fbpx

وداعاً دون: هل هي نهاية زمن سلوكيات ترامب إلى الأبد؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يعني انتقاد سلوكيات ترامب التقليل من شأن بشاعة أفعاله، لأن قيمه ومعتقداته تتخللها جميعها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

اتّسم عصر ترامب بالقبح الشديد. تجلى هذا القبح في أقصى معانيه البالغة والمروعة -العنصرية والأكاذيب والقسوة – وتخطى ذلك إلى قبح حقيقي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ما جعل من السنوات الأربع الماضية، التي لم تكن أهميتها تضاهي أهمية تصرفات الرئيس، تبدو وكأنها اعتداء سافر على الحواس. بدت هذه الإدارة وكأنها لا تشبه أي إدارة أخرى، تماماً مثلما كانت تتصرف على نحو مغاير لأي من سابقتها. فقد تضاعفت وقاحة تصريحات ترامب بمراحل عدة بفعل لغته التي كانت أكثر إثارة للصدمة إلى حد كبير، على غرار التغريدات الصارخة والمكتوبة بأحرف كبيرة والمحشوّة بالأخطاء وعلامات التعجب، وكراهية النساء التي برزت من خلال السخرية والألفاظ النابية. والواقع أن كل ظهور علني له من دون كمامة كان بمثابة تذكير عميق بمدى التملص من المسؤولية والتقاعس عن أداء واجبه في مواجهة أزمة الصحة العامة.

لا يعني انتقاد سلوكيات ترامب التقليل من شأن بشاعة أفعاله، لأن قيمه ومعتقداته تتخللها جميعها. يبدأ الأمر من مظهره الخارجي، إذ لا يعكس لون ترامب المصطنع المستوحى من سمك السلمون غروره فحسب، بل يعكس أيضاً اعتقاده الخاطئ بأن سمرة البشرة بفعل التعرض للشمس خلال رحلة بحرية في الكاريبي لمدة ثلاثة أسابيع هو مظهر لائق لرجل مكلف بتولي أعلى المناصب وأكثرها جدية. تدل ربطة عنقه الطويلة وبدلاته الواسعة على الأنا المتضخمة لديه. لا يُخفي ترامب حقيقة الأهمية التي تمثلها المظاهر بالنسبة إليه. فعندما أعلن رسمياً عن ترشح مايك بنس كنائب له في الانتخابات في تموز/ يوليو 2016، أشار ترامب إلى أن السجل الاقتصادي لبنس بصفته حاكماً لولاية إنديانا كان “السبب الرئيس الذي جعلني أرغب في اختيار مايك، بخلاف أن مظهره جيد جد، غير أن لديه أسرة رائعة وزوجة وعائلة عظيمة”. 


دونالد ترامب بعد رحلة بحرية في الكاريبي

يبدو أنه من الصعب أن نلقي نظرة على مظهر النساء الموجودات حول ترامب من دون أن نتحول إلى شكل من أشكال التمييز الجنساني. إذ لا مكانة أخلاقية رفيعة في السخرية من ضيق الفساتين أو درجة لون صبغة الشعر الأشقر الكلاسيكية. ومع ذلك، هناك أمر مزعج بشدة بشأن ملابس مذيعات قناة “فوكس نيوز” الإخبارية والتي تبدو متقاربة جداً لتلك الخاصة بالنساء اللواتي حول ترامب. إنها مظاهر تحارب فيها المرأة التي تُرضي المجتمع بصبيانيتها البريئة ضد الأفكار الفاسدة الراسخة، ما لا يترك أي مساحة للنساء لكي يظهرن على أنهن أشخاص بالغين بشكل طبيعي. فلنتأمل على سبيل المثال، تصفيفات الشعر الملفوفة والجاذبة لعدسات الكاميرا طوال الوقت، والتي تختلف ما بين مظهر ميدوسا وفتاة جميلة في حفلة عيد ميلادها السادسة عشر. وعلى الرغم من البريق الذي تبدو عليه، فإن ذلك لا يمس لتمكين المرأة بصلة بقدر ما يحاكي قيم النظام الذكوري، التي يبدو أنها تحظى بقبول على نحو واسع ويتم تقديمها مع ابتسامة.

في هذه الأثناء، مزقت ميلانيا ترامب دليل تنسيق أزياء السيدة الأولى واستبدلته بملابس تشبه بشكل غريب النمط العسكري على نحو لافت للأنظار. عادةً ما يخفف وجود السيدة الأولى من حدة الصور الرسمية الجادة للزوج الذي تقف بجواره، ولكن ليست ميلانيا. فقد التزمت بالقواعد في حفل التنصيب عام 2017. وكان القماش الكشمير ذو الوجهين في البدلة التي ارتدتها من تصميم رالف لورين أملس مثل كريمة سكر التزين، وأضاف اللون الأزرق الفاتح الذي يذكرنا بجاكلين كينيدي لمسة الحنين إلى الماضي. ولكنها تحولت بعد فترة وجيزة، إلى ارتداء الملابس ذات الطابع العسكري التي عززت من حدة أنغام الموسيقى التعبيرية القتالية حول ترامب.

ميلانا ترامب مرتدية سترة طبع عليها “أنا لا أهتم حقاً، هل تهتم أنت؟”

في حزيران/ يونيو 2018 تحولت الأجواء بغموض من الغلظة إلى القسوة، عندما ارتدت ميلانيا سترة من ماركة “زارا” طبعت عليها عبارة “أنا لا أهتم حقاً، هل تهتم أنت؟”، عند زيارتها ملجأ للأطفال المهاجرين المحتجزين. وأصبح اللونان الأسود والأخضر الزيتوني هما لونيها المميزة. لو لم تكن تعرف أن المرأة التي كانت تقف بجوار الرئيس هي زوجته، فلربما ظننت – عندما كانت ترتدي خوذة شبه حربية مصنوعة من اللباد أو بدلة ذات مظهر عسكري صارم من تصميم ألكسندر ماكوين باللون الأخضر الخاص بالجيش مع جيوب بأزرار ضغط – أنها كانت قائدة عسكرية في الجيش، صعدت إلى المنصة لتذكير الجمهور بالقوة الكبيرة خلف آلة الحكومة.

أما ابنة الرئيس الأولى إيفانكا، التي كانت تمتلك علامة تجارية خاصة بها حتى إغلاقها عام 2018، فربما تتمتع بأعلى مستوى من الذوق الرفيع، وهي الأكثر حساسية في معسكر ترامب. في الأشهر الأولى من تولي والدها رئاسة البلاد، بدا الأمر وكأنها تستخدم ملابسها لإرسال إشارات بعيدة المدى مثيرة أسئلة عبر صفوف الحزب – أقراط أذن غير متطابقة، على سبيل المثال، كأنها تلمح إلى فكرها الداخلي كامرأة متحررة تتمتع بالاستقلال الفكري التام. وفي الفصول الأخيرة من حكم ترامب، اعتادت على ارتداء ملابس بيضاً بالكامل، وكأنها تؤكد ادعاءها النقاء والكمال، لحماية سمعتها الشخصية بينما أصبحت الإدارة أكثر فساداً بشكل وقح.

من الصعب أن نلقي نظرة على مظهر النساء الموجودات حول ترامب من دون أن نتحول إلى شكل من أشكال التمييز الجنساني

إن ما نختار أن نرتديه من ملابس لا يجعلنا أشخاصاً جيدين أو سيئين. ولكن عندما تكون الشعبوية في مركز الصدارة، فإن أسلوب ارتداء الملابس والاستعراض والتباهي يكونون في صميم السياسة. فقد كانت السنوات الأربع الماضية في السياسة الأميركية صعبة المتابعة على مستويات كثيرة. ولذا سيكون مشهد تغيير رئيس البيت الأبيض مشهداً رائعاً وممتعاً للناظرين.

  • هذا المقال مترجم عن الرابط التالي.