fbpx

الوفد اللبناني في اجتماعات صندوق النقد: استعصاء الإصلاح!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بينما يتخبط لبنان منذ أكثر من 4 سنوات في أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه ومن الأسوأ في العصر الحديث، يشارك الوفد اللبناني في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المنعقدة في واشنطن بين 15 و20 نيسان/ أبريل 2024. تأتي المشاركة من دون رؤية واضحة أو جدّية لتحقيق الإصلاحات التي نصّ عليها اتفاق لبنان المبدئي مع صندوق النقد الدولي في نيسان 2022.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يضمّ الوفد اللبناني عدداً من الوزراء والنواب والمصرفيين، من بينهم نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ووزير الاقتصاد أمين سلام، وحاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة وسيم منصوري وغيرهم.

 تمتلك كلّ جهة مشاركة أو مجموعة من المشاركين أجندة خاصة، فلا اتفاق بينهم ولا نقاط محدّدة لتُنَقاش حسب ما تبيّن.، إذ يقول الخبير الاقتصادي توفيق كسبار لـ”درج”: “إن السلطات اللبنانية غير جدّية على الإطلاق في ما يتعلق بأي عمل إصلاحي وبأي شيء تقوله عن الإصلاح”.

يقول النائب وعضو كتلة “تحالف التغيير”، مارك ضو، المشارك ضمن الوفد اللبناني في واشنطن، في مقابلة لموقع “درج”: “الهدف الأساسي من الزيارة هو أن أؤكد مواقف المعارضة… وأن المواقف التي يعطيها إن كان الرئيس [نبيه] بري أو حكومة [نجيب] ميقاتي لا تمثّل… كل وجهات النظر ضمن المجلس النيابي، وبالتالي هناك وجهة نظر ثانية اليوم في الملفات الأساسية في البلد ويجب سماعها”.

في 5 نيسان 2024، صدر عن بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان وسفارات الدول الأعضاء الممثلة في بيروت، بيان جاء فيه:

 “قبل عامين، في 7 نيسان 2022، اتفق لبنان وصندوق النقد الدولي على برنامج خطوات وإصلاحات، كان من شأن تنفيذه أن يوفر مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار، ودعماً إضافياً من الدول المانحة، ويضع لبنان مجدداً على مسار التعافي، ويعيد له صدقيته الدولية. إلا أنه ويا للأسف، لم يتم تحقيق سوى تقدُّم محدود”. 

من هنا، تأتي أهمية مشاركة أصوات عدّة ضمن الوفد اللبناني إلى واشنطن، بحسب ضو، “برأيي هذه الاجتماعات فائقة الأهمية لأنه لا بدّ لنا اليوم أن نبيّن لكل الهيئات الدولية أن هناك أشخاصاً جديين في عملية الإصلاح في لبنان ويتابعونها ويريدون الإنجاز، في مقابل التعطيل، أي من يعطّل انتخاب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة، وإنجاز اتفاق مع صندوق النقد، واستكمال تنفيذ 1701، ويعطل حتى إنجاز اتفاق الطائف بما يتطلب من خطوات كانت إصلاحية، بخاصة منها تسليم كامل السلاح للدولة، وغيرها من الإصلاحات التي اتفق عليها منذ أربعين سنة”.

الإصلاحات المنتظرة!

لا بدّ من التذكير بأنّ خطة السلطات اللبنانية بالاتفاق مع صندوق النقد تقوم على خمس ركائز أساسية:

“إعادة هيكلة القطاع المالي لكي تستعيد البنوك مقومات الاستمرار وقدرتها على تخصيص الموارد بكفاءة لدعم التعافي؛

تنفيذ إصلاحات مالية تضمن، مع إعادة الهيكلة المقترحة للدين العام الخارجي، بقاء الدين في حدود مستدامة وخلق حيز للاستثمار في الإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار والبنية التحتية؛

إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، ولا سيما قطاع الطاقة، لتقديم خدمات ذات جودة من دون استنزاف الموارد العامة؛

تعزيز أطر الحوكمة ومكافحة الفساد ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بغية تدعيم الشفافية والمساءلة، بما في ذلك عن طريق تحديث الإطار القانوني لمصرف لبنان وترتيبات الحوكمة والمساءلة؛

إقامة نظام للنقد والصرف تتّسم بالموثوقية والشفافية”.

في هذا السياق، يقول توفيق كسبار، لـ”درج”: “منذ أكثر من سنتين، لم تجرِ السلطات اللبنانية أي إصلاح واحد من البرنامج الإصلاحي الذي قدمته هي لصندوق النقد الدولي ولا حتى أبسطها، مثل تعيين هيئات ناظمة للكهرباء والاتصالات وصولاً إلى الإصلاحات المتعلقة بإعادة هيكلة الجهاز المصرفي”.

 تقييم لبنان 

نشرت الـ MENA FATF أو “مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، وهي هيئة إقليمية تعمل كفرع من مجموعة العمل المالي (FATF)، وتكرس جهودها لتعزيز مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقريرها عن لبنان في كانون الأول/ ديسمبر 2023. 

“مجموعة العمل المالي”، FATF أو الـ Financial Action Task Force، منظمة حكومية دولية تُصمّم وتروّج للسياسات والمعايير لمكافحة الجريمة المالية، بما في ذلك غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتضع FATF المعايير الدولية من خلال توصياتها الأربعين.

عملية التقييم المتبادل Mutual Evaluation Report هي طريقة تستخدمها FATF وهيئاتها الإقليمية مثل MENA FATF لتقييم مدى امتثال الدول الأعضاء للتوصيات الأربعين لـ FATF، وتقييم إجراءات الدول لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

يظهر التقرير الأخير للبنان الذي نشرته الـ MENA FATF في كانون الأول 2023، أن لبنان تم تقييمه بأنه “متوافق” في 9 توصيات و”متوافق إلى حد كبير” في 25 من التوصيات الأربعين لـ FATF. 

ومع ذلك، تم تقييمه بأنه “فعال للغاية” أو “فعال بشكل كبير” في صفر من الـ 11 مجالاً من مجالات الفعالية في إجراءاته لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بينما كان متوسط الفعالية في معظم المجالات. 

أهم ما يكشفه  تقريرMENA FATF عن لبنان من ناحية النتائج قريبة المدى المرتقبة وفعاليتها
النتيجة الفورية المرتقبةتقدير الفعالية 
فهم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتنسيق الإجراءات على الصعيدين المحلي والدولي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار الأسلحة.مستوى الفعالية متوسط. هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة.
التعاون الدولي يوفر المعلومات المناسبة والمخابرات المالية والأدلة، ويسهل اتخاذ الإجراءات ضد الجرائم وأصول الجناة.مستوى الفعالية متوسط. هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة.
يقوم المشرفون بالإشراف والرصد والتنظيم السليم للمؤسسات المالية وغير المصرفية التي تقوم بأنشطة مالية ومقدمي الخدمات الأساسية الافتراضية بما يتوافق مع متطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بناءً على المخاطر التي تشكلها.مستوى الفعالية متوسط. هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة.
تطبق المؤسسات المالية وغير المصرفية التي تقوم بأنشطة مالية ومقدمي الخدمات الأساسية الافتراضية إجراءات وقائية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بشكل مناسب مع مخاطرها، وتقوم بالإبلاغ عن المعاملات المشبوهة.مستوى الفعالية متوسط. هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة.
يتم منع استخدام الأشخاص القانونيين والأنظمة لغسل الأموال أو تمويل الإرهاب، وتكون معلومات الملكية المنفعية المتعلقة بهم متاحة للسلطات المختصة من دون عوائق.مستوى الفعالية متوسط. هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة.
تستخدم المخابرات المالية وجميع المعلومات الأخرى ذات الصلة بشكل مناسب من السلطات المختصة للتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.مستوى الفعالية متوسط. هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة.
يتم التحقيق في جرائم غسل الأموال وأنشطة المتورطين فيها، وتتم محاكمة المخالفين وفرض عقوبات فعالة ومتناسبة ورادعة عليهم.مستوى الفعالية منخفض، أي أن النتيجة الفورية لم تتحقق أو تحققت إلى حد ضئيل. هناك حاجة إلى تحسينات أساسية.
يتم استصدار الأرباح وأدوات الجريمة.مستوى الفعالية منخفض، أي أن النتيجة الفورية لم تتحقق أو تحققت إلى حد ضئيل. هناك حاجة إلى تحسينات أساسية.
يتم التحقيق في جرائم وأنشطة تمويل الإرهاب، وتتم محاكمة الأشخاص الذين يموّلون الإرهاب وتعريضهم لعقوبات فعّالة ومناسبة ورادعة.مستوى الفعالية متوسط. هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة.
يتم منع الإرهابيين والمنظمات الإرهابية وممولي الإرهاب من جمع وتحريك واستخدام الأموال، ومن إساءة استخدام قطاع المنظمات غير الحكومية.مستوى الفعالية متوسط. هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة.
يتم منع الأشخاص والكيانات المشاركة في انتشار أسلحة الدمار الشامل من جمع وتحريك واستخدام الأموال، وذلك وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.مستوى الفعالية متوسط. هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة.

في ما يخصّ الامتثال بتوصيات الـ FATF الأربعين، فلبنان مقصّر في المجالات التالية (أي يحمل تصنيف الامتثال جزئي Partially Compliant):

التوصية 3: جريمة غسل الأموال.

التوصية 15: التكنولوجيا الجديدة.

التوصية 25: الشفافية والملكية المستفيدة للترتيبات القانونية.

التوصية 28: التنظيم والرقابة على الكيانات والمهن غير المالية. 

التوصية 38: المساعدة القانونية المتبادلة: تجميد ومصادرة.

التوصية 39: تسليم المتورطين Extradition.

لم تدرج المنظّمة لبنان على “اللائحة الرمادية” العام الماضي في حزيران/ يونيو 2023، خلافًا لما اعتقده الكثيرون آنذاك، وذلك بعد تلقّي لبنان تحذيراً من هيئة مراقبة الجرائم المالية الفرنسية في أواخر أيار/ مايو، بأن “ثمة نقطة واحدة فوق الحد المطلوب للإدراج في القائمة الرمادية”، بحسب Forbes Middle East، على أن يقوم بإجراءات تصحيحية في الفترة المقبلة.

المصدر: موقع الـ FATF 

بحسب موقع “أطلس عالم الأوف شور” Atlas of the Offshore World، الذي يكشف من يمتلك عقارات بحرية في ست مدن ومناطق عالمية، تحديداً في لندن، باريس، كوت دازور، دبي، سنغافورة، وأوسلو، وذلك كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، يحتل لبنان المرتبة الثانية عربياً والعاشرة عالمياً بنسبة 11 في المئة لعام 2019.

يختم النائب مارك ضو قائلاً: “نريد أن نؤكد استمرارية الالتزام بالاتفاق الموقّع معهم [صندوق النقد الدولي]… الهدف أن نبدأ برؤية النتائج التي نطمح إليها، وأن تكون هناك ضغوط أكثر لناحية إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد لإنهاء حالة العجز والتعطيل القائمة في لبنان”.