fbpx

فلسطين: انتصار الأخرس على السجان بارقة أمل لـ350 معتقلاً إدرياً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يلجأ الأسرى المعتقلون إدارياً غالباً إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، بعد شعورهم بالظلم، والإجحاف وضياع زهرة شبابهم داخل السجون… وهذا ما فعله الأسير ماهر الأخرس.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من على سريره في المستشفى، أظهرت لقطات فيديو طفلته الصغيرة (تقى) تطعمه بعض الحساء، وهو أول طعام يتناوله بعد 103 أيام من الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على اعتقاله الإداري من قبل السلطات الاسرائيلية.

نجحت إرادة ماهر الأخرس في إحراج اسرائيل وإظهار عسف الاعتقال الإداري الذي مورس بحقه وبحق مئات الموقوفين الفلسطينيين.

فبعد 103 أيام علق الأسير الأخرس إضرابه عن الطعام بعدما انتزع حريته، مجبراً السلطات الإسرائيلية على تنفيذ مطالبه من دون شروط.

الأسير ماهر الأخرس وابنته تقى.

في 27 تموز/ يوليو 2020، اعتقلت القوات الإسرائيلية الأخرس (49 سنة) من منزله في بلدة سيلة الظهر جنوب جنين، حيث يعيش مع زوجته وأبنائه الستة ويعمل في الزراعة، بتهمة انتمائه إلى جماعة “الجهاد الإسلامي”، وهي تهمة نفاها الأخرس.

وبحسب عائلته، أخبره المسؤولون الأمنيون أثناء اعتقاله بأنهم لن يفرجوا عنه، وسيدمرون حياته وعمله، ما دفعه إلى إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام، حتى عودته إلى أطفاله وزوجته.

تقول تغريد الأخرس زوجة ماهر لـ”درج”: “بدأ زوجي إضرابه عن الطعام، ولم يكن الأمر سهلاً أبداً، لكن الحق ينتزع من طريق الأشواك. لا شيء يصف الألم الشديد والضعف الجسدي العام، وفقدان القدرة على الحركة، والتشنجات المتكررة، وكان آخر تلك التحديات ضعف عضلة القلب، ولم يكن ماهر يحتمل الانتظار يوماً آخر”.

ما هو الاعتقال الإداري؟

الاعتقال الإداريّ بحُكم تعريفه هو حبس شخص من دون محاكمة بدعوى أنّه يعتزم في المستقبل الإقدام على فعل مخالف للقانون، من دون أن يكون قد ارتكب أي مخالفة. تعتمد إسرائيل هذا الإجراء، بحجة أنه خطوة وقائية،  لذلك لا مدة محددة للاعتقال. 

ينفذ الاعتقال الإداري من دون محاكمة استناداً إلى أمر يصدره قائد المنطقة وباعتماد أدلّة وبيّنات سرّية، لا يطّلع عليها حتّى المعتقل نفسه. هذا الإجراء يجعل المعتقل في وضع لا يُحتمَل، إذ يقف عاجزاً في مواجهة ادّعاءات لا يعرفها، وبالتالي لا يملك طريقة لدحضها، فلا لائحة اتّهام ولا محاكمة وبالتالي لا إدانة، ولا يعرف المعتقل متى سيطلق سراحه.

بعد 103 أيام علق الأسير الأخرس إضرابه عن الطعام بعدما انتزع

حريته.

يعود أصل الاعتقال الإداري إلى قانون الطوارئ أيام الانتداب البريطاني عام 1945. وعام 1979 أقر الكنيست الإسرائيلي قانون طوارئ يتضمن الاعتقال الإداري (يطبَّق في حالة الطوارئ)، وتستخدم السلطات الإسرائيلية هذا الإجراء في فلسطين، بناءً على الأمر العسكري رقم 1651، وتحديداً المادة 273 منه، علماً أن حالة الطوارئ ما زالت معلنة منذ تأسيس إسرائيل عام 1948.

أداة انتقامية

يصف المحامي الفلسطيني عمار مدوخ الاعتقال الإداري بأنه أداة انتقامية ضد النشطاء الفلسطينيين وأعضاء الأحزاب، للنيل من عزيمتهم، ففيما ينتظر الأسير لحظة الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية، تصدر بحقه مذكرة اعتقال ثانية من دون أسباب موجبة.

ويوضح لـ”درج” أن “المحاولات الفلسطينية سواء الرسمية وغيرها، لوقف الاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين غير مجدية، ولا ترقى إلى المستوى المطلوب للتخلص من تلك السياسة، والحد منها”.

صورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لماهر وابنته

وينوه إلى أن “الاحتلال الإسرائيلي يستمر بتنفيذ الاعتقال الإداري من دون توقف، لأنه لم يجد تحركات فلسطينية فعلية، فالسلطة الفلسطينية والجهات الحقوقية الفلسطينية، لم تتوجه حتى اللحظة، لنقل ملف الاعتقال الإداري إلى المنظمات الدولية مثل مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية”.

“اتفاقية جنيف الرابعة في المادة 78، تنص على حق فرض إقامة جبرية على الأشخاص في حالات قهرية وأمنية، لكن الاعتقال الإداري الذي تنفذه إسرائيل ضد الفلسطينيين يتعارض تماماً مع الشروط التي تنص عليها اتفاقية جنيف، فتلك الاتفاقية أباحت الاعتقال في حالة الطوارئ، لا توظيفه كوسيلة انتقامية،” يقول مدوخ. 

الاعتقال الإداريّ بحُكم تعريفه هو حبس شخص من دون محاكمة

بدعوى أنّه يعتزم في المستقبل الإقدام على فعل مخالف للقانون.

وفقاً لبيانات صادرة عن مؤسسة “بيتسيليم الحقوقية الإسرائيلية”، فإن 62 في المئة من المعتقلين الإداريين يتعرضون لتجديد الاعتقال الإداري، ولا يفرج عنهم من المرة الأولى، كما أن إسرائيل تحتجز حرية حوالى 100 فلسطيني بالاعتقال الإداري شهرياً.

وتبين هيئة شؤون الأسرى أن السلطات الإسرائيلية أصدرت منذ عام 1967 نحو 55 ألف قرار اعتقال إداري، صدر منها خلال سنوات الانتفاضة الأولى قرابة 19 ألف أمر إداري، كما صدر خلال سنوات الانتفاضة الثانية (2000- 2007)، نحو 18 ألف أمر إداري آخر، و9 آلاف قرار اعتقال إداري آخر (2007-2017)، فيما صدر 912 أمر اعتقال إداري خلال عام. وأصدرت المحاكم العسكرية الإسرائيلية 880 قراراً إدارياً بحق أسرى فلسطينيين منذ بداية العام الحالي، ولم تتوقف عن إصدار تلك الأوامر، فمن يتحكم بهذا الملف جهاز المخابرات الإسرائيلية.

ماهر الأخرس الذي لم ينكسر…

يقول رئيس نادي الأسير في نابلس، رائد عامر لـ”درج”، “الاعتقال الإداري هو سياسة قديمة، والآن تستخدمها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني كأسلوب ردع وترهيب تحت بند الملفات السرية لعدم وجود أي لوائح اتهام أو اعترافات بحقهم، وهو عقاب جماعي تتبعه السجون الإسرائيلية للنيل من إرادة النشطاء والأسرى المحررين من دون وجود أي مبرر قانوني لذلك”.

ويشير إلى أن هناك حوالى 350 معتقلاً إدارياً داخل السجون الإسرائيلية، من دون توجيه تهم بحقهم، وغالبيتهم أسرى سابقون أُفرج عنهم، ثم اعتِقلوا مرة أخرى.

ويضيف: “يلجأ الأسرى المعتقلون إدارياً غالباً إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، بعد شعورهم بالظلم، والإجحاف وضياع زهرة شبابهم داخل السجون، كما فعل الأسير ماهر الأخرس الذي انتصرت إرادته على ظلم السجان بعد 103 أيام من الإضراب المفتوح، ومواجهته مصير الموت مراراً”.