fbpx

هل أطلق “حجي قاسم” عملية إخراج أميركا من العراق؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من أرض العراق، خاطب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأميركيين: “نحن أهل الأرض وأنتم ستذهبون ونحن باقون”. يتزامن كلامه مع تحرك إيراني في شكل ما يصفه نواب عراقيون بأنه حراك متزايد، يدفع في اتجاه إصدار قانون يلزم الحكومة إخراج القوات الأميركية من العراق

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من أرض العراق، خاطب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأميركيين: “نحن أهل الأرض وأنتم ستذهبون ونحن باقون”. يتزامن كلامه مع تحرك إيراني في شكل ما يصفه نواب عراقيون بأنه حراك متزايد، يدفع في اتجاه إصدار قانون يلزم الحكومة إخراج القوات الأميركية من العراق. يشار إلى أن تصريحات في هذا الصدد كانت صدرت هنا وهناك من نواب في البرلمان الحالي، يمثلون الميليشيات الشيعية التي تشكل جزءاً من الحشد الشعبي.

طبعاً لم يعد يجادل اثنان على قدرات اللاعب الإيراني في توجيه السياسيات العراقية عبر قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي يشار إليه في الأوساط السياسية العراقية الحاكمة “تحبباً” بحجي قاسم، من مكتبه العامر في قلب المنطقة الخضراء. هو الذي أدار عملية تشكيل الإدارة العراقية الحالية التي لم يكن العراقيون أنفسهم قادرين على إخراجها من عنق الزجاجة. وبات واضحاً أن الإيراني، وفقاً لعبارة صيغت في بغداد، “صاحب المال” العراقي “وكيل المال”. منذ إطلاق عملية الانتخابات أدرك “صاحب المال” أن الأحزاب والكتل الشيعية المهيمنة على الحكم ستهيمن كالعادة على نتائج الانتخابات، لكن الخلافات بينها عميقة، إلى حد أنها لم تكن مستعدة أو قادرة على الاتفاق على من يجب أن يملك القرار الأول في هرم السلطة. تحسباً لتطوّر الخلافات الشيعية – الشيعية إلى قطيعة، بدأ صاحب المال الفطين جهوده الرامية إلى تجنب وضع تهب فيه الرياح بما لا تشتهيه سفن إيران. وإذ أسفرت الانتخابات عن نتائجها المعروفة، لم يكن  أمام زعماء هذه الأحزاب والكتل الشيعية وحتى كتل سنية ممتنة لدعم إيراني بتمكينها من الحصول على امتيازات في هيئات السلطة.

بقية القصة معروفة نتائجها. بدءاً من رفض فكرة ولاية ثانية لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي لم يكن الإيراني أصلاً مرتاحاً إلى بعض مواقفه، فتحرك داعماً موالين له، يُعتبر  أبرزهم الإسلامي المتشدد فالح الفياض الذي تحدى قرار العبادي قبل تشكيل الحكومة الجديدة بعزله عن مناصبه الأمنية، فعاد منتصراً بقرار من المحكمة العليا بإلغاء القرار “غير الشرعي” للعبادي، الأمر الذي أضعف فرص الأخير في تحقيق ولاية ثانية رئيساً للوزراء. هكذا وقع الاختيار على عادل عبد المهدي باعتباره شخصية مستقلة حزبياً، لكنه ركن من أركان الطبقة السياسية الشيعية. المفارقة هنا أن اللاعب الإيراني كان استخدم نفوذه أكثر من مرة في مراحل سابقة، لمنع عبد المهدي من الوصول إلى منصب رئاسة الوزراء.

 

الإيراني، مصمم على خلق حالة من الاستقرار السياسي في بغداد بأي ثمن، لأنه في حاجة إلى العراق لمواجهة العقوبات المفروضة على إيران التي تواجه صعوبات اقتصادية واجتماعية متزايدة.  

 

في السياق، لم يكن صاحب المال بعيداً أيضاً من تحقيق ما بات يوصف في أوساط سياسية داخلية وخارجية، بأنه حالة انسجام للمرة الأولى بين أركان السلطة التنفيذية والتشريعية الثلاثة، أي رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان. ويؤكد عارفون أن تعيينات أخرى في هيئات السلطة تقررت آخذةً في الاعتبار رغبات اللاعب الايراني. يُشار في هذا الصدد، إلى أن الإيراني، على رغم إدراكه أن عبد المهدي أضعف من رؤساء الوزراء السابقين وقد لا يستمر طويلاً، وفقاً لأوساط سياسية عراقية، لكنه، أي الإيراني، مصمم على خلق حالة من الاستقرار السياسي في بغداد بأي ثمن، لأنه في حاجة إلى العراق لمواجهة العقوبات المفروضة على إيران التي تواجه صعوبات اقتصادية واجتماعية متزايدة.  

طبعاً من السذاجة التصور أن صاحب المال كان دافعه الوحيد خدمة مصالح العراقيين. فقد كانت هناك استحقاقات تصب في مصلحة إيران، خصوصاً في هذه المرحلة التي تواجه فيها أوضاعاً اقتصادية صعبة، نتيجة العقوبات القاسية التي فرضتها عليها أميركا المتصدية عسكرياً وسياسياً للدور الإيراني، خصوصاً في سوريا واليمن، فيما يبقى مستعصياً تصديها بفاعلية للنفوذ الإيراني السياسي والاجتماعي والمذهبي في العراق. أحد الاستحقاقات، أشار إليها منذ أيام، القيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري، الذي قال إن ايران “نصحت” الزعماء الشيعة بالعمل على إخراج القوات الأميركية من العراق، عبر قرار برلماني” مضيفاً أن هذا الموضوع سيشغل العراق قريباً.

الحق أن زيباري اختار أن يكون ديبلوماسياً في قوله إن إيران “نصحت”. ذلك أن العمل على إخراج القوات الأميركية كان بين شروط أخرى حددها صاحب المال، يتعين وفقه أن يسعى إلى تحقيقها وكلاء المال العراقيون. يشار إلى أن هذه هي المرة الثانية التي تطلب فيها إيران من العراقيين إخراج القوات الأميركية من بلادهم. المرة الأولى عندما قرر الرئيس السابق باراك أوباما سحب القوات الأميركية من العراق، كانت البلاد وقتها في عهد رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي أصر مدعوماً من إيران وبطلبها وتأييد بقية الجماعات الشيعية الحاكمة، على الانسحاب الأميركي، علماً أن أوباما كان في الحقيقة غير متحمس لبقاء القوات في العراق، فوافق على سحبها في 2011، مفاوضاً العراقيين على توقيع اتفاق للتعاون والصداقة سمي “اتفاق الإطار الاستراتيجي”.  

الآن مرة أخرى، يرى صاحب المال الإيراني أن الأوان آن كي يبدأ العراقيون عملية إخراج الأميركيين من بلادهم. في هذا السياق، تنظّم تحركات في إطار البرلمان، متمثلة بدعوات إلى جمع تواقيع كافية لنواب يسعون إلى صوغ مشروع قانون ينص على إخراج القوات الأميركية بالكامل، استناداً إلى منطق الانسحاب الأميركي من سوريا وتبريره القضاء على “داعش”. وفي التسريبات، أن إصدار مثل هذا القانون ضروري، بذريعة أن وجود قوات اجنبية “خصوصاً الأميركية” يشكل انتهاكاً لسيادة العراق وهذا الحراك هو “قرار عراقي ليس له أي دخل بإيران أو غيرها”، وفقاً للنائب حسن سالم المنتمي إلى “عصائب أهل الحق” التي يتزعمها قيس الخزعلي وتصنفها أميركا تنظيماً إرهابياً موالياً للحرس الثوري الإيراني. تضيف التسريبات أن جامعي التواقيع اللازمة لتقديم مشروع القانون متأكدون أن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وهو أحد المنتفعين من “صاحب المال” الإيراني لن يعرقل إدراج المشروع المتوقع.

والسؤال الذي يقلق العراقيين هو ماذا سيكون رد فعل اللاعب الأميركي إزاء مشروع القانون الذي تسعى إيران إلى تمريره بواسطة مواليها في البرلمان العراقي؟ هل ستبادر أميركا إلى احتواء هذا الحراك قبل أن يصبح واقعاً، أم ستتحرك بعد فوات الأوان؟

عيش وشوف!

 

إقرأ أيضاً:

عفرين والخطأ الكردي الثاني بعد كركوك

 

 

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.