fbpx

الانتخابات الرئاسية في مصر: بيروقراطية واعتداءات لعرقلة توكيل أحمد طنطاوي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“محدش كان متصور إنه ممكن يبقى في اعتداء أو إلإرهاب بالشكل ده، كنا متوقعين إنه يبقى في مضايقات بس مش لدرجة الاعتداء والضرب بالشكل ده، لأنه الأمر محصلش معايا لوحدي، ده اتكرر مع حالات عدة، وفي أماكن مختلفة”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في التاسعة صباحاً، توجهت رانيا الشيخ الى الشهر العقاري لعمل توكيل للمرشح الرئاسي المحتمل أحمد طنطاوي، على رغم أنها ليست واحدة من أعضاء حملته الانتخابية، إلا أنها قررت التوجه الى المرشح التي تراه الأقرب من الطريق الذي تريده، طريق الحرية، من خلال انتخابات رئاسية حقيقية.

الأمور سارت على عكس توقعات رانيا كما تروي في حديثها لـ”درج”، فعقب وصولها الى مقر الشهر العقاري في منطقة روض الفرج، سألها أحد الأشخاص عما تريد. تقول: “كان معايا صديق وقلنا له داخلين نعمل توكيل لمرشح رئاسي، طلب مننا بطاقات الهوية بس رفضت لأنه مش موظف ومش قاعد على مكتب جوه الشهر العقاري فمش من حقه ياخدها”. وبعد فترة من الحديث مع الشخص الذي اعترض طريقها، جاء شخص يعرّف نفسه بأنه مدير المكتب وطلب من رانيا وصديقها هويتيهما الشخصيتين.

تصف رانيا الأمر بـ”المريب”، إذ إن عشرات الأشخاص تجمعوا حولهما، وبدا الأمر بحسب وصفها بـ”كماشة”، لتجد ما يقرب من 75 شخصاً داخل مكتب الشهر العقاري يحاصرونهما: “الناس كانت بتنادي على بعض، وبالفعل سجلت فويس علشان لو حصل حاجة يبقى صحابي عارفين”.

بعد ما يقرب من 10 دقائق من تسليمها هويتها الشخصية لمدير المكتب، وجدت رانيا نفسها أمام شخص آخر أزاحها من الطريق بيده، “زقني بإيده ودخل مكتب المدير في الوقت اللي احنا المفروض واقفين فيه مستنين دورنا ندخل نعمل التوكيل، ولما طلع لقيت سيدة دخلت تفتعل مشكلة مع نفس الشخص اللي سألنا في الأول على بطاقات الهوية وبعدين فجأة بدأت تعتدي علي بالضرب”.

“اللي حصل معانا يخالف كل القوانين اللي ماشين على أساسها، وممارسة حقنا الدستوري لمساندة المرشح بتاعنا”.

الاعتداء على رانيا وزميلها استمر، وقد بدأ من داخل مكتب الشهر العقاري ولم ينتهِ خارجه، إذ فوجئا بشخص في الخارج سلّمهما البطاقات الشخصية الخاصة بهما، على رغم تسليمها في الداخل لمدير المكتب. توضح: “الشخص ده لقيناه بيوقف لنا توكتوك علشان نمشي، ويتأكد أننا فعلا مشينا، وقبل ما يتحرك التوكتوك جه راجل ميعرفناش ولا نعرفه سألنا إيه عملتوا اللي جايين علشانه قلت له لأ، فقام سايبنا وماشي، وكأنه كان جايب عاوز يتأكد أننا فعلا معملناش التوكيل”.

الواقعة التي وصفتها رانيا بـ”الإرهاب”، لم تكن فردية، فقد تكررت مع أشخاص عدة حاولوا توكيل طنطاوي، لكن الرفض أخذ أشكالاً مختلفة، بداية من تعلل الموظفين بسقوط “السيستم”، كما حدث مع كمال رضا، الذي بدأ محاولاته بمكتب عقاري الدقي، حيث أخبره الموظفون هناك بأن عليه الانتقال الى فرع آخر كي يتمكن من عمل التوكيل، فذهب الى مكتب الشهر العقاري في منطقة المساحة، يقول: “أول ما دخلت حد سالني على الباب رايح فين رديت داخل أعمل توكيل لأحمد طنطاوي، فرد عليا قالي السيستم واقع”، مشيراً في حديثه لـ”درج”، إلى أن المكاتب كان فيها موظفون يعملون بشكل طبيعي، موضحاً: “لما سالت نفس الراجل تاني أمال إزاي المكاتب دي شغالة قالي لا دي حاجات تانية”.

أمضى رضا ما يقرب من 5 ساعات في انتظار “عودة السيستم”، حتى أخبره شخص آخر أن الفترة الصباحية انتهت، وعليه المجيء غداً لأن لا تحرير توكيلات للمرشحين في الفترة المسائية، “أنا فعلا مكنتش فاهم حاجة، أنا شايف بنفسي ناس داخلة تعمل توكيل للسيسي عادي جدا ومحدش اعترض طريقها، مكنش غيري أنا أو أي حد بيقول اسم مرشح تاني، فكانت الناس بتزهق وتمشي وأنا قررت أقعد وضاع اليوم وفي النهاية معملتش التوكيل”.

كان حظ رضا أفضل من حظ رانيا بعد الاعتداء عليها، ومن يوسف ابراهيم أيضاً، أحد أعضاء حملة طنطاوي في منطقة عين، الذي تعرض للاعتداء والضرب من أشخاص في مقر الشهر العقاري. يقول ابراهيم: “اللي حصل معانا يخالف كل القوانين اللي ماشين على أساسها، وممارسة حقنا الدستوري لمساندة المرشح بتاعنا، أنا تم تهديدي بإني معملش التوكيل وبعد الضرب والاعتداء، قررت أعمل محاولة ثانية، بمقر تاني في مصر الجديدة، وقفت اتفتشت، والبانر الخاص بالمرشح والأي دي اتاخد مني”.

يشير ابراهيم في حديثة لـ”درج”، إلى أن ما حدث فاق كل التوقعات التي كان يخشاها أعضاء الحملة، مضيفاً: “محدش كان متصور إنه ممكن يبقى في اعتداء أو إلإرهاب بالشكل ده، كنا متوقعين إنه يبقى في مضايقات بس مش لدرجة الاعتداء والضرب بالشكل ده، لأنه الأمر محصلش معايا لوحدي، ده اتكرر مع حالات عدة، وفي أماكن مختلفة”.

سفارات للسيسي فقط

المضايقات لم تكن داخل مصر فقط، بل امتدت إلى الخارج أيضاً، وفقاً لبيان نشرته مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، إذ إن السلطات رفضت تحرير توكيلات دعم المرشح أحمد طنطاوي في 11 مكتب شهر عقاري وسفارتين، حيث رفضت سفارتا مصر في كل برلين والمملكة العربية السعودية تحرير توكيلات لمواطنين يرغبون في دعم طنطاوي، وذلك فقط في اليوم الأول لجمع التوكيلات.

تلك المشاهد يقابلها أخرى تناقلتها صحف ومواقع عدة: طوابير من المواطنين يلوحون بأعلام مصر على أنغام الأغاني الوطنية أمام مقار الشهر العقاري في مناطق مختلفة لتأييد السيسي، وعمل التوكيلات لترشحه للرئاسة، ولكنها تجمعات وطوابير لم تشهد الأعذار التي وُجهت لمن يرغب في توكيل مرشح آخر، وبالتالي لم تشهد أيضاً اعتداء أو ضرباً وتعنيفاً.

حسام الحملاوي، الناشط السياسي والباحث في العلوم السياسية، يقول لـ”درج” إن ما يحدث من محاولات لمنع المرشحين من الترشح أو منع مؤيديهم من توكيلهم، هو اللغة الوحيدة التي تعرفها السلطة منذ 2013، وهي وأد المعارضة في مهدها. ويرى أيضاً أن هذا التضييق من الممكن أن يؤدي الى رد فعل عكسي بشكل ما، أي يدفع أشخاصاً جدداً كانوا لا يفكرون في دعم طنطاوي الى عمل توكيلات له، أو الانضمام الى حملته. لكن على الرغم من ذلك، يرى الحملاوي أيضاً، أن النتيجة محسومة من دون شك لصالح السيسي ليس بسبب شعبيته، ولكن بسبب تحكّمه في أجهزة الدولة.

من جانبه، يطالب مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، الهيئة الوطنية للانتخابات بالتحقيق في ما ورد من أنباء حول تعرض بعض المواطنين لاعتداءات من مجموعات كانت موجودة أمام مقار الشهر العقاري، مشيراً إلى أنه سيتم التوجه إلى الهيئة بمذكرة رسمية في هذا الصدد، وسيتم التشاور فيها مع الحركة المدنية وأحزابها لبحث موقفها، مؤكداً أن الهيئة الوطنية أعلنت وقوفها على الحياد خلال فترة الانتخابات، وهو ما يستدعي حياد جميع المؤسسات بلا استثناء، وإتاحة الفرص المتكافئة أمام جميع المواطنين من دون تمييز.

يتعجب الزاهد أيضاً من اصطفاف المواطنين أمام مقار الشهر العقاري لتأييد السيسي، لافتاً إلى أنه أمر تم بعد إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات مواعيد الاقتراع وفتح باب الترشح، و”هذا معناه أن هناك شكلاً من أشكال التسريب للمواعيد المقررة، وهو ما ينذر بمشكلات كثيرة”.

وبعد يوم طويل من تلقّي المكالمات الهاتفية التي تبلّغ فقط عن المنع من تحرير التوكيل، أعلن أعضاء حملة طنطاوي تجميد العمل لمدة 48 ساعة، على أن يعاودوا الاستمرار في ما وصفوه “معركة جمع التوكيلات”، فيما خرج طنطاوي في بث مباشر يعرض خلاله خيارات للسلطة تمكِّن أنصاره من تحرير التوكيلات، فيما يحاول كلّ من أشرف ورانيا التعافي من ساعات عصيبة بعد الاعتداء عليهما.