fbpx

لبنان: قتال من أجل علبة حليب… “دعموا السلع ثم سرقوها”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

فيما وصل سعر الدولار الواحد إلى ما يقارب 10 آلاف ليرة لبنانية، ما زال الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة أي نحو 70 دولاراً. وبذلك عاد مسلسل إقفال الطرق الذي لا يملك المواطنون سواه للاعتراض…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

السلع المدعومة لا تستهدف الفقراء. إنها محصّلة يمكن أن يستخلصها المار على فيديوات تناتش السلع في السوبرماركت والمحال التجارية، التي فرض عدد منها على الزبائن شراء فاتورة لا تقلّ قيمتها عن 150 ألف ليرة، من أجل الحصول على سلع مدعومة. وهو مبلغ لا يملكه الفقراء غالباً، أو يكون عليهم تقسيمه على أكثر من فاتورة، لا فاتورة السوبرماركت وحسب.

مشهد قاتل أن تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوات لأناس يتقاتلون على علبة حليب أو قارورة زيت، في ظل شح في السلع الأساسية، ولجوء التجار إلى الاحتكار، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى المزيد من الإفقار للفئات المهمشة وأصحاب الدخل المحدود.

في المقابل، كان نقيب السوبرماركت في ​لبنان​ ​نبيل فهد​ ذكّرنا في تصريح بأن “اقتصاد لبنان حر، وأصحاب المحال يمكنهم أن يسعّروا السلع كما يريدون، والمواطن هو المراقب الاول الذي يحجم عن شراء السلعة من مكان ما إذا كان سعرها مرتفعاً”.

الاحتجاجات التي كانت تجددت في طرابلس ما لبثت أن انتقلت إلى مناطق أخرى، بسبب الأوضاع المعيشية المتردية. ففيما وصل سعر الدولار الواحد إلى ما يقارب 10 آلاف ليرة لبنانية، ما زال الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة أي نحو 70 دولاراً. وبذلك عاد مسلسل إقفال الطرق الذي لا يملك المواطنون سواه للاعتراض على جريمة إفقارهم، التي تضاف إلى جريمة قتلهم في انفجار مرفأ بيروت، وجريمة قتلهم مرة أخرى بسبب سياسات غير مدروسة ومترددة في إدارة ملف “كورونا” ووصول اللقاحات وتوزيعها. وبذلك يجد اللبنانيون أنفسهم في العراء التام، إنهم مهددون بالموت من كل الجهات، دولة فاسدة، رواتب لم تعد تكفي لشراء الحليب والخبز، بطالة، مؤسسات مفلسة، وأخيراً “كورونا” الذي لا يبدو أن نهايته قريبة مع البطء في إيصال اللقاح إلى مستحقيه، في ظل الفساد والسرقة اللذين يرافقان عمليات التلقيح.

المواطنون في الشارع الآن، يقول رجل للمراسلة التي سألته عن سبب نزوله للاحتجاج: “ما معي آكل”. إنها عبارة تختصر المشهد المدمي. فوفق دراسة صادرة عن الدولية للمعلومات، كان عدد العاطلين من العمل قبل 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، حوالى 350 ألفاً أي ما نسبته 25 في المئة من حجم القوى العاملة. لكن نتيجة حالة الشلل التي شهدها لبنان منذ ذلك التاريخ والتي زادت حدةً مع تفشي وباء “كورونا” فقد صرف من العمل نحو 80 ألفاً، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 430 ألفاً أي (32 في المئة)، عام 2020.

الطرق المقطوعة من الشمال وصولاً إلى الجنوب اللبنانيّ، تعني هذه المرة أن الجوع قد وصل بمعناه الحقيقيّ لا المجازيّ، فيما السلطة الحاكمة فمنشغلة بمحاولة فتحها وتفريق المحتجين، وإنهاء تحركاتهم.

وبحسب تقديرات «إسكوا»، ارتفعت نسبة الفقراء من 28 في المئة عام 2019، إلى 55 في المئة لغاية أيار/ مايو 2020. أما نسبة الذين يُعانون من الفقر المُدقع، “فارتفعت ثلاثة أضعاف، من 8 إلى 23 في المئة في الفترة نفسها.

والحجر الصحي الذي فُرض على البلاد من دون أي مساعدات للفقراء وأصحاب الدخل المحدود، كان آخر رصاصة تطلق في صدر اللبنانيين، الذين احتجزت المصارف أموالهم بالتواطؤ مع السلطة ورجالاتها، وبذلك باتوا غير قادرين على الاستمرار. وبدل أن تنهمك الدولة في محاولة دعم الناس خلال فترة الحجر، انشغلت بأجهزتها كافة بما فيها بعض وسائل الإعلام التقليدية في مساءلة الناس ومنعهم من فتح محالهم أو أكشاكهم، لتأمين قوتهم وقوت عائلاتهم.

العدد الإجمالي للفقراء من اللبنانيين أصبح يفوق 2.7 مليون شخص «بحسب خطّ الفقر الأعلى، أي عدد الذين يعيشون على أقل من 14 دولاراً في اليوم». ووفق “الإسكوا” فإن الرقم يعني “عملياً تآكل الطبقة الوسطى بشكل كبير، وانخفاض نسبة ذوي الدخل المتوسط إلى أقل من 40 في المئة من السكان. وليست فئة الميسورين بمنأى عن الصدمات، فقد تقلّصت إلى ثلث حجمها هي أيضاً، من 15عام 2019 إلى 5 في المئة عام 2020”.

الطرق المقطوعة من الشمال وصولاً إلى الجنوب اللبنانيّ، تعني هذه المرة أن الجوع قد وصل بمعناه الحقيقيّ لا المجازيّ، فيما السلطة الحاكمة فمنشغلة بمحاولة فتحها وتفريق المحتجين، وإنهاء تحركاتهم. أما صرخات هؤلاء فلا تعني لها أيّ شيء. الحكومة لم تتشكل منذ أشهر، لا جديد عن الودائع المسروقة، لا سياسات لوقف الانهيار أو تخفيف حدّته. ففيما يتقاتل مواطنان على علبة حليب، تنشغل الأطراف السياسية في القتال على المقاعد والحصص والغنائم.

إقرأوا أيضاً: