fbpx

حوامل غزة…مأساة مضاعفة وخوف من الولادة دون تخدير

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الاتصال المتقطع مع فدوى يرافقه صوت قصف وصراخات في الخلفية، ليأتي صوتها في كلّ مرة أكثر خوفاً وقلقاً، لكنها تؤكد في مطلع كل حديث أنها وطفليها مازالا على قيد الحياة، لكنها لا تعلم حال جنينها، الذي لم يعد يتحرك كما كان من قبل، ولا تعلم أيضا إن ستبقى هي وهو بعد ولادته على قيد الحياة في قطاع غزّة المحاصر بالحرب والخوف.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

النصائح المعتادة التي تُقدّم للمرأة الحامل، كتناول الطعام الصحي ونيل قسط كاف من النوم، لا يمكن لفدوى محمد التي تعيش أهوال الحرب في مدينة غزّة أن تلتزم بها. حتى الرياضة والمشي، الذين من المفترض أن تمارسهما المرأة الحامل في الشهر الأخير، شأن خطر، قد يودي بحياة فدوى وجنينها، إذ يحيط بها الدمار والقصف المستمر ليلاً ونهاراً.

فدوى سيدة فلسطينية تعيش في مدينة غزة، تنتظر مولودها، كانت تعدُّ الأيام واحداً تلو الآخر حتى وصلت إلى الشهر الثامن فرحةً باقتراب موعد ولادتها. لكن الحرب التي اشتعلت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول فرضت عليها حصاراً كما فرضته على غيرها من سكان المدينة، فلا ماء ولا غذاء، ولا رعاية طبية مناسبة، ما يزيد متاعبها والمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها أثناء الحمل والولادة.

ذكرت الأمم المتحدة أن هناك ما يقرب من 50 ألف سيدة حامل في غزة عرضة لمخاطر أثناء الولادة، واحتمال الولادة القيصرية دون تخدير، بسبب خروج عدد كبير من المستشفيات عن الخدمة، فضلاً عن أن المستشفيات تكتظ الآن بالجرحى والمصابين جراء الحرب الإسرائيلية.

دومينيك ألين من صندوق الأمم المتحدة للسكان قال في مؤتمر صحفي في رام الله، إن السيدات الحوامل يواجهن هذا العبء المزدوج إثر انعدام الأمان والمخاطر التي يواجهونها، فضلاً عن عدم معرفتهن المكان الذي يجب الذهاب إليه للولادة في شروط آمنة.

“أنسى أنّي حامل”

تقول فدوى بصوت مرتجف “في كثير من الأحيان أنسى أني حامل، لا شيء في حياتنا غير صوت القصف والخوف الملازم له، تحول فرحي بالحمل في البداية إلى خوف يومي مع اقتراب يوم الولادة، أخاف أن لا أبقى حيةً، ويزداد خوفي بأن أبقى حيةً بينما يصاب الجنين بشيء ما، مفيش أي مكان آمن، مفيش غير قصف وقتلى ودم”.

الحي الذي تسكنه فدوى بحسب قولها يحوي العديد من الحوامل، منهن إحدى قريباتها التي دخلت الشهر السادس من الحمل، والتي تراودها ذات المخاوف أيضاً، تقول فدوى”كتير سمعنا عن دعوات النزوح، بس ننزح على فين ؟ ولا مكان أمان، في ناس نزحت بس قصفوهم في الطريق وماتوا”.

بعد فترة من الصمت الممزوج بالخوف تابعت “مرة سمعنا القصف الساعة 2 بالليل، كنت خايفة على ولادي الاتنين والجنين اللي في بطني، مكناش عارفين على فين نروح ولا نعمل إيه، أخويا ساعدني بشيل البنت وأنا شلت الولد، خرجنا للشارع نستخبى في أي مكان،  بقينا لأكثر من ساعة لحد موقف القصف، رجعنا عالبيت من تاني، بعد وقت قصير حسيت بألم شديد في الظهر”.

ألم الظهر ظلّ يرافق فدوى حتى الآن، ولا تعرف ما هو الدواء الذي يمكنها أخذه للتخفيف مما تختبره، كونها لم تتلقى المتابعة الطبية الدورية اللازمة منذ بداية الحرب، فأغلب المستشفيات خارج الخدمة، وانقطاع الاتصالات جعل متابعتها مع الطبيب عبر الهاتف أمرا غير متاح، لتصبح وحيدة مع جنينها، الذي لا تعرف إن كان بخير أم لا.

تواجه فدوى إلى جانب المخاوف الصحية صعوبات الحصول على الطعام والشراب، إذ لم تتناول طوال أيام سوى القليل، فالوجبة هي قطعة خبز إن وجدت ومعها قطعة من الجبن.

لم يُسمح بدخول عدد كبير من شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر عبر معبر رفح، ما ترك السكان ضحية نقص المواد الأولية والدواء والغذاء، تقول فدوى: “بالكاد قطعة أو قطعتين خبز في اليوم وشوية مياه، ده طعامي وطعام أطفالي، مفيش بروتين، طول الوقت أشعر بدوخة وإعياء، مبقتش بحس بحركة الجنين زي الأول في بطني”.

“كتير سمعنا عن دعوات النزوح، بس ننزح على فين ؟ ولا مكان أمان، في ناس نزحت بس قصفوهم في الطريق وماتوا”.

الولادة في المجهول

على الرغم من  أن هذا الحمل هو الثالث لفدوى، ولكنها لم تشعر من قبل بالآلام الجسدية والنفسية التي تختبرها الآن ، كما أنها حتى كتابة هذه السطور، لا تعرف لأي مستشفى ستتجه إن باغتها المخاض، ولا تعلم إن كانت ستصمد هي والطفل حتى وصولها للمستشفى، أي مستشفى كان. 

تحاصر فدوى العديد من الأسئلة، فهل ستتلقى الرعاية المطلوبة في المستشفى الذي ستصل إليه؟ ، أم سيطلب منها الذهاب لمستشفى أخرى؟، وهل يمكنها تحمل ألم الولادة دون تخدير؟، أسئلة تدور في ذهن فدوى ليل نهار، ولا تجد لها إجابات، إذ لا ترى أمامها سوى دخان القصف ورائحة الحرائق وأصوات الانفجارات.

يقول الاستشاري التنموي والكاتب سعيد أبو غزة، الذي يقيم داخل المدينة المحاصرة حالياً، إن القطاع الصحي في غزة يعاني من نقص الخدمات والإمكانيات، ومع استقبال المشافي يوميا آلاف الجرحى والمصابين، نقلت أقسام الولادة في بعض المستشفيات إلى أخرى خيرية، وحُولت أقسام التوليد إلى أقسام جراحة، ما يعرض حياة النساء الحوامل لخطر الموت أو موت الجنين، يضيف أبو غزة في حديثه لـ”درج”، أن المستشفيات أيضا ليست آمنة، وتتعرض  لقصف من الجانب الإسرائيلي.

ولادة مبكرة وإجهاض خوفاً وهلعاً

يوضح عبد الحكيم شحاتة، طبيب النساء والتوليد في غزة،  أن العديد من النساء اختبرن حالات ولادة مبكرة وإجهاض منذ بداية العدوان الإسرائيلي، وذلك بسبب الخوف والهلع. 

هناك أيضاً الحالات التي تحتاج لتدخل طبي سريع، نتيجة نقص الغذاء المياه التي تحتاجها السيدات في تلك الفترة، ما يؤثر على كل من الحامل وجنينها.

يضيف شحاتة قائلاً أن العديد من السيدات اللاتي حان موعد ولادتهن توجهن في البداية لمستشفى الشفاء، ولم يجدوا بها أسرة، ما دفعهم للاتجاه لمستشفى الحلو، التي تعمل أيضاً بعدد قليل من الأطباء، بسبب توجه أطباء من المناطق الشمالية ومدينة غزة جنوب القطاع.

يعاني القطاع الصحي في غزة من نقص في الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي حذرت منه وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة في بيان عن الوزارة، إذ حذرت من كارثة إنسانية قد تحدث جراء توقف مولدات الكهرباء الرئيسية بسبب نفاد الوقود في مجمع الشفاء الطبي، وأوضحت أن 22 من أصل 35 مستشفى في غزة متوقفة عن العمل جراء القصف الإسرائيلي ونفاد الوقود، وعددا آخر مهدد بالخروج عن الخدمة. حذر أيضاً المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة ،من كارثة صحية جراء توقف المولد الكهربائي الرئيس في المستشفى الإندونيسي بمنطقة الشمال، واقتراب توقف المولد الرئيسي في مجمّع الشفاء الطبي بغزة.

الاتصال المتقطع مع فدوى يرافقه صوت قصف وصراخات في الخلفية، ليأتي صوتها في كلّ مرة أكثر خوفاً وقلقاً، لكنها تؤكد في مطلع كل حديث أنها وطفليها مازالا على قيد الحياة، لكنها لا تعلم حال جنينها، الذي لم يعد يتحرك كما كان من قبل، ولا تعلم أيضا إن ستبقى هي وهو بعد ولادته على قيد الحياة في قطاع غزّة المحاصر بالحرب والخوف.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.