fbpx

كيف تتحكّم القوات المسلّحة المصريّة بمنظومة الزواج وتعزّز القيم الذكوريّة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التوجّهات التي تسعى القوات المسلحة المصريّة إلى نشرها فيما يخص الحياة الزوجيّة، حتى ولو بصورة غير مباشرة، يمكن إدراجها ضمن المنظومة الذكورية التي تسيطر على المجتمع بكامله.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في آب/ أغسطس الماضي، أعلنت القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، عن تنظيم المرحلة الثانية من حملة “مودة”، لتوعية الشباب المقبل على الزواج. وذكرت في بيانها، أن “البرنامج يهدف الى توعية أفراد القوات المسلحة بالخبرات والمهارات اللازمة لتكوين حياة زوجية وأسرية ناجحة”.

بدا البيان كأنه موجّه الى أبناء المنظومة العسكرية، بخاصة أن تلك المنظومة تضم آلاف المجندين العسكريين، ليطرح الأمر تساؤلاً، هل دور القوات المسلّحة هو تأهيل الشباب للزواج، سواء من داخل المنظومة أو خارجها؟ ولصالح أي منظومة سيعمل الجيش: المنظومة الذكورية أم حقوق المرأة والحقوق المساوية بين الزوجين؟

نرمين البحطيطي، المديرة التنفيذية لمؤسسة “حياة للتنمية والدمج المجتمعي”، قالت في حديثها لـ”درج”، إن المشروع في الأساس يتبع لوزارة التضامن الاجتماعي، التي بدورها تتعاون مع الجمعيات الأهلية للعمل عليه. وكان في البداية بمثابة مجموعات للتوعية في العلاقات الزوجية، واستقبال السيدات للمشاركة في دورات الإرشاد الأسري والزواجي، والصحة الإنجابية، حتى تدخلت القوات المسلحة في الفترة الأخيرة، وعلى رغم أن مشروع “مودة” تم البدء قبل 3 أعوام، إلا أن إعلان مشاركة القوات المسلحة فيه جاء في مرحلته الثالثة، أي بعد 3 سنوات.

المشروع وفقاً للبحطيطي تابع لوزارة التضامن الاجتماعي، وهي من تضع المواد التي تعمل من خلالها المؤسسات الأهلية، ما يعني أن الجيش لا يضع المحتوى. لكن رغم ذلك ورغم أن الجيش ليست لديه منظومة تدريبية محددة، فهناك توجهات بإعطاء تلك المواد بصورة أخرى “احنا بنشتغل على الأسس اللي درسناها في الجامعات، لكن الجيش بيفرض التوجهات زي منع الأجزاء الخاصة بالجندر والجنسانية، أو الحديث عن العنف الزوجي، وده بيتم من خلال التزويد أو التقليل من المنهج التدريبي، لكن مش بيقدموا ده بنفسهم، وبيكون الاهتمام دائماً حول تقليل نسب الإنجاب”.

العسكرية الزوجيّة

تلك التوجّهات التي تسعى القوات المسلحة إلى العمل من خلالها، حتى ولو بصورة غير مباشرة، يمكن وضعها أسفل المنظومة الذكورية التي تسيطر على المجتمع بكامله. فعند الحديث عن الزواج، يحتلَ تنظيم الأسرة من خلال وسائل منع الحمل الأولوية، والتي تتحمّل السيدات العبء الأكبر منها، ناهيك بالخلافات الزوجية وتقليل نسب الطلاق من خلال قيم ذكورية. لكن لا مجال للحديث عن قضايا مثل الاغتصاب الزوجي أو الحق في اختيار المرأة قرار القبول أو الرفض حتى داخل منظومة الزواج، أو الحديث عن حقوق النساء وتعرضهن للعنف الأسري.

“المفترض أن  تحوي في حملة (مودّة) جزء خاص بالعنف الأسري، لكن هنا رافضين يدخلوه لأنه التوجه بتاعها في الأساس هو الحفاظ على الأسرة المصرية، وتهميش القضايا الأخرى المفترض دخولها في البرنامج التدريبي كبرنامج متكامل”.
نرمين البحطيطي- المديرة التنفيذية لمؤسسة “حياة للتنمية والدمج المجتمعي”

الهدف الوحيد للحملة، هو الحد من نسب الطلاق في مصر، وفقاً لموقع وزارة التضامن الاجتماعي، على أن يتم ذلك من خلال توفير معارف أساسية للمقبلين على الزواج، والارتقاء بخدمات الدعم والإرشاد الأسري لمساعدة حديثي الزواج والأزواج منخفضي التوافق، الى جانب تفعيل جهات فض المنازعات الأسرية للقيام بدورها في الحد من حالات الطلاق، ومراجعة التشريعات التي تدعم كيان الأسرة وتحافظ على حقوق الطرفين والأبناء.

وتستهدف الحملة 800 ألف شخص سنوياً، بينهم 250 ألف مجند في وزارتي الدفاع والداخلية. وفي هذا الإطار، تشير البحطيطي إلى أن المؤسسات الأهلية، الى جانب عملها في المشروع من خلال مدربيها، تخضع لشرط الاستعانة بأحد المدربين من وزارة الداخلية أو الجيش، لتدريب مجندي الجيش أو الداخلية، “وهنا لما الأفكار تدخل على 250 ألف مجند مثلا، وهما يوصلوها لـ250 آخرين، فهنا خلاص الأفكار انتشرت وبقت في كل بيت”.

الحد من الطلاق وكثرة الإنجاب

يحيى القزاز، الكاتب والسياسي، يرى أن ما يحدث هو “عسكرة” صريحة للدولة، وتشويه لدور القوات المسلحة في حماية حدود الدولة والدفاع عنها، ويضيف: “التاريخ أثبت أن ولاءها للدولة، وليس لفرد وإن كان منها”. ليس بالضرورة أن يكون التحكم بها من خلال التدخل بشكل مباشر، ولكنه يأخذ أشكالاً أخرى، منها التهميش، وهو ما ينطبق على سيطرة القوات المسلحة على منظومة الزواج، والسير على قيم وأسس ذكورية لا تسعى الى حماية المقبلين على الزواج فعلياً كما هو معلن، فعند تهميش قضايا العنف الأسري ستزداد نسب الطلاق، على الرغم من أنها الهدف المعلن للحملة، وهو ما ينطبق أيضاً على القضايا الأخرى مثل الاغتصاب الزوجي، وكل أشكال العنف داخل إطار الزواج.

السيطرة  تمارَس أيضاً على الرسائل الإعلامية المرتبطة بمشروع مودة، فكما توضح البحطيطي، هناك تدخل كبير من جانب الجيش فيها، مثل حملة “واحد كفاية” للحث على تنظيم الأسرة، أو حملات الحفاظ على الأسرة، مع تهميش كل ما يتصل بالحرية الجنسية، أو الاختيارات الجنسية، وأيضاً تهميش فكرة العنف الأسري، “المفترض إن مودة يدخل فيها جزء خاص بالعنف الأسري، لكن هنا رافضين يدخلوه لأنه التوجه بتاعها في الأساس هو الحفاظ على الأسرة المصرية، وتهميش القضايا الأخرى المفترض دخولها في البرنامج التدريبي كبرنامج متكامل”، وفق البحطيطي.

تؤكد البحطيطي خلال حديثها، أن العمل على عنوان كبير مثل “العلاقات الأسرية”، يوجب التعامل مع الملف كاملاً، بما فيه إدارة العنف داخل الأسرة، وديناميكيات الأسرة، والأفكار الجنسانية والذكورية، ومبادئ التعاملات بين الذكور والأناث، ومفاهيم مثل الحقوق الجندرية، والحقوق الجنسية بين الزوجين، مشيرة إلى أنها أفكار كانت بالفعل داخل البرنامج وتمت إزالتها تماماً، ليصبح التوجه مسايراً للتوجه العام للدولة، وهو “خفض نسبة المواليد، ووقف الزواج المبكر، وتقليل نسب الطلاق، وأسباب الطلاق تكون محددة جداً، وتعظيم حق الزوج وأفكاره مع تهميش الزوجة وحقوقها”، كلها أفكار داخل البرنامج يتم إجبار المؤسسات الأهلية على التعامل معها.

 الزواج شراكة متعدّدة الأطراف

في كانون الأول/ ديسمبر 2022، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي يفرض على المقبلين على الزواج دفع مبلغٍ مالي لصندوق “دعم الأسرة المصرية”، لضمان الحصول على النفقات التي تكفي احتياجات المطلّقة والأطفال للعيش بصورة كريمة. وقال السيسي آنذاك، “إنتوا بتعملو فرح وبيتخانقوا على الشبكة وتيجوا عند الموضوع ده وتقولوا كتير، وأنا كدولة اتفقت مع الدكتور مصطفى مدبولي لو الصندوق جمع مليار هنحط مليار، ولو مليارين هنحط مليارين عشان وقت الخلاف نأمن ولادنا في كل شيء”.

على رغم أن الزواج منظومة متكاملة وشراكة بين الرجل والمرأة فقط، إلا أن أطرافاً آخرى قررت دخول تلك الشراكة، إما لفرض قيم تهمّش قضايا النساء، وتسعى نحو تعظيم دور الرجل وحقوقه هو فقط، وإما للسعي الى الحصول على رسوم ربما تساعد الدولة في مواضيع أخرى، ليغيب الموضوع الأصلي وهو كيفية بناء منظومة متساوية الحقوق، ويضيع بين مصالح أخرى بعيدة كل البعد عن هدفه الحقيقي.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.