحة للحكومة الاتحادية والإدارات الأمنية ذات الصلة. ولذلك، من المنتظر استيفاء شروط إغلاق المركز وحظره. ومع ذلك، في الوقت الحالي، لا ترغب الحكومة في فرض حظر، بل تهدف فقط إلى مراقبة ذلك من قبل مكتب حماية الدستور”.

ووفق الحكومة الألمانية، فإن “المركز الإسلامي في هامبورغ، مثلاً، إلى جانب السفارة الإيرانية، يعملان على نشر القيم الاجتماعية والسياسية والدينية “للثورة الإيرانية الإسلامية” في أوروبا”. يقول المصدر بحزب الخضر ويردف: “تفضح مواقف وممارسات المركز بهامبورغ ارتباطاته العضوية بجمهورية إيران الإسلامية، بخاصة من خلال إيفاد رئيس المركز من قبل “مكتب القائد الثوري””.

والشائع أن رئيس المركز بهامبورغ آية الله رضا رمضاني (كان عضواً في مجلس الخبراء في إيران في الفترة بين عامي 2006 و2009)، هو ذاته رئيس المجلس الشيعي للمؤسسات والمراكز الشيعية في ألمانيا، بحسب المصدر ذاته.

يتفق والرأي ذاته، المحلل السياسي، المقيم في برلين، ميار شحادة، والذي يقول إن العلاقات الألمانية – الإيرانية دائماً ما أخذت شكل العلاقات المؤسسية. فيما اعتبرت إيران ألمانيا “قوة منصفة ومفيدة على المستوى التصنيعي والمالي”. ولذلك أقامت طهران مبكراً علاقات وارتباطات مؤسسية كذلك مع هيئات المجتمع المدني الألمانية، سواء الصحف أو مراكز الفكر الدراسات الاجتماعية الاستراتيجية.

بالتالي، إغلاق أي مركز ثقافي ديني شيعي لإيران يشكل “حساسية بالنسبة الى النظام في طهران”. مع نهاية فترة ميركل، وبالتحديد عام 2019، بدأت الحكومات الأوروبية باتخاذ إجراءات صارمة لزيادة فاعلية الاندماج، وفق شحادة لـ”درج”. وقد بدأ الحديث بحرية وجدية عن “منع النقاب في الأماكن العامة حتى جاءت جائحة كورونا، والتي سمحت لجهاز الاستخبارات الألماني بمراقبة الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمراكز الإسلامية، وخصوصاً في المدن الرئيسية، منها هامبورغ وبرلين وفرانكفورت وميونخ وفرايبورغ”.

ثم قررت الدولة عدم استقدام أئمة للمساجد من الدول الإسلامية، بل تدريب أئمة ألمان على القيم والقوانين المحلية، وعدم استخدام أي لغة غير الألمانية. فاعتادت المراكز الإسلامية استخدام اللغتين الفارسية والتركية لارتباطاتها التمويلية.

أغلقت ألمانيا مراكز إسلامية كثير تابعة لمركز “ديتيب” التابع لمؤسسة الشؤون الدينية التركية، وكان أبرزها مركز في مدينة دوسلدورف، يقول شحادة. ويردف: “كذلك كان الحدث الأبرز هو إغلاق المركز الديني التابع لإيران في واحدة من أكبر مدن ألمانيا، هامبورغ”. فهذا المركز وبعد التحقيق، اكتشف جهاز الاستخبارات أن لديه “أنشطة مشبوهة” سواء من خلال تبييض الأموال أو تهريب المخدرات والسلاح من أوروبا وإليها. كما أنها كانت مراكز “للتستر” على عمليات الإتجار باللاجئين والمهاجرين وتوظيف الناس لأعمال غير قانونية.

وتتخوف دوائر سياسية في ألمانيا من التصعيد الذي تمارسه إيران بواسطة هذه المراكز، وتحريض حواضنها من المسلمين الشيعة في المدن الألمانية، للخروج في تظاهرات داعمة لروسيا في الحرب الأوكرانية. فيما يرى حزب الخضر، الذي يتولى وزارة الخارجية، أن التأثير الإيراني في ألمانيا يجب مواجهته وانحساره لمواجهة اليمين الذي تتضاعف تحركاته اليوم تلو الآخر.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.