fbpx

مزدوجو الجنسيّة في إيران: سياسة الرهائن وازدواجيّة الولايات المتحدة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هذه الصفقة تفضح ازدواجية إيرانية وأميركية معاً. إذ إنّ ملف مزودجي الجنسية الذي يصعد، بين الحين والآخر، على متن السياسة الإيرانية، هو ورقة ابتزاز يتحوّل فيها المعتقلون على خلفية قضايا “تجسس” إلى رهائن في قبضة “الولي الفقيه”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الإفراج عن خمسة مواطنين أميركيين يبدو غامضاً، وما زالت جوانب عدة منه غير معلنة. 

الخمسة المتهمون بـ”التجسس”، وهي التهمة الجاهزة بحق الأجانب ومزدوجي الجنسية في إيران، وُضع أربعة منهم، فقط، تحت الإقامة الجبرية بعد إنهاء إقامتهم القسرية في سجن إيفين، سيئ السمعة، وذلك مقابل إنهاء الحظر عن ستة مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية.

رغم الانتقادات الأميركية للملف الحقوقي في إيران ولممارساتها الإقليمية، وآخرها قبل أيام عسكرة الممرات المائية وتهديد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر، إلا أنّ هذه الصفقة تفضح ازدواجية إيرانية وأميركية معاً. إذ إنّ ملف مزودجي الجنسية الذي يصعد، بين الحين والآخر، على متن السياسة الإيرانية، هو ورقة ابتزاز يتحوّل فيها المعتقلون على خلفية قضايا “تجسس” إلى رهائن في قبضة “الولي الفقيه” لتحقيق سياساته البراغماتية. وقد حدث ذلك مع الجولة الثالثة بمفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي.

الإفراج عن سجناء أميركيين من أصول إيرانية مقابل الحصول على الأموال الإيرانية المجمدة بفعل العقوبات، ليس بالأمر الجديد، إنّما له سوابق عدة. كما أنّ طهران لا تكفّ عن استدعاء الرهائن المحتجزين لديها كما حدث مع الدبلوماسي الإيراني المتهم بالشروع في تنفيذ عملية إرهابية ضد اجتماع للمعارضة الإيرانية في بلجيكا، أسد الله أسدي، وقد تمت مبادلته مع ثلاثة آخرين من مزدوجي الجنسية. 

المعضلة التي تواجه الاستجابة الأميركية لابتزاز الملالي عبر هذه الورقة، هي قانونية وأخلاقية بالمعنى السياسي والحقوقي. فالأجانب في إيران هم في دائرة الاتهام والعداء السياسي، بل مجرد “جواسيس”. ومن ثم، هم ملاحقون قضائياً ويتم اعتقالهم، بصفة مستمرة، بخاصة مع اندلاع التظاهرات والاحتجاجات المجتمعية، الأمر الذي حدث بعد مقتل الفتاة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، على يد أفراد دورية “شرطة الأخلاق”، وكذا إبان تفجّر الأوضاع على خلفية أزمة الوقود. 

إلى جانب ذلك، لا تتوافر معلومات دقيقة رسمية عن أعداد المعتقلين من مزدوجي الجنسية في إيران (50-30 معتقلاً بحسب تقارير حقوقية غربية).

وفق شبكة ABC News الأميركية، فإنّ هذا التطور جزء من اتفاق أوسع توصلت إليه إيران والولايات المتحدة، بعد أشهر من المفاوضات الهادئة، والذي من شأنه في النهاية إطلاق سراح جميع المواطنين الخمسة والسماح لهم بمغادرة طهران. في المقابل، ستتلقى طهران ما قيمته ستة مليارات دولار من الأصول الإيرانية المودعة في حساب مقيد في كوريا الجنوبية. والمواطنون هم: سياماك نمازي وعماد شرقي ومراد طهباز، بالإضافة إلى شخصين آخرين طلبا عدم الكشف عن هويتهما.

بحسب الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون: “تلقينا تأكيداً بأنّ إيران أفرجت عن خمسة أميركيين كانوا محتجزين ظلماً ووضعتهم قيد الإقامة الجبرية”.

هناك أعداد غير معلنة من المعتقلين الأجانب في إيران، وفق واتسون، منهم شهاب دليلي المحتجز منذ عام 2016. فيما نقلت الشبكة الأميركية عن مصدر مطلع على المفاوضات قوله: “إنّها بداية لعملية ستشهد في نهاية المطاف مغادرة هؤلاء الأميركيين إيران والعودة إلى الوطن”.

ووصف جاريد جينسر، محامي عائلة نمازي، الانتقال إلى الإقامة الجبرية بأنّه “تطور مهم”، مضيفاً: “بينما آمل بأن تكون هذه هي الخطوة الأولى لإطلاق سراحهم النهائي، فهذه في أحسن الأحوال بداية النهاية وليس أكثر. لكن ببساطة لا توجد ضمانات بشأن ما يحدث من هنا”.

وفي ما يبدو، أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن يسعى من خلال هذا الاتفاق الذي وصفه مشرعون بالكونغرس بأنّه “الأسوأ”، والمتزامن مع محاولات قصوى لإنجاز اتفاق سلام وتطبيع بين إسرائيل والسعودية، إلى تحقيق قفزة تبدو ضرورية وملحّة لتخطّي عقبات عدة في ظل الاستقطاب الانتخابي، وتفادي التصعيد الأمني مع إيران خصوصاً في الشرق الأوسط. 

فمع فشل العودة إلى اتفاق 2015 النووي والذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب، تبدو الصفقة مهمة قصوى، لترميم فشل سياسة بايدن “الدبلوماسية” تجاه النظام الإيراني، ومحاولة إنهاء ملف يضغط على حملته الرئاسية، مع الأخذ في الاعتبار أنّ الصفقة تشمل وضع قيود على برنامج طهران النووي، ومنع تخصيب اليورانيوم لـ90 في المئة، وفض القيود على عمل مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لكنْ هناك تقليل لأهمية الصفقة من جانب أوساط الإصلاحيين في النظام الإيراني، فضلاً عن انتقادات حادة في واشنطن من الجمهوريين، بما يعكس الحاجة الملحة لطهران كما للولايات المتحدة الى الانخراط في هذه المفاوضات الاضطرارية للحصول على نتائج مؤقتة وهشة على طريقة “سيب وأنا سيب”. فهناك معتقلون قسراً وُضعوا رهن الإقامة الجبرية كخطوة إجرائية أولى لحين الانتهاء من المطلوب والإفراج عنهم تماماً. وحكومة إبراهيم رئيسي التي تعاني أزمة اقتصادية ومجتمعية وسياسية حادة، تسوق للأمر باعتباره “إنجازاً” ديبلوماسياً ونجاح “تركيع” الولايات المتحدة التي خضعت بتنازلاتها أمام إيران. بالتالي، ستكون المستحقات الدولارية المجمدة وسيلة لتخفيف الأوضاع المتدنية على خلفية تفاقم معدل التضخم البالغ 39.4 في المئة حتى تموز/ يوليو الماضي. 

وهنا، أوضحت صحيفة “وول ستريت جورنال” أنّ “مكافأة إيران على إطلاق سراح الرهائن تعد تمويلاً للأنشطة الخبيثة وتشجيعاً على اعتقال مزيد من الأميركيين”. فيما وصفت تبرير، أو بالأحرى تأويل، استخدام الأموال المجمدة لـ”الأغراض الإنسانية” بأنّه مجرد “غطاء سياسي لتبرير اتفاق المال مقابل الرهائن”.

وقالت الصحيفة الأميركية إنّ هذه الأموال المجمدة ستستغلّها إيران “لنشر الفوضى في الشرق الأوسط وخارجه”. فضلاً عن تقوية الميليشيات داخل إيران التي تباشر قمعها بحق المواطنين والمحتجين، وتوفير المسيرات الإيرانية التي تحارب في أوكرانيا.

وتابعت: “إيران تعلم أن بايدن يريد تأجيل أي أزمة تتعلق بالبرنامج النووي إلى ما بعد انتخابات 2024. ويبدو أنّ هذا الاتفاق النووي غير الرسمي هو نسخة غير قابلة للتنفيذ من الاتفاق النووي لعام 2015”. 

في الفترة بين عامي 2012 و2019، سمحت واشنطن لكوريا الجنوبية ودول أخرى بشراء النفط الإيراني، بينما حظرت على إيران الوصول إلى العوائد المالية. لكن الصفقة الأخيرة تتضمن إمكان استخدام الأموال المجمدة من قبل إيران في عمليات شراء محددة للأدوية والمعدات الطبية والغذاء وكل ما هو مرتبط بالأمور الإنسانية. 

وقال الناطق بلسان مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إنّ “أميركا تراقب بالكامل كيف تنفق إيران أموالها المفرج عنها، وقيمتها 6 مليارات دولار، وهي في كوريا الجنوبية”. مضيفاً أنّ “الأموال لا يمكن إنفاقها إلا على الغذاء والدواء والمعدات الطبية التي ليس لها استخدام عسكري مزدوج”.

ووفقاً لكيربي، سيتم إنفاق الأموال أيضاً في عملية تلبّي معايير صارمة، تحت إشراف وزارة الخزانة الأميركية.

غير أنّ الموقف الإيراني بدا مغايراً، وأكدت وزارة خارجية النظام الإيراني في بيان لها، أنّ “طهران ستقرر كيفية استخدام الأموال المفرج عنها وسيتم إنفاق هذه الأموال وفقاً لتقدير المسؤولين الحكوميين لتلبية الاحتياجات المختلفة للبلاد”.

الاعتراضات في الولايات المتحدة تدور في حيز رفض الابتزاز الإيراني، ومنح إيران شرعية لتدوير هذه الورقة بدلاً من الحد من استعمالها ضمن سياساتها الملتوية والمشبوهة. غير أنّه من اللافت وجود ضغوط انتخابية وبحث سريع عن مادة دعائية للتشويش على الاستقطاب. هذا ما يمكن ملاحظته من الموقف الإسرائيلي، المتشدد والتقليدي، تجاه هذه الصفقة وقد عبر عن امتعاضه من فكرة الأموال المجمدة التي ستحصل عليها إيران. فمكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لمّح إلى وجود مؤشرات إلى تفاصيل غير معلنة في المفاوضات التي جرت برعاية سلطنة عمان، ورغم ذلك نبذها سياسياً طالما لا تتجه إلى تفكيك البنية التحتية للمشروع النووي الإيراني. وهي نفسها المؤشرات التي ذكرتها مصادر إيرانية وغربية بوجود اتفاق أوسع يتخطى ملف المعتقلين الأجانب في إيران رغم نفي الولايات المتحدة.

وعليه، يبدو التعتيم الأميركي مقصوداً لجهة تفادي الانتقادات الإسرائيلية وحملات الهجوم والمعارضة قبيل الانتخابات في واشنطن.

كما أنّ نائب ترامب السابق وأحد المرشحين المحتملين للرئاسة في انتخابات عام 2024، مايك بنس، قال إنّ الصفقة التي دشّنتها إدارة بايدن مع النظام الإيراني ما هي إلا وسيلة للحصول على موارد مالية ضخمة توظّفها طهران في دعم موسكو بالمسيرات في الحرب الأوكرانية، فضلاً عن تهديد حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.