fbpx

الأهالي يبحثون عن إجابات… مصير مجهول لـ”قارب موت” انطلق من لبنان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مضى أكثر من شهر على اختفاء القارب، الذي يحمل بين ركابه 35 طفلاً، على رغم المراسلات الكثيفة التي وجهتها المنظمات الحقوقية للسلطات القبرصية والتركية ودول الجوار، إلا أنها حتى اليوم لم تتلقّ أي إجابة تثلج قلب الأهالي، الذين يسعون إلى الحصول على أي خبر سواء يفيد بالموت أو الحياة، خبر يضع حداً لمعاناة الانتظار الطويلة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“هل يتخذ هذا التحرك اتجاهاً آخر؟ أم هو فقط لأجل القارب المفقود؟”، سؤال طرحه أحد العناصر الأمنية عليّ مراراً خلال قيامي بتغطية تجمّع لأهالي المفقودين، ضمّ ثلاثة أشخاص قدموا للتحرك أمام السفارة القبرصية، للمطالبة بالكشف عن مصير قارب مفقود منذ أكثر من شهر، يحمل على متنه 85 شخصاً من مهاجرين غير شرعيين.

قبل يومين، دعا أهالي المفقودين وسائل الإعلام لتغطية تحرّكهم أمام مبنى السفارة القبرصية في اليرزة، والذي كان من المتوقع أن يشارك فيه 15 شخصاً. لكن، وبعد طول انتظار، حضر ثلاثة أشخاص فقط من الجنسية السورية للمطالبة بالكشف عن مصير 85 شخصاً، فُقد أثرهم منذ انطلاق قارب الهجرة غير الشرعية من شمال لبنان إلى قبرص.

مضى أكثر من شهر على اختفاء القارب، الذي يحمل بين ركابه 35 طفلاً، على رغم المراسلات الكثيفة التي وجهتها المنظمات الحقوقية للسلطات القبرصية والتركية ودول الجوار، إلا أنها حتى اليوم لم تتلقّ أي إجابة تثلج قلب الأهالي، الذين يسعون إلى الحصول على أي خبر سواء يفيد بالموت أو الحياة، خبر يضع حداً لمعاناة الانتظار الطويلة.

3 أشخاص فقط أمام السفارة القبرصيّة

قد يبدو ما حصل أمام السفار القبرصيّة غير لافت للصحافة التي تستميلها التجمعات الحاشدة والصاخبة، لكنه يكشف الخوف والترهيب اللذين يعيشهما السوريون في لبنان. ذوو 85 شخصاً مفقوداً حضر منهم 3 أفراد فقط، حملوا صور أبنائهم وأشقائهم، ووقفوا بهدوء بلا هتافات ولا ضجة تثير قلق السفارة القبرصية. لكن، على رغم ذلك، تحرك خوف القوى الأمنية، وفجأة بدأت الآليات العسكرية والأمنية على اختلافها تتوافد إلى محيط السفارة. 

يبدو المشهد مؤلماً،  ثلاثة أشخاص فقط استجمعوا شجاعتهم للوقوف أمام باب السفارة، بينما امتنع الأهالي الآخرون الموجودون في لبنان  عن المثول خوفاً من الاعتقال،  سواء لمجرد مشاركتهم في التحرك أو لعدم حيازتهم أوراقاً ثبوتية. 

المشهد  هذا ما هو إلا  تجسيد حي لواقع السوريين في لبنان، الذين بات الخوف يسيطر على حياتهم.

 يلخص أحد الأهالي الذين امتنعوا عن الحضور سبب عدم قدرته على الظهور في الإعلام قائلاً: “منكون بواحد مفقود منصير بالكل”. الخوف من الترحيل هو كابوس السوريين الذين لجأوا إلى لبنان هرباً من قمع نظام الأسد، واليوم اختاروا الصمت وعدم المطالبة بمصير ذويهم المجهول، خوفاً من أن ينالوا المصير ذاته ويُسلموا إلى النظام السوري.

بهدوء، صرّح الأهالي لوسائل الإعلام، بعدها خضعوا لاستجواب “لطيف” من أحد عناصر القوى الأمنية، الذي اقترب من الأهالي للاستفسار عن خلفية التحرك، طارحاً عليهم أسئلة سريعة، قبل أن يعود ويكررها وكأنه يتحقق من تناغم الإجابات.

دخل العنصر بعدها بنفسه إلى مبنى السفارة، بعدما رفض إدخال رنا (واحدة من الأهالي) التي تحمل معها صورة شقيقها الذي فقد على القارب، والتقارير الطبية التي تثبت معاناته من العجز، ليعود ومعه رسالة شفوية مفادها: “يمكن الاستماع الى الأهالي عبر كتاب يحمله إلى الداخل محام أو منظمة أو الصحافة”، أما الأهالي فلا يمكنهم الدخول للسؤال عن أقاربهم.

 هذه الرسالة أنهت التحرك الخجول بالنسبة الى العناصر الأمنية، الذين نصحوا الأهالي بالمغادرة وإرسال طلب رسمي، فذلك برأيهم أفضل من الوقوف أمام السفارة، مع تكرار السؤال عما إذا كان سينضم المزيد من الأهالي الى التحرك.

يبدو المشهد مؤلماً،  ثلاثة أشخاص فقط استجمعوا شجاعتهم للوقوف أمام باب السفارة، بينما امتنع الأهالي الآخرون الموجودون في لبنان  عن المثول خوفاً من الاعتقال،  سواء لمجرد مشاركتهم في التحرك أو لعدم حيازتهم أوراقاً ثبوتية. 

مناشدات من أمام السفارة

“جينا لهون بدنا نستفسر، بدنا أولادنا نحنا، بدنا نعرف إنو طيبين ميتين”، بهذه الكلمات يلخص ممدوح العموري المنحدر من مدينة إدلب، معاناة الأهالي،  فهو والد المفقود أحمد العموري (20 عاماً)،  وقف حاملاً صورة ابنه على هاتفه، مشيراً إلى حالة ابنه الذي اضطر إلى الهجرة غير الشرعية نتيجة للأزمة المعيشية. يقول، “راحوا منهم بسبب التعتير والفقر، جايين لنسأل عن أولادنا ما جايين عشان شي تاني”.

كانت رنا حماده أول الحاضرين إلى محيط مبنى السفارة، حاملةً معها صورة شقيقها أحمد حماده (26 عاماً)، وتقارير طبية تثبت وضعه الصحي الخاص، إذ يعاني من عجز بسبب إصابة حرب، تقول لـ”درج”: “عندو عجز وكان رايح يتعالج ويشتغل”.

تضيف رنا أنها تلقت معلومات تشير إلى أن المفقودين موجودون في قبرص. وتؤكد حاجة العائلات الى معرفة مصير أحبائهم. 

انضمت رنا بعدها إلى ممدوح العموري و أحمد الجمل، وهو شقيق المفقود اسماعيل ابراهيم الجمل، والذي بدوره طالب عبر “درج” الجهات المعنية بالكشف عن مصير شقيقه وباقي الركاب، مضيفاً:  “بقبرص بسوريا او تركيا؟ وين راحوا بدنا نعرفهم وين راحوا عايشين أو ميتين أو حتى إذا بالسجن بدنا نعرف”. 

حضر الأهالي وحدهم إلى مبنى السفارة من دون مرافقة من المنظمات أو التجمعات الحقوقية، وغادروا عندما لاحظوا ازدياد عدد آليات العسكرية التي حضرت فور وصولهم.

تجاهل ولا إجابات

نشرت منظمة alarm phone منذ أيام، على حسابها في موقع “إكس”، “نشعر بالقلق إزاء اختفاء القارب في البحر، ولكن ليست لدينا معلومات تثبت ذلك أو تؤكد أي نتيجة أخرى. نطالب السلطات في لبنان، قبرص، تركيا، ومفوضية اللاجئين بإجراء تحقيقات إضافية لمعرفة مكان وجودهم”. 

لم يستجب أحد للمراسلات أو ضغوطات الأهالي عبر وسائل الإعلام. المحامي محمد صبلوح، مدير مركز سيدار للدراسات القانوني، أفاد “درج” بعدم تجاوب الوزارة الخارجية معه على رغم تقديم كتاب منذ أسبوعين، مضيفاً: ” تقدمت أمام وزير الخارجية بكتاب طالبته فيه بإجراء اتصالات دبلوماسية، ولكن للأسف لم تتواصل معي الوزارة ولم تصدر حتى بيان عن اختفاء 85 شخصاً”، ومؤكداً أنه سيمتثل لطلب السفارة القبرصية بتقديم كتاب رسمي لها في غضون أيام.

قوارب الموت باتت بمثابة الخيار الوحيد المتاح للاجئين الذين يعيشون ظروفاً اقتصادية واجتماعية بالغة القسوة في لبنان، فهم غير قادرين على العودة الى سوريا بسبب استمرار تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي وبسبب مخاوف التجنيد الإلزامي او الاعتقال التعسفي. فيما يعيشون أزمة اقتصادية بالغة الصعوبة  منذ عام 2019، العام الذي دخل فيه لبنان أزمة اقتصادية حادة تسببت بدفع أكثر من ثلثي اللبنانيين تحت خط الفقر، وهذا الأمر انسحب على اللاجئين.

 بحسب الأمم المتحدة، يعيش 9 من بين كل 10 لاجئين سوريين في فقر مدقع، كما أن نصف عدد اللاجئين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

خلال أقل من عامين، لقي أكثر من 2500 مهاجر غير شرعي مصرعهم أو فقدوا أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، بحسب ما أعلنته مديرة مكتب مفوضية الأمم المتحدة في نيويورك روفين مينيكديويلا، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي خُصّص لأزمة المهاجرين في البحر المتوسط، لافتة إلى أن “هذا الرقم يمثل زيادة بمقدار الثلثين مقارنة بـ 1680 شخصاً خلال الفترة نفسها من عام 2022”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.