fbpx

إيران تقوم بإعدام المعارضين بينما “الجميع” مُنشغل بغزة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التطورات الإقليمية في غزة، منحت النظام فرصة كبيرة للسيطرة على الأوضاع في الداخل وتأميم الحراك من خلال محاصرته وقمعه بجرعة عنف زائدة. والى جانب توظيف ذلك الحدث لاستعادة شرعية النموذج السياسي لـ”المقاومة” وتوجهاته

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فاقمت الحرب في غزة الملف الحقوقي في إيران، بخاصة مع تضاعف حالات الإعدام. إذ أعدمت إيران نحو 176 شخصاً (إجمالي العدد أكثر من 700 منذ بداية العام) في الفترة التي تلت اندلاع عملية “طوفان الأقصى” المباغتة، التي شنّتها حركة حماس ضد إسرائيل. تحتل طهران المرتبة الثانية بعد الصين في تنفيذ عقوبة الإعدام، وسجلها يحفل بوقائع إعدام القصّر والمراهقين.

طاولت الإعدامات كردياً اسمه أيوب كريمي بدعوى “الإفساد في الأرض”، والذي كان يمضي عقوبته في السجن منذ قرابة 14 عاماً، على خلفية اتهامه بمقتل رجل دين مسلم عام 2008، وذلك مع ستة أكراد آخرين نُفذت فيهم العقوبة ذاتها في سجن قزل حصار بمدينة كرج. 

فيما وثقت منظمات حقوقية، محلية وأجنبية، خروقات جمّة بشأن غياب أي تحقيق “عادل” بالتهم الموجهة للذين تم إعدامهم، واعتبرت أن الاعترافات نُزعت “قسراً” وتحت التعذيب كما يقول مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، التي مقرها النرويح، محمود أميري مقدم.

شددت منظمة العفو الدولية على أن الاتهامات الموجهة الى كريمي وآخرين معه في القضية ذاتها كانت بناء على “محاكمات جائرة بدرجة كبيرة شابتها تقارير عن تعذيب لانتزاع اعترافات”.

تضاعفت حالات الإعدام في إيران بنسبة 83 في المئة خلال العام الماضي مقارنة بالعام الذي سبقه (576 مقابل 314).  وذكرت منظمة العفو الدولية في بيان: “هذا الحرمان التعسفي من الحياة يجب أن يتوقف”، مشيرة إلى استهداف “أقلية البلوش، والتي لها نصيب بنحو 20 في المئة من عمليات الإعدام المسجّلة، بينما تشكل حوالى 5 في المئة من سكان البلاد”. 

تزامن الارتفاع في وتيرة الإعدامات مع بداية الاحتجاجات التي تحيي ذكرى مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد أفراد دورية “شرطة الأخلاق”. غير أن الحرب في غزة دفعت هذه الوتيرة باتجاه منحى أكثر سوءاً، فانشغال المجتمع الدولي بدور إيران الميداني والسياسي الذي برز مع عملية “طوفان الأقصى” شغل العالم عن انتهاكاتها الداخليّة. 

الصراع الإقليمي ستارة لإخفاء القمع

استدارة طهران لقمع الحراك في الداخل كشفت عن الاحتماء بظروف الصراع الإقليمي، وموقعها منه، لتحقيق أجندتها المحلية والخارجية. إذ إن حسابات طهران السياسية والبراغماتية جعلتها تباشر في إدارة الصراع من خلال تصعيد دقيق مدروس في الجبهة اللبنانية ثم تصعيد بمستوى أعلى في اليمن من خلال عسكرة الحوثي لمياه الخليج والقرصنة البحرية وتعطيل الملاحة الدولية، فضلاً عن ملاحقة المصالح الأميركية واستهداف القواعد العسكرية للولايات المتحدة في كردستان العراق. 

استراتيجية طهران التي اعتمدت على التوسع في الضغط في العراق واليمن، بخاصة مع تباعدهما جغرافياً عن إسرائيل، تؤشر إلى ميلها باتجاه كسب دور مزدوج بألا تفقد موقفها الرعائي لـ”المقاومة” ودعايتها عن “وحدة الساحات”، من جهة، وبعث إشارات لجهة إمكان الانخراط أكثر، وبصورة عملية، في دور تفاوضي سياسي كطرف وسيط في القضية الفلسطينية مع باقي القوى والفصائل، كحماس وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام، من جهة أخرى. 

وفي ظل هذه الأدوار المتفاوتة، يجد النظام الإيراني مرونة أو مساحة ليضاعف جرعة القمع والبطش بالمعارضة من دون أن يكون يتعرض لضغوط دولية وخارجية. 

نفّذت طهران حكماً بالإعدام بحق شاب عشريني هو ميلاد زهره وند، وكذا حميد رضا آذري (17 عاماً). اللافت، أن تنفيذ هذه الأحكام قد تزامن مع مؤتمر للناطق بلسان الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، منتصف الشهر الماضي، والذي أدان فيه قراراً غير ملزم للبرلمان الأوروبي بشأن انتهاكات إيران الحقوقية.

اعتبر كنعاني موقف البرلمان الأوروبي بأنه “تدخلي” ونتاج “النهج التدميري” لتيارات أوروبية ضد “الجمهورية الإسلامية”. وتابع: “قرار البرلمان الأوروبي المتطفل يشير إلى ارتباك عدد من الأطراف الأوروبية حول حقيقة قوى الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومواقفها المناهضة لقوى الاستكبار العالمي”.

ووصف المسؤول الإيراني “إجراءات (البرلمان الأوروبي) المسرحية وشعاراتها الإنسانية المزيفة” بأنها لن تنهي “سجلاتها المظلمة” في رعاية المجرمين المناهضين لإيران.

سبق وأن هاجم البرلمان الأوروبي الممارسات العدوانية بحق النساء في إيران، فضلا عن “القتل الوحشي” لمجرد عدم الامتثال لقواعد “شرطة الأخلاق”. وفي قرار (غير ملزم) اعتُمد بغالبية 516 صوتاً، مقابل 4 أصوات معارضة، وامتناع 27 عن التصويت، أدان البرلمان الأوروبي “بشدة التدهور المستمر في وضع حقوق الإنسان في إيران، والقتل الوحشي للنساء الذي ترتكبه السلطات الإيرانية، بما في ذلك قتل الحائزة جائزة ساخاروف لعام 2023 مهسا أميني”.

وطالب النواب الأوروبيون، وفق قرارهم، بضرورة “الإفراج الفوري عن كل ضحايا الاعتقال التعسفي والمدافعين عن حقوق الإنسان”، منهم الناشطة نرجس محمدي، الحائزة جائزة نوبل للسلام لعام 2023. فضلاً عن إنهاء “المضايقات القضائية” التي تتعرض لها المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان، نسرين ستوده.

 عرّج النواب الأوروبيون أيضاً على القوانين التمييزية، وكذا الاعتقالات العشوائية والتعسفية ونهج إيران في ما يعرف بـ”دبلوماسية الرهائن”، وطالب النواب الاتحاد الأوروبي بإطلاق استراتيجية أوروبية لمكافحة “دبلوماسية الرهائن” التي تبتزّ بها إيران الغرب وأميركا.

“المقاومة” وشرعنة القمع

أخفق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تطبيق “خطة إنقاذ” لانتشال النظام الإيراني من الأزمات الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية المضطربة. فلا تزال إيران أسيرة أيديولوجيتها وغير قادرة على التعاطي مع الواقع الإقليمي المرتبك بواقعية. وبالتالي، فإن خطة النظام هي تبني “سياسة المقاومة”، على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وعدم التعويل على الانفتاح على الغرب، كما يوضح الباحث المتخصص بالشأن الإيراني محمود حمدي أبو القاسم.

يوضح حمدي أبو القاسم لـ”درج”، أن رئيسي تابع توجهات إيران نحو الشرق بالتقارب مع روسيا والصين، ومتابعة سياسة الجوار لفتح منافذ لصادرات إيران عبر حدودها الممتدة مع دول الجوار، وتلبية حاجاتها، وذلك بعيداً من العقوبات الأميركية، الى جانب نهج الدبلوماسية الاقتصادية وتوسيع دائرة العلاقات مع الدول المناهضة للولايات المتحدة.

لكن هذه السياسة لم تفلح في أن تحل الأزمات التي ورثتها حكومة رئيسي جراء الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وفي الوقت نفسه كانت ندرة الموارد نتيجة العقوبات قد انعكست آثارها على نفوذ الملالي إقليمياً. وبقيت الساحة الداخلية “ملتهبة، وبالكاد تمكن النظام من السيطرة على الأوضاع الداخلية بعد مقتل مهسا أميني، إذ تابع سياسة قمع شديدة تعقب فيها الناشطين”، يقول أبو القاسم. الاصطفاف الأمني و”أمننة” الملفات السياسية والحقوقية والاقتصادية في إيران، هما طريقة “رئيسي” والنظام واستراتيجية عملهما راهناً “لمواجهة حالة التمرد على النظام، وقد نجحا بالفعل في السيطرة بالقوة على الشارع الإيراني”.

ونظراً الى كون الأوضاع المعيشية لا تزال متدهورة، فإن النظام يتوقع، بين حين وآخر، أن تنفجر الأوضاع في البلاد، وأن يتزايد زخم الاحتجاجات في أي وقت، خصوصاً أن الحكومة في إيران تواجه ظرفاً إقليمياً شديد التعقيد. فيما يشدد النظام من قبضته خشية انفجار الأوضاع بصورة قد تضر ببقائه وسيطرته، ومن ثم، فإنه “يسخّر الحرب الإسرائيلية الراهنة على غزة لتعزيز شرعيته، إذ يستغل النظام الحرب الإسرائيلية على غزة ومشاعر الغضب لتأكيد شرعيته وصحة وجهة نظره وتوجهاته المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل، ومن ثم، شجع النظام الاحتجاجات المناهضة للحرب على غزة، ووجد فيها فرصة لشغل الرأي العام عن قضاياه الداخلية”، وفق حمدي أبو القاسم.

وفي المحصلة، فإن هذه التطورات الإقليمية في غزة، قد منحت النظام فرصة كبيرة للسيطرة على الأوضاع في الداخل وتأميم الحراك من خلال محاصرته وقمعه بجرعة عنف زائدة. والى جانب توظيف ذلك الحدث لاستعادة شرعية النموذج السياسي لـ”المقاومة” وتوجهاته، فإن رئيسي اندفع باتجاه مواصلة تطبيق سياسة القمع بهذه الدرجة القصوى من دون الخشية من أي عواقب إثر الإعدامات والتضييق على المناطق الطرفية التي تسبب “صداعاً” للنظام، بتعبير الباحص المتخصص بالشأن الإيراني، والعودة الى التضييق على الحركة النسوية في الداخل بواسطة التشدد في تطبيق التشريعات القانونية كافة المتعلقة بالحجاب.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.