fbpx

جولات محمد بن سلمان: هل نجا ولي العهد من جريمة قتل خاشقجي؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع إعادة اصطفاف قيادات عربية ودولية إلى جانب النظام السعودي، يُطرح بقوة السؤال حول ما إذا كان بن سلمان قد نجا فعلا ًمن تبعات جريمة خاشقجي…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 الشاشات المحلية اكتظت بضيوف ومعلقين أسبغوا المدائح بالعلاقات المصرية السعودية، فيما نقلت فيديوهات مشاهد لمواطنين مصريين اصطفوا على الطريق لتحية ولي العهد محمد بن سلمان خلال زيارته إلى مصر.

صور حرص كل من الإعلام المصري الرسمي والإعلام السعودي على إظهارها وتكرارها باعتبارها تظهر حفاوة الاستقبال الذي يلاقيه بن سلمان. هذه المشهدية بدت محاولة للرد على الحملات التي انتشرت منددة باستقبال بن سلمان من قبل قادة دول عربية ودولية في جولته الراهنة..

ومصر هي المحطة الثالثة في جولة دولية لبن سلمان بدأها بزيارة الإمارات والبحرين وسيستكملها في دول ثانية، في رحلة هي الأولى للأمير بعد جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول واعتراف النظام السعودي بمسؤولية موظفين كبار فيه عن الجريمة.

بعد مصر توجه بن سلمان إلى تونس ومن ثم إلى العاصمة الأرجنتينية بيونيس آيرس لحضور قمة مجموعة العشرين مع أنباء غير رسمية عن رفض الجزائر والمغرب للزيارة.

حفاوة مصرية

في القاهرة، حرص نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحليف القوي للمملكة أن يظهر حفاوة مبالغاً فيها في الاستقبال، فتم حشد عدد من المواطنين إلى ميدان التحرير رافعين أعلام السعودية ترحيباً بالزيارة. والمفارقة أن حشد المواطنين يحصل فيما كان النظام المصري قد منع التجمع أو التظاهر في أيٍ من شوارع مصر منذ قرابة 5 سنوات تقريباً.

لكن الاستقبال الرسمي الحافل لم يحجب أصوات الاحتجاج والاستنكار للزيارة،فقد انتشر على السوشيال ميديا المصري هاشتاغ  “زيارة المنشار عار“، وأعرب كثيرون عن رفض استقبال ولي العهد بسبب مسؤوليته عن جرائم حرب في اليمن والكارثة الإنسانية هناك، إلى جانب مسؤوليته عن القتل الوحشي للصحافي خاشقجي. وقد وقع أكثر من 100 صحفي مصري بياناً يرفض زيارة ولي العهد لمصر..

 ويقول خالد البلشي، أمين لجنة الحريات في نقابة الصحفيين سابقاً ل”درج”، ” لم يكن يليق بمصر استقبال المتهم الأول بجريمة بشعة مثل قتل وتقطيع الزميل الصحفي جمال خاشقجي، في محاولة للتغطية على جريمته، بالإضافة إلى كونه واحداً من أشد أعداء حرية التعبير والصحافة في العالم، ولا ننسى أبداً جريمة اغتصاب نظامه لجزيرتي تيران وصنافير المصريتين بمساعدة النظام الحاكم في مصر”..

ويضيف البلشي أن خطوات ولي العهد التطبيعية مع اسرائيل جزء من أسباب رفض زيارته الى مصر، لافتاً إلى تصريح رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب حين قال “لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة كبيرة”.

كذلك أصدرت الحركة المدنية الديمقراطية المصرية ، وهو ائتلاف لأحزاب وكيانات وشخصيات مصرية معارضة، بياناً مندداً أيضاً بالزيارة.

الشارع التونسي يرفض الزيارة

وإن كان الضبط الأمني في مصر حصر الاحتجاجات على الزيارة ببيانات وتعليقات عبر السوشيال ميديا، فإن الشارع التونسي كان أكثر صراحة ووضوحاً في إعلان هذا الرفض، فقد امتلأت شوارع العاصمة تونس بمئات المتظاهرين الرافضين لزيارة ولي العهد السعودي، حاملين لافتات تستهجن هذه الزيارة. وعلى واجهة مبنى النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تم تعليق لافتة ضخمة تحمل صورة شخص يرتدي العباءة والشال السعودي ممسكاً بمنشار مكتوب عليها “لا لتدنيس أرض تونس الثورة”، بينما شهد واجهة مقر الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات صورة مماثلة لشخص يرتدي نفس اللباس وممسكاً بسوط ومكتوب عليها “لا أهلا ولا سهلا بجلاد النساء”.

وعن الرفض التونسي هذا تقول حنان زبيس، الصحفية والناشطة، “إن جزءاً كبيراً من الشعب التونسي يشعر بالمهانة من زيارة الأمير السعودي، له وللتجربة الديمقراطية في تونس، فكيف لتونس التي قادت ثورات الربيع العربي وثارت ضد الدكتاتورية وناضلت ولا تزال تناضل ضد قمع حرية التعبير أن تستقبل سفاحاً مناهضاً لحرية الصحافة وقاتلاً للصحفيين، ومعتقلاً للمناضلين وناشطي وناشطات المجتمع المدني؟.”

وتوضح زبيس بأن “زيارة تونس لم تكن رغبة ولي العهد المفضلة وإنما هي جاءت ضمن جولته لبلدان عربية عديدة لإثبات شعبيته التي تلقت ضربة قوية ومدمرة منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي، حيث أراد ولي العهد شراء عذرية جديدة له في بلدان المغرب العربي، حيث لا ننسِ أن لتونس رمزيتها كأول تجربة ديمقراطية في المنطقة، وهو يريد الاستفادة من هذا، لذا فقد كان من العار على الحكومة والنظام التونسي استقباله”.

لكن المفارقة في حركة الاعتراض التونسي هو قيام نقيب الصحافيين التونسيين بزيارة الى دمشق ولقاء الرئيس السوري بشار الأسد المتهم هو أيضاً بارتكاب جرائم حرب فيما كانت نقابة الصحافيين في تونس تصدر بيانات منددة بزيارة بن سلمان. كما أن بعض المتظاهرين والمعترضين على زيارة بن سلمان حمل أعلاماً وشعارات داعمة للنظام السوري والرئيس بشار الأسد. هذا الأمر أضعف حركة الاحتجاج وجعل شعاراتها متناقضة بعض الشيء لجهة رفض مسؤول مرتكب في مقابل الهتاف لآخر..

رغم الاعتراضات أصر النظام التونسي على موقفه باستقبال بن سلمان، وقالت مديرة الديوان الرئاسي، سلمى اللومي، في جلسة برلمانية ، “إن علاقة تونس بالمملكة العربية السعودية علاقة طيبة منذ عهد الملك عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان ممثل المملكة مرحب به وبزيارته” موضحة “إن هذه العلاقة لا تخضع لمن هو في الحكم، بل تحكمها المصالح العليا للبلدين والشعبين الشقيقين.”

في المقابل، لم تصدر تصريحات رسمية تؤكد احتمال زيارة ولي العهد للمغرب، وفي الرباط نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر لم تسمها رفض المغرب استقبال ولي العهد خلال جولته الحالية، كما تم رفض اقتراح الرياض عقد اجتماع للجنة العليا المشتركة المغربية السعودية، حيث تم استقباله بطلب التأجيل إلى أجل غير مسمى، ويأتي هذا الموقف ضمن فترة توتر تمر بها العلاقات المغربية السعودية منذ رفض المغرب الانحياز للجانب السعودي في أزمته مع قطر، تبعه تصويت السعودية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية ضد المغرب خلال المنافسة على احتضان كأس العالم لعام 2026، تبعه مقاطعة مغربية لاجتماع وزراء إعلام ما يسمى بدول التحالف العربي الذي تقوده السعودية الذي عقد الصيف الماضي.

قمة الأرجنتين هل هي فخ قضائي لبن سلمان؟

بعد الدعم الكبير الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لولي العهد السعودي وكذلك المواقف الاسرائيلية الصريحة بضرورة أن تأخذ واشنطن موقفاً حاسماً لجهة دعم الحكم السعودي الحالي، ومع اعادة اصطفاف قيادات عربية ودولية الى جانب النظام السعودي، يطرح بقوة السؤال حول ما إذا كان بن سلمان قد نجا فعلا ًمن تبعات جريمة خاشقجي..

لقد بدا واضحاً أن الجولة التي يقوم بها ولي العهد السعودي تهدف لكسر الهجوم الشرس الذي تعرض له خلال الأسابيع الماضية وللقول إن هناك غطاءاً إقليميا ودولياً له وأنه باق في منصبه، لكن لا يبدو أن الأيام المقبلة ستكون سهلة ولا كذلك الجهود التي ترمي الى عزل بن سلمان ومحاسبته.

فقبيل انطلاق أعمال “مجموعة العشرين” في الأرجنتين قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات القضائية الأرجنتينية بدأت النظر في مذكرة حول دور ولي العهد السعودي في جرائم حرب مزعومة ارتكبها التحالف بقيادة السعودية في اليمن، وأعمال تعذيب نفّذها مسؤولون سعوديون.

وكانت هيومن رايتس ووتش قد قدمت طلبا أمام مدعٍ اتحادي فيدرالي، يتضمّن استنتاجاتها حول انتهاكات مزعومة للقانون الدولي ارتُكبت خلال النزاع المسلح في اليمن، وقد يُحمّل محمد بن سلمان المسؤولية الجنائية عنها كوزير للدفاع. يسلط الطلب الضوء أيضا على تورطه المحتمل في مزاعم خطيرة تتعلق بتعذيب وإساءة معاملة مواطنين سعوديين، من ضمنها مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

والجدير ذكره أن دستور الأرجنتين يعترف بالولاية القضائية العالمية لجرائم الحرب والتعذيب، ما يعني أن سلطات البلاد القضائية مخولة بالتحقيق في هذه الجرائم ومحاكمتها، بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية المشتبه فيهم أو ضحاياهم.

ينص قانون الإجراءات الجنائية الأرجنتيني على أنه يمكن لأي شخص التقدّم بطلب لدى السلطات القضائية إن علم بارتكاب جريمة أو تأثر بها. إذا كانت هناك دلائل على احتمال ارتكاب جريمة، يُحال الطلب بالقرعة إلى مدعٍ عام أو قاضٍ اتحادي لإجراء تحقيق رسمي. حُوّل طلب هيومن رايتس ووتش إلى القاضي الاتحادي، أرييل ليجو.

وقال مدير المنظمة كينيث روث: “سيكون قرار المسؤولين الأرجنتينيين بإطلاق تحقيق إشارة قوية إلى أن لا أحد خارج متناول القانون، حتى كبار المسؤولين كمحمد بن سلمان. على ولي العهد أن يدرك أنه قد يواجه تحقيقا جنائيا إن زار الأرجنتين”.

 

إقرأ أيضاً:
جمال خاشقجي إذ صفع وجوههنا نحن الصحافيين العرب

كي لا يتحول الصحافي الى رقم

كريم شفيق - صحفي مصري | 26.04.2024

حملة “نور”: حرب “آيات الله” الجديدة على أجساد النساء

تتزامن الحرب على أجساد النساء مع إخفاقات سياسية عدة، محلية وإقليمية، لـ"آيات الله"، بداية من تأثيرات المعارضة السياسية على الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت انحساراً شديداً، وتراجعاً لافتاً في مستوى إقبال الناخبين وتدنّي نسب المشاركة. فضلاً عن الهجوم المحدود والاستعراضي للرد الإيراني على اعتداءات إسرائيل على القنصلية، والهجوم الذي طاول قياداتها بين سوريا ولبنان.