fbpx

تركيا تُطلق سراح مجرمين وتُحكم قبضتها على معتقلي الرأي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

صلاح الدين ديميرتاش هو واحد من آلاف معتقلي الرأي المُستثنيين من قانون إطلاق سراح المساجين، إذ يبدو أن للسلطات التركية حسابات أخرى، تعلو على الحسابات الصحية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

صلاح الدين ديميرتاش يعاني من أزمة في الجهاز التنفسي خلف القضبان، في ظلّ تفشي وباء “كورونا”.

ديميرتاش هو سياسي كردي معارض، اعتقلته السلطات التركية، ضمن حملة اعتقالات شنّها أردوغان عام 2016بعد محاولة الانقلاب على حكمه، بتهم “إدارة منظمة إرهابية” و”القيام بدعاية إرهابية”، و”التحريض على ارتكاب جرائم”، بعقوبة سجن تصل إلى 142 سنة. 

صلاح الدين ديميرتاش

ديميرتاش، ورغم خطر تعرّضه للفايروس داخل زنزانته، لم يشمله قانون إطلاق سراح المساجين الذي صدر مؤخراً جراء تفشي “كورونا”. وهو واحد من آلاف معتقلي الرأي المُستثنيين من القانون، إذ يبدو أن للسلطات التركية حسابات أخرى للإفراج عن المساجين، تعلو على الحسابات الصحية.  

لم يمنع “كورونا” السلطات التركية من ممارسة قمعها الأصوات المعارضة للنظام وزجّها في السجون. فقد وافق البرلمان التركي على مشروع قرار يسمح بإطلاق سراح عشرات آلاف السجناء، كإجراء للسلامة لمواجهة انتشار فايروس “كورونا”، بخاصة بعد إصابة 17 سجيناً بالوباء، ووفاة ثلاثة منهم، وفق الأرقام المعلنة. 

لكن المفارقة، أن القانون الذي وافق عليه 279 عضواً مقابل رفض 51، استثنى معتقلي الرأي، والمحتجزين بتهم “إرهاب”، من بينهم صحافيون ومعارضون سياسيون ومحامون، لا يزالون محتجزين بانتظار محاكماتهم.

لم يمنع “كورونا” السلطات التركية من ممارسة قمعها الأصوات المعارضة للنظام وزجّها في السجون.

ينطبق هذا القانون على عدد من السجناء، من بينهم النساء الحوامل، وكبار السن الذين يعانون من حالات مرضية. بينما يستبعد فئات معينة، كالقتلة، ومرتكبي الجرائم الجنسية، وجرائم المخدرات، والمعتقلين السياسيين، الذين ساوتهم الحكومة التركية مع الفئات المستثناة سابقاً، واستبعدتهم لأن السلطة قررت أن تستخدم معهم قوانين “مكافحة الإرهاب” المرنة والمبهمة. 

دفع القانون التركي الجديد جماعات حقوق الإنسان إلى التنديد به، لاستبعاده آلافاً من معتقلي الرأي. منهم “منظمة العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش”، التي ذكرت في تقرير سابق لها أن تركيا تحتلّ المركز الأول عالمياً في سجن الصحافيين. إذ كان حوالى 175 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي رهن الحبس الاحتياطي، أو في السجن، بتهمة “الإرهاب” عام 2018. 

فرصة مثالية لممارسة القمع

تواجه تركيا، التي تجاوزت إيران كأعلى عدد إصابات في الشرق الأوسط بتسجيلها 82329 إصابة بفايروس “كورونا”، انتقادات واسعة لجهة التعاطي مع الوباء صحياً وسياسياً وإعلامياً. إذ يبدو إنه وقت مثالي لتركيا لممارسة قمعها، فقد اعتقلت السلطات أخيراً 19 شخصاً كتبوا منشورات عن “كورونا” على صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفتها السلطات بأن “لا أساس لها من الصحة ومستفزة”، وفق وكالة “رويترز”.

في سياق موازٍ، ارتفع عدد السجناء في تركيا إلى مستوى غير مسبوق، ويمثّل المعتقلون السياسيون خمس المسجونين.

وبلغ عدد السجناء في نهاية كانون الأول/ ديسمبر عام 2018، حوالى 264 ألف سجين.

ويزيد هذا الرقم بنسبة 14 في المئة عن التاريخ نفسه عام 2017، وفق هيئة الإحصاء الحكومية التركية. بمعنى آخر، هناك 323 سجيناً لكل 100 ألف تركي في المتوسط.

يمثّل المعتقلون السياسيون خمس المسجونين.

تقول صحيفة “حرييت” التركية إن معظم المسجونين هم لصوص، مشيرة إلى أن نسبتهم تبلغ حوالى 79 في المئة من إجمالي نزلاء السجون. أما المدانون في جرائم قتل فقد بلغت نسبتهم نحو 4 في المئة. ويمكن عزو الزيادة الكبيرة في عدد السجناء إلى أسباب سياسية، إذ إن الكثير من الأصوات المعارضة زُجّت في الزنازين بعد حملة الاعتقالات التي أطلقها أردوغان منذ محاولة الانقلاب في صيف 2016.

أصدرت المحاكم عام 2018 قرارات في الكثير من المحاكمات ذات الدوافع السياسية بحق صحافيين بحجة مزاعم غير مثبتة بصلاتهم بمنظمات إرهابية أو محاولة الانقلاب، وفق التقرير السنوي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” لعام 2018. كما استمر اعتقال وسجن الصحافيين الذين يعملون لدى وسائل إعلام كردية في تركيا بشكل متكرر، ما تسبب في تعطيل أي تغطية منتقدة من جنوب شرقي البلاد.

“الرجل الذي يخشاه أردوغان”

شمل القانون التركي الجديد آلاف المعتقلين السياسيين، أبرزهم رجل الأعمال والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان كافالا.

عثمان كافالا

الغريب في قصة كافالا، هو استهداف أردوغان هذا الرجل بشكل شخصي، وتخصيص مساحة للتطرّق إلى قضيته في خطاباتٍ علنية. حتى أنه تمّ اعتقاله بتهمة علاقته بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت عام 2016. وذلك مباشرة بعد إطلاق سراحه من السجن، على خلفية قضية غيزي بارك، إذ اتهمته السلطات التركية بمحاولة الإطاحة بالحكومة، عبر تنظيم الاحتجاجات التي شهدت خروج مئات الآلاف ضد خطط أردوغان لتطوير حديقة بوسط إسطنبول.

حتى إنه لُقّب بـ”الرجل الذي يخشاه أردوغان”. وبعد حلول أزمة “كورونا” ورفض السلطات التركية الإفراج عن معتقلي الرأي، يبدو فعلاً أن أردوغان يخشى الوجوه المعارضة.