fbpx

قمة المناخ في دبي…اتفاقيات غير ملزمة ودون آليات قانونيّة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يتعين على قمة كوب٢٩ القادمة أن تتعامل مع ضرورة إنشاء هيكل أكثر قابلية للتنفيذ، لضمان التزام الدول بالتدابير المُتفق عليها، واتخاذ خطوات ملموسة نحو التخفيف من تغير المناخ. وفي ظل غياب مثل هذه الآليات، فإن المجتمع العالمي يخاطر بتكرار نمط القرارات المناخية ذات النوايا الحسنة التي لم يتم تنفيذها بشكل كاف. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يتردد سلطان الجابر رئيس قمة محادثات المناخ، أو ما يُعرف بقمة الأمم المتحدة للمناخ “Cop28 “بالإعلان عن نجاح القمة التي انعقدت مطلع الشهر وامتدت طوال أسبوعين واصفاً نتائجها بـ”التاريخية”،  لكن هل كانت فعلاً تاريخية؟ 

يصعب تقييم نتائج القمة بالأبيض والأسود، إذ كانت في منطقة رمادية فيها الإيجابي والسلبي، على رغم أن القرارات التي اتخذت في قمة المناخ كانت تغييرية أو تحويلية بمثابة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تعاني من أوجه قصور وثغرات عديدة. 

هناك تساؤلات حول  مدى التزام الدول الكبرى بتعهداتها بناء على واقع الوعود المتراكمة دون تحقيق الكثير منها، لأن تطبيق التعهّدات مسألة معقدة وتحتاج قرار سياسي فذ، ومن هذه الحقيقة، جاءت نتائج القمة ما بين البينين. 

التحول بعيداً لا التخلص من الوقود الأحفوري

من جهة، فشلت قمة المناخ في الوصول إلى اتفاق شديد الحزم حول الوقود الأحفوري يحثّ الدول على الحد من استهلاك “المضر الأكبر بالمناخ”،  أو (أضعف الإيمان) “التخلص التدريجي” من استهلاك الوقود الأحفوري، لكن  توصلت الوفود في قمة المناخ إلى اتفاق نهائي يدعو في المقام الأول إلى “التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة”.

تعتبر هذه المرة الأولى التي يقر فيها المجتمع الدولي بضرورة الانتقال بعيداًعن الوقود الأحفوري. وتجدر الإشارة إلى أن قمة كوب٢٦ في غلاسكو عام 2021 شهدت تعهدات تتعلق بالتخفيض التدريجي لطاقة الفحم فقط من بين الوقود الأحفوري والإلغاء التدريجي لدعم الوقود الأحفوري “غير الفعال”. 

أتى القرار بعد مفاوضات صعبة تطلبت يوماً إضافياً من العمل، كان حلاً وسط للخلافات بين الدول النامية والمنظمات والتحالفات المجتمعية المطالبة بالتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، وتحالف الدول المُصدرة للنفط التي تعارض الفكرة بشكل عنيد. ومع ذلك، العيب في هذا القرار أنه لايتضمن أي التزام قانوني أو آليات للتنفيذ، خاصة وأن العديد من الحكومات تعمل على توسيع إنتاجها من الوقود الأحفوري.

من نتائج القمة أيضا تعهد أكثر من 100 حكومة بمضاعفة قدرة العالم على الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030. ومع ذلك، حسب تحذير وكالة الطاقة الدولية في تقرير صدر لها تعقيباً على هذا التعهد، إن مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات لن يكون كافياً في حد ذاته للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية. 

الأمر الآخر الذي وصف بأنه إنجاز تاريخي في مؤتمر كوب٢٨، وهو إنشاء صندوق الخسائر والأضرار للدول الفقيرة المتضررة بشدة من تغير المناخ، يشرف على الصندوق البنك الدولي لمدة أربع سنوات.  وتعهدت عدة دول بما فيها الإمارات وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة واليابان، بتقديم أموال يبلغ مجموعها حوالي 700 مليون دولار

ومع ذلك، لا يزال الصندوق يعاني من نقص التمويل بشكل كبير، بالنظر إلى التكلفة الاقتصادية السنوية المتوقعة للخسائر والأضرار في البلدان النامية، والتي تقدر بنحو 400 مليار دولار بحلول عام 2023 ونحو 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2050. الأمر الذي يثير أسئلة كثيرة ومخاوف بشأن التوزيع العادل للموارد. هناك أيضاً معضلة أن بعض الدول المتقدمة مثل الصين والهند قد تستفيد من هذا الصندوق. 

يصعب تقييم نتائج القمة بالأبيض والأسود، إذ كانت في منطقة رمادية فيها الإيجابي والسلبي، على رغم أن القرارات التي اتخذت في قمة المناخ كانت تغييرية أو تحويلية بمثابة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تعاني من أوجه قصور وثغرات عديدة. 

مسؤولية أخلاقية دون التزام قانونيّ

من أبرز قرارات القمة اعتماد أول تقييم عالمي على الإطلاق في تاريخ مفاوضات المناخ. أهمية هذا التقييم تكمن بأنه يقيس الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، ويُقييم التقدم المُنجز في خفض الانبعاثات، والتكيف، وتقديم الدعم.

رسمت نتائج التقييم الرئيسية صورة قاتمة، إذ أكدت على عدم كفاية الإجراءات من قبل دول العالم المتعلقة بمسار 1.5 درجة مئوية، كما دق التقييم ناقوس الخطر إزاء ارتفاع درجة حرارة الأرض، وحث الدول على مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة، ومضاعفة المعدل السنوي العالمي لتحسين كفاءة الطاقة بحلول عام 2030، والتخفيض التدريجي من طاقة الفحم بلا هوادة، وضمان التحول العادل بعيداً عن الوقود الأحفوري.

معظم قرارات القمة جيدة نسبياً ولكن تشوبها مشاكل هيكلية، فمن الضروري معالجة التحديات الكامنة في تنفيذ القرارات المتخذة. وتتمثل إحدى المشاكل الرئيسية في الافتقار إلى إجراءات قانونية ملزمة، ما يسمح للحكومات بعدم التصرف بجدية إزاء المسؤولية البيئية الجماعية وتغليب مصالحها الاقتصادية. ولذا، غياب الآليات لتنفيذ تلك القرارات يزيد من فرص فشلها.

ذلك ليس بتحليل جديد، تاريخ محادثات المناخ السابقة وأهم قراراتها أثبت فشل الدول في الوفاء بالاتفاقات التي طالما افتقرت إلى آليات ملزمة وإرادة سياسية من قبل الدول الكبرى، وبالأخص الدول الأكثر إضراراً بالمناخ.

مثلاً، تعهدت الحكومات في اتفاقية كيوتو الصادرة في عام ١٩٩٧ بتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالكثير من الاستسهال، ودخلت الاتفاقية حيز التطبيق فقط عام ٢٠٠٥. ولكن الولايات المتحدة والصين ـ وهما الدولتان الأكثر إطلاقاً للانبعاثات في ذلك الوقت والآن ـ لم تطبقا الاتفاقية، إذ وقعت الولايات المتحدة على الاتفاقية، لكن الكونجرس لم يصادق عليها. 

وفي مثل آخر، نرى اتفاق كوبنهاجن المناخي لعام ٢٠٠٩ الذي تعهدت إثره الدول الغنية بتوفير الأموال للدول النامية من أجل الانتقال إلى الطاقة النظيفة. وعلى مر الأعوام تقاعست الدول الغنية عن الوفاء بالعهد وعموماً الأموال الموعودة لم تكف لتدارك “المشكلة”  مع تفاقم أزمة تغيّر المناخ. 

هناك أيضاً عدة اخفاقات في تحقيق أهداف اتفاقية باريس لعام ٢٠١٥، أهمها الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة، وإخفاقات أيضا في تحقيق قرارات قمة غلاسكو عام ٢٠٢١ أهمها التخلص التدريجي من الفحم. والقائمة تطول. 

بطبيعة الحال، القمة القادمة ستبدأ من حيث انتهت القمة السابقة. سيشهد شهر يونيو/ حزيرات القادم اجتماع المفاوضين مرة أخرى في مدينة بون الألمانية استعدادًا لقمة المناخ كوب٢٩ في أذربيجان.

يتعين على قمة كوب٢٩ القادمة أن تتعامل مع ضرورة إنشاء هيكل أكثر قابلية للتنفيذ، لضمان التزام الدول بالتدابير المُتفق عليها، واتخاذ خطوات ملموسة نحو التخفيف من تغير المناخ. وفي ظل غياب مثل هذه الآليات، فإن المجتمع العالمي يخاطر بتكرار نمط القرارات المناخية ذات النوايا الحسنة التي لم يتم تنفيذها بشكل كاف. 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.