fbpx

النسخة الإماراتيّة من  أوبريت “الحلم العربي”… الأمل كمخدِّر 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سعى القائمون على النسخة المحدّثة من الأوبريت، إلى ربطه بـ”صنّاع الأمل” الإماراتي الحكومي، ليخلو الأوبريت من أي قضايا مشتركة عربية، أو أي قضايا تثير غضب إسرائيل، ولا يبقى سوى الغناء عن الأمل كمخدّر، في أوطان مأزومة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعيد إحياء “أوبريت الحلم العربي” بمشاركة 11 فناناً عربياً في 26 فبراير/ شباط. الأوبريت الذي اشتهر عام 2000، اكتسب مكانته البارزة عقب انتفاضة الأقصى الثانية، التي أشعل شرارتها وزير الدفاع الإسرائيلي حينئذ أرييل شارون، عقب اقتحامه باحة المسجد الأقصى. 

غَدا الأوبريت، الذي أصبح معروفاً على نطاق واسع، رمزاً للتضامن والميلودراما القوميّة، إذ بُثّ على نطاق واسع عبر مختلف القنوات الفضائية العربية، التي كانت في الوقت ذاته مشغولةً بانتكاسات عربيّة عدة، منها حصار العراق.

أعيد إنتاج الأوبريت في نسخته “الجديدة” برعاية إماراتية، ضمن برنامج “صناع الأمل” في موسمه الرابع، ليتحوّل الحلم العربي، بالتضامن والوحدة مع قضايا الشارع العربي وانكساراته ومعاناته، إلى أوبريت مفرغ من كل قضية، مضمونه لا يختلف عن رؤية الإمارات للتطوير، مجرد كلمات تنمية بشرية، صالحة لشركات متعدّدة الجنسيات، لا أوطان وأمم، واجترار للأوبريت السابق عبر صور أرشيفيّة، وكأن الحلم ما زال حلماً مع بعض التعديلات لتفريغه من العاطفة القوميّة.

أما بالنسبة الى جهة الإنتاج، فـ”صنّاع الأمل” مبادرة حكومية من إمارة دبي، برعاية حاكمها، محمد بن راشد آل مكتوم، وتهدف وفق موقعها الرسمي الى “الاحتفاء بأصحاب العطاء في الوطن العربي”، وذلك عبر تكريم مبادراتهم ومشاريعهم وحملاتهم الإنسانية والخيرية والمجتمعية، وتحسين بيئاتهم.

“طلبوا واستجبنا”

تصاعُد أحداث العدوان الإسرائيلي الذي يتعرّض له قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والذي راح ضحيّته أكثر من 30 ألف غزّي، دفع الكثيرين إلى استعادة الأوبريت، والمطالبة بجزء ثان منه، ما دفع مؤلفه مدحت العدل إلى إعلان إعادة تقديم الأوبريت في دار الأوبرا المصرية، ثم عاد وأعلن تأجيله إلى أجل غير مسمى، قبل أن يصرح بأن “الأوبريت سيقدَّم بمبادرة سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اللي هي صناع الأمل… فلقوا أن دي تحيي الأمل في الحلم العربي تاني… فطلبوا واحنا استجبنا وسعداء بالوجود”.

أصرّ العدل في تصريحاته على أن الأحداث في غزة هي الدافع لإعادة تقديم الأوبريت، بعدما أصبحت “أكثر أغنية مطلوبة على محرك البحث غوغل”، وأن” رسائل (الحلم العربي) هي واحدة من أسباب التفكير في إعادة تقديمها، من خلال بثّ مباشر، مع تصاعد الجرائم الإسرائيلية الوحشية، وما نراه من موقف دولي مخجل ولا إنساني، يصل لدرجة التواطؤ”.

 تصريحات العدل تشبه خُطب الكثير من الساسة العرب، إذ تقول شيئاً، وتفعل شيئاً آخر. وعلى رغم صدق نواياه، حذف، بناء على طلب مؤسسة صناع الأمل الإماراتية، المقاطع غير المرغوب فيها من الأوبريت، والمرتبطة حقاً بالقضية الفلسطينية والواقع العربي الذي لم يزد، بعد 28 عاماً من عرض الأوبريت للمرة الأولى عام 1996، إلا تأزماً وضياعاً، كموقف الحكام العرب المتخاذل من الإبادة الجماعية في فلسطين، وتعرّض الشعب السوري لإبادة مماثلة على يد الأسد، وفشل ثورات الربيع العربي، وتردّي الواقع سياسياً واقتصادياً، والتمزقات في العراق واليمن ولبنان وغيرها من الدول العربية.

وفق وجهة نظر أحد الكتاب الإماراتيين، صارت نسخة الأوبريت الحالية أفضل؛ لأنه صار – على حد تعبيره- خالياً من “الكراهية والسياسة”، أي خالياً من الموضوع، وهو المطلوب ربما.

أوبريت بلا مشاعر وطنيّة

قُدم أوبريت الحلم العربي في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1996، في مهرجان حمل الاسم نفسه في أبو ظبي بالإمارات، وكتب الشاعر مدحت العدل كلماته المكوّنة من 17 بيتاً، في حين شارك في صياغة 3 أبيات باللهجة الخليجية، الكاتب الإماراتي سالم الخالدي، ووضع الألحان حلمي بكر وصلاح الشرنوبي، وتولى التوزيع حميد الشاعري.

أعيد تقديم الأوبريت عام 1998 في ساحة الشهداء في بيروت تزامناً مع الذكرى الـ50 لنكبة 1948، والتي شهدت إعلان إقامة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية. شهد الحفل حضور 700 ألف شخص، فيما كان لبنان يعيش احتلالاً إسرائيلياً يماطل في الانسحاب من الجنوب، ما يعني أنه حتى لو اخْتُزِل حلم التضامن العربي في أغنية، لكننا أمام رمز لذلك التضامن العابر للدول العربية، ويعني نجاحه أنه تعبير عن رغبة شعوبها.

أُعِيد  قبلها تسجيل كليب “الحلم العربي” وتصويره، بمشاركة 21 مطرباً ومطربة من مختلف الدول العربية، و100 عازف موسيقي، وتولى الإخراج طارق العريان. وفي بداية الكليب، وجّه الفريق الشكر لدولة الإمارات، وتلفزيونها الذي أمدّ صُناعه بمادة أرشيفية، ليكتسب الأوبريت شهرته الأكبر مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

تضمّنت نسخة الكليب القديم مواد تصوّر الاشتباكات بين المدنيين الفلسطينيين وجنود إسرائيليين، وشخصيات تاريخية ذات صلة بأحداث بارزة في الدول العربية، ما زال العالم العربي يدفع ثمنها حتى اليوم، مثل نكسة 1967 وتنحي عبد الناصر عن الحكم، واجتياح إسرائيل لبنان في 1982 ومذابح صبرا وشاتيلا.

أما في النسخة الجديدة، التي اختزلت الأوبريت الأصلي من 19 دقيقة إلى أربع دقائق ونصف الدقيقة، فغابت هذه المقاطع كلها، بما في ذلك لحظات الانتصار القليلة التي عاشها المصريون من خلال اقتحام خط بارليف في 1973 وتحرير أراضٍ مصرية احتلّتها إسرائيل.

تضمّنت النسخة الجديدة من الأوبريت أيضاً، تغييراً في الكلمات وحذف مقاطع، بالإضافة إلى مشاركة فنانين جُدد بدلاً من الفنانين في النسخة الأولى، وهم عاصي الحلاني، صابر الرباعي، بلقيس، محمد عساف، ماجد المهندس، و”أبو”، إلى جانب فنانين شاركوا في النسخة القديمة، ومنهم أحلام، أصالة، أحمد فتحي، إيهاب توفيق، وليد توفيق، وعمر العبداللات، مع استبعاد بارز للمطرب التونسي لطفي بوشناق، المعروف بموقفه الواضح والحاد ضد التطبيع مع إسرائيل والداعم للقضية الفلسطينية، التي خلا الأوبريت من أي إشارة إليها.

من بين الجمل المحذوفة:”محتاج العدل القوة علشان تقدر تحميه، ولا عمر بكلمة وشكوى حق بيرجع أراضيه”، و”الحب اللي ناره شراره وعيون مليانة بشارة، بيعيد تكوين العالم، أطفال بإيدها حجارة”، كما أُضِيفَت عبارة “العالم كله يجري ويسابق من حوالينا، لازم نتقدم نجري بالعلم بعزم ما فينا”. 

الأمل كمخدّر

سعى القائمون على النسخة المحدّثة من الأوبريت، إلى ربطه بـ”صنّاع الأمل” الإماراتي الحكومي، عبر عبارة على لسان المغنية الإماراتية أحلام: “صنّاع الأمل اتلموا علشان الحلم كبير، الإيد بالإيد هيضموا للنهضة وللتعمير”، ليخلو الأوبريت من أي قضايا مشتركة عربية، أو أي قضايا تثير غضب إسرائيل، ولا يبقى سوى الغناء عن الأمل كمخدّر، في أوطان مأزومة، أزماتها أكبر من بضع كلمات محفّزة، كالعدل وحقوق الإنسان والحرية والتضامن العربي.

الحرص على عدم الإشارة إلى القضية الفلسطينية، بلغ أن يظهر المطرب الفلسطيني محمد عساف، وهو ابن غزة، لكنه حاصل على الإقامة الذهبية في الإمارات، من دون علم أو كوفية فلسطينية.

يأتي ذلك فيما تسارع الإمارات الى التطبيع مع إسرائيل بشكل غير مسبوق، وفتح خط “إمداد برّي” يمر عبر السعوديّة والأردن حسب القناة 13 الإسرائيليّة، والهدف منه “الالتفاف على الحصار البحري الذي ضربه الحوثيون في البحر الأحمر”.

يسهل الربط بين السلام “الإبراهيمي”، نسبة إلى اتفاقية التطبيع الإسرائيليّة مع الإمارات، وبين نزع كل ما هو شائك من الأوبريت، وقد يكون الدافع هو الحرص على ألا يُنتج الأوبريت بنوايا إدانة إسرائيل، وهي النوايا التي أعلن عنها مدحت العدل، مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، قبل تحوُّل دفة المشروع من الأوبرا المصرية إلى برنامج صناع الأمل الإماراتي.

نجح الحليف العربي الأقوى لإسرائيل في ما أراد، فبغضّ النظر عن التقييم الفني للأوبريت، وسذاجة كلماته في مقاطع كثيرة، إلا أنه أثبت خلوده عبر عقود، وقدرته على إثارة الزخم في الشارع العربي، ليتحوّل إلى أغنية تستبدل القضايا بأحلام الارتقاء الطبقي، والبهرجة الكاذبة السطحية، وتفريغ القضية الفلسطينية من محتواها، أغنية ميلودرامية- نوستالجيّة، لا تختلف عن البروشورات السياحيّة بشيء.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.