fbpx

تطوّر التجسّس الرقمي في العالم العربي منذ بداية الربيع العربي  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يأتي هذا التحقيق في سياق مشروع يكشف أحدث التقنيات للخرق والتجسّس على الصحافيات والحقوقيات العرب وتأثير خرق “بيغاسوس” وتقنيات مشابهة على حياة الصحافيات المهنية والشخصية، يعدّه موقع “درج” بالتعاون مع “مؤسسة العدالة للصحفيين (JFJ)”، وهي منظّمة غير حكومية مقرها لندن.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تمّ إنتاج هذا التحقيق بدعم من منظّمة Justice for Journalists.

ظهر التجسّس الإلكتروني للمرة الأولى في العالم العربي خلال ثورات الربيع العربي سنة 2011. دأبت الأنظمة العربية حينها، على فضّ التظاهرات بأي وسيلة ممكنة. على أرض الواقع، لجأت هذه الأنظمة الى القبضة الأمنية القامعة. وعلى مواقع التواصل، حجبت المناشير وقطعت الإنترنت. أما، في كواليس فضّ الاعتصامات، عملت هذه الأنظمة على ملاحقة المعتصمين والصحافيين والناشطين البارزين من خلال أنظمة تجسّس تلاحقهم وتجمع معلومات عنهم يهدّدون ويقمعون بها. 

كشفت تحقيقات “بيغاسوس”، التي كان “درج” الشريك العربي فيها، بالتعاون مع منظّمة الـ Forbidden Stories، تورّط الكثير من الحكومات العربية، منها الأردن والإمارات والبحرين والسعودية والمغرب بشراء نظام التجسس “بيغاسوس” الذي تنتجه الشركة الاستخباراتية الإسرائيلية NSO. وعلى رغم طي صفحة الربيع العربي، إلاّ أن برامج التجسس ما زالت تستخدم حتى اليوم وتطورت باستخدام الذكاء الاصطناعي. لكن المفارقة أن شراء أنظمة تجسس لم يعد “مربحا” للأنظمة التي تقتنيها نظرا الى التكلفة الهائلة التي تتكبدها هذه الدول والاتكالية التي فرضها عليها التجسس، بخاصة أن إسرائيل أصبحت عاصمة التجسّس العالمية منذ بضعة أعوام. 

يأتي هذا التحقيق في سياق مشروع يكشف أحدث التقنيات للخرق والتجسّس على الصحافيات والحقوقيات العرب وتأثير خرق “بيغاسوس” وتقنيات مشابهة على حياة الصحافيات المهنية والشخصية، يعدّه موقع “درج”  بالتعاون مع “مؤسسة العدالة للصحفيين (JFJ)”، وهي منظّمة غير حكومية مقرها لندن. تقوم “JFJ” بتمويل التحقيقات الصحافية في جرائم العنف ضد العاملين في مجال الإعلام، وتساعد الصحافيين المحترفين والمواطنين على التخفيف من مخاطرهم. تأسّست المؤسسة في آب/ أغسطس 2018 على يد ميخائيل خودوركوفسكي، مؤسس حركة روسيا المنفتحة المؤيدة للديمقراطية، وهو سجين رأي معترف به من منظمة العفو الدولية، وأبرز منتقدي بوتين، إلى جانب شريكه التجاري السابق، وعضو منظمة “الحرية”، اللجنة الدائمة لمنتدى روسيا، ليونيد نيفزلين. يسلّط هذا التحقيق الضوء على أنظمة التجسس التي استُخدمت في العالم العربي منذ اندلاع الربيع العربي حتى اليوم، بما في ذلك الحكومات التي اشترت أنظمة التجسّس والشركات التي طوّرتها. 

البحرين وFinFisher الألمانية: 

أظهرت وثائق مسرّبة أن حكومة البحرين لجأت الى الشركة الألمانية FinFisher عام 2011 للتجسس على ناشطين بحرينيين في داخل البلاد وخارجها . كانت التقنية جزءاً من شركة بريطانية تعمل تحت إسم Gamma Group قبل أن تنفصل عنها. تبلغ كلفة هذه التقنية 1,445,940 يورو للمستخدم النهائي، وتسمح بخرق عدد من الأجهزة، وهو من جهاز إلى عشرة أجهزة كحد أقصى. كما تقدم الشركة خدمة تدريب الشاري على كيفية استخدام تقنية التجسس. تبلغ كلفة تدريب أربعة أشخاص 51,567 يورو شاملة راتب المهندس المدرب والفندق والتنقل والوجبات، بحسب وثيقة مسربة عام 2014.

رفعت منظمات حقوقية عدة دعاوى ضد الشركة لتصديرها تقنيات تجسس لتركيا من دون الحصول على موافقة الدولة الألمانية. بيد أن قانون الاتحاد الأوروبي ينص على وجوب حصول الشركات على موافقة الحكومة قبل تصدير تقنيات تجسس. المنظمات الحقوقية التي رفعت دعوى، هي “مراسلون بلا حدود” و”المركز الأوروبي للحقوق الدستورية” و”حقوق الإنسان” و”منظمة netzpolitik.org” و”منظمة GFF”.

   6 دول عربية تشتري Hacking Team الإيطالية: 

تظهر وثائق ويكيليكس المسرّبة عام 2015، استيراد السعودية والإمارات والبحرين والسودان وعمان ومصر والمغرب تقنية Remote Control System من صناعة الشركة الإيطالية Hacking Team سنة 2011. تشير وثائق ويكيليكس إلى لجوء مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية في لبنان الى هذه الشركة بهدف شراء تقنية أخرى اسمها Galileo سنة 2015. وقد اتفق المكتب مع الشركة على خرق 50 شخصاً في لبنان مقابل مبلغ 450,000 يورو، بحسب منظمة سمكس

أما في المغرب، فتظهر التسريبات أن الحرس الملكي استقدم التقنية عبر شركة الفهد الإماراتية التي تعمل في مجال التكنولوجيا. بالإضافة إلى دفع السودان مبلغ 960,000 يورو لاستقدام التقنية عام 2012، قبل أن يُلغى العقد عام 2014 بسبب العقوبات التي فُرضت على السودان. إذ تعرضت الشركة للمساءلة من لجنة خاصة للأمم المتحدة التي كانت ترصد تطبيق العقوبات على السودان. سنة 2019، بيعت الشركة وتحولت إلى Memento Labs.

ما علاقة شركة BAE البريطانية ببعض الدول العربية؟ 

اشترت السلطات التونسية تقنية Evident من شركة ETI الدانماركية عام 2011 مع اندلاع الاحتجاجات في تونس. ثم توجه كلّ من الإمارات  والسعودية وقطر والجزائر وعمان والمغرب إلى شراء التقنية ذاتها من الشركة، بعدما استحوذت عليها شركة بريطانية باسم British aerospace BAE. تتبع هذه التقنية منهجية عمل “غوغل” تقريباً، إذ تسمح للمستحوذين عليها بإدخال كلمات مفتاح للبحث عن معلومات متعلقة بشخص معين. 

مركز المتابعة والتحكم الإماراتي يشتري نظام تجسس من Falcon Eye الإسرائيلية: 

أعلن مركز المتابعة والتحكم الإماراتي عام 2016، تركيب نظام مراقبة يجمع جميع كاميرات أبو ظبي في الأماكن العامة ومباني الإمارة. يملك الشركة العضو السابق في المخابرات الإسرائيلية، ماتي كوتشافي، المقيم في الولايات المتحدة آنذاك.  

تذرع النظام الإماراتي حينها بحفظ الأمن والسلام لإتمام صفقة المراقبة بقيمة 600 مليون دولار أميركي، التي ربحتها شركة AGT السويسرية عام 2011. وهي الشركة المالكة لـFalcon Eye الإسرائيلية. 

تعد هذه المرة الأولى في العالم العربي التي يُستخدم  فيها جهاز مراقبة بهذه الضخامة، والمرة الأولى التي تتكرس فيها مبادلة الخصوصية بالأمن. 

الإمارات تجند عملاء من وكالة الأمن القومي الأميركية لاستهداف مدنيين عام 2016: 

تحت مشروع Project Raven، استقدمت الإمارات عناصر عبر وكالة الأمن القومي، للتجسس لصالحها على مواطنين من جنسيات عدة، منها الجنسية الأميركية، بيد أن القانون الأميركي يحظر تجسس عناصر استخبارات أميركيين سابقين على مواطنيهم. أقام فريق التجسس في العاصمة أبو ظبي وتلقى رواتبه عبر شركة DarkMatter الإماراتية. استخدم الفريق تقنية Karma للخرق حتى عام 2019 حين أدى تحديث هواتف الآيفون إلى خفض فعالية التقنية وفق ما كشفته Reuters

شركة “بريج” الإماراتية “تطور ToTok”: 

وفق تقرير نشرته النيويورك نايمز The New York Times، طورت شركة “بريج” تطبيق ToTok للتواصل في الإمارات قبل أن يزيله متجر التطبيقات (App Store) عام 2019. حاز التطبيق على أكثر من خمسة ملايين تحميل على متاجر تحميل التطبيقات. وكان معظم هذه التحميلات في دولة الإمارات بسبب منعها الاتصالات عبر تطبيقات تواصل أخرى كـ”فايس تايم و”واتسآب”. لم يُستخدم التطبيق  كتقنية للتجسس، لكنه، مثل معظم التطبيقات، يتطلب من المستخدمين السماح بالوصول إلى الكاميرا والمايكروفون والموقع الجغرافي وغيره من المعلومات التي تسمح بتعقّب المستخدمين ومراقبتهم.  

يعد التطبيق خطوة مهمة باتجاه تطوير الشركات المقربة من الحكومة أجهزة التجسس بنفسها بلا الاعتماد على جهات أخرى أو استيراد تقنيات حديثة. 

دول عربية تلجأ إلى “بيغاسوس” الإسرائيلي لاستهداف صحافييها وناشطيها 

كشفت تحقيقات عدّة، على رأسها تحقيقات مختبر CitizenLab الكندي، بالإضافة إلى تسريبات “بيغاسوس”، وهي المشروع الذي قادته منظّمة “فوربيدن ستوريز” وشارك فيه 80 صحافياً يمثلون 17 مؤسسة إعلامية من حول العالم، من بينها موقع “درج”، عملوا لإنتاج سلسلة التحقيقات، بمساعدة تقنية من Amnesty Security Lab، لجوء كل من الإمارات والبحرين والأردن والسعودية والمغرب الى شراء نظام التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” الذي تصنعه شركة NSO لخرق هواتف الناشطين والمعارضين العرب وخصوم سياسيين وزوجات حاكم الإمارات وناشطين عدة، مثل الناشطة السعودية لجين الهذلول والأردنية هالة عاهد. 

تعمل هذه التقنية على إيجاد ثغرات بالجهاز الإلكتروني لخرقه والسماح للجهة المتجسسة بالوصول إلى الكاميرا والمايكروفون والمحادثات والموقع الجغرافي وغيرها، حتى من دون أن يضطر صاحب الجهاز للضغط على رابط مشبوه. وكان “درج” الشريك العربي في مشروع “بيغاسوس” مع منظّمة “فوربيدن ستوريز” وشركائها، وعمل على تحقيقات مفصّلة عن “بيغاسوس”، في سياق المشروع. 

  السعودية والإمارات وقطر تشتري “كانديرو” الإسرائيلي: 

أظهر تقرير لمنظمة Citizen Lab الكندية، أن السعودية والإمارات وقطر اشترت نظام تجسس من الشركة الإسرائيلية “كانديرو”، المتخصص بمراقبة الحواسيب. يتيح هذا النظام لشاريه خرق عدد غير محدود من الحواسيب واتباع فقط 10 منها في الوقت نفسه لقاء 18.9 مليون دولار. ولقاء 1.8 مليون إضافية يمكن المستخدمين مراقبة 15 ضحية إضافية في الوقت ذاته. 

يُمنع على مستخدمي التقنية التجسس على حواسيب في دول معينة، وهي إسرائيل والولايات المتحدة والصين وروسيا وإيران. بيد أن “مايكروسوفت” أعلنت عن خرق حاسوب في إيران بواسطة “كانديرو”. 

الحوثيون يستخدمون OilAlpha:  

يستخدم الحوثيون تقنية SpyNote أو SpyMax التي توفرها شركة OilAlpha. توفر الشركة خدمة التجسس على الهواتف من خلال اختراق الكاميرا والمايكروفون والاتصالات والموقع الجغرافي وغيرها. جنسية الشركة مجهولة. ويتم الاشتراك بالخدمة مقابل 999 دولاراً، تدفع مرة واحدة فقط لخرق عدد غير محدود من الهواتف. شرط أن تتم مراقبتها من حاسوب واحد فقط لكل اشتراك. تتقاضى مقابل خدماتها بالعملة الرقمية فقط. 

إضافة الى ما سبق، تلجأ الدول إلى التجسس على مواطنيها من خلال الهاتف المحمول ومراقبة خطوطهم الهاتفية، وهي تقنية تجسس بدائية تضمن المراقبة بكلفة منخفضة نسبياً، ولكنها لا تضمن التجسس على هواتف وأرقام من خارج الدولة. لذا، تُستخدم هذه التقنية من الدول الصغيرة التي تسعى الى بسط سيطرتها داخل حدودها، بينما تلجأ حكومات أخرى تهدف إلى لعب دور شمولي إقليمي والسيطرة على دول مجاورة، الى أنظمة تجسس متطورة وأكثر فعالية. 

بعد مرور 12 عاماً على قمع الثورات العربية، ما زالت الحكومات العربية تستخدم تقنيات تجسس عدة لإدراكها أن التجسس الذي لاحق الناشطين والمتظاهرين وأرعبهم خلال أكثر اللحظات أملاً في تاريخ العالم العربي الحديث، سينجح لا محالة في إسكاتهم لعقود طويلة بعد انتهاء الثورات. 

مؤسسة العدالة للصحافيين (JFJ) هي منظمة غير حكومية مقرها لندن. تمول JFJ التحقيقات الصحافية المتخصصة بجرائم العنف ضد العاملين في مجال الإعلام، وتساعد الصحافيين المحترفين والمواطنين على التخفيف من مخاطرهم. تأسست المؤسسة في آب/ أغسطس 2018 على يد ميخائيل خودوركوفسكي، مؤسس حركة روسيا المنفتحة المؤيدة للديمقراطية، وهو سجين رأي معترف به من منظمة العفو الدولية، وأبرز منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب شريكه التجاري السابق، والمحسن، وعضو منظمة “الحرية”. اللجنة الدائمة لمنتدى روسيا ليونيد نيفزلين.

مهمتنا هي تسهيل وصول الصحافيين إلى الموارد الموجودة وجعلها ذات صلة بخصائص كل منطقة. نؤمن بأن الأمن هو الأساس الأساسي للعمل الإعلامي. نحن نساعد الصحافيين على اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة لمواجهة تحدياتهم المهنية.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.