fbpx

تعديلات دستورية تسمح للسيسي بالبقاء حتى 2034 .. هل تتجه مصر لتكون “ملكية عسكرية”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التعديلات ليست الأولى التي يشهدها الدستور المصري لكنها تطرح تساؤلات كبرى حول طبيعة الحكم والنظام ومستقبل مصر..

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وافق البرلمان المصري بأغلبية فاقت ثُلثي الأعضاء على الطلب الذي قدمه عبد الهادي القصبي، رئيس ائتلاف دعم مصر النيابي المدعوم من الأجهزة الأمنية والموقع من خُمس نواب البرلمان، لتعديل الدستور المصري.

إنه الإجراء الذي كان يتوقعه كثيرون، على رغم تصريح سابق لرئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، بعدم وجود نية لذلك ونفيه الصريح المساس بالدستور الحالي الذي تم إقراره عام 2014.

هذا التعديل تم تحويله الى الجلسة العامة للتصويت ما يعني في حال إقراره تمديد فترة الرئاسة إلى ست سنوات وإضافة صلاحيات جديدة الى الجيش.

هذه التعديلات ليست الأولى التي يشهدها الدستور المصري لكنها تطرح تساؤلات كبرى حول طبيعة الحكم والنظام..

جمال عبدالناصر وأنور السادات – 1952

تاريخ تعديل الدستور

منذ إقرار أول وثيقة دستورية مصرية عام 1882، شهدت الدساتير المصرية الكثير من التدخلات والتعديلات من قبل الحكام والرؤساء خصوصاً في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

لكن أبرز التعديلات التي امتد أثرها حتى المرحلة الحالية تلك التي أدخلها نظام الرئيس الراحل أنور السادات عام 1980، لا سيما تعديل المادة 77 التي استهدفت تعديل شرط تولي رئاسة الجمهورية، من مدتين فقط إلى تركها مفتوحة من دون حد أقصى. توفي الرئيس السادات من دون الاستفادة من تلك التعديلات، ليستفيد منها خلفه الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي قام نظامه هو الآخر بإدخال تعديلات على الدستور عامي 2005 و2007، استهدف منها إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات، ووضع قيود صارمة على الترشح لمقعد رئاسة الجمهورية وكان يقصد بها قصر الترشح على نجل الرئيس الذي لم يستفد هو الآخر منها، لتتم الإطاحة بنظام والده عام 2011.

وقام نظام الرئيس المعزول محمد مرسي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 بإعلانه الدستوري الذي تضمن حصانة لقراراته من الطعن أمام القضاء، وعزل النائب العام وتحصين مجلس الشورى واللجنة التأسيسية للدستور، وهو الإعلان الذي أعقبته تظاهرات حاشدة تواصلت حتى عزله في تموز/ يوليو 2013.

وكان الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وعد بعدم تعديل الدستور الحالي والتزامه بفترتين رئاسيتين فقط، مدة الواحدة 4 سنوات، وتعهده بالالتزام بالنص الدستوري المنظم لهذا الإجراء، عبر لقاء سابق له مع شبكة CNBC الأميركية عام 2017، وهو ما وصفه الإعلام المصري وقتها بقطع الطريق على مزاعم الإخوان حول تعديل الدستور واللعب بمدد رئاسة الجمهورية. 

أبرز تعديلات السيسي

شملت التعديلات المقترحة على الدستور المصري 20 مادة دستورية، أهمها المادة 140 التي كانت تقصر مدة رئاسة الجمهورية بفترتين فقط كل منها 4 سنوات ولا يجوز الترشح بعدها ثانية، لتُصبح فترتين متتاليتين كل منها 6 سنوات، مع إضافة مادة انتقالية خاصة بالسيسي، تسمح له بالترشح عقب انتهاء فترته الثانية عام 2022. وهو ما يعني استمرار السيسي في الحكم حتى عام 2034.

تشمل التعديلات أيضاً إمكان تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، إضافة إلى تعديل المواد الخاصة بالقوات المسلحة التي أصبحت مهمتها في التعديل الجديد “صون الدستور والديموقراطية والحفاظ على مدنية الدولة”، واشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على قرار تعيين وزير الدفاع، والتوسع في المحاكمات العسكرية للمدنيين.

كذلك لم تسلم السلطة القضائية من التعديلات المقترحة، وأصبح السيسي بموجب التعديلات رئيساً للمجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية، حيث أصبح يملك سلطة تعيين رؤساء تلك الهيئات والجهات، إضافة إلى تعيين النائب العام، كما تضمنت التعديلات إنشاء مجلس للشيوخ يعين رئيس الجمهورية ثُلث أعضائه.  

تجييش الإعلام وراء التعديلات

سبقت خطوة التعديلات حملة إعلامية ودعائية واسعة من خلال القنوات والإذاعات والصحف والمواقع المملوكة للأجهزة الأمنية، وتبارى الإعلاميون والبرلمانيون والمحللون المؤيدون للنظام في تبرير أسباب ذلك التعديل وضروراته. خلاصة تلك التبريرات هي “قصر فترة” رئاسة الجمهورية على 8 سنوات، بحيث أنها لا تكفي لتحقيق “رؤية الرئيس السيسي”..

إلا أن أوضح تلك التبريرات كانت ما ذكره الإعلامي وأستاذ العلوم السياسية معتز عبد الفتاح، الذي رأى أن استمرار السيسي في موقعه رئيساً للجمهورية أفضل من الديموقراطية وتغيير رؤساء الجمهورية الذي اعتبره مُخاطرة قد تودي بالبلاد.

المعارضة الشديدة

عقب الإعلان عن تلك التعديلات عقد تكتل 25-30 البرلماني مؤتمراً صحافياً في مقر الحزب الناصري في وسط العاصمة، لإعلان موقفه الرافض، من التعديلات التي وصفها بالردة على ثورة يناير، ووصفها بأنها تُعيد مصر خطوات إلى الوراء في مسار الديموقراطية وتمنع تداول السلطة. وأطلق مئات الصحافيين بياناً بعنوان “الصحافيون المصريون يرفضون تعديل الدستور”، للتعبير عن رفضهم القاطع إدخال أي تعديلات على الدستور، واصفين الدعوات المؤيدة لها، وسيلةً للاستمرار في “التدليس والكذب”.

قبيل ذلك ومنذ اللحظة الأولى التي تسربت فيها أنباء عزم النظام إدخال تلك التعديلات على الدستور انفجرت على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الكيانات السياسية موجة شديدة لرفض تلك التعديلات، فأطلق المستخدمون على مواقع التواصل وسمي “#لا_لتعديل_الدستور، و#لا_للتمديد” للتعبير عن معارضتهم.

وتفاعلت عشرات آلاف المنشورات والتغريدات منتقدة الخطوة، ووصف الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق ومؤسس حزب الدستور، تلك التعديلات بأنها إهانة للشعب، قائلاً عبر حساباته “ثار المصريون ضد نظام (أنا ربكم الأعلى)، الذي يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات تناقض أي نظام ديموقراطي ويبقى في الحكم إلى أبد الآبدين. تعديل الدستور في هذا الاتجاه إهانة لشعب قام بثورة لينتزع حريته، وعودة سافرة إلى ما قبل يناير. لا نتعلم أبداً وفي كل مرة ندفع ثمناً باهظاً يُرجعنا إلى الوراء!”.

أكدت شخصيات سياسية وحقوقية وفنية رفضها تلك التعديلات مثل الممثل المعروف والناشط سياسياً عمرو واكد، الذي رأى في تلك الخطوة المرفوضة فرصة لتوحيد صفوف المعارضة وترك اليأس، كما أعلنت مجموعة من القوى السياسية إطلاق مبادرة “اتحاد الدفاع عن الدستور”، وعبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك” أعلنت الحركة المدنية الديموقراطية، التي تم اعتقال المتحدث باسمها، عن إطلاق الاتحاد الذي يضم 11 من الأحزاب السياسية وعدد من الشخصيات العامة وأعضاء البرلمان، إضافة إلى أكاديميين وممثلي المجتمع المدني، كإطار شعبي يتصدى لمهمة حماية الدستور والدفاع عنه بالأساليب الديموقراطية السليمة.

علاء الخيام، رئيس حزب الدستور أحد أحزاب الاتحاد، قال في تصريح لـ”درج”، بأنه لا يتمنى أن تمر هذه التعديلات وأن تكون هناك إرادة شعبية وسياسية قوية قادرة على رفضها ومنع مرورها. واعتبر أن هذه التعديلات لا تصب في مصلحة الوطن وتشكل خطراً على مدنية الدولة والديموقراطية والحريات، وتهدف إلى ترسيخ الدكتاتورية ودسترة توغل السلطة التنفيذية في بقية السلطات وبخاصة السلطة القضائية وإقحام المؤسسة العسكرية، بشكل فج في المعترك السياسي، كما أنها ترسخ مبدأ سهولة تغيير الدستور وعدم احترامه لمن سيأتي لاحقاً.

وأصدر حزب العيش والحرية، أحد الأحزاب المشاركة في الحركة الوطنية الديموقراطية، بياناً، حصلت “درج” على نسخة منه، يرفض فيه التعديلات التي وصفها بالحلقة الجديدة من حلقات تركيز السلطة في يد أقلية أمنية عسكرية ضيقة.

أوضح الدكتور عمرو عبد الرحمن العضو المؤسس بالحزب لـ “درج” أن هذه التعديلات توسّع سلطات رئيس الجمهورية شبه الإلهية بالتحكم الكامل في السلطة القضائية، وتقزيم دور مجلس الدولة، بانتزاع اختصاصاته التشريعية وتوسيع اختصاصات القضاء العسكري وغيرها من السلطات، التي تحوله إلى نصف إله غير خاضع للرقابة أو المحاسبة، إضافة إلى إقحام المؤسسة العسكرية في أمور سياسية، ما يعني المزيد من العبث غير المسؤول الذي يضع الجيش على خط التجاذبات السياسية.

 

إقرأ أيضاً:

علاء عبد الفتّاح وإخوانه وأخواته في مصر: فصل من سيرة السجون والألم

مصر: من جهاز “الكفتة” إلى “الطفل المخترع”… دولة الخرافة تتمدّد