fbpx

الحرب الإسرائيليّة على أطفال فلسطين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما هي نظرتكم إلى نظامٍ يسمح بإطلاق الرصاص على الأطفال، ويختطفهم من نومهم، ويدمّر مدارسهم؟ يجب أنْ تكون نظرتكم إلى هكذا نظام هي نظرتكم إلى النظام هنا في إسرائيل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
جندي اسرائيلي يعتقل طفلا فلسطينيا – 2019

زرنا راهناً مخيّمَ العرّوب للاجئين، وبحثنا عن منطقة مفتوحة نجلس فيها توجّساً من فايروس “كورونا”، لكنّنا لم نجد. ففي المخيّمٍ تتلاصَق البيوت، وتبدو الأزقة غير قادرة على استيعاب أكثر من شخص واحد يمرّ في عرضها، فيما القمامة تتناثر، ولا أماكن للجلوس. وهناك لا يحلم المرء سوى بحديقة أو مقاعد خشبيّة، إنما حتّى الأرصفة غير متوفرة. في هذا المكان يعيش باسل البدوي، الذي قتل الجنود أخاه العام الماضي أمام عينَيه من  دون أدنى سبب. اقتيد باسل راهناً من فراشه في ليلةٍ باردة، وأُخِذ حافياً إلى التحقيقات. جلسنا مع أسرته في منزلها الضيّق، وأدركنا أنّه ليس هناك مكان للذهاب إليه في “الخارج”. حين كنّا هناك، أغلق الجنود الإسرائيليّون مدخل المخيّم تعسّفيّاً، كالمعتاد، فازداد إحساسنا بالضيق والاختناق. 

هذا هو عالم باسل، وهذا واقعه. وهو يبلغ من العمر 16 سنة، وقد فَقَد أخاه. اقتاده الجنود من فراشه في ظلام الليل. لم يكن يذهب إلى مكانٍ سوى المدرسة التي أغلقت أبوابها لبضعة أيّام من الأسبوع نتيجة تفشّي وباء “كورونا”. أُطلِق سراح باسل الآن، فقد كان أكثر حظّاً من أطفال ومراهقين الآخرين تعتقل إسرائيل اليوم حوالى 170 منهم، وكان نصيب غيرهم من الأطفال الموت أو الإصابة بجروح، برصاص الجنود الذين لا يميّزون بين الأطفال والراشدين، فالفلسطينيّ هو الفلسطينيّ بالنسبة إليهم. كما أنهم لا يميّزون بين موقفٍ فيه تهديد لحياة الجنود وآخر هو مجرّد “شغب واضطرابات عامّة”.

إطلاق الرصاص على التظاهرات؟ على الأطفال؟ أين تحدث تلك الأمور؟ ليس في أقاصي البلدان، وإنّما في مكانٍ على بعد ساعةٍ بالسيارة من منازلكم، ليس في ظلّ أنظمة شموليّة رجعيّة، وإنّما في ظلّ “الديموقراطيّة الوحيدة”.

يوم الجمعة 4 كانون الأوّل/ ديسمبر، قتل الجنود الفتى علي أبو عليا (15 سنة)، برصاصةً قاتلة في بطنه. لا يمكن أنْ يتجاهل أحد رؤيةَ وجهه البريء في الصور التي تداولتها وسائل الإعلام، وصورته الأخيرة في كفنٍ وقد كُشِف وجهه وأُغمضَت عيناه إلى الأبد، وحُمل جثمانه ليُدفَن في قريته. كان عليّ خرج مع أصدقائه -كما اعتاد أسبوعيّاً- ليتظاهروا ضدّ البؤر الاستيطانيّة البرّيّة والعنيفة التي انبثقت من مستوطنة “كوخاف هاشاحر”، فاستولت على بقيّة أراضي قريته “المُغيِّر”. لا سبب أعدل من ذلك الذي تناضل من أجله  تلك القرية، ولا شيء أفظَع وأشنعَ من استخدام القوّة المميتة ضدّ المتظاهِرين، ولا مبرر لتلك الرصاصة التي أصابت علي في بطنه.

وبالطبع لم يُبدِ أحدٌ في إسرائيل أيَّ اهتمام بوفاة طفلٍ فلسطينيّ، فهو مجرّد طفل آخر.

إقرأوا أيضاً:

قبل حلول العام الدراسيّ الحاليّ، كان حوالى 50 طفلاً من مجتمع “رأس التين” الرعويّ يدرسون في مدرسة “المُغيِّر”، قرية الفتى الفقيد؛ وكان عليهم المشي مسافة 15 كيلومتراً يومياً، ذهاباً وإياباً، لحضور الدراسة. أمّا هذا العام فقد بنى لهم آباؤهم، بمساعدة منظّمة إغاثيّة تابعة للمفوّضيّة الأوروبيّة ومقرّها إيطاليا، مدرسةً بسيطة وجميلة في قريتهم؛ فيما تتوعّد الإدارة المدنيّة الإسرائيليّة بهدمها وإزالتها، مع قيامها في هذه الأيّام بمضايقة التلاميذ والمعلّمين من خلال زيارات مفاجئة للتحقّق من كون دورات المياه متّصلة، لا سمح الله، بشبكة أنابيب للمياه؛ وذلك في قرية لم تتّصل يوماً بشبكة الكهرباء أو إمدادات المياه. لا بدّ أنّ أطفال رأس التين قد علموا أنّ عليّاً، زميلهم السابق، قد مات.

غير أنّ الأطفال لم يعرفوا مالك عيسى، من العيسويّة في القدس الشرقيّة. فقَدَ ذلك الطفل، الذي يبلغ من العمر 9 سنوات، إحدى عينيه بعدما أصابتها رصاصات مطّاطيّة أطلقها عليه شرطيّ إسرائيليّ. وراهناً أيضاً، أعلنت إدارةٌ في وزارة العدل، تدرس المزاعم حول سوء سلوك الشرطة، أنّها لن توجّه الاتّهام إلى أحد في عمليّة إطلاق الرصاص المطّاطيّ، وذلك بعد 10 أشهر من التحقيقات المكثّفة. فقد كان كافياً لرجال الشرطة المعنيّين أنْ يزعموا أنّ الحجارة كانت تُلقَى عليهم وربّما أصاب الصبيَّ حجرٌ منها. غير أنّه لا يظهر في أيّ تسجيل فيديو حجارة تُلقَى، وليست هناك أيّ دلائل أخرى على ذلك. هكذا أيضاً، يمكن أنْ ينام قاتلو الصبيّ عليّ أيضاً في سلام، فلن يُلاحقهم أحد، فكلّ ما فعلوه أنّهم قتلوا طفلاً فلسطينيّاً آخر.

وقعت هاتان الحادثتان، وغيرهما من حوادث أخرى كثيرة، في ظلّ فترة تعتبَر من أهدأ الأوقات في الضفّة الغربيّة. وهذا هو الإرهاب الذي تمارسه الدولة. حين نسمع عن مثل تلك الحوادث في الدول الديكتاتوريّة الشرّيرة، عن اقتياد الأطفال من فراشهم في منتصف الليل وعن إطلاق الرصاص على عين طفل وقتْلِ آخر، فإنّ ذلك يصيبنا بالقشعريرة. إطلاق الرصاص على التظاهرات؟ على الأطفال؟ أين تحدث تلك الأمور؟ ليس في أقاصي البلدان، وإنّما في مكانٍ على بعد ساعةٍ بالسيارة من منازلكم، ليس في ظلّ أنظمة شموليّة رجعيّة، وإنّما في ظلّ “الديموقراطيّة الوحيدة”.

ما هي نظرتكم إلى نظامٍ يسمح بإطلاق الرصاص على الأطفال، ويختطفهم من نومهم، ويدمّر مدارسهم؟ يجب أنْ تكون نظرتكم إلى هكذا نظام هي نظرتكم إلى النظام هنا في إسرائيل.

جدعون ليفي

هذا المقال مترجَم عن haaretz.com ولقراءة الموضوع  الاصلي الرابط التالي.

إقرأوا أيضاً: