fbpx

حكومات العالم تتكاتف ضد المهاجرين غير الشرعيين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع انعدام الجهود لحل أسباب الأزمات التي دفعت الى الهجرة واللجوء، هناك أشبه بتعاون حكومي للتضييق أكثر على المهاجرين غير الشرعيين بدلاً من حل أسباب هروبهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الهجرة غير الشرعية ليست خياراً يتّخذه الإنسان بإرادته. فاللاجئون من حول العالم هم ضحايا عسف السياسة وديكتاتورية الأنظمة والأزمات الاقتصادية وحتى المناخية، رغم ذلك يتم التعامل معهم كمسؤولين عن وضعهم الإنساني، ويوصمون ويعامَلون بكراهية وازدراء في كثير من بلدان اللجوء. 

مع تصاعد أسباب الفرار من الأوطان المأزومة، يُفرض المزيد من القيود على الهجرة غير الشرعية، إذ لا يتحمل المهاجرون مخاطر الهجرة غير الشرعية وحسب، بل  يواجهون قرارات الحكومات حول العالم التي تزيد من صعوبة وصولهم إلى مناطق آمنة، ما يعرّضهم لمزيد من الأخطار.

كان سبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن هدّد بإلقاء المهاجرين غير الشرعيين على أعتاب تركيا، في سياق محاولاته الالتحاق بالاتحاد الأوروبي والضغط عبر ورقة الهجرة غير الشرعية. ومنذ أيام، كرر زعيم “حزب الله” حسن نصرالله أمراً شبيهاً، إذ لوّح بإرسال سفن لاجئين سوريين الى أوروبا كوسيلة ضغط، معتبراً أن “الدول الأوروبية ستأتي خاضعة الى بيروت وتقول ماذا تريدون…”. 

من المعلوم أن لبنان بات نقطة لانطلاق المهاجرين غير الشرعيين نحو قبرص، ومنها باتجاه دول أوروبا. وفي سياق خطة محاربة قبرص المهاجرين غير الشرعيين، كشفت صحيفة philenews القبرصية عن رسالة وجهها وزير الداخلية اليوناني، كونستانتينوس أيوانو، الى نظيره اللبناني، بسام مولوي، يقترح فيها اتخاذ إجراءات عملية للحد من تدفق المهاجرين الذين يغادرون من شواطئ لبنان. ومن بين الإجراءات المقترحة،  توفير زوارق سريعة وتدريبٍ للضباط اللبنانيين. تبدو الرسالة أشبه باتخاذ مسار أكثر قسوة تجاه المهاجرين الذي يختارون لبنان لبدء رحلتهم، قسوة باتت تنتهجها كلّ حكومات الدول التي يمر بها هؤلاء ويذهبون إليها. كذلك، تتوجه ألمانيا الى فرض ضوابط أكثر صرامة لدخول المهاجرين غير الشرعيين بالتعاون مع تشيكيا وبولندا. تشكل هذه التحركات التي تنحوها غالبية الدول التي تستقبل اللاجئين، إلى تغيير سيزيد من معاناة الآلاف حول العالم، المنتظرين في دول العبور وعلى حدود بلاد اللجوء.

مع انعدام الجهود لحل أسباب الأزمات التي دفعت الى الهجرة واللجوء، هناك أشبه بتعاون حكومي للتضييق أكثر على المهاجرين غير الشرعيين بدلاً من حل أسباب هروبهم.

  يبدو أن الإجراءات التي اقترحها الجانب القبرصي، هي عرض مستميت لتقديم كل الوسائل الممكنة للبنان للحد من تدفق اللاجئين، إذ عرض الوزير القبرصي التبرع بستة قوارب سريعة تم شراؤها مسبقاً، منها اثنان بطول 12 متراً وبسرعة 12 عقدة، ومن المتوقع تسليمها في نهاية عام 2023، وأربعة قوارب بسرعة 30 عقدة، يُتوقع تسليمها بحلول نهاية عام 2024، بالإضافة إلى تدريب ثمانية أفراد من الجيش اللبناني في مجالات مراقبة وعمليات الإنقاذ، وستغطي قبرص جميع التكاليف.

الاستماتة القبرصية في صد الهجرة غير الشرعية تتجلى بوضوح في الإجراءات المقترحة التي تتضمن تقديم دعم فني من خبراء قبارصة في المسائل البحرية، مثل إصلاح وتجهيز المحركات على القوارب اللبنانية المستخدمة للإتجار بالبشر. ويمكن تنفيذ هذه الخدمات إما من خلال زيارة وفد قبرصي أو إرسال بعثة لبنانية للإقامة في قبرص. كما أبدت الأخيرة رغبتها في دفع أجور 10 أفراد من القوات المسلحة اللبنانية، يساهمون بنشاط في اعترض القوارب التي تنقل المهاجرين غير الشرعيين إلى قبرص.

الهجرة غير الشرعية ليست خياراً يتّخذه الإنسان بإرادته. فاللاجئون من حول العالم هم ضحايا عسف السياسة وديكتاتورية الأنظمة والأزمات الاقتصادية وحتى المناخية.

ألمانيا على طريق فرض ضوابط على حدودها

لم يظهر الى الآن الرد اللبناني على هذه المقترحات، فالبلد الصغير الذي يعاني أصلاً من مشاكل اقتصادية وفراغ سياسي، ليس مستعداً لازدياد أعداد المهاجرين الذين سيفشلون في المغادرة في ما لو نجحت خطة قبرص، وسط توجهٍ حكومي الى تصعيد التضييق وترحيل اللاجئين، ما يعني تعرض المزيد من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين لخطر الترحيل إلى سوريا، البلد غير الآمن لا سياسياً ولا اقتصادياً، وهو الأمر الذي تتجاهله قيادات دول مثل لبنان وتركيا.

في هذا السياق، أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، يوم 27 أيلول/ سبتمبر، أن بلادها ستفرض ضوابط جديدة هذا الأسبوع على الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك، بعد ارتفاع طلبات اللجوء. وستركز الإجراءات الجديدة على مهربي البشر الذين سهلوا مرور ربع المهاجرين الذين يدخلون ألمانيا. ويبدو أن إعلان فيزر موجه إلى مهربي البشر، لكن الواقع يقول إن هذه التحركات ستؤثر بشكل أساسي على المهاجرين وفرص دخولهم إلى بلاد اللجوء. وفيما يكمن الحل الأفضل في إيجاد حلول للأزمات العالمية والتركيز أكثر على إحلال السلام حول العالم، يبدو أن بعض الدول تتوجّه الى حماية نفسها والتركيز على طرق تخفف أعباء اللاجئين عنها، بغض النظر عن النتائج الإنسانية الكارثية على الفئات الأكثر ضعفاً.

في ألمانيا التي تستقبل أكبر عدد لاجئين سوريين في العالم، أظهرت بيانات الشرطة الألمانية في شهر آب/ أغسطس، أن عدد المعابر الحدودية غير القانونية المسجلة في ألمانيا وصلت إلى 14701 بزيادة 66 في المئة عن الشهر نفسه من العام الماضي.

لن ينتهي اللجوء حتى تختفي أسبابه

لا يمكن إنكار أن جميع الأطراف متعبة، لكن العبء الأكبر اليوم هو على اللاجئين، إذ تلقي أزمة اللجوء بثقلها على دول مثل تركيا التي تستقبل أكبر عدد لاجئين في العالم، ولبنان الذي يحتل المركز الأول كأكبر نسبة لاجئين مقابل الفرد الواحد. لكن لن يتوقع، في القريب، تغير في أعداد اللاجئين مع اندلاع المزيد من الحروب في السودان وأذربيجان، وزيادة تقييد الحريات في دول مثل إيران، بالإضافة إلى التغيير المناخي الذي يزيد من الجوع والعطش حول العالم ويتسبب بكوارث تدفع الناس إلى البحث عن بلدان جديدة للعيش.

تأتي هذه الخطوات بينما يتجه العالم الى مزيد من موجات اللجوء، وسط الانهيار الذي يعصف بدول العالم الثالث المشتعل بالحروب والمجاعات والأزمات، من دون أن ننسى أن التغير المناخي ساهم كذلك في موجات اللجوء، إذ ارتفعت طلبات اللجوء إلى ألمانيا للمرة الأولى بنسبة 78 في المئة في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، وجاء أكثر من ثلثي اللاجئين (69 بالمائة) من خمسة بلدان فقط، وهي: سوريا (6.8 مليون)، فنزويلا (4.6 مليون)، أفغانستان (2.7 مليون)، جنوب السودان (2.4 مليون) وميانمار (1.2 مليون). وفي نهاية عام 2022، كان عدد النازحين قسراً حول العالم 108.4 مليون شخص، وشكّل عدد طالبي اللجوء في عام 2022 رقماً قياسياً، بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، بارتفاع نسبته 23 بالمئة مقارنة مع العام 2021.

لن تنتهي أزمة اللجوء في العالم بالقريب العاجل، فالواضح أن العالم يتّجه إلى مزيد من التعقيدات المتعلقة بالهجرة غير الشرعية، في ظل غياب نية عالمية حقيقية لإحلال السلام، الذي يعدّ الحل الأول للحدّ من الهجرة غير الشرعية.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.