fbpx

“باسبورات الكاريبي”: كيف استخدم عدد من الخارجين على القانون باسبور دومينيكا للهروب من الجرائم في دولهم؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أشترى ما يقرب من عشرة أشخاص جوازات سفر دومينيكا – مقابل مبالغ مالية تبدأ من 100,000 دولار قبل أن  يهربوا من بلدانهم بسبب تهم وأحكام جنائية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

اشترى ما يقرب من عشرة أشخاص جنسية دومينيكا، ثم فروا من وجه العدالة في بلادهم. 

واحد من هؤلاء العشرة على الأقل استخدم جواز سفر دومينيكا لفتح شركات في المملكة المتحدة في وقت مبكر من العام الماضي.

من بين الفارين من وجه العدالة مشتبهون بالتورط في مخططات بونزي نيجيرية ونافذون من تايوان مطلوبَين بتهم احتيال تجاوزت قيمتها عدة ملايين من الدولارات.

محامية مقيمة في كاليفورنيا حصلت على الجنسية الدومينيكية في نفس الشهر الذي تم فيه اتهامها بـ “احتيال الهجرة بمقياس كبير”.

لارا دعمس، وبرايان فيتزباتريك، وسلمى مهاود، و رنا الصباغ، وويليام كونغ (The Reporter)، ومهتاب ديفسلار (زمانه ميديا)

عام 2012، اتُهم رجل الأعمال معتصم الفاعوري ووالده فايز في الأردن بإساءة استخدام منصبيهما في شركة خدمات مالية، حيث كانا يشغلان مناصب عليا، مما تسبب في خسائر للمستثمرين بعشرات الملايين من الدولارات.

ولكن على الرغم من إدانتهما لاحقاً، انتهى الأمر بأحدهما فقط في السجن. وحتى بعد منعه من السفر أربع مرات، وإصدار 17 مذكرة اعتقال بحقه على مرّ السنين، يبدو أن معتصم تمكن من مغادرة البلاد.

لا يزال  غير واضح كيف أفلت معتصم من قبضة العدالة، أو أين يقيم اليوم. السر هنا في عامل واحد ساعده على التحرك بحرية أكبر وبناء حياة جديدة في الخارج؛ إذ اشترى ووالده جنسية جزيرة دومينيكا في البحر الكاريبي عام 2010.

استمر معتصم باستخدام جواز سفر دومينيكا حيث تُظهر السجلات أنه استخدمه لتسجيل ثلاث شركات في بريطانيا عام 2022.

تسمح جوازات السفر هذه – التي يُحصل عليها مقابل 100 ألف دولار تقريباً أو استثمار عقاري في الجزيرة – بالسفر إلى 130 دولة بدون تأشيرة، أو بتأشيرة تُمنح عند الوصول.

ولم يكن معتصم الشخص الوحيد الذي يحمل هذه الجنسية ومطلوب للعدالة.  فبين عامي 2007 و2022، اشترى جنسية دومينيكا ما لا يقل عن اثني عشر شخصاً – منهم من طاردتهم  السلطات بعد ذلك في بلدانهم الأصلية ، حسبما اكتشف “مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP” وشركاؤه.

على مدار العام الماضي، قامت OCCRP، ومنظمة “مشروع مساءلة الحكومة”، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن العاصمة، بالتعاون مع أكثر من اثني عشر شريكاً إعلامياً من بينهم “درج”، بجمع ومراجعة قائمة الأشخاص الذين اشتروا جنسية دومينيكا، وفحص البيانات ومقارنتها بالوثائق المسربة، وملفات المحكمة، والسجلات التجارية، وغيرها من المعلومات.

معتصم فاعوري من بين الكثيرين الذين لا يزالون مطلوبين للعدالة حتى اليوم أبرزهم: زوجان تايوانيان حصلا على جوازات سفر دومينيكا أثناء قيامهما بعملية احتيال بملايين الدولارات، واثنان من المتآمرين النيجيريين المزعومين، ومحامية هجرة مقيمة في كاليفورنيا اتُهمت – في الشهر نفسه الذي حصلت فيه على الجنسية – بالقيام بعملية “احتيال على نطاق واسع فيما يتعلق بشؤون الهجرة”. 

وفي إحدى الحالات، تمكن تاجر نفط إيراني من الاختلاط علناً بالنخبة السياسية في الجزيرة قبل أن تسحب منه جنسية دومينيكا بعد إدانته بتهمة الاختلاس.

وفي خطابه إلى الأمة هذا العام، قال رئيس وزراء دومينيكا روزفلت سكريت إن نظام التدقيق المتبع للحصول على جنسية  دومينيكا “متعدد الطبقات وتشرف عليه وكالات العناية الواجبة ذات التصنيف العالي، ومقرها في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية”.

وأضاف: “لقد أخذت دومينيكا زمام المبادرة في هذه المنطقة سعياً إلى تنسيق إقليمي بشأن برامج منح المواطنة مقابل  الاستثمار وفي مناقشة سبل حماية جميع هذه البرامج”.

لكن الخبراء يقولون إن جوازات السفر مثل تلك التي تبيعها دومينيكا يمكن أن تكون فرصة جذابة للهاربين من وجه العدالة الذين يتطلعون إلى إعادة توطين أنفسهم في ولايات قضائية بعيدة عن أيدي السلطات في وطنهم.

وقالت إيكا روستوماشفيلي من منظمة الشفافية الدولية: “إذا كنتَ مسؤولاً حكومياً يختلس الأموال العامة أو رجل أعمال يعقد صفقات مشبوهة؛ فمن المحتمل أن تشعر بالقلق بشأن الملاحقة القضائية في المستقبل”.

وتابعت روستوماشفيلي: “وعندما تتعقد الأمور، فإن جواز السفر الذهبي الموجود في جيبك الخلفي يسمح لك بالفرار خارج المدينة؛ وهنا تكون الجنسية الجديدة – وربما الهوية الجديدة – مفيدة إذا كنت تريد التهرب من جهد إنفاذ القانون والملاحقة القضائية”.

لم يستجب المسؤولون في دومينيكا الذين تواصل معهم OCCRP لطلبات التعليق على برنامج المواطنة عن طريق الاستثمار. ورفض  الناشطون المحليون في دومينيكا التحدث علناً الى OCCRP  مشيرين إلى مخاوف من الانتقام المحتمل.

أشترى ما يقرب من عشرة أشخاص جوازات سفر دومينيكا – مقابل مبالغ مالية تبدأ من 100,000 دولار قبل أن  يهربوا من بلدانهم بسبب تهم وأحكام جنائية.

هويات الفارّين من العدالة

فيما يلي قائمة بأسماء حاملي جوازات سفر دومينيكا المطلوبين حالياً، أو الذين كانت تلاحقهم السلطات في السابق.

جلوري أوسيديبامي وموييوا تشارلز فولورونسو: 

رجلا أعمال نيجيريان حصلا على باسبور دومينيكا في عام 2017. وفي 2021، وزعت شرطة لاغوس نشرات تطالب بالقبض عليهما بتهمة الاحتيال على المستثمرين بما يصل إلى مليار نايرا – حوالي 1.3 مليون دولار بأسعار اليوم – من خلال مخططات “بونزي”، حيث تقدم استثمارات في الشركات الناشئة في مجالات مثل تربية الخنازير. 

واستشهدت مذكرات الاعتقال بتهم الحصول على أموال بذرائع كاذبة والسرقة. ولا يزال الاثنان مطلوبين للشرطة النيجيرية، التي أخبرت  OCCRP أنها تسعى للحصول على نشرة حمراء من الإنتربول لاعتقالهما. ومن جانبهما، لم يستجب الشريكان لطلبات التعليق.

مهدي إبراهيمي عشرت آبادي: 

بجانب نشرةٍ حمراء من الإنتربول صدرت في عام 2020، فإن عشرت آبادي مطلوب في إيران بتهمة الاحتيال. حصل عشرت آبادي على جواز سفر من دومينيكا عام 2015، كما حصل على جواز سفر قبرصي تحت اسم “توني نيومان”. وهو مطلوب حالياً في إيران لمواجهة التهم في المحكمة. قال محامي عشرت آبادي، الذي تواصل معه مشروع OCCRP إن موكله نفى ارتكاب أي مخالفات وأنه يدحض هذه الاتهامات. وقال المحامي إن عشرت آبادي حصل على جواز سفر دومينيكا وغير اسمه بشكل قانوني “قبل سنوات من توجيه أي مزاعم ضده من قِبل النظام الإيراني”. وأما عن قبرص، فقال إنه “في الوقت الذي تقدم فيه بطلب للحصول على الجنسية القبرصية، لم تكن هناك قضايا أو ادعاءات جنائية معلقة” ضده. ولم يسحب منه جواز سفره القبرصي 

براتيك فيجاي غوبتا: في العام الماضي،  سعت السلطات الهندية إلى إلقاء القبض  على الهندي غوبتا بعد أن اتهمه مكتب التحقيقات المركزي  باختلاس مئات الملايين من الدولارات بشكل غير قانوني من القروض التي قدمتها البنوك التي تديرها الدولة. حصل براتيك على جواز سفر دومينيكا في عام 2018، ولا تزال القضية مستمرة. ولم يتم تحديد مكان وجوده الحالي، كما لم يستجب محامي غوبتا لطلبات التعليق.

أمان لوهيا: 

نجل رجل أعمال هندي، حصل على جواز سفر دومينيكا في عام 2018. وفي العام نفسه، هرب إلى دبي مع ابنته الصغيرة – التي كانت تحمل أيضاً جواز سفر دومينيكا – وسط معركة حضانة مع زوجته في ساحات المحاكم. أُعيد لوهيا وابنته إلى الهند في عام 2020 بعد إصدار نشرة حمراء من الإنتربول ضده. لم يستجب محامي لوهيا لطلبات التعليق، ولم ترد السلطات الهندية على أسئلة حول الوضع الحالي للقضية تتعلق بالخطف.

بريتي شاندرا: 

زوجة سنجاي شاندرا، وهو مسوِّق عقاري هندي أُدين العام الماضي بتهمة غسيل الأموال ويقضي حالياً عقوبة السجن في الهند. أدانت محكمة ابتدائية بريتي في القضية نفسها لمساعدتها في نقل أموال زوجها إلى الخارج. (ثم استأنفت ضد الحكم أمام أعلى محكمة في البلاد وقد أُفرج عنها حالياً بكفالة). وفي مارس/آذار 2021، تم القبض عليها أثناء محاولتها استخدام جواز سفر دومينيكا الخاص بها – الذي حصلت عليه في عام 2009 – لمغادرة البلاد، حسبما سجّله المحققون الهنود ضمن الملفات المتعلقة بالقضية في المحكمة. ولم يستجب الاثنان لطلبات التعليق.

رومان فيكتوروفيتش فاسيلينكو: حصل على جواز سفر دومينيكا في عام 2018، وهو مطلوب في روسيا منذ عام 2022 على الأقل. ووصفته صحيفة “كوميرسنت” الروسية بـ مؤسس   شركة “بيست واي|Best Way”، وهي جمعية تعاونية استهلاكية. وذكرت الصحيفة أنه تم احتجاز مديرين آخرين لشركة “بيست واي” – ولكن ليس فاسيلينكو – بسبب الاحتيال المزعوم على المستثمرين. وجاء في  إشعار نشر على موقع حكومي رسمي أن فاسيلينكو مطلوب  بموجب القانون الجنائي الروسي دون تحديد التهم الموجهة اليه.

“فرص تتجاوز الحدود”

على موقع المواطنة عن طريق الاستثمار في دومينيكا، يقول سكريت إن الجزيرة تدعو “الأفراد والعائلات من جميع أنحاء العالم للاستثمار في بلدنا”. وفي مقابل ذلك : “نعدهم بمنحهم جنسية دومينيكا؛ وهي جنسية تفتح لهم عدداً لا يحصى من الفرص التي تتجاوز الحدود”.

وكما هو الحال مع رجل الأعمال الأردني معتصم الفاعوري، يمكن لجواز سفر دومينيكا أن يوفر أيضاً فرصاً للمجرمين المدانين ليمارسوا أعمالهم خارج نطاق السلطات في بلدانهم الأصلية.

أجري تحقيقٌ مع عائلة الفاعوري لأول مرة من طرف هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في الأردن في عام 2011 قبل أن يتم القبض عليهم في العام التالي. ووُجهت إليهم تهمة إساءة استخدام المنصب في شركة أموال “إنفست”، وهي شركة خدمات مالية كان والده فايز  رئيسها وكان معتصم مديرها التنفيذي. ونقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس هيئة الأوراق المالية الأردنية قوله إن خسائر الشركة بلغت نحو 60 مليون دينار أردني (84.5 مليون دولار).

وقال ناطق باسم الهيئة ل OCCRP ان هذه القضية كانت من بين الملفات الأكبر التي حققت بها الهيئة وقتئذ قبل أن تحول القضية الى المحكمة. 

وبعد سنوات من الاستئناف، أصدرت المحكمة حكماً في مايو/أيار من هذا العام على فايز بالسجن 10 سنوات وتغريمه 46 مليون دينار، وعلى معتصم بالسجن 12 عاماً وتغريمه 49 مليون دينار.

بحلول ذلك الوقت، كان معتصم قد توارى  عن الأنظار ؛ ومن غير المعروف كيف أفلت من السلطات. لكن مصدراً رسمياً فضّل عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث الى الصحفيين قال، إن الاعتقاد السائد هو أنه تم تهريب معتصم برّاً عبر الحدود مع سوريا ومنها للبنان قبل ان يغادر الى وجهة غير معلومة تاركاً وراءه والده الذي يقبع في السجن. 

تظهر حيثيات حكم أصدرته محكمة التمييز الاردنية بصفتها الجزائية عام 2021 أحد الطرق التي أتبعها معتصم للتواري عن الأنظار. حكمت المحكمة بتهمة الرشوة على مرتب “مبرمج” من التنفيذ القضائي/قسم متابعة المطلوبين بالحبس لمدة عام ونصف (أشغال شاقة) قيمة 1500 دينار أردني بحسب ما تثبت أوراق القضية. وجدت المحكمة أن المرتب المبرمج “قام بالاتفاق مع معتصم بإخباره بالمداهمات الأمنية التي سوف تتم عليه وكيفية تعقبه على جهاز التعقب وعدم القاء القبض عليه وهو يعلم أنه مطلوب لقاء 300 دينار تقدر بخمس مرات من المدعو معتصم”. 

ولم يواجه معتصم اتهامات في القضية.

الدليل الوحيد الذي يمكن أن يجده الصحفيون عن مكان وجود معتصم الحالي ظهر في السجل التجاري في المملكة المتحدة، حيث قام بتأسيس ثلاث شركات في أواخر العام الماضي: في كل منها، أدرج جنسيته على أنه من دومينيكا، و”بلد إقامته” هي الإمارات العربية المتحدة.

ولم يستجب الفاعوري لطلبات التعليق.

في يوليو/تموز من هذا العام دفعت المخاوف بشأن مدى دقة عمليات التدقيق التي تقوم بها دومينيكا على الأشخاص الذين يشترون جوازات سفرها المملكة المتحدة إلى إلغاء إعفاء دخول مواطني دومينيكا من التأشيرة. 

وصرحت وزارة الداخلية ل OCCRP أن مخاوفها تضمنت ضعف عمليات العناية الواجبة على المتقدمين للحصول على الجواز، والسماح للمواطنين الجدد بتغيير اسمائهم في الوثائق الدومنيكية الجديدة الخاصة بهم، وعدم وجود شرط يتعلق بإقامة مقدمي الطلبات في دومينيكا.

قالت روستوماشفيلي إنه “لا يخفى” إن إمكانية الدخول دون تأشيرة إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة كانت نقطة جذب رئيسية لبرامج منح الجنسية عن طريق الاستثمار في منطقة الكاريبي.

وأضافت “من المشروع لأي بلد أن يسهل على المستثمرين الأجانب الإقامة وممارسة الأعمال التجارية فيها. ولكن برامج الجوازات الذهبية لا تتعلق بالاستثمار، وهي أيضاً لا تتعلق بالهجرة”.

وأشارت إلى أن “الحكومات التي تدير مثل هذه البرامج لا تقوم بفحص المتقدمين بشكل مناسب أو تطرح أسئلة كافية حول مصدر الأموال المستثمرة”.

دوائر السلطة

في قضية بارزة واحدة على الأقل، انتهى المطاف ببائع النفط الإيراني على رضا منفرد كمطلوب وتم اعتقاله في بلاده بعد أن أشترى الجنسية الدومينيكية، ما سهل له الانضمام  الى دوائر السلطة في الدولة الجزرية.

بعد أن فرضت الأمم المتحدة عقوبات على قطاعي النفط والمصارف الإيرانيين في يونيو/حزيران 2010، سعى منفرد بسرعة لتجاوز القيود وبيع ملايين البراميل من النفط الإيراني المحظور سراً نيابة عن الحكومة.

وفي الوقت نفسه، زعم أنه اختلس ملايين الدولارات من عوائد المبيعات من أموال الدولة الإيرانية قبل مغادرته البلاد بحسب ما أدين به لاحقا. بحلول عام 2014، أفادت التقارير أن منفرد يتنقل بين ماليزيا وإسبانيا، وبحلول أغسطس/آب كان قد وصل إلى دومينيكا، حيث حصل هو وعائلته على الجنسية من خلال برنامج المواطنة عن طريق الاستثمار الذي اطلق في العام 2009. (وردت قضيته للمرة الأولي موقع شبكة الجزيرة الإعلامية عام 2019 وحصلت OCCRP على الوثائق الأصلية وتأكدت من صحتها).

في دومينيكا، قام منفرد بتسجيل ثلاث شركات، بما في ذلك شركة لتأجير السيارات. وعاد إلى ماليزيا في سبتمبر/أيلول 2014، واستخدم جواز سفره الدومينيكي لتسجيل شركة “My Dominica Trade House”، وهي الشركة التي سوقت لبرامج منح الجنسية للدولة الكاريبية في ماليزيا.

كانت السرية من أهم نقاط ترويج عمل هذه الشركة، وقد وعد الموقع الإلكتروني للشركة بأنه لن تُرسل “أي معلومات” للحصول على هذه الجنسية إلى بلد الجنسية أو الإقامة الحالي للمتقدمين.

في ماليزيا، نظم منفرد اجتماعات فخمة لمسؤولين كبار من دومينيكا في منزل عائلته، الذي أطلق عليه اسم “بيت بيهانز الأبيض” تكريماً لزوجته بحسب صور عرضت على مواقع التواصل الاجتماعي وما أكدته مدبرة المنزل السابقة لـOCCRP. 

وقالت إن منفرد كان يستضيف في كثير من الأحيان شخصيات مهمة من الخارج، بما في ذلك رئيس وزراء دومينيكا روزفلت سكريت.

في مارس/آذار 2015، منحت السلطات الدومنيكية منفرد جواز سفر دبلوماسي، والذي من الناحية النظرية يمنحه الحصانة من الملاحقة القضائية عندما يسافر به.  وقد ألغت السلطات الدومنيكية هذا الجواز عام 2016.

استعادت  السلطات الإيرانية منفرد في دومينيكا في العام 2017 حيث كان يتلقى العلاج هناك بحسب ابنه، مهدي منفرد. وفي العام التالي، حُكم على والده  بالسجن لمدة طويلة. ولم تتمكن OCCRP من الحصول على تأكيد بأن منفرد لا يزال يُنفذ الحكم الصادر بحقه.

بيد أن الصحفيين اكتشفوا أن ابنه يسير على خطى والده. فقد استخدم جنسيته الدومنيكية وأسس شركة في تركيا في يونيو/حزيران 2022 لبيع جوازات سفر لمجموعة متنوعة من الدول الكاريبية، بما في ذلك دومينيكا.

ورداً على الأسئلة، قال ابنه مهدي منفرد، إن الأسرة “سعت للحصول على الجنسية الدومنيكية في المقام الأول لاستكشاف فرص الأعمال التجارية في منطقة الكاريبي”.

وقال أن والده، “لم يكن متورطاً في البيع المباشر للنفط الإيراني الخاضع للعقوبات أو الاختلاس المزعوم للعائدات. ولم يكن دوره يتعلق بالمبيعات بل بتقديم خدمات للشركات العاملة ضمن قطاع   صناعة النفط”.

وقال إن علاقة والده الوثيقة بمسؤولين حكوميين في دومينيكا كانت نتيجة “طبيعية” لخبرته في مجال الأعمال وأن والده استقال من منصبه الدبلوماسي بمجرد أن أدرك أن ثمة قضية قد تفتح ضده في أيران.

وأضاف، “من الضروري توضيح أن والدي لم يكن متورطاً في أي جهود للتهرب أو الاختباء من السلطات أثناء فترة عمله كدبلوماسي أو في أي واقعة أخرى”.

بالنسبة لشركة جوازات السفر الخاصة به، التي تحمل اسم “B Global Group”، فقال نجل منفرد، إنها تعمل كوكيل ترويج وتسويق لبرامج المواطنة، بما في ذلك دومينيكا، مؤكداً أنها تعمل “في امتثال صارم للقوانين واللوائح التي تحكم الترويج لهذه البرامج”.

ذهب الحمقى

في تايوان، أصبح باي هونغ وانغ مشهوراً من خلال عقد محاضرات عامة حول تقنيات الاستثمار في العقارات غير التقليدية. وبين عامي 2013 و2016، أسس شركات نظمت دورات لتعليم هذه التقنيات والاستثمار فيها مقابل  دفع رسوم الالتحاق بالدورات. في عام 2019، مثلت اثنتان من هذه الشركات أمام المحكمة في قضية جنائية، اتُهم فيها وانغ وزوجته بالاحتيال. (لم يتم محاكمتهما بعد وهما الآن مطلوبان من قِبل السلطات مع انه تم إصدار الأحكام على الشركتين وموظفيها.)

في عام 2016، بعد جذب الآلاف من الطلاب إلى هذه الدورات في مجال العقارات، بدأ وانغ بإخبار طلابه بخطة عمل لطحن الذهب إلى مسحوق لنقله إلى الهند واليابان حيث يمكن بيعه وتحقيق أرباح، وفقاً للحكم الصادر ضد المتهمين الآخرين في القضية. وعد وانغ وموظفوه المستثمرين بعائد يتراوح بين 20 و36 في المئة سنوياً، بحسب  المبلغ الذي يستثمرونه.

قال لين يوفو، أحد طلاب وانغ السابقين، لصحيفة “ذا ريبورتر”، وهي إحدى شركاء OCCRP إن وانغ أخبرهم أيضاً “بأسرار صادمة في جميع المجالات المالية، مثل مكان شراء أرخص حقيبة لويس فويتون، وكيفية شراء الأسهم”.

وقال يوفو إن وانغ شجع الطلاب على الحصول على قروض من البنوك بغض النظر عن مدى سوء وضعهم المالي. وأضاف “كان الأمر بغاية السوء لأنني رأيت كيف حصل الطلاب من حولي على قروض ضخمة”.

على الرغم من أن يوفو نفسه لم يأخذ قرضاً – الأمر الذي وصفه بأنه كان سيكون “كارثة” – فقد اقتنع باستثمار ثروته بالكامل التي تقدر بنحو 120,000 دولار تايواني جديد (حوالي 3700 دولار) في إحدى خطط وانغ الاستثمارية الصغيرة. وفي النهاية، قال إنه لم يحصل على أي مقابل. 

وقال لي بينغكي، المدعي العام المسؤول عن القضية، لصحيفة “ذا ريبورتر” إن وانغ وظف الطلاب أيضاً كمساعدين للاتصال بالمستثمرين المحتملين، وتوقيع عقود معهم، وتقديم حسابات لجمع الأموال التي انتهى بها المطاف في حساب وانغ.

وأضاف، “عندما يقع الطلاب المهتمون بجني المال السريع في الفخ، من سيساعدهم على الاستثمار؟ إنه أيضاً باي هونغ وانغ” بحسب ما قال. 

بعد جمعهما لما يقرب من مليار دولار تايواني من الاستثمارات (ما يزيد عن 32 مليون دولار أميركي آنذاك)، غادر وانغ وزوجته تشينغ يي هسيه تايوان في أبريل/نيسان 2019.

وقبل ذلك بعامين تقريباً، وفي الوقت نفسه الذي كانا يقومان فيه بمزاعم ارتكاب عملية الاحتيال، حصل كل من وانغ وزوجته على الجنسية الدومنيكية، حسب ما اكتشفته OCCRP وشركاؤها. (ليس من الواضح ما إذا كانا قد استخدما جوازات السفر للسفر بعد توجيه اتهامات الاحتيال إليهما أم لا).

وقد مثل 16 موظفاً متهمين بمساعدة الزوجين أمام محكمة مقاطعة تايبيه الجديدة في تايوان في يونيو/حزيران 2021؛ وتمت تبرئة ثلاثة فقط. وتم تغريم شركتين من شركات وانغ 20 مليون دولار تايواني جديد (600,000 دولار) لكل منهما. ولا تظهر قيود المحاكم قيام المدانين بتقديم أية طلبات استئناف .

وانغ وزوجته مطلوبان حالياً في تايوان، ولم يتمكن الصحفيون من تأكيد مكان وجودهما الحالي، ولم يتسن الوصول إلى أي منهما للتعليق.

شراء جوازات سفر وهويات مسروقة

في نفس الوقت تقريباً، وعلى  الجانب الآخر من العالم في كاليفورنيا، كانت محامية الهجرة دانهونغ تشين تعتزم على ما يبدو إعداد استثمارات وهمية خاصة بها.

في عام 2019، اتهمت وزارة العدل الأميركية تشين وزوجها السابق الان بارتكاب “عملية احتيال واسعة النطاق في مجال الهجرة”، ووجهت إليهما اتهامات بالاحتيال في التأشيرات وسرقة الهويات وعرقلة سير العدالة. تستند التهم إلى شكوى مدنية تقدمت بها هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

ما زالت القضية قائمة حتى الآن، لم تستجب تشين لطلبات التعليق، لكنها مطلوبة حالياً من قبل السلطات.

في الشهر نفسه، وفي الوقت نفسه تقريباً الذي قدمت فيه هيئة الأوراق المالية والبورصات شكوى ضدها، أصبحت تشين مواطنة دومينيكا، كما ورد في ملفات المحكمة من مكتب النائب العام لمقاطعة شمال كاليفورنيا.

وادعت لائحة الاتهام المكونة من 14 تهمة أن الزوجين استخدما أساليب احتيالية للحصول على مزايا الهجرة لأكثر من 100 مستثمر فيما يسمى ببرنامج تأشيرة EB-5 الأميركي المعروف باسم “برنامج المهاجر المستثمر”.

يتيح البرنامج للمستثمرين وأزواجهم وأطفالهم الحصول على بطاقات الإقامة الدائمة في أمريكا أو ما يعرف بـ”البطاقات الخضراء” إذا استثمروا في عمل يوفر 10 وظائف بدوام كامل للعمال الأميركيين. بموجب اللوائح، يمكن لرواد الأعمال إنشاء مراكز إقليمية للترويج لفرص الاستثمار لمقدمي طلبات تأشيرة EB-5.

ذكرت لائحة الاتهام أن تشين وزوجها اللذين استثمر عملاؤهما ما يقدر بنحو 52 مليون دولار في مشاريع مؤهلة للحصول على تأشيرة EB-5 استخدما وثائق مزيفة للحصول بشكل غير مشروع من خلال إحدى هذه المراكز التي يمتلكونها سراً، والتي تعرف باسم “غولدن ستيت”.

وأفادت لائحة الاتهام بأن الزوجين اِشتريا “غولدن ستايت” في عام 2014 ونقلا ملكيتها على الفور إلى مشتريةٍ وهمية لم تكن تعلم أنها تمتلكها.

باستخدام توقيعات مزيفة من المالك الوهمي، قامت تشين وزوجها بتقديم أوراق إلى هيئة الهجرة الأميركية طلبا فيها أن يستمروا في الاعتراف بـ “غولدن ستايت” كمركز ترويج لبرنامج تأشيرة EB-5. وصرحت هيئة الأوراق المالية والبورصات في بيان أنهما كذبا أيضاً بشأن تورطهما مع كلا الطرفين في الاتفاق، وكيفية استخدام أموال المستثمرين.

وقالت  هيئة الأوراق المالية والبورصات أنهما تمكنا من الحصول على أكثر من 10 ملايين دولار على شكل  “عمولات غير معلنة” من بيع ضمانات الحصول على تأشيرة EB-5 لعملاء تشين.

وأشارت هيئة الأوراق المالية والبورصات في شكواها إلى أن الزوجين نفذا بعد ذلك “عملية تغطية” تضمنت، من بين أمور أخرى، رفض تقديم المستندات، وفبركة أدلة البراءة، وتدمير سجلات إضافية في محاولة للتعتيم على تورطهما في عمليات الاحتيال”.

 وفور تقديم هيئة الأوراق المالية والبورصات شكواها، غادرت تشين الولايات المتحدة. وقالت وزارة العدل الامريكية لـ OCCRP أن تشين لازالت هاربة من وجه العدالة حتى يومنا هذا. وتعتقد السلطات أنها قد تكون تحمل الاسم المستعار “ماريا صوفيا تايلور”.

شارك في التغطية يان يان و شاراد ايفاس

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.