fbpx

اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين في جنيف: بارقة أمل في معاناة اليمنيين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعد عام من أسره، تعيش أسرة حداد، الذي يقبع في أحد سجون صنعاء، على أمل أن يعود قريباً…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا تعلم أسرة خالد سداد، ثلاثيني يمني، وأب لأربعة أطفال، ما إذا كان اسمه قد أدرج ضمن قائمة الأسرى والمعتقلين المقرر أن يفرج عنهم قريباً جداً، غير أن الاتفاق الموقع أخيراً برعاية الأمم المتحدة في جنيف، بين ممثلي الحكومة اليمنية والتحالف من جهة، وممثلي جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) من جهة أخرى، بالإفراج عن 1081 أسيراً ومعتقلاً من الجانبين، جاء لإحياء آمال عائلته بأن تراه قريباً، فالاتفاق يعدّ خطوة هي الأولى من نوعها، منذ توقيع اتفاق السويد في كانون الأول/ ديسمبر 2018.

وقع خالد حداد، كما يروي أفراد عائته لـ”درج” في الأسر على أيدي  الحوثيين في إحدى مناطق محافظة صعدة الحدودية مع السعودية، منذ أكثر من عام ضمن ما سُمي “لواء الفتح” في قوات الشرعية”، بعدما أجبرته الظروف المعيشية على مغادرة صنعاء. أخبر عائلته أنه يسعى للبحث عن عمل في السعودية من طريق “التهريب”، قبل أن تُفاجأ العائلة منذ أكثر من عام، بورود اسمه في قائمة الأسرى الذين أعلن عنهم الحوثيون.

وبعد عام من أسره، تعيش أسرة حداد، الذي يقبع في أحد سجون صنعاء، على أمل أن يعود قريباً، ولا يغطي مبلغ 50 ألف ريال يمني يتسلمه أطفاله كمرتب من الحكومة سوى جزء من الحاجات الأساسية.

تؤكد شقيقته فوزية لـ”درج”، أنه مظلوم، ولم يكن معتاداً على حمل السلاح بل كان يسعى لـ”التسلل إلى السعودية”، لتأمين قوت أطفاله، وتشير إلى أن الأسرة باتت تأمل بأن يُطلق سراحه، “بعدما تم التواصل معنا، لأخذ بياناته، تزامناً مع مفاوضات تبادل الأسرى والمعتقلين”.

أسرة حداد هي واحدة، من آلاف الأسر اليمنية، التي يقبع معيلوها أو أفراد منها، في السجون، من أسرى ومحتجزين مدنيين، وتعيش بانتظار انتهاء مأساتهم المتواصلة منذ سنوات. ليأتي اتفاق جنيف بمثابة بارقة أمل بتحقيق تقدم في هذا الملف، الذي لطالما كان على رأس أجندة اللقاءات وجولات المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة، منذ السنوات الأولى للحرب، وصولاً إلى اللقاءات التي يرعاها المبعوث الدولي مارتن غريفيث منذ أكثر من عامين.

اتفاق جنيف – خطوة أولى 

يتضمن الاتفاق الذي أعلن في ختام اجتماعات برعاية الأمم المتحدة جنيف، الإفراج عن 1081 أسيراً من الطرفين، بينهم 618 أسيراً من الحوثيين، والذين سيطلقون بالمقابل 381 من الجنود والمعتقلين في قائمة الحكومة إلى جانب 15 جندياً سعودياً وأربعة جنود منتسبين إلى القوات السودانية المشاركة في عمليات التحالف في اليمن، على أن تتولى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عملية استلام الأسرى من الطرفين وتسليمهم.

وعلى رغم أن العدد يمثل أقل من 10 في المئة من الأسماء الواردة في قوائم الأسرى والمعتقلين، والتي تم تبادلها في اجتماعات سابقة، إلا أن نتائج الاجتماع الأخير، لاقت ترحيباً من الأطراف المعنية، لأسباب كثيرة، أبرزها أنه يعد الخطوة العملية الأولى في طريق تنفيذ الاتفاق الموقع في ستوكهولم منذ نحو عامين بشأن الأسرى والمعتقلين، إضافة إلى ما تضمنه على صعيد أسرى التحالف (15 من السعوديين و4 سودانيين)، والذين تمت مبادلتهم بأعداد مضاعفة من الأسرى الحوثيين، ما يفسر تصدر الجماعة لأكبر عدد من المقرر الإفراج عنهم.

يتضمن الاتفاق الذي أعلن في ختام اجتماعات برعاية الأمم المتحدة جنيف، الإفراج عن 1081 أسيراً من الطرفين.

وعلى عكس نبرة التشاؤم والاتهامات المتبادلة في اجتماعات سابقة بما فيها لقاءات الأردن الثلاثة السابقة للجنة الأسرى والمعتقلين والتي جرى التوصل خلالها إلى قوائم الدفعة المرتقب الإفراج عنها، سادت حالة من الترحيب والتفاؤل لدى مختلف الأطراف، بما في ذلك التحالف بقيادة السعودية والذي رحب بالخطوة ووصفها بأنها “ملف إنساني بحت”، وفقاً لتعبير المتحدث الرسمي لقواته تركي المالكي، في تصريح صحافي.

التنفيذ خلال أسبوعين

سأل “درج” المتحدث باسم لجنة الحكومة المعترف بها دولياً في الاتفاق ماجد فضائل عن مدى الثقة بالتنفيذ، فأفاد بأنه يتوقع أن “يكون التنفيذ هذه المرة خلال أسبوعين، بما أن جميع الأطراف وقّعوا على الخطة التنفيذية”، وأضاف أن الاتفاق مبدئي وأولي و”بعد شهر سيستكمل أيضاً تنفيذ اتفاق الأردن وتوسيع الأعداد بما يضمن الإفراج عن الأربعة المشمولين بقرار مجلس الأمن”، إشارة إلى وزير الدفاع السابق اللواء محمود الصبيحي ومسؤول الاستخبارات في عدن سابقاً اللواء ناصر منصور هادي (شقيق الرئيس عبدربه منصور هادي)، وقائد اللواء 119 العميد فيصل رجب والقيادي في الإصلاح محمد قحطان.

في المقابل، يوضح وكيل وزارة الإعلام في حكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين، في صنعاء، نصر الدين عامر لـ”درج”، أن إطلاق الأسرى التابعين لهم يمثل “قيمة رمزية وانتصاراً أخلاقياً لنا، لأن تحريرهم التزام علينا ووفاء تجاههم”. ويرى أن “القضية ملف إنساني بحت وليس سياسياً وهو جزء من ملف كان يفترض أن ينجز كخطوة من خطوات بناء الثقة الممهدة لمفاوضات السويد ولكنه تحول إلى ملف من ملفات المفاوضات ثم دخل دوامة المفاوضات والمكايدات السياسة”.

ومع ذلك، يقول عامر إنه وعلى رغم “كل ما سبق”، فإن الاتفاق “خطوة في الاتجاه الصحيح ومكسب يحسب للحكومة في صنعاء”، كون من أطلق عليه  “الطرف الوطني” كان الجهة التي تصدر إنفاذ هذا الملف، في مقابل “تعنت الأطراف الأخرى”. ويتابع: “السعودية والإمارات ومن خلفهما الولايات المتحدة ليسوا حريصين على إطلاق الأسرى، حتى أنهم استهدفوا أسراهم أكثر من مرة”، حد قوله.

ملف الصحافيين المعتقلين

على رغم موجة الترحيب، التي اعتبرت الاتفاق “خطوة أولى” و”بارقة أمل”، في ملف طال التفاوض بشأنه، لم يخل التطور من تحفظات، وخصوصاً في ما يتعلق بالصحافيين المعتقلين في سجون الحوثيين منذ سنوات. وقال المتحدث باسم الوفد الحكومي ماجد فضائل لـ”درج”: “يؤسفنا استمرار تعنت”، من وصفهم بـ”الميليشيات الحوثية” في “عدم التجاوب للإفراج عن الصحافيين على رغم موافقتنا على مبادلتهم بأسرى حوثيين يطالبون بهم”.

تجدر الإشارة إلى أن ممثلي الجانبين وقعوا اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسراً خلال مشاورات السويد، في كانون الأول/ ديسمبر 2018، برعاية الأمم المتحدة، وخلال الجولة ذاتها قُدمت قوائم بحوالى 15 ألف معتقل وأسير، بينهم المدنيون المحتجزون على خلفية الأحداث الدائرة في البلاد منذ سنوات. وقد وقفت عقبات كثيرة في طريق التنفيذ لنحو عامين، وتشكلت لجنة متابعة تنفيذ الاتفاق من ممثلين عن الطرفين وعن الصليب الأحمر ومكتب المبعوث الأممي، والذي رعا بدوره ثلاثة اجتماعات في الأردن عام 2019 ومطلع عام 2020، تكللت بالاجتماع الرابع في جنيف.