fbpx

ملكة جمال الكون 2018 : نحو أنوثة أكثر ذكاءً وقوّة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إذا تمعنّا في وجه كلّ واحدة منهن لوجدنا أنها تختزل خصوصية البلد الآتية منه. وهذا إن دلّ فعلى اعتراف عالمي بأهمية الجمال الأصيل الذي يكسر أي معايير جمالية قد يظنّ بعضهم أنها ثابتة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
ملكة جمال الكون الفيليبينة كاتريونا غراي

ثلاثة ملامح خاصة ميزت حفلة انتخاب ملكة جمال الكون التي استضافتها تايلند, فإذا قرأنا أبعاد هذه الأمسية بنظرةٍ تتجاوز إطارها الجمالي، سنفهم أهميتها في كشف التحولات التي تطاول مفهوم الجمال الأنثوي في العالم. ولعلّ هيمنة الجمال الآسيوي والإفريقي واللاتيني شكّلت أولى ملامح هذه السهرة. الملكات الأوروبيات لم يتمكّن من المنافسة الجدية، بحيث لم تصل سوى ثلاثة منهنّ الى التصفيات الربع نهائية بينما غاب التمثيل الأوروبي في المرحلة النصف النهائية التي ضمّت خمس متباريات من الفليبين (الفائزة) وجنوب افريقيا (وصيفتها) وفنزويلا (الوصيفة الثانية) والفييتنام وبورتوريكو. لقد انحسرت المنافسة بين فتيات قادمات من دول تعاني ما تعانيه من الفقر والعوز والأزمات السياسية، وكأنّ الحياة الهادئة والخالية من أيّ تحديات أو خبطات درامية تنعكس على جمال الشخص وتُفقده الجاذبية والتأثير. أمّا جمالهن فهو تعويض عن قبح العالم الذي ينتمين اليه.

وإذا تمعنّا في وجه كلّ واحدة منهن لوجدنا أنها تختزل خصوصية البلد الآتية منه. وهذا إن دلّ فعلى اعتراف عالمي بأهمية الجمال الأصيل الذي يكسر أي معايير جمالية قد يظنّ بعضهم أنها ثابتة. وبعدما كان حضور السمراوات والاسيويات أشبه بأكسسوار الامسيات الجمالية التي تهيمن عليها “شقراوات” أوروبا والعالم، انقلبت الأية تماما وصارت “الملونات” هنّ صاحبات الحظّ الأوفر بالالقاب الجمالية الكبرى.

 

لقد انحسرت المنافسة بين فتيات قادمات من دول تعاني ما تعانيه من الفقر والعوز والأزمات السياسية. وكأنّ الحياة الهادئة والخالية من أيّ تحديات أو خبطات درامية تنعكس على جمال المرأة وتُفقدها تأثيرها وجاذبيتها.

 

وإذا دققنا في التقارير التي عُرضت عن المتباريات، أو في أسئلة المقدم ستيف هارفي لوجدنا إصرارا على كشف القصص التي تختبئ وراء جمال كلّ واحدة من المتباريات. كانت هناك رغبة في إثبات أهمية هذا الحدث عبر تمكين المرأة وتفعيل دورها اجتماعيا، على عكس الأفكار الراسخة في أذهاننا عن كونه يساهم في تسليع المرأة وتنميطها. ومن خلال الأسئلة والتحقيقات، يمكن المشاهد أن يلتمس نيّة واضحة من القيمين على المسابقة في تخليص مفهوم الجمال من أيّ شروط ومعايير ألصقت به طويلا، وجعله أقرب الى سيمفونية يمتزج فيها الحضور مع الجاذبية والقوة والنعومة والذكاء والإرادة. وحين نُعيد مشاهدة مرور المتسابقات اللواتي وصلن الى النهائيات ندرك أنّ أهم ما يميزهن، بعيدا عن المعايير الجمالية، هو الثقة بالنفس والذكاء والكاريزما النابعة من قصص نجاحهن.

ملكة جمال جنوب افريقيا هي طبيبة، وتحاول من خلال مهنتها أن تساعد الأطفال المرضى وتزرع الفرح في قلوبهم الموجوعة. أما ملكة جمال الفيتنام، فهي امرأة حالمة وثائرة تمكنت من تجاوز مصاعب كثيرة واجهتها في بيئتها الفقيرة حتى بلغت كانت تتمناه.  أمّا الفائزة باللقب، ملكة جمال الفيليبين، فتحدثت عن موهبتها الغنائية التي تستغلها من أجل إسعاد الآخرين، وقالت إن حلمها هو ترسيخ ثقة الأطفال بأنفسهم وعدم السماح للفقر بأن يحطم أحلامهم الجميلة.

 

الجمال الأنثوي المعاصر لا يتحقّق بلا تحديات

 

هذا الاهتمام بالشق الإنساني في مسابقة جمالية من شأنه أن يُغيّر نظرة المشاهد الى المتبارية، وبدلا من الإكتفاء بمتابعة مقاييسها ومراقبة العلامات التي توضع لها (كما كان يحصل سابقا)، فإنّه بات يولي اهتماما الى خلفيتها الثقافية ونضالها الاجتماعي في سبيل تحقيق طموحاتها الأبعد من حدود جمالها الخارجي.

والملمح الثاني الذي ميّز الحفلة هو الإحتفاء بملكة جمال إسبانيا، المتحولة جنسيا، تكريساً لفكرة الجمال المرتبط بتاريخ المرأة وقوتها وتحدياتها. وعلمنا انّ اختيار اللجنة لم يكن مقتصرا على مرور الملكات يوم الحفلة، وإنما سبقه عبر لقاءات امتدت على مدار أسبوع، واجهت خلاله المتباريات أسئلة اللجنة وتقييمهم.

وفي سياق آخر، تُعدّ مشاركة آشلي غراهام، العارضة الممتلئة القوام والشهيرة، في تقديم حفلة ملكة جمال الكون 2018، حدثاً قائما بذاته. فالمرأة الجميلة، سواء أكانت عارضة ام مقدمة، لا ينبغي أن تكون ذات مواصفات جسدية محددة (نحيفة، رشيقة، طويلة)، ولكن يكفي أن تكون شخصية مؤثرة في إطلالتها وحديثها وتجربتها.   

ويبقى موقف المتابعين العرب على السوشيل ميديا من الأمور التي تستحق الرصد والتحليل. فمع أن الجمال العربي ظلّ غائباً (او شبه غائب) عن هذه الحفلة، بحيث اقتصرت المشاركة العربية على ملكتي جمال لبنان ومصر، من دون إحراز أي نتيجة مبهجة، بدا روّاد السوشيل ميديا العرب مهتمين جدا بالحكم على جمال الملكة ووصيفاتها. ولعلّ المتابع اللبناني كان أكثرهم انفعالا، لكونه أحسّ بشيء من الإحباط بعدما راح كثيرون منهم يتوقعون فوز ممثلته مايا رعيدي، مرتكزين على بعض الشبه بينها وبين جورجينا رزق تارةً، وعلى تمتعها بجمال أوروبي تارة أخرى. هذا بالإضافة الى تصريحات ملكة جمال اميركا السابقة اللبنانية ريما فقيه، والإعلانات الترويجية التي عرضتها محطة “ام تي في”.

ولكن، على عكس التوقعات، جاء مرور مايا رعيدي خافتاً. وهذا ليس مستغربا في حين انّ حالها كان كحال ملكة جمال روسيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرهن، باعتبار أنّها تُمثّل بمواصفاتها الجمال الأوروبي وليس الشرق أوسطي.

وأمام اتجاه الغرب صوب تمجيد الجمال الأنثوي الأصيل، الذي يحمل هويةً البلد الآتي منه، لماذا يُصرّ معظمنا على ان الجمال الحقيقي هو في التشبّه بالآخر. متى نتخلّص من عقدة النقص ؟ ومتى نصير نحن لكي نصير أجمل؟