fbpx

عمّال غزة الهاربون من السلطتيْن… “نحن أيضاً ضحيّة الحرب” 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 8 تشرين الأول 2023، والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم، احتُجز 4 آلاف عامل غزّوي طُردوا من إسرائيل إلى الضفة الغربية، لتبدأ رحلة معاناتهم، إذ وجدوا أنفسهم عالقين في دائرة يبدو الخروج منها شبه مستحيل. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“صرلي أكثر من أربعة أيام مش قادر أوصل لعيلتي بغزة ومنقطع عنهم، لا عارفين إيش ظروفهم ولا إيش وضعهم… إلهم الله”، هكذا عبّر المواطن الفلسطيني ر.ع (رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية)، عن خوفه على عائلته المكوّنة من خمسة أولاد وزوجته المحتجزين وسط قطاع غزة، إذ لا يملك أي وسيلة تواصل معهم بعدما طردته القوات الإسرائيلية من عمله في إسرائيل، إثر عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، التي تبنّتها حركة “حماس”.

عمال  غزيون عالقون في الضفة الغربيّة

بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على أهالي غزة منذ عام 2007، بعد سيطرة “حماس” على القطاع، اتّجه بعض أهالي القطاع إلى العمل في الداخل، تماماً كما فعل ر.ع منذ سنتيْن، حين قرّر التوجّه إلى المستوطنات الإسرائيلية في منطقة اللدّ، وتحديداً غرب القدس. 

يعمل ر.ع هناك مقابل بدل مادي يومي يقدّر بنحو تسعة دولارات في الساعة. وتختلف الأعمال التي يمارسها، إذ يتنقل كل يوم بين ورشات بناء أو محلات البيع أو المجمعات التجارية وغيرها، على أمل أن تتحسّن أوضاعه المالية والاجتماعية. لكن بما أن عمله غير ثابت، يمكن السلطات الإسرائيلية طرده من العمل في أي لحظة كما فعلت الآن.

مع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 8 تشرين الأول 2023، والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم، احتُجز 4 آلاف عامل غزّوي طُردوا من إسرائيل إلى الضفة الغربية، لتبدأ رحلة معاناتهم، إذ وجدوا أنفسهم عالقين في دائرة يبدو الخروج منها شبه مستحيل. 

تشرح محافِظة رام الله والبيرة ليلى غانم لـ”درج”، أنه في نحو الساعة 11 مساءً يوم 8 تشرين الأول، داهمت السلطات الإسرائيلية مكان عملهم، وأرسلتهم في حافلات إلى الحواجز ونقاط التفتيش القريبة من كل ورشة عمل، مثل جبغ ورنتيس وغيرهما.

ر.ع كان واحداً من الأشخاص الذين دخلوا عبر حاجز رنتيس ومنه وصل إلى رام الله برفقة 10 من زملائه، وهم اليوم يسكنون في غرفة واحدة في رام الله من دون أي دخل مادي، فيما هم مجبرون على دفع بدل إيجار الشقّة.

توزّع العمال الذين طردوا على مناطق متفرّقة من الضفة الغربية، إذ وصل إلى البيرة ورام الله حوالى 1200 عامل، سكنوا بدايةً وبشكل مؤقت في الفنادق بالإضافة إلى “المركزين المؤقتيْن في سرية رام الله الأولى ومجمع رام الله الترويحي”. 

تقول غانم لـ”درج” إنه “وصل إلى أريحا أكثر من 1900 من عمال غزة، ويسكن 600 منهم تقريباً في مركز تدريب شرطي تديره حركة فتح”. فيما رفض جزء منهم التوجه إلى أريحا، والسبب أنه بعد انتهاء الحرب في غزة ستعمل السلطة الفلسطينية على تأمين عودتهم الى محافظتهم الأم، أي غزة، لهذا فإن الذين يرفضون التوجه إلى أريحا لا يتلقون مساعدات من السلطة التي لا تعرف مكانهم أصلاً، وفق ما أفاد أحد العمال لـ”درج”، فهم يفضلون البقاء في الضفة الغربية ليعودوا إلى الداخل والعمل بسبب الأوضاع غير المستقرة في غزة. ومن انتقل إلى أريحا تقوم السلطة بإعالته، أما من رفضوا الذهاب وفضّلوا البقاء في رام الله، فهم ينتظرون “أولاد الحلال” ليقدموا لهم المساعدات من أكل وشرب.

في السابق، كان العمال يتوجهون من غزة إلى إسرائيل عبر معبر “إيرز” المعروف أيضاً بمعبر بيت حانون، الذي يقع أقصى شمال غزة وتسيطر عليه إسرائيل بشكل كامل لأنه يربط قطاع غزة بأراضي الـ48. المعبر مخصص للمشاة والحمولات بالإضافة إلى نقل المرضى والمصابين للعلاج في الأردن أو إسرائيل أو الضفة الغربية، ناهيك بأنه يؤمن وصول الصحافيين والدبلوماسيين والأجانب. ويُذكر أن بلدة بيت حانون تعرّضت لقصف إسرائيلي عنيف، ويحاول الجيش الإسرائيلي التوغّل برّاً عبرها. 

صعوبة الدخول إلى غزة والخروج منها، دفعت الكثير من العمال الى زيارة عائلاتهم مرة كل أسبوعين أو مرة في الشهر فقط. وعند العودة إلى مراكز عملهم، كانوا يُمنعون من إدخال أدوات إلكترونية، ويُفرض عليهم إحضار حقيبة صغيرة، وفقاً لغانم. 

“صرلي أكثر من أربعة أيام مش قادر أوصل لعيلتي بغزة ومنقطع عنهم، لا عارفين إيش ظروفهم ولا إيش وضعهم… إلهم الله”

عودة معرقلة 

تبدو عودة ر.ع مستحيلة، خصوصاً أنه وزملاءه يعملون كمياومين. يقول لـ”درج”: “أشغالنا جوا كانت يومية فهلق معناش إشي وفصلونا كلنا من أشغالنا والباقي اعتقلوهم واللي ما قدروا يهربوا حجزوهم”. 

لم تكتفِ القوات الإسرائيلية باحتجاز العمّال، بل وضعت نحو 4 آلاف آخرين منهم في منشأة أمنية للتحقيق معهم. تؤكد غانم لـ”درج”، أن البعض مِمّن وصلوا إلى رام الله كانوا بحالة صحية سيئة بسبب اعتداء القوات الإسرائيلية عليهم بالضرب. وتضيف أن “جيش الاحتلال صادر أمتعتهم وهواتفهم وبطاقاتهم الشخصية”. علاوة على ذلك، ألغت السلطات الإسرائيلية تصاريح العمل لكل من كان يعمل في مستوطناتها أو ورش العمل فيها عقب 7 تشرين الأول.

سبب الاحتجاز بحسب الرواية الإسرائيلية، هو التأكد مما إذا كان أحدهم قد تعاون مع “حماس” في التخطيط لعملية “طوفان الأقصى”، ناهيك طبعاً بإلغاء إسرائيل تصاريح العمال داخلها، وعددهم 18 ألفاً، وحذفهم من تطبيق هاتفي يستخدمونه لإثبات قانونية وضعهم في إسرائيل. وجدير ذكره أن إصدار التصاريح للعمل في المستوطنات الإسرائيلية يتطلب تدقيقاً أمنياً مكثفاً، بحسب غانم، الى درجة أن التصريح قد يستغرق أشهراً عدة. 

العمل في إسرائيل

اعتاد أهالي غزة على تقديم التصاريح للعمل داخل إسرائيل في ظل نسبة بطالة وصلت قبل حرب غزة الحالية الى 48 في المئة، كما يشير وزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش، والذي يتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 60 في المئة بعد الحرب. 

الحاجة الى العمل وسد الرمق دفعت الكثير من الغزيين الى السعي لإيجاد عمل في المستوطنات الإسرائيلية لتأمين حاجاتهم الأساسية، خصوصاً أن البدل اليومي للعامل قد يصل إلى 100 دولار أميركي، بينما لا يتعدى في غزة التي تعاني من الغلاء المعيشي نصف هذا المبلغ.

بلغ عدد الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل، حتى منتصف العام الحالي، حوالى 139 ألف عامل بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. وكلما طالت الحرب على غزة، كلما زاد وضع العمّال سوءاً، خصوصاً أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت عن إقفال المعابر والحدود بين الضفة الغربية وأراضي 48، ما جعل العمّال عالقين في المنتصف. 

ومن المرتقب أيضاً، أن تستقبل الضفة الغربية مزيداً من العمال، إذ تتوقع غانم أن يصل عددهم في محافظات الضفة إلى 10 آلاف، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى بدء إسرائيل بملاحقة العمال في الضفة واعتقالهم، بسبب شكوكها في احتمالية معرفتهم أو مشاركتهم في عملية “طوفان الأقصى”. 

وقد وزّعت القوات الإسرائيلية العمّال المعتقلين على ثلاثة معسكرات، الأول يقع بالقرب من “عناتا”، والثاني بالقرب من “بيتونيا”، أما المعسكر الأكبر فهو قريب من حدود “غلاف غزة” الذي يُقصف بين الحين والآخر وتدوّي فيه صافرات الإنذار. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.