fbpx

اعتداءات جنسيّة على طريق اللجوء إلى أوروبا: قصص نساء نجون وقاومن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

خلال البحث الميداني في المناطق الحدودية لأوروبا عن أنماط العنف الجنسي في اللجوء، روى عدد من النساء تجاربهن، ومنهن بارفن ومريم من إيران اللتان تعرضتا للاغتصاب والاعتداء الجنسي على يد المهربين في طريقهما إلى أوروبا عبر الحدود التركية-اليونانية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في شباط 2020، في ردهة الفندق في منطقة أدرنة في تركيا، كانت بارفن المرأة الوحيدة التي أتت بمفردها بين مجموعة لاجئين. اختار مهرّب المجموعة من يبقى معه في الفندق، ومن يذهب إلى بيت آخر، وذلك قبل محاولة عبور الحدود إلى اليونان. بارفن هي التي بقيت في الفندق. حينها، لم تستوعب ما حصل معها.

“بعد فترة، عندما تخرجين من هذه التجربة، تلاحظين أنك لم تكوني الضحية الأولى، ولن تكوني الضحية الأخيرة”، تقول بارفن في حديثٍ معها في برلين في ألمانيا، البلد الذي تسكن فيه حالياً.

إنّها الحقيقة المظلمة للكثير من اللاجئين، إذ يعدّ العنف الجنسي على طريق اللجوء خطراً شائعاً، خصوصاً للاجئات اللواتي يعبرن الحدود برّاً وبحراً بمفردهن. 

خلال البحث الميداني في المناطق الحدودية لأوروبا عن أنماط العنف الجنسي في اللجوء، روى عدد من النساء تجاربهن، ومنهن بارفن ومريم من إيران اللتان تعرضتا للاغتصاب والاعتداء الجنسي على يد المهربين في طريقهما إلى أوروبا عبر الحدود التركية-اليونانية.

فقدت بارفن والدها لمرض السرطان عندما كانت لا تزال في إيران. بعد ذلك، في 8 آذار 2017، فقدت بارفن والدتها بسبب جريمة قتل. بعد مرور ستة أشهر، لم تعد قادرة على البقاء في البلاد، وتعيش في خوف من عائلتها والنظام الحاكم.

تعرّف بارفن عن نفسها بأنها “نسوية” وهدفها الوصول إلى الحق. لطالما كانت تتحلى بالتفكير النقدي والحافز للدفاع عن حقوق الإنسان منذ صغرها في إيران.

“كنت طوال الوقت هذه الفتاة الصعبة التي تفعل ما لا يريده المجتمع”.

دفعها ظلم النظام الحاكم في إيران الى الرحيل بحثاً عن الأمان، وإيماناً منها بأنها تستحق العيش بكرامة، ومن دون خطة مسبقة للابتعاد كثيراً عن بلدها، اتجهت بارفن إلى تركيا. قدّمت طلب الهجرة إلى مفوضية شؤون اللاجئين الـ”UNHCR” ومكتب الهجرة في تركيا، ومُنحت وضعية “اللاجئ”. ولكنها واجهت صعوبات بيروقراطية بعدها، إذ تغيرت كيفية معالجة طلب اللجوء، وأصبح قرار اللجوء منحصراً فقط بيد مكتب الهجرة في تركيا. هذا القرار جعلها تخسر طلبها بعد طول انتظار. شدّدت بارفن، بنبرة صوت انفعالية وغاضبة وبعقدة حاجبين تختزن هذا الغضب، على أنّ كل العوائق التي واجهتها على الحدود مع أوروبا خلال السنوات والأشهر التي تلت، نتجت من هذا القرار والإهمال البيروقراطي.  

بدأت بارفن رحلة اللجوء إلى أوروبا من تركيا تهريباً، وقد تمّ صدّها وإرجاعها قسرياً إلى تركيا ست مرات من حرس الحدود في اليونان، إذ تعرّضت للضرب المبرح. وثقت بارفن اعتداءات العنف وقدمت فيها شكوى للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وفي محاولتها الأولى لقطع الحدود اليونانية في شباط/ فبراير 2020، روت بارفن أن المهرّب اغتصبها مرتين في فندق وصفته “بالفخم”، بقيت فيه لنحو خمسة أيام ومن دون أي أوراق ثبوتية. وبعد استغلالها جنسياً، انتقلت إلى بيت مع اللاجئين الآخرين، تنعدم فيه الخصوصية، قبل محاولة عبور الحدود إلى اليونان. هنا، استوعبت بارفن التكتيك الذي يُستخدم، إذ إن المهرب، في اللقاء الأول، يعامل اللاجئة كـ”النجمة”، وبعد استغلالها، “توضع” جانباً مع اللاجئين الآخرين.  

“تكونين في هذه التجربة، تريدين الفرار، لا تعرفين الطريق، لا تعلمين أي شيء. الشيء الوحيد الذي تعلمينه أنّ هذا الشخص (المهرب) هو الذي يستطيع مساعدتك. وفي هذه الحالة، تفعلين ما يطلبه. لا تتذمرين، تحاولين فقط أن تكوني مهذبة قدر المستطاع لتصلي إلى هدفك، وهو النجاة”، تقول بارفن.

وتشدّد على أنّه وفقاً لتجربتها، “إذا كنت امرأة بمفردك، من دون أي ذكر كفرد من عائلتك أو من المقربين منك أو صديق لك، ستمرين حتماً في التجربة ذاتها”. 

في محاولة مختلفة لعبور الحدود مع مجموعة لاجئين، ومع مهرب آخر، ولكن في الوضع ذاته، مرّت مريم، وهي من إيران، بتجربة مشابهة لبارفن. تروي مريم لـ”درج” عن رحلتها في اللجوء، ضمن مشروع “خدمات الوقاية والاستجابة للعنف القائم على النوع الاجتماعي” الذي ينفذه مركز “ديوتيما للحقوق والمساواة بين الجنسين” بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليونان.

وصلت مريم إلى اليونان منذ ثلاث سنوات ونصف السنة تقريباً. وقبل ذلك في 2016، كانت تعيش في طهران. تأتي مريم من مجتمع متديّن وعائلة محافظة، لم  تشعر فيهما بالأمان. تحملت ضغط العائلة والمجتمع ورفضهم شغفها بالغناء، ولكن عندما حملت بطفلٍ من حبيبها، كان عليها الفرار.

“عندما تكون أجنحتك مفتوحة وهناك الكثير من العقبات، تحاولين الوصول إلى النقطة التي ستشعرين فيها بالراحة”، تقول مريم بابتسامة عريضة وعينين مشدودتين من شعرها المربوط كذيل الحصان.

حصلت مريم على رقم المهرب من أحد المعارف الذي أوصى بها. انطلقت في رحلتها للجوء بمفردها تاركة طفلها في إيران، وذلك خوفاً على سلامته، ومؤمنة بأنها ستلتقي به مجدّداً. وصفت مريم عبورها من تركيا إلى اليونان بأنه “أكثر الأفلام رعباً في حياتها”، إذ عبرت بين الغابات والمنحدرات والجبال مع مجموعة من اللاجئين من مختلف الجنسيات من دول الشرق الأوسط.

ولكن، فيلم الرعب هذا لم ينته عند عبورها الحدود، وقد كان فقط في بداياته.

“جئت إلى أثينا معتبرةً أن الجحيم الأول قد انتهى وأنا في الجنة. لكن الجحيم الثاني بدأ”، تقول، مع تغيّر ملحوظ في نبرة صوتها عندما بدأت بالتحدّث عن تجربتها. 

بعد وصولها إلى اليونان، ذهبت مريم مع مهرّب تعرفت عليه من المهرب الأول وبقيت  معه  لفترة. وفي اليوم الثاني، بدأ محاولاته في التحرش. استأجر المهرب بيتاً فخماً لهما في جنوب أثينا، وحبسها بداخله. أمضت شهراً في هذا البيت، وفي كل يوم أمضته هناك، تعرضت فيه للاعتداء الجنسي والجسدي والتهديدات. وما زاد من صعوبة هروبها هو احتجاز المهرّب أوراقها الثبوتية. آنذاك، كانت جائحة كورونا والحجر الصحي في ذروتهما.

غير أنّ هذا لم يمنعها من إنقاذ نفسها، إذ استجمعت قواها وتواصلت مع أشخاص آخرين من إيران في اليونان. واجهت المهرّب وتركت البيت. بعد سنتين من هذه الحادثة، داهم الجيش البيت وقبض على المعتدي.

المهرّب هو “المنفذ” الوحيد للاجئ

لا يزال طريق اللجوء عبر اليونان ودول البلقان، أو ما يُعرف بـ”طريق البلقان الغربي”، وجهةً لأعداد كبيرة من اللاجئين للوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي أو للفرار من بلادهم. وقد أظهرت تقارير ودراسات كثيرة، منها من شبكة مراقبة العنف على الحدود BVMN، وهي ائتلاف من المنظمات غير الحكومية، أنّ حرس الحدود اليونانيين ينتهكون قوانين سياسة الاتحاد الأوروبي للهجرة؛ فحتى لو  كانت الهجرة غير شرعية، يحقّ للاجئ أن يقدّم  طلب اللجوء بعد وصوله الى الأراضي الأوروبية. هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان عادةً ما تحصل بشكل منهجي بهدف إبعاد اللاجئين وصدّهم، إذ يستخدمون أساليب مختلفة للعنف والتعذيب وسرقة الممتلكات. وتخلق هذه الانتهاكات بيئة غير آمنة لعبور الحدود، فيصبح المهرب “المنفذ” الوحيد للاجئ. وفي كثير من الأحيان، تتشكّل علاقة تبعية بين اللاجئة والمهرب. 

يشرح نيكولا كوفاتشيفيتش، محامي حقوق الإنسان وخبير في مجال الهجرة، أن ممارسة عمليات الصدّ وأزمة سيادة القانون على الحدود الأوروبية التي تتم بحجة المعركة ضد “الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر”، شكّلت أرضاً خصبة لازدهار جماعات الإجرام المنظّم.

ويضيف أنّ الصدّ “لن يقلل من التهريب أو الهجرة غير الشرعية، بل سيؤدي إلى زيادة الأسعار والمخاطر التي يتعرض لها هؤلاء الأشخاص للوصول إلى المكان الذي يستطيعون فيه التمتع بحقوقهم لأنه لا يمكنهم القيام بذلك في وطنهم”.

وهذا ما تشرحه بارفن، فعلى الرغم من تجربتها المؤلمة مع أحد المهربين، تؤمن بأن الوضع أكبر من المهرب فهو مشكلة هيكلية في الأنظمة، حيث “يقع اللوم عادة على المهرّب فقط”، ويتمّ تجريم التهريب واللاجئين. ولكن، بالنسبة إليها، تقع الحلول في أيدي الأنظمة الكبرى أو القادرين على التغيير، لأنهم في “طريقة غير مباشرة يعطون المهرب هذه الفرصة للعنف”. وبينما كان أحد المهربين “وحشاً” معها، ساعدها الثلاثة الآخرون على الوصول إلى مكان آمن. “بنوا هذا الهيكل فقط لتحطيمك قدر الإمكان”.

العنف الجنسي منتشر ولا إدانة

أفادت 91 بالمئة من الناجيات من العنف الجنسي أنهن كن يسافرن بمفردهن، في تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود في ساموس اليونان، بين كانون الثاني وأيلول من عام 2020.

 90 في المائة من النساء والفتيات اللواتي شاركن في الدراسة، تعرضن للاغتصاب في مرحلة ما خلال رحلاتهنّ من شمال أفريقيا إلى إيطاليا، جاء ذلك في دراسةٍ للجنة اللاجئين النسائية التي نشرت عام 2019. العنف الجنسي خطر متزايد في الكثير من طرق اللجوء سواء عبر طريق البحر الأبيض المتوسط ​أو طريق البلقان الغربي، كما أثبتت دراسات كثيرة صادرة من منظمات دولية، من بينها منظمة الصحة العالمية، وكالة الأمم المتحدة للاجئين، صندوق الأمم المتحدة للسكان ولجنة اللاجئين النسائية وغيرها. ولكن، يبقى العثور على بيانات دقيقة وشاملة عن العنف الجنسي أمراً صعباً نظراً الى حساسية هذا الموضوع.

وفيما قد يتعرض جميع الأشخاص للاعتداء الجنسي، رجالاً ونساءً وأطفالاً، وقد يواجه الرجال صعوبة أكبر في الانفتاح على تجربتهم، تشكل هذه المخاطر نسبة  أكبر بالنسبة الى النساء، وخصوصاً الفتيات اللواتي يسافرن بمفردهن، وذوات الإعاقة، واللواتي نجون من العنف الجنسي سابقاً، والأقليات الجنسية… وينتهي الأمر بكثيرات من اللاجئات اللواتي فررن من الاعتداء الجنسي في دائرة من العنف الجنسي في طريق لجوئهن، والذي قد يتسبب به عدد من الجناة كالمهربين، المتاجرين بالبشر، الشرطة وغيرهم. 

رغم انتشاره، تتردّد اللاجئات في إدانة العنف الجنسي، لأسباب عدّة، من أهمّها العار المتعلق بالاغتصاب من مجتمعاتهن وثقافاتهن. كما يرافق اللاجئات الخوف من الترحيل، خصوصاً في حال لم يكنّ مسجلات. وتؤمن كثيرات منهن بأنهن لن يحصلن على حقهن  في إدانة المغتصب. فهناك صعوبة في العثور على مرتكب الجريمة الذي عادة ما يكون مجهول الهوية ومحاكمته، ما يجعل الناجيات يترددن في الاستمرار في إجراءات الإدانة حتى النهاية.

يقول كوفاتشيفيتش: “يتعلق الأمر أيضاً بأن هذه السياسة تهمل طبقات مختلفة تماماً من قدرات النساء، والتي تشمل أيضاً الناجيات من العنف الجنسي والجنساني…. لذلك لا يتعلق الأمر فقط بما ارتكبه المهربون أو حرس الحدود، ولكن أيضاً بالطريقة التي يحرمون بها هؤلاء الأشخاص من إمكان تحديد هويتهم، وتسجيلهم، وتقييمهم”.

وهذا يطبّق في حالتي مريم وبارفن، فباعتبارهما لاجئتين غير نظاميتين وبالتالي غير مسجلتين، فُتحت أمامهما أبواب العنف.

 تتطلّب حماية الناجيات فهم الثقافة التي يأتين منها، وتقديم خدمات وسياسات شاملة تنطلق من حاجاتهن، والتي قد تأخذ منحى مختلفاً عن التوجه الغربي الذي لا يتماشى مع ثقافات اللاجئات. في هذا السياق،  يستخدم مشروع SEREDA، وهو مبادرة بحثية في جميع أنحاء المملكة المتحدة وأستراليا والسويد وتركيا يقوم بها فريق بحث من  بلدان متعددة من جامعات برمنغهام وملبورن وأوبسالا وبيلكنت، إطاراً بنيوياً اجتماعياً لفهم طبيعة العنف الجنسي والجنساني ومدى تأثيره على النساء والرجال والأطفال اللاجئين الذين فروا من الصراع في منطقة المشرق العربي.

تقول جيني فيليمور، أستاذة في الهجرة في جامعة برمنغهام ومديرة في مشروع SEREDA، لـ”درج”، إن هذه التجارب لا تحصل مرة واحدة، بل هي مستمرة، و”مجموعة التجارب التي تتراكم بمرور الوقت تكون ضارة للغاية، وتسيء بشدة لصحة الأشخاص الجسدية والعقلية. أما في ما يتعلق بالأمور في الوقت الراهن، فهناك نقص في الخدمات، أولاً  لناحية حماية الأشخاص المهاجرين، لأنه لا توجد طرق آمنة وقانونية. لذا أينما مرّوا، فهم يُعتبرون غير قانونيين”.

بالإضافة إلى مخاطر العنف الجنسي على الصحة الجسدية كالأمراض المنقولة جنسياً، تترتب على هذا العنف مخاطر على الصحة النفسية قد تتضمن اضطراب ما بعد الصدمة، القلق، الاكتئاب، رهاب الخلاء، عدم القدرة على النوم، عدم القدرة على التركيز، اضطرابات الأكل، وصعوبات في الوصول إلى الموارد النفسية.

تتابع فيليمور، أنه حتى الأشخاص، كالشرطة وحرس الحدود، الذين من المفترض أن يحموا اللاجئين، لا يحمونهم. وحتى لو كانوا لا يؤذونهم، قد يطردونهم خارج البلاد، “لذا أعتقد أن منفذ الاتصال الأول يتمثّل بطرق آمنة وقانونية”.

وتضيف أنّه في استطلاع عن ماهية نوع الحماية التي تحتاجها اللاجئات، أجبن أولاً: “لو لم تحدث لنا هذه المواقف في بلداننا، لما كنا غادرناها”، وثانياً “إذا كان علينا المغادرة، فيجب علينا اللجوء إلى طرق آمنة وقانونية حيث نكون محميات وحيث لا نكون غير قانونيات”.  

مواجهة الأزمة والتعايش معها

بين فقدان الأمل والاستمرار في الحياة، والوقوع في دوامة بؤس والخروج منها، تختلف المواقف وطريقة التكيف من شخص الى آخر، وبين تجربة وأخرى. تقول فيليمور: “لا يحصل الجميع على صفة اللاجئ. وأولئك الذين لم يحصلوا عليها يقعون في هذه الدوامة الفظيعة، إذ يفقدون الأمل وهم على قيد الحياة فحسب”. 

أما بالنسبة الى اللواتي يُمنحهن صفة اللاجئ، ترى فيليمور أن حياتهن قد تكون في اتجاهين، فإمّا أن يكملن حياتهن ويحاولن التعايش مع الأزمة والانتماء إلى مجتمع بلد اللجوء أو يفقدن الأمل ويستمررن في حياتهن فقط لحماية أولادهن وأحبائهن تجنباً للمرور في التجربة ذاتها.

بين قصة مريم وبارفن شخصيات وأوقات مختلفة، ولكن تربط بين قصتهما وقصص الكثير من النساء مخاطر هيكلية مشابهة من جهة، والشجاعة في التعايش مع الأزمة على الرغم من قسوتها ومقاومتهما في حياتهما اليومية من جهة أخرى.

عند سؤال بارفن حول كيف ترى نفسها بعد هذه التجربة وعن مشاريعها المستقبلية،  فكرت للحظات عدة، وقالت: “ليس لدي أي شيء واضح في عقلي لأخبرك به”.

في أوقاتٍ كثيرة، تشعر بأنها تحاول فقط أن تتعايش مع قسوة تجارب عبور الحدود التي مرّت بها، وعملية اللجوء الطويلة في ألمانيا. وقد عالجت تجربتها من خلال العمل بشكل مكثف على شكوى مقدمة إلى الأمم المتحدة، تتناول الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرضت لها على يد حرس الحدود اليونانيين. ومع ذلك، لا تزال بارفن ناشطة ومدافعة عن حقوقها كمرأة ولاجئة كلّما تسنت لها الفرصة، كما تعمل حالياً في ألمانيا وتتعلم اللغة الألمانية. حصلت بارفن على صفة اللاجئة في ألمانيا بعد ثلاث سنوات من الانتظار.

وبالنسبة الى مريم التي تصف نفسها بأنها “امرأة قوية”، هي أيضاً تعمل الآن في اليونان وناشطة في الكثير من الفعاليات التعليمية والاجتماعية، كما أنها تكمل دراستها للحصول على شهادة الدكتوراه. 

تعود البسمة إلى وجه مريم عندما تصل إلى نهاية حديثها، “أبذل قصارى جهدي هنا لأكون بخير أنا وابني… أعتقد أنني تفتحت مثل الزهرة هنا”، تختم قبل أن تذهب لتحضير عيد ميلاد ابنها الذي أصبح يسكن معها في اليونان بعد طول انتظار.

تم دعم هذا التحقيق من الصحافة الاستقصائية لأوروبا (IJ4EU).

This investigation was supported by Investigative Journalism for Europe (IJ4EU). 

استُخدم اسم مستعار لمريم.