fbpx

من نيس إلى جدّة: من أنتم أيها القتلة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

“الله أكبر” هي العبارة التي تلفظوا بها قبل ارتكابهم الجرائم وبعدها. ماذا علينا أن نفكر نحن الذين ولدنا و”الله أكبر” في آذاننا بوصفها شعيرة الصلاة التي تقيمها أمهاتنا! كيف لنا أن نهرب من وجه الضحية ومن رأس الذبيحة؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

  من هم هؤلاء القتلة؟ وماذا علينا أن نفعل نحن الذين نتلقى الخبر تلو الخبر متحسرين على كوننا أبناء ثقافة هؤلاء القتلة وأبناء دينهم؟ ربما علينا أن نحسد قناة الجزيرة التي تستفيق بعد كل جريمة لتقول إن الإسلام مستهدف! ربما هذا يكون حلاً نستعين به على تصريف اختناقنا. فبينما كنا نكتب عن جريمة باريس عاجلنا مجرم نيس بسكينه، ولم نكن بعد قد التقطنا أنفاسنا حتى بادر مجرم أفينيون الذي لم يلبث أن قُتل. وفي هذا الوقت، كان مواطن سعودي يحاول مهاجمة القنصلية الفرنسية في جدة. جرت كل هذه الوقائع في صباح عيد المولد النبوي! ماذا يقصد القتلة؟ ما الذي يريدون قوله؟ “الله أكبر” هي العبارة التي تلفظوا بها قبل ارتكابهم الجرائم وبعدها. ماذا علينا أن نفكر نحن الذين ولدنا و”الله أكبر” في آذاننا بوصفها شعيرة الصلاة التي تقيمها أمهاتنا! كيف لنا أن نهرب من وجه الضحية ومن رأس الذبيحة؟

من أمام كنيسة “نوتردام” في نيس، فرنسا

الجريمة أقوى من أن نخفي في ظلها وجوهنا. ستلاحقنا أينما هربنا. لقد ارتكبت باسمنا، في وقت لم تعد تفصل بيننا وبين الضحية حدود أو دول أو محيطات. جريمة نيس هي أيضاً جريمة بيروت وجريمة إسطنبول، وهي نفسها ما حاول القاتل في جدة فعله، وهي الجريمة التي يحاول رجب طيب أردوغان أن يجعلها خطابه في البرلمان التركي، وما تسعى قناة “الجزيرة” إلى جعلها رداً على فعل لا نعرفه.

إنه يوم الفاجعة في فرنسا، لكنه يوم الذهول لنا نحن الذين اعتقدنا أننا نختلف عن المراهق الشيشاني. إنه يوم الشك والريبة بكل شيء. هل علينا أن نبحث عن وجه القاتل بالقرب منا؟ ثمة شيء لا يصدق. “نعيش أجواء أشبه بلحظات الحروب” قالت صديقتنا المقيمة في باريس. القَتَلة يكرهون فرنسا، لكنهم يكرهون أكثر من 5 ملايين مسلم فيها. وظيفة الجريمة الأخرى هي الاتيان بسلطة تنهي أي أثر لحضور المسلمين في دولة تأوي أكبر جالية مسلمة. لم يعد مجدياً نقاش الوجه الآخر للجريمة، فنحن الآن أمام الوظيفة المباشرة للجريمة. ثمة من يوقع جريمته باسم الإسلام، فيما أعلن الأزهر أنه سيقاضي صحيفة “شارلي ايبدو”، وقال رجب طيب أردوغان إن إيمانويل ماكرون يحتاج إلى مصح عقلي! هل من علاقة بين هذه المؤشرات كلها؟ هل سيدين الأزهر الجريمة؟ وكيف سيتصرف حيال حقيقة أن دعواه القضائية جاءت منسجمة مع “الغضب” الذي أفضى إلى وقوع الجريمة؟

بدءاً من اليوم ستباشر فرنسا مساراً مختلفاً في علاقتها مع مهاجريها، ومع المسلمين من بينهم تحديداً. سيكون صعباً على المشككين بنياتها تسويغ شكوكهم. الأصوب في هذه الحال أن نباشر بالبحث عن مصادر الجريمة، وأن نفكر بدور المنظومة المحتضنة لها. أن نحاسب الناطقين الكثر باسمها، وعديمي الحساسية حيال مشاهد قطع الرأس وإقامة حد القتل. أن نقف مع فرنسا في مأساتها، لا بالمواساة، ولكن بالوقوف إلى جانب قيمها.