fbpx

ترحيل سكان غزة… على حواف نبوءة “الترانسفير” 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يمكن أن ينطبق ما تشهده غزّة على تعريف محكمة الجنايات الدوليّة لـ”الترحيل الإجباري-forced relocation”، وهو نقل/ ترحيل المواطنين المدنيين من مكان الى آخر كجزء من هجوم منظم ضد هؤلاء المواطنين، وهي جريمة ضد الإنسانية”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“نزح مليون فلسطيني منذ بداية الحرب على غزة”، بهذه العبارة وصفت الأمم المتحدة نتيجة القصف الإسرائيلي على غزة وطلب إخلاء شمال القطاع. يمكن  القول إن هذه أولى النتائج الاستراتيجيّة لعملية “السيف الحديدي” التي أطلقتها إسرائيل، للرد على “طوفان الأقصى”، فإلى جانب القصف الانتقاميّ  (الذي وصلت شدته إلى “ربع قنبلة نووية،” حسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان) دفعت أوامر إخلاء القسم الشمالي من القطاع والاتجاه جنوباً، آلاف العائلات الى ترك بيوتها أو اللجوء في مدارس الأونروا خوفاً من القصف.

يمكن أن ينطبق ما تشهده غزّة على تعريف محكمة الجنايات الدوليّة لـ”الترحيل الإجباري-forced relocation”، وهو نقل/ ترحيل المواطنين المدنيين من مكان الى آخر كجزء من هجوم منظم ضد هؤلاء المواطنين، وهي جريمة ضد الإنسانية”، الشأن الذي سبق وأدانته الأمم المتحدة هذا العام حين رحّل الجيش الإسرائيلي فلسطينيين من القدس الشرقيّة وصادر منازلهم.

تاريخ مختصر لمشروع الـ “ترانسفير”

فكرة الترانسفير، أي ترحيل الفلسطينيين، تعود إلى نهايات القرن التاسع عشر حين طلبت الحركة الصهيونيّة من السلطان عبد الحميد الثاني قطعة أرض في فلسطين ليسكنها اليهود مقابل مبلغ مالي. توالت بعدها الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين، لكنها أخذت شكلاً ملموساً خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين في عام 1922، حينها بدأت البؤر الاستيطانية تضع أسسها على أرض فلسطين وصولاً الى إعلان انتهاء حقبة الانتداب وبداية حقبة الاحتلال. ونتلمّسها بوضوح في كتاب بين هورين “الشرق الأوسط-تقاطع التاريخ” الصادر عام 1943، والذي يتحدث عن العراق بوصفه المكان الأكثر احتمالاً لاستقبال الفلسطينيين، وربما هذا ما حصل عام 1948 في النكبة، و”ترانسفير” الفلسطينيين خارج منازلهم وأرضهم.

الشكل الأكثر راهنية للمشروع نتلمّسه في مقال منشور عام 1988 لإسرائيل إيلات، عضو في جماعة “ليحي-المقاتلون من أجل حرية إسرائيل”، والذي يشير فيه الى استعداده لخوض حرب أهلية في إسرائيل للوقوف بوجه هذه الفكرة الرائجة حينها. وعادت هذه الفكرة على مستوى دولي عام 2017، إذ يذكر أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب السابق، عكفت على إعداد خطة ادعى ترامب أنها النهاية لإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي، لتصدر آنذاك تصريحات دولية وإعلامية عدة تناولت “صفقة القرن”، والتي تلخصت في حل القضية الفلسطينية، وانتشرت نظريات عن منح جزء من سيناء للفلسطينيين، الأمر الذي نفاه مبعوث ترامب للشرق الأوسط حينها، جايسون غرين بلات.

الترحيل و “النموذج السوريّ”

يشهد قطاع غزة دائماً، عمليات نزوح خلال الحرب التي تشنّها القوات الإسرائيلية عليه، لكن أكبرها هو النزوح  الداخلي الحاليّ. يأتي ذلك في ظل حجة “القضاء على البنى التحتيّة” التي تتبناها إسرائيل، والتي شملت قصفاً للمستشفيات وحصاراً، وتهديدات واضحة بعدم بقاء المدنيين في شمال القطاع.

 عملية “التفريغ” هذه لا تتضح في البلاغة الإسرائيلية الرسميّة، إذ تُنشر على صفحات الناطقين باسم الجيش الإسرائيلي تحذيرات بضرورة إخلاء المدنيين حفاظاً على الأرواح، من دون أي  وعد بالعودة. لكن ضباطاً في الجيش الإسرائيلي ومسؤولين يقولونها بوضوح، إن الهدف هو المدنيون أيضاً، وفق ما قال رئيس إسرائيل إسحاق هيرتزل. بصورة ما، الحصار والقصف المستمر، يحولان الأرض إلى مساحة غير صالحة للحياة، وتركها هو سبيل النجاة الوحيد.

سيناريوات الرحيل نحو سيناء وتردد الحديث عن اقتحام عسكري بري للقطاع،  كلها تزيد من دعاية الترهيب، والمفارقة، أن داني عيلون، النائب السابق لوزير الخارجية الإسرائيلي، ضرب مثالاً راهناً عن “الترانسفير” يتمثل بما حصل مع السوريين إثر قصف نظام الأسد، إذ هجّر الآلاف نحو الأردن وجنوب تركيا، وأقيمت لهم “مدن/مخيمات”، ووعد عيلون بمشاركة إسرائيل في بناء هذه المدن المستقبلية إلى جانب الأمم المتحدة وتأمين البنى التحتية فيها.

المقارنة بالنموذج السوري، على تراجيديتها، تعطّل أي فاعلية سياسيّة لأولئك المقيمين في “المدن/ المخيمات”، هم مهجرون يفقدون حقوقهم في سوريا كون نظام الأسد يصادر أموالهم وأرضهم، وبلا وضعية سياسيّة في الأردن أو سوريا، كونهم لا يملكون حقوق المواطنين، وهم ورقة سياسيّة يتم التلاعب بها من دون القدرة على اتخاذ أي قرار يتعلّق بمصيرهم.

هل هي دعوات لـ”تــصفية” القضية الفلسطينية؟

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أكد رفضه عرضاً من الرئيس المصري السابق محمد مرسي بالحصول على قطعة من سيناء لتوطين الفلسطينيين فيها، وقال خلال كلمته أمام المجلس الوطني الفلسطيني في أيار/ مايو 2018، إنه “خلال تولي جماعة الإخوان الحكم في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، عُرض علينا الحصول على قطعة من سيناء ورفضنا”.

الرفض جاء أيضاً من جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي قال بوضوح: “لن نسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى”. وأشارت تقارير إلى تعزيز مصر الحدود مع سيناء لمنع هجرة جماعيّة للفلسطينيين نحوها، خصوصاً أن معبر رفح تعرض مرات عدة للقصف الإسرائيلي، لكن ليس واضحاً إن كان السبب هو منع تدفّق الهاربين أو عرقلة دخول المساعدات.

لا يوجد رادع دولي حالياً يقف بوجه إسرائيل، سوى بعض الأصوات اليسارية في العالم وداخل إسرائيل، في حين أن الانتهاكات الحالية تندرج تحت “الدفاع عن النفس”، وهذا بالضبط ما قد يعنيه تفريغ غزة، تصغير رقعة القطاع والوجود الفلسطيني فيه، وعدم التفرقة بين المدني والمسلح،  وهنا يأتي مفهوم “تصفية القضية الفلسطينيّة”. فموجة التطبيع العربي والتكالب الدولي على الفلسطينيين، وتقليص مساحة القطاع وتهجير أهله، وتبني سردية أن “كل” سكان غزة هم “حماس”، لالايهدد مشروعية الحق الفلسطيني فقط، بل ينفي عن الفلسطينيين أنفسهم حقهم بامتلاك الأرض، أولاً كونهم خارجها، ثانياً بوصفهم “حاضنة إرهابيّة”، ما يحشر مفهوم الحق الفلسطيني من وجهة نظر دوليّة في يد “محور الممانعة- سوريا ، إيران، “حزب الله” و”حماس”- أو أبحاث أكاديمية عن “الحق بنزع الاستعمار”.

تدوير مخططات سابقة!

الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر يبلغ طوله 12 كيلومتراً، وفيه نقطة عبور وحيدة تتمثل في معبر رفح البري، وتعد الرابط الوحيد مع العالم الخارجي بالنسبة إلى 2.3 مليون شخص يقيمون في قطاع غزة المحاصر. هذا إن استثنينا نظام الأنفاق بين غزة ومصر، الذي شرعت السلطات المصرية منذ عام 2013 بتدميره.

الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وأستاذ العبري الحديث في كلية الآداب الإسكندرية، يقول لـ”درج”، إن تهجير السكان من شمال القطاع إلى جنوبه، والحديث عن سيناء كنقطة النزوح، هما بمثابة إعادة تدوير لخطط قديمة تبلورت في ما يسمى صفقة القرن، ويؤكد أن “مصر لن تقبل باستمرار الضغط الأميركي ضمن مبدأ تبادل الأراضي وجعل غزة مشروع غزة الكبرى”.

وأكدت الخارجية المصرية ومسؤولون مصريون رفيعو المستوى رفضهم دفع الفلسطينيين العُزل تجاه الحدود المصرية، وتغذية بعض الأطراف دعوات للنزوح الجماعي، وتأكيد أن “خطورة دعوات النزوح كفيلة بتفريغ القطاع من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية ذاتها، فضلاً عن كون السيادة المصرية ليست مستباحة”.

يستخدم الاحتلال اليوم المياه كنقطة ضغط لصالحه، إذ منع إمداد مناطق الشمال بالمياه، بينما تم إمداد مناطق جنوب القطاع فيها، ما قد يدفع بالباقين نحو اليأس والنزوح الى تلك المناطق. ويبقى السؤال هنا: ما هو الهدف العسكري السياسي من هذه التحذيرات الإسرائيلية للمواطنين العزّل، وهل جنوب وادي غزة هو حقاً الملاذ الآمن لهم؟

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.