fbpx

تركيا أردوغان تشن حرباً خطرة على جبهات متعددة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

دون أي تهكم، وصفت تركيا الهجوم العسكري الذي تشنه عبر حدودها الجنوبية مع سوريا بعملية “غصن الزيتون”، وهو ليس اسماً مناسباً تماماً، نظراً لطبيعته الدموية والفوضى الجيوسياسية واسعة النطاق التي تسببت بها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

دون أي تهكم، وصفت تركيا الهجوم العسكري الذي تشنه عبر حدودها الجنوبية مع سوريا بعملية “غصن الزيتون”، وهو ليس اسماً مناسباً تماماً، نظراً لطبيعته الدموية والفوضى الجيوسياسية واسعة النطاق التي تسببت بها.
ومنذ 20 يناير/كانون الثاني الماضي، دخلت القوات التركية والميليشيات التي تدعمها تركيا في معارك مع أكراد سوريين يسيطرون على منطقة تُسمى عفرين، شمال غرب مدينة حلب السورية. وتقول السلطات التركية إنها تقاتل عناصر هي امتداد لحزب العمال الكردستاني – جماعة انفصالية كردية عنيفة في تركيا، تعتبرها أنقرة وواشنطن منظمة إرهابية.
تفيد التقارير بأن الضربات الجوية والمدفعية التركية دمرت القرى وقتلت المدنيين هناك، إلى جانب قتل عشرات المقاتلين الأكراد السوريين. وتنتشر عبر الإنترنت صور التدمير الذي أحدثته إحدى الغارات الجوية التركية على مجمع معابد قديم يعود تاريخه إلى الألفية الأولى قبل الميلاد.
وقد أعلن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى نهاية الاسبوع “خطوة بخطوة، سنطهر حدودنا بالكامل”، ولكن العملية أحدثت فوضى دولية.
جاءت هذه الحملة التركية بعد إعلان ريكس تيلرسون وزير الخارجية أن الولايات المتحدة ستلتزم بوجود قوات مفتوحة في سوريا، وستؤيد إقامة قوة حدودية دائمة يهيمن عليها الاكراد في شمال شرق سوريا. (وصف المسؤولون الأتراك هذه القوة بالكيان “الإرهابي”). وقد اعتمدت إدارتي أوباما  وترامب بشكل كبير على الفصائل الكردية السورية في شن الحرب البرية ضد الدولة الإسلامية، على الرغم من الاعتراضات التركية.
وبينما تقول واشنطن إنها لا تدعم الفصائل الكردية في عفرين، فهي متورطة أكثر ناحية الشرق، حيث ساعدت في تسليح وتدريب وحدات كردية سورية هي جزء من ائتلاف يعرف باسم قوات سوريا الديمقراطية، بل وقاتلت معها في بعض الأحيان. وتقوم القوات الخاصة الأمريكية إلى الآن بدوريات فى المناطق المتنازع عليها بشدة فى محاولة منها لمنع قوات سوريا الديمقراطية والقوات المدعومة من تركيا من الاشتباك، ولكن هذه المهمة قد تصير أكثر صعوبة فيما بعد.
كتب أحد الزملاء،” مع تصعيد أردوغان تهديداته بتوسيع نطاق الهجوم التركي إلى مناطق أبعد شرقاً، حيث يحتفظ الجيش الأمريكي بقواته، يلوح في الأفق صراع أكبر” ويضيف، “الهجوم التركي على منبج (بلدة حدودية استراتيجية) سيضع الولايات المتحدة أمام معضلة كبيرة”، إذ سيضطرها إلى الاختيار بين حلفائها على الأرض وشريكها التاريخى في حلف الناتو.
تدهورت العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا خلال الحرب السورية، أردوغان انتابه الغضب من إدارة أوباما لعدم قيامها بما يكفي لتحدي نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بينما تشجع في الوقت نفسه الفصائل الكردية على حدود تركيا. وقد منح وصول ترامب للرئاسة الأمل في إعادة ضبط الأوضاع، ولكن هذا الأمل سرعان ما تلاشى.
المكالمة الهاتفية التي دارت الأسبوع الماضي بين أردوغان وترامب لم تحل شيئاً من الخلافات المتأججة. واعترض المسؤولون الأتراك على قراءة البيت الأبيض للمحادثة، منكرين أن ترامب قد “أعرب عن قلقه” إزاء الحرب الدعائية ضد الولايات المتحدة التي شنتها أنقرة، أو إزاء تصاعد العنف في عفرين.
وفي تركيا، أثار الهجوم موجة جديدة من الشعور القومي. أردوغان الذي قاد ذات مرة انفتاحاً تاريخياً مع الأكراد، الأقلية التركية المقموعة منذ أمد طويل. الآن يقدم نفسه كعدو لا يرحم للانفصالية الكردية، حاشداً الأتراك اليمينيين إلى جانبه. أما وسائل الإعلام المؤيدة لأردوغان فهي تصدر بثاً ثابتاً من النقد لكل من الانفصاليين الأكراد ولمن يفترض أنهم يتحكمون فيهم في الغرب. ومن ناحية اخرى، ضيقت السلطات التركية الخناق على المنشقين أو المعارضين للهجوم العسكرى.
يقول أمبرين زمان من موقع المونيتور الإخباري، “اعتُقل ما لا يقل عن 300 شخص لمنشوراتهم المعارضة لعملية غصن الزيتون على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعتبرها السلطات “دعاية إرهابية”.  كما أمر المدعي العام التركي باعتقال 11 من كبار أعضاء الجمعية الطبية التركية بما فى ذلك رئيسها، بعدما نددت الجمعية بالغارة التي شُنت عبر الحدود ونادت “بالسلام الفوري”.
هذا الأمر يعد آخر الإشارات التي تدل على تعمق استبداد حكم أردوغان، الذي يمتد في الواقع إلى ما وراء الحدود التركية. وكما لاحظ نيت شنكان من مؤسسة دار الحرية (فريدم هاوس)، سعى  المسؤولون الأتراك إلى “تطهير عالمي” مدهش، في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان في عام 2016،  لاغين الآلاف من جوازات السفر التركية، بينما يقومون “باعتقال أو ترحيل أو تسليم مئات المواطنين الأتراك من 16 دولة على الأقل”. ويقبع آلاف الأتراك العاديين في السجن بسبب علاقة غير واضحة بمؤامرة الانقلاب، بما في ذلك شخصيات عديدة من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.
كتب سونر كاغابتاي، من كبار الباحثين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لصحيفة واشنطن بوست “على الرغم من أنه بذل  أفضل ما بوسعه لبناء أغلبية مستقرة تكون أساساً لنظامه الجديد، إلا أن سياساته المتمثلة في شيطنة المعارضة قد خلقت مجتمعاً شديد الاستقطاب. نصف تركيا تمقته ولن تقبل به أبداً قائداً لها”، ويضيف، “ولكن أردوغان فشل في فهم هذه الحقيقة، وصار أكثر استبداداً منذ استفتاء عام 2017 الذي منحه صلاحيات رئاسية شاملة. مسار أردوغان الحالي سيعمق الأزمة التركية، وربما يؤدي الى اندلاع صراع مدني”.
ويقول كاغابتاي إن حلفاء الناتو مثل الولايات المتحدة، بحاجة إلى استعادة أردوغان من الهستيريا التي أصابته من خلال إبطاء دعمهم للأكراد السوريين والانحياز بشكل أكثر وضوحاً للمصالح الجيوسياسية التركية في سوريا، أكثر من الانحياز لمصالح روسيا وإيران.
ولكن هذه العملية ليست سهلة، انتابت نخبة السياسة الخارجية والأمن القومي في واشنطن موجة من الحنق ازاء أردوغان، في  حين يحظى الأكراد بقدر كبير من التعاطف. ويبدو أن إدارة ترامب ليس لديها خيار سوى التعامل مع التناقضات المتنامية التي تكمن وراء سياستها في سوريا.
كتبت نوجين ديريك، قائدة كردية في عفرين، لصحيفة نيويورك تايمز، “نحن نطالب القوى الغربية بالعمل وفقاً لمبادئها، لماذا لا تدينون الاعتداء الصارخ وغير المبرر على الرجال والنساء الذين وقفوا معكم ضد ظلام الدولة الإسلامية؟” وأضافت “الآن هناك شر آخر، وهو أن أردوغان رئيس تركيا التي تدهورت فيها الديمقراطية على نحو متزايد، يهدف إلى تدمير ديمقراطيتنا الوليدة. وهذه المرة، يزعم أنه يتصرف باسمكم”.
*إيشان ثارور.
الموضوع تم اعداده وترجمته عن موقع صحيفة washingtonpost  ولقراءة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي.
[video_player link=””][/video_player]