fbpx

فرنسا والإسلام… الدولة تُنظّم عمل الأئمة لوقف “النفوذ الأجنبيّ”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التوقف عن استقبال أئمة موفدين هو ترجمة لقرار اتخذه إيمانويل ماكرون في العام 2020، لا يعني ذلك رفض فرنسا تواجد أئمة أجانب على أراضيها، إنما المطلوب عدم ارتباطهم بأية جهة غير فرنسية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

إعلان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان عن الشروع في إرساء إطار إداري ينظم عمل الأئمة في فرنسا ليس طرحاً جديداً، بل كان يتم العمل عليه منذ نحو عامين. لكن تناوله في ختام أعمال الدورة الثانية من “منتدى الإسلام في فرنسا”، في 26 شباط/ فبراير، منحه دفعاً سياسياً. هذا المنتدى الذي تأسس في شباط/ فبراير 2022 كملتقى للحوار بين الدولة الفرنسية ومسلمي فرنسا، يضم 86 عضواً من أئمة وممثلي جمعيات ومسؤولين محليين ونشطاء في المجتمع المدني. 

دارمانان طلب من المنتدى العمل على بلورة “الإطار الإداري” خلال ستة أشهر، فقانون عام 1905 الذي يفصل بين الدولة والكنيسة يحظر على الدولة الفرنسية التدخل والانغماس في المسائل الدينية. بالتالي، لا شأن لها في أي نشاط ذي وجه ديني، دورها ينحصر في التأكد أن لا تؤدي الممارسة الدينية إلى إخلال بالنظام العام، كالدعوة إلى العنف مثلاً. 

وظيفة الإمام تفتقد إلى التنظيم داخل فرنسا، لغياب نصوص توضح المعايير والمؤهلات التي تسمح لهذا الشخص أو ذاك بأدائها. أما من زاوية المردود المادي، الاضطلاع بهذه المهام والمسؤوليات ليس مغرياً، التفرغ للعمل كإمام لا يوفر دخلاً ثابتاً، ولا يمنح صاحبه أية رعاية صحية أو راتباً تقاعدياً ما يدفع البعض لأدائها بشكل تطوعي. 

من جهة أخرى، نحو 10% من أئمة فرنسا من الموفدين، أي أرسلوا من دول أخرى (تركيا، الجزائر، المغرب)، يسود اعتقاد بارتباطهم عقائدياً ومادياً بجهات الخارجية. تثير هذه الشريحة الكثير من اللغط، لا سيما بعد العمليات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا.

غياب المرجعية الإسلاميّة

يدور حديث في وسائل الإعلام، وعلى ألسنة بعض السياسيين عن دور هؤلاء الأئمة في تجنيد شبان و”حثهم على الجهاد” وخطبهم التي تتناقض مع قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية. آخر فصول هذا التوتر جرى قبل أيام من انعقاد المنتدى، حين أعلن دارمانان عن ترحيل الإمام التونسي مجوب المحجوبي، بعد انتشار مقطع مصور له يصف العلم الفرنسي بالشيطاني، ويشبهه بالغرغرينا، وأنه يتقدم على راية “لا إله إلا الله”. 

خلافاً لباقي الديانات والمذاهب، لا يملك مسلمو فرنسا مرجعية موحدة، وهو ما ينعكس في جانب منه على نشاط الأئمة، الإطار المنشود الذي أعلن عنه دارمانان ثلاثي الأهداف: التوقف عن استقدام أئمة موفدين، تأهيل على صعيد المعرفة الدينية وتوفير معيشة لائقة. 

بحسب دارمانان، من شأن هذا الإطار الإداري المنتظر التصدي للانطباع السائد أن “الإسلام ديانة أجنبية، يعتنقها أجانب ويمولها أجانب”، بالتالي يجب توفير ما يلزم كي يحظى المسلمون “بكوادر دينية يتقاضون أجراً كريماً، مندمجين في المجتمع الفرنسي، وتشملهم الرعاية الاجتماعية”.

التوقف عن استقبال أئمة موفدين هو ترجمة لقرار اتخذه إيمانويل ماكرون في العام 2020، لا يعني ذلك رفض فرنسا تواجد أئمة أجانب على أراضيها، إنما المطلوب عدم ارتباطهم بأية جهة غير فرنسية، وفقاً لدارمانان الذي أضاف شروطا تتمثل في إتقان اللغة الفرنسية والاندماج في المجتمع الفرنسي. بمعنى آخر، يجب أن يقود مسلمو فرنسا كوادر من ابنائها، وعلى تماس مع ثقافتها وقيمها. 

فيما يخص التأهيل الديني والأكاديمي، هناك معاهد على الأراضي الفرنسية تساهم في تأهيل الأئمة، أبرزها المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية (MESH) ومعهد الغزالي والمدرسة الوطنية للكوادر الدينية والخطباء المسلمين (ENGRAM)

الإشكالية أن التأهيل الديني في فرنسا ليس مركزياً وهو حديث نوعاً ما، إذا ما قورن بفرص التحصيل في معاهد مرموقة خارج فرنسا. من جانب آخر، مهنة الإمام غير مغرية داخل فرنسا لمحدودية آفاقها المهنية والمادية ما يضعف العرض لعدم توفر الطلب. بالتالي تطرح علامات استفهام حول معايير تعيين الأئمة ومؤهلاتهم لممارسة هذا النشاط في فرنسا. 

لكن استحداث إطار إداري لأئمة فرنسا قد يدفع إلى الاستثمار في هذه المراكز: عميد مسجد باريس الكبير شمس الدين حفيظ أعلن في 12 كانون الثاني/ يناير 2024 عن تأسيس معهد لتأهيل الأئمة في فرنسا. هذا المعهد الذي سيبصر النور في أيلول المقبل سيوفر لطلابه تأهيلاً على مستويين: العلوم الدينية من جهة والعلاقة مع المؤسسات الرسمية الفرنسية وقوانينها المرعية.

فيما يخص الجوانب المادية، الغاية من هذا الإطار الإداري التأكد أن مصدر دخل الأئمة في فرنسا من ميزانيات الجمعيات والمساجد المحلية. صحيح الدولة الفرنسية لا تتدخل في تنظيم الشؤون الدينية كما لا تمول أي نشاط ديني، لكنها قادرة على توفير الرعاية الاجتماعية والصحية لهؤلاء الأفراد ومنحهم رواتب تقاعدية شأنهم شأن جميع العاملين على الأراضي الفرنسية، ما قد يشكل عامل إغراء وجذب لعناصر جديدة. 

لكن هذا الهدف دونه عوائق، أبرزها قدرة المساجد أو الجمعيات المحلية على تحمل هذه النفقات المستجدة، أي تسديد رواتب الأئمة وكافة الرسوم والضرائب الأخرى (الضمان الصحي، صندوق التقاعد…) شأنها شأن أي رب عمل. وعليه، من الوارد الالتفاف على الأمر بحيث يقوم المصدر الممول بتحويل مبلغ مالي للجمعية ليدخل في ميزانيتها، وتسدده بدورها للإمام، ما يتيح للأئمة بتلقي رواتبهم من ذات الجهة إنما بآلية مختلفة، ما يثير تساؤلات حيال الشفافية المالية والإدارية. 

انقسامات الإسلام في فرنسا

مطب آخر قد يعترض هذا المشروع وفقاً للكاتبة والباحثة في الفلسفة والدراسات الإسلامية رزيقة عدناني، وهو الخلافات الداخلية بين المؤسسات الدينية الإسلامية. 

في حديث لـ”درج” ضربت عدناني عدة أمثلة، كالتباينات بين المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ومنتدى الإسلام في فرنسا أو الانقسامات بين مختلف المذاهب. 

توضح عدناني أن الإسلام في فرنسا متعدد التيارات والمذاهب، بالإضافة إلى انقسام السنة إلى عدة اتجاهات نجد كذلك المذهب الشيعي، تلمح عدناني إلى وجود قصر نظر لدى الدولة الفرنسية التي “لا تأخذ بعين الاعتبار هذه الانقسامات الموجودة داخل الإسلام نفسه”.

عدناني وهي عضو المجلس التوجيهي لمؤسسة إسلام فرنسا وصاحبة عدة مؤلفات باللغتين العربية والفرنسية، ليست كثيرة التفاؤل حيال إعلان دارمانان الذي ستنحصر مفاعيله في الوضعية الإدارية للأئمة. لا تعتبرها خطوة سلبية، لكنها لن تؤدي “إلى التغيير الذي يحتاجه الإسلام كدين”.

تذكر عدناني أنه “ليس الإعلان الأول من جانب الدولة الفرنسية بشأن الإسلام، إذ سبقته مبادرات لم تتمكن أي منها من تقديم إجابات فعلية للإشكاليات التي يطرحها الإسلام، وتسبب قلقا للفرنسيين”، مستحضرة في هذا السياق قضية الإمام المحجوبي. 

برأي عدناني “يجب إحداث التغيير داخل الإسلام نفسه لتخليصه من هيمنة الماضي وجعله متكيفاً مع قيم المساواة بين الرجل والمرأة واحترام الكرامة الإنسانية والفصل بين الدين والدولة”. 

تذكر الباحثة أن العالم الإسلامي لم يبد أي غضب أو انزعاج تجاه ما تقوم به طالبان في أفغانستان من انتهاك لحقوق الإنسان بصورة عامة وحقوق المرأة على نحو خاص، بالمقابل اجتمعت منظمة العمل الإسلامي للتنديد بحرق المصاحف في السويد. 

الأولوية بنظر رزيقة عدناني ليست للعمل على تحديد معالم هذا الإطار الإداري بقدر التوصل إلى حلول ناجعة للمشاكل التي يطرحها الإسلام في فرنسا، وفي العالم الإسلامي بشكل عام. تتوقف عدناني عند انتشار خطاب داخل فرنسا يكرر دائماً “أن المشكلة ليس الإسلام، وإنما الفهم الفاسد للإسلام”.

ترى عدناني أن مقترح وزير الداخلية لا يحفز على البحث عن الحلول لمشاكل الإسلام من الداخل، إنما يدفع لمقاربة الأمر من خارجه وهذا ليس حلاً، فمع انتشار التطرف والأصولية والتعصب، يريد الفرنسيون الشعور بالأمان خاصة وأن بلادهم ليست بمنأى عن هذه الموجة. وعليه، إعلان دارمانان لا يسير في هذا الاتجاه، ولن يساهم في تخفيف التوترات.  

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 16.05.2024

“مفاتيح دبي”: عن علاقة إلياس بو صعب ببرج نورة الإماراتي!

برز الياس بو صعب كشخصية محورية في لبنان في السنوات الأخيرة الماضية وضجّت مؤخرًا وسائل الاعلام بخبر فصله من التيار الوطني الحر. تكشف وثائق مشروع "مفاتيح دبي" بالتعاون مع مشروع "الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد" OCCRP، عن امتلاك بو صعب ستة عقارات في برج نورة الاماراتي. تبلغ القيمة التقريبية للعقارات نحو 6.5 مليون دولار أميركي.