fbpx

المغرب بوّابة مهاجرين أيضاً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كان المهاجرون يطأون أرض أوروبا قديماً عبر شواطئ اليونان وإيطاليا، يصل معظمهم اليوم إلى القارة العجوز من بوابة المملكة المغربية. تلح أوروبا على البلد الأفريقي لضبط حدوده؛ وهو ما أدى إلى أن يعلق الكثير من مواطني غرب أفريقيا الذين يريدون الوصول إلى أوروبا، في المغرب. تماماً كما هي حال سعيد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هل سيصل سعيد يوماً إلى أيسلندا؟

في حين كان المهاجرون يطأون أرض أوروبا قديماً عبر شواطئ اليونان وإيطاليا، يصل معظمهم اليوم إلى القارة العجوز من بوابة المملكة المغربية. تلح أوروبا على البلد الأفريقي لضبط حدوده؛ وهو ما أدى إلى أن يعلق الكثير من مواطني غرب أفريقيا الذين يريدون الوصول إلى أوروبا، في المغرب. تماماً كما هي حال سعيد.

يقول سعيد (اسم مستعار)،”أولاً أردت الذهاب عبر الجزائر، لكنني سمعت أن مجرمين يستعبدون المهاجرين هناك، وأن المغرب مفتوح للمهاجرين، لذا غيرت خططي وذهبت عبر المغرب”.

عام 2014 أعلن ملك المغرب تسهيل تسوية أوضاع المهاجرين. ستكون القواعد أوضح وسيكون بإمكان اللاجئين حتى تأسيس شركات على سبيل المثال. جذب هذا الإعلان الكثير من مواطني غرب أفريقيا مثل سعيد. بعضهم أراد البقاء في المغرب، تلبية لمقصد هذه البادرة من الملك. لكن ظل معظمهم راغبين في السفر إلى أوروبا، مثل سعيد.

يقول سعيد، “أريد الذهاب إلى أيسلندا والعمل في السياحة هناك”. يتحدث الفرنسية بطلاقة لأنه من غينيا ثم لأنه متعلم. لكن قبل عامين ونصف العام، وجد نفسه مضطراً للبحث عن حياة أفضل في مكان آخر. يقول، “بحثت عن عمل في كل مكان، لكن لم أجد شيئاً، مع أنني درست السياحة. ناهيك عن التظاهرات الكثيرة التي عمت الشوارع والتي قمعتها الحكومة بوحشية، فقد أطلقوا النار على كل ما تقع عليه أعينهم. هم لا يحترمون حقوق الإنسان”. شهدت غينيا تظاهرات حاشدة منذ الانقلاب العسكري في 2008، أعقبها قمع من قبل الحكومة وانتهاك لحقوق الإنسان. وعام 2010 انتخب الغينيون لأول مرة رئيسهم بطريقة ديموقراطية ووقع اختيارهم على كوندي. وعد الرئيس المنتخب بإرساء دعائم حقيقية للديمقراطية والقضاء على الفساد، لكنه تورط بفضائح فساد وأشارت الأمم المتحدة إلى أن الانتخابات شهدت خروقات. في 2014 وقعت غينيا ضحية لوباء الإيبولا الذي راح ضحيته 2500 غيني.

تمكن سعيد برفقة مواطنين غِينيين آخرين من الوصول إلى مالي سيراً على الأقدام وباستخدام دراجة نارية رباعية العجلات. يحكي سعيد قصتهم قائلاً، “سرقتنا عصابة مجرمين في الشمال وجردونا من أشيائنا وطلبوا المال. لكننا لم نمتلك المال لذا ضربونا وهددوا عائلاتنا. أجبرونا على العمل، وبعد مدة تركونا في الصحراء دون زاد من ماء أو طعام”. يقول سعيد إنه فكر في العودة لأن، “الأمر كان أشبه بالجحيم. ثم فكرت في أصدقائي الذين تمكنوا من الوصول إلى أوروبا ويعيشون حياة أفضل هناك. منحني هذا الأمر القوة للمضي قدماً”. وأخيراً أنقذتهم الشرطة الجزائرية.

وجدوا فتحةً في السياج الفاصل بين المغرب والجزائر وعبروا منها. رأتهم السلطات وحاولت منعهم، لكن سعيد تمكن من الهرب برفقة بعض أصدقائه ووصلوا إلى وجدة، وهي مدينة مغربية على مقربة من الحدود الجزائرية. ومجدداً واجهوا مجرمين يريدون استغلال ضعف المهاجرين. يسميهم سعيد “مافيا التاكسي”. يقول، “لديهم سيارة أجبرونا على ركوبها، ثم اصطحبونا إلى منزل يعيش فيه أفارقة آخرون، وحبسوني هناك إلى أن أتمكن من الدفع لهم. طلبت المال من عائلتي واستغرق منهم الأمر أسبوعين، حتى يتمكنوا من جمع المال وإرساله. وأصبح بإمكاني الذهاب أخيراً”.

ارتحل إلى الدار البيضاء حيث يعيش كثير من مواطني غرب أفريقيا. ستجد معظمهم في محطة حافلات أولاد زيان. تصل عشرات الحافلات إليها كل شهر محملة بالمهاجرين السود الذين اعتقلتهم السلطات في الشمال. تفعل دولة المغرب ذلك بإيعاز وتمويل من أوروبا لإبقاء المهاجرين بعيداً من الحدود حتى لا يتمكنوا من العبور إلى أراضيها. فور اعتقالهم، تقلهم السلطات المغربية إلى مدن أبعد في الجنوب مثل الدار البيضاء وأغادير.

حين يصلون إلى محطة الحافلات، لا يتاح أمامهم غالباً إمكان السفر إلى أبعد من ذلك، لذا يبنون أماكن للبقاء هناك. أدى ذلك إلى نشوء مساكن عشوائية كبيرة في محطات الحافلات في البلاد. يقول سعيد، “نعيش في خيام أو نصنع أكواخاً من الخشب الذي نجده هنا وهناك. لكن ليست لدينا مراحيض أو أماكن للاستحمام”. كثيراً ما تلقى هذه الأحياء العشوائية المقامة فردياً مقاومة من المغاربة. يقولون إنهم يشتمون منها رائحة البول والبراز وإن المهاجرين يتحرشون بنسائهم. كثيراً ما يؤدي ذلك إلى نشوب مشاجرات واندلاع حرائق في المخيم. وأحرق المخيم بالكامل مرتين حتى الآن. وفقاً لسعيد فالمغاربة هم من فعلوا ذلك، ووفقاً لبعض المغاربة تقع مسؤولية ذلك على زجاجات الوقود التي يستخدمها المهاجرون ليصنعوا منها مشروباتهم الكحولية.

انطلق سعيد من هذا المخيم متوجهاً نحو الشمال، لمحاولة العبور إلى أوروبا. هناك جيبان إسبانيان في شمال المغرب هما سبتة ومليلية. هما جزءان من إسبانيا، لكنهما ليسا ضمن منطقة شنغن. يحاول معظم الأفارقة الوصول إلى أوروبا عبر هاتين المدينتين لذا أُحيطتا بسياجين عازلين مرتفعين يلقيان حراسة مشددة ليلاً ونهاراً. لكن لا يمنع هذا المهاجرين من المحاولة، أسسوا مخيماً في الغابة القريبة من المدينتين ويجهزون لمحاولات العبور من هناك. يقول سعيد، “حاولت تسلق السياج لكن الشرطة تضربني بعنف لذا كنت أسقط في كل مرة”. رُحّل سعيد أيضاً في حافلة وأعيد إلى الدار البيضاء.

قالت الحكومة المغربية في تشرين الأول/ أكتوبر إنها أوقفت 68 ألف محاولة للوصول إلى أوروبا هذا العام، 57 ألفاً منهم كانوا من غير المغاربة. ونجح 52 ألف مهاجر في الوصول إلى إسبانيا. ومات حوالى 700 شخص أثناء محاولتهم العبور.

لم تقنع هذه الأرقام سعيد بالكف عن محاولة الوصول إلى أوروبا. يقول، “لا أريد العيش هنا، لا سيما بعد الطريقة التي عاملنا بها المغاربة. سأواصل محاولة الوصول إلى أوروبا حتى لو عنى ذلك موتي أو اضطراري إلى اعيش هناك من دون أوراق. حتى لو بقيت من دون أوراق ثبوتية، ستكون حياتي في أوروبا أفضل حتى من حياة أيّ أفريقي غني، فهناك يملك إنسان حقوقاً”.

 

إقرأ أيضاً:

“كنت محظوظة لبقائي حية”: كيف يزيد المغرب من صعوبة الإجهاض؟