fbpx

رحلة منفّذ جريمة قتل المدرّس الفرنسي… من الشيشان إلى النورماندي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

“لقد أعدمت اليوم أحد كلاب الجحيم الذي تجرّأ على الازدراء بمحمّد”، هكذا عبّر عبدالله، الفتى الشيشاني الذي قطع رأس أستاذ التاريخ الفرنسي سامويل باتي، عمّا اعتبره إنجازاً له مرفقاً صورة رأس المدرّس ومهدّداً ماكرون “زعيم الكفّار”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قبل أن يُقتل بتسع رصاصات يوم الجمعة 16 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2020 عقب صرخته “الله أكبر” ويُحذف حسابه وتغريدته عن “تويتر”.
فرنسا تعيش على وقع تلك الجريمة الدموية التي ارتكبها المراهق المولود في موسكو من أصول شيشانيّة، فعبدالله قطع رأس أستاذ تاريخ في مدرسة متوسّطة على خلفيّة عرض الأخير رسوماً كاريكاتوريّة للنبي محمّد في إطار النقاش حول حريّة التعبير.


ليس واضحاً بعد كيف تمكن فتى بالكاد تجاوز سنوات مراهقته من التحضير والاستعداد نفسياً للهجوم وقطع رأس شخص، وما اذا كان تلقى معلومات أو تدريباً على هذا.
أثارت هذه الجريمة حالة ذعر في فرنسا خصوصاً أنّ منفّذ العمليّة لم يكن مدرجاً على الإطلاق في قائمة “Fiche S” الاستخباراتيّة، وهي قائمة تتضمّن أسماء حوالى 20 ألف شخص يشكّلون خطراً أمنيّاً على البلاد، ويخضعون عموماً للمراقبة من قبل السلطات الفرنسيّة.
أمّا منفّذ العمليّة فقتلته الشرطة عند محاولة توقيفه، إذ أطلق النار عليهم بمسدّس هوائي. فردّ الضباط بإطلاق النار عليه وأُصيب بتسع رصاصات. كما عُثر على شفرة طولها 30 سنتم (12 بوصة) في مكان قريب. وحتّى اليوم، تمّ القبض على 11 شخصاً، من بينهم أهل المنفّذ وجدّه وأخوه.

من هو عبدالله وما دوافعه؟


عبدالله أ. لاجئ شيشاني يبلغ من العمر 18 سنة، وُلد في موسكو وحصل في آذار/ مارس 2020 على إقامة لمدة 10 سنوات كلاجئ في فرنسا. لم يزر الشيشان سوى مرّة واحدة عندما كان عمره سنتين، بحسب رئيس الشيشان المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، رمضان قديروف.

الطالب عبد الله أ. (18 عاماً)


أمّا في فرنسا، فكان عبدالله أ. يقطن في بلدة نورماندي إفرو في حي لامدلين في الطبقة الأولى من مبنى مؤلّف من 4 طبقات. وبحسب جيرانه، كان عبدلله شاباً “كتوماً” و”غارقاً في الدّين” منذ ثلاث سنوات و”كان وحيداً عموماً”.
ويوضح مصدر في الشرطة لفرانس 24 أنّ حي لامدلين الذي يقطن فيه الشاب “عبارة عن مدينة (مصغرة) تعاني من الانحرافات، التطرف، تجارة المخدرات”، ويعيش فيها حوالى 12 ألف شخص. ولكنّ الجالية الشيشانيّة لا تتعدّى الـ200 شخص تقريباً في هذا الحي وليست لديها “مشكلات خاصة”.
بحسب euronews، انضمّت شقيقة عبدلله من أحد والديه إلى تنظيم الدولة الإسلاميّة في سوريا عام 2014، ولا يُعرف أين هي الآن وفقاً للمدّعي العام الفرنسي الأعلى لمكافحة الإرهاب، جان فرانسوا ريكارد.

كيف وصل منفّذ العمليّة إلى ضحيّته؟


كان الضحيّة، سامويل باتي، البالغ من العمر 47 سنة، مدرّس تاريخ في مدرسة متوسّطة وفي أحد صفوفه ناقش موضوع حريّة التعبير وعرض رسوماً كاريكاتوريّة للنبي محمّد، طالباً ممّن ينزعج عدم النظر أو الخروج من الصف موقتاً أثناء عرضها. ولم يكن باتي يتوقّع ردود الفعل السلبيّة المستنكرة من الكثير من أولياء الطلبة، ما دفع المعلّم إلى تقديم اعتذاره من الأهالي عبر الإيميل، بحسب ما كشفت New York Times. إلا أنّ أحد أولياء الأمر، والد طالبة عمرها 13 سنة، نشر فيديوات غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي يستنكر فيها ازدراء الإسلام من قبل هذا المدرّس في 7 و12 تشرين الأوّل 2020 وتفاقم الموضوع بشكلٍ كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، حتّى فقدت المدرسة السيطرة على النقاش، كما أكّد ريكارد. وتجدر الإشارة إلى أنّ الوالد الذي نشر الفيديوات هو أيضاً في قبضة الشرطة الفرنسيّة.


عبدالله أ. لاجئ شيشاني يبلغ من العمر 18 سنة، وُلد في موسكو وحصل في آذار/ مارس 2020 على إقامة لمدة 10 سنوات كلاجئ في فرنسا.


وكان الضحية باتي تلقّى تهديدات كثيرة في الفترة الأخيرة. وفي 8 تشرين الأوّل، قدّم أحد الأهالي شكوى بحقّ المدرّس وفقاً لمعلومات Liberation الفرنسيّة. فتمّ استدعاء المدرّس للاستماع إليه في 12 تشرين الأوّل، في مركز شرطة كونفلانز سانت هونورين. وبناءً على ذلك، قرّر المدرّس تقديم شكوى بتهمة “التشهير”، ولكن ليس بسبب “التهديد”.

فترة عصيبة على فرنسا


أتت هذه العمليّة بعد ثلاثة أسابيع على قيام شاب باكستاني عشريني بمهاجمة شخصين بساطور لحوم، فأصابهما بشكل بالغ خارج مكاتب شارلي إيبدو السابقة، بسبب إعادة نشر المجلّة رسوماً كاريكاتوريّة للنبي محمد. وهنا تعود بنا الذاكرة مباشرةً إلى قضيّة مجلّة شارلي إيبدو الساخرة التي تعرّضت لاعتداء مسلح عام 2015 عقب نشر الرسوم عينها للنبي محمّد.
ماكرون هرع مساء الجمعة (16 تشرين الأول) إلى مسرح الجريمة ليؤكد أنّ “الظلامية لن تنتصر”، وأن “الوطن بأسره” يقف إلى جانب المعلمين ليدافع عنهم. خصوصاً أنّ هذه العمليّة جاءت بعد أسابيع فقط من كشف ماكرون عن خطّة لمكافحة ما وصفه بتهديد “الانفصالية الإسلامية” للعلمانيّة الفرنسية. وتحدّث ماكرون عن دحر ما وصفه بتهديدات للقيم العلمانية التي تدرّس في مدارس البلدة واستشهد بمثال المسلمين الذين يعارضون مشاركة أولادهم في دروس السباحة.
وبحسبه فهناك شريحة من مسلمي فرنسا لم تتقبّل حتّى اليوم سياسة حريّة التعبير المطلقة التي تتبنّاها فرنسا بما في ذلك التجديف والازدراء بالأديان.
مجدّداً، يبدو أنّ نقاش الحريّات في فرنسا فُتح على مصراعيه بحيث وصف جان ميشيل بلانكير وزير التربية الوطنيّة إنّ “الجمهوريّة الفرنسيّة أجمعها تعرّضت لهذا الهجوم”.