fbpx

لبنان : فوز لوائح الطلاب المستقلين … هل يعاود النظام الانقضاض؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل يفتح فوز لوائح الطلاب المستقلين في انتخابات الجامعة اللبنانية الأميركية الباب أمام فرض خطاب جديد في مسار الحركة الطلابية في لبنان؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أظهر النظام اللبناني جنوحاً متزايداً نحو الترصد والمراقبة حيال كل ما يتهدد تركيبته الطائفية والزبائنية، ومن ثم الانقضاض وتشغيل أدواته ووسائله غير المباشرة لتفكيك او إزاحة أي خطر يلوح في الافق. 

شهدنا هذا مرات عديدة، في مختلف مراحل البطش الأمني وحملات الاعتقالات العشوائية، الى توقيفات بذريعة جرائم المعلوماتية والتي تحولت الى تصيد لأصحاب الرأي والانتقاد عبر منشورات فيسبوك. 

ففي مشهد دراماتيكي وحركات شبه متناسقة، تم اشعال جبهة جانبية في المظهر، ولكن أساسية في المضمون، لإصابة وتحييد الحيز الطلابي اليافع الذي بدأ يكتسب وعياً، وان كان محدوداً، ولكنه قد يساهم في إحداث تصدعات في النظام ومؤسساته. 

نعم، لقد شنّت المؤسسات التعليمية، حرباً، او هجمة مرتدة، على ما يمكن تعريفه بـ”ما قبل المشكلة” التي قد تواجهها والدولة في المستقبل القريب أو البعيد. فالحركة الطلابية بدأت تشهد تنوعاً وخرقاً واضحاً من فئة شابة ومستقلة، او ذات أفكار تقدمية، وقد ساهمت انتفاضة 17 تشرين في تزخيم وعيها وتلقينها العديد من الدروس. يمكننا أن نرى التطور الملحوظ الذي حل بالثقافة والوعي المطلبي الرافض لسياسات الدولة والمشكك بمصداقية مؤسساتها، والذي قد يجمع زخماً تراكمياً حقيقياً ذو تهديد واقعي، قادر على الإطاحة بأجزاء الهيكل الصدئة.

يعتقد العديد من الطلاب انه ومن خلال الانتخابات القادمة في الجامعة الأميركية واليسوعية، سيتمكن طلاب ومجموعات مستقلة، او تقدمية فكرياً، من أن يحسم المعركة لصالحه، وأن يفرض خطاباً جديداً

هناك حالياً تنسيق مريب بين جامعات لبنان الكبرى و”المرموقة”، إذ وكأنما اتفقت جميعها على التخلص من القناع الديموقراطي الحداثي الذي ترتديه، والكشف عن النوايا والوظائف الفعلية التي كانت ولاتزال تقوم بها. في الواقع، لا أحد يعلم إذا كان التنسيق والتوافق على عدم القيام والمضي بانتخابات المجالس الطلابية هو محض صدفة، أم تنسيق فعلي ضمن الاتجاه القمعي العام الذي بدأ من فترة.

هذا التوجه موجود من قبل وهو  بدأ مع محاولة إدارة الجامعة اللبنانية، أن تفرض على الطلاب التوقيع على تعهد بعدم “المساس والتطاول على الجامعة” على مواقع التواصل الاجتماعي. تم التراجع عن البند، ولكن النوايا اتضحت، وبالطبع ندرك أنها لن تكون المرة الأخير التي تحاول فيها إدارة الجامعة اللبنانية الامتثال لمتطلبات النظام بكبح جماح ما قد يخرج من قلب الجامعة الوطنية، وترويض من فيها من أفراد ومجموعات. 

فهكذا، بدل ان تكون الجامعة اللبنانية صرحاً لخلق البديل، تريدها الإدارة معلماً لكمّ الافواه والتبعية.

أما الجامعات الخاصة، فقد اتفقت على عدم المضي بالانتخابات بحجة وباء الكورونا، الذي بات عذراً لمختلف محاولات التضييق على الناس. 

ولان مواعيد الانتخابات الطلابية في أكثر من جامعة اقتربت، والحياة الجامعية للكثير من الطلاب اختلفت بعد أن اكتسب العديد منهم الوعي الذي يعتبر ضرورياً في المرحلة الخطرة التي تمر بها البلاد، إضافة إلى اتضاح ملامح النظام الحقيقية، فإن إجراء الانتخابات والابقاء على حرية التعبير بات أمرا ملحاً.  

لم تعد التحركات عشوائية، ولن تكون المطالب بريئة بعد الآن. فالتغيير الجذري الذي اتخذه الشكل الطلابي الجديد، يتسم بالقدرة على تسيس الأمور، ورؤيتها كما هي، وفي هذا الواقع، تهديد للثوابت التي استقرت في نفوسنا وعقولنا عبر السنوات السابقة، والتي تختصر التجمعات الطلابية ومطالبها بالحياد والبعد عن السياسة. لذا، من الممكن أن تكون قد باغتتها التحركات الجديدة، وانضمام هذه الحركات الطلابية الى فلول الناس الغاضبة، والتحاقها وتنسيقها مع مجموعات العمل السياسي خارج الجامعات.

التغيير العام الحاصل، وعلى حسب تقدير طلاب الجامعات، قد يقلب الموازين، ويساهم في إضعاف قبضة الإدارات التي تحاول فرض إرادة القوى السياسية والأحزاب الحاكمة على الطلاب.

تشكل هذه الحركة الطلابية تهديدا آخر، وهو فقدان قدرة الأحزاب الطائفية على السيطرة داخل الجامعات  من خلال مجالس الطلاب. فمجالس طلاب الجامعة اللبنانية خير دليل على قدرة هذه القوى الزبائنية والقمعية داخل الجامعة. والحال ليست أفضل بكثير في الجامعات الخاصة، فلطالما كان هناك وجود حزبي كثيف، والذي بدأ يلاحظ التحول التدريجي للطلاب، فكان الرد على النوادي المستقلة، على سبيل المثال، في الجامعة اليسوعية، ليس فقط امتناعاً عن اجراء الانتخابات، او الضغط على المستقلين، بل أيضا مشروع ناد جديد، “محافظ” فكرياً، للملمة ما تبقى من قيم وأفكار قد بدء يجرفها تطور الحركة الطلابية سياسياً. ومن مظاهر الوجه الحقيقي لأدوات النظام في المؤسسات الجامعية أيضا، شكوى الكثير من الطلاب عن تواصل إدارات الجامعات معهم بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وطلب حذفها او تغييرها، تحت وطأة التهديد اكاديميا. 

 لذا، ووفقا للتغيرات والتطورات المفاجئة التي حصلت منذ انتفاضة 17 تشرين حتى الآن، وخصوصا بعد فوز لائحة المستقلين في انتخابات الجامعة اللبنانية الأميركية، يعتقد العديد من الطلاب انه ومن خلال الانتخابات القادمة في الجامعة الأميركية واليسوعية، سيتمكن طلاب ومجموعات مستقلة، او تقدمية فكرياً، من أن يحسم المعركة لصالحه، وأن يفرض خطاباً جديداً نوعاً ما على الحركة الطلابية رغم محاولات إدارات هذه الجامعات تحييد الجيل الشاب وابعاده عن الدور السياسي الحاسم الذي يمكن ان يلعبه في الصراع ضد النظام الحالي.