fbpx

لبنان: كان الصوت الانتخابي بـ100 دولار…
صار بجرعة لقاح!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يستغل الضاهر، كما غيره من السياسيين والأحزاب، ثغرات كثيرة ظهرت في عمليات التلقيح الرسمية لتحقيق مكاسب مناطقية وسياسية وانتخابية فيما تزداد النقمة الشعبية على السلطة بكل أركانها…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نشر المغنّي اللبناني ناجي الأسطا صورة له على “تويتر” وهو يتلقّى لقاحاً ضد فايروس “كورونا”، وأرفق الصورة بشكر للنائب اللبناني ميشال الضاهر على “مبادرته الكريمة بتأمين اللقاح لعدد أكبر من أهل البلد وعلى جهوده “لتسريع عملية تلقيح أكبر عدد من اللبنانيين”.

بدا بوضوح أن هذه التغريدة تفتح بازار “التلقيح الانتخابي”، مع ما سجلته من تعليقات تنتقد الاستنسابية في توزيعه على من يخدمون ضاهر دعائياً وانتخابياً: “مبروك اللقاح بس أنت مش أولى من بيي اللي عمره ثمانين سنة ومريض قلب”، واحدة من عشرات التعليقات الغاضبة التي وردت على صورة الأسطا، والتي تنقل حال عشرات من كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة ولا يزالون على لوائح الانتظار لتلقّي اللقاح فيما يستخدم نواب ومسؤولون لبنانيون اللقاح “كأداة في دعاية سياسية رخيصة” كما جاء في تغريدة أخرى.

بعض التغريدات أيضاً، ذكّرت بأن الأسطا قد أصيب بفايروس “كورونا” منذ فترة قصيرة وبالتالي لا يحتاج إلى تلقّي اللقاح بصورة مستعجلة، ليكون المغنّي اللبناني بمثابة عيّنة عن قيام مؤسسة الضاهر بتقديم اللقاح وفق المحسوبيات لا الأولويات.

وفيما كتب أحد المغرّدين “يبدو أنو توزيع المال الانتخابي مبلّش بكير” وافقه رأي آخر “كان حق الصوت 100 دولار، صار حقه لقاح”. في إشارة إلى سعي الضاهر وغيره إلى توظيف توزيع اللقاح مجاناً لأغراض انتخابية، جاءت تغريدة أخرى لأحد أبناء البقاع لتلمّح إلى ذلك أيضاً: “جربنا نسجّل للقاح قالولنا لأنو مش من الفرزل ما فيكم تتسجّلوا”، فردّ الضاهر عليه متذرعًا بقلّة اللقاحات المتوافرة لديه، وأضاف النائب “المحترم” بلغة تشبه مستوى الخطابة في مجلس النواب اللبناني: “روح تجعدن على غيرنا”.

وبالتزامن مع المهرجان الانتخابي التلقيحي الذي أطلقه ضاهر في فترة عيد الفصح، وصلت رسالة إلى هاتف علي صفوان وهو صيدلي لبناني، تحدد له موعد تلقيه الجرعة الثانية من لقاح “فايزر” بحسب ترتيبات المنصّة الرسمية. توجه صفوان إلى مستشفى الياس الهراوي الحكومي في زحلة، لكن إدارة المستشفى أعلمته بأن قسم التلقيح لا يعمل في يوم العطلة الرسمية. لكنه كان تلقى أيضاً رسالة رسمية من المنصة تعلمه بالموعد. وفي أثناء وجوده  حضر شخص آخر طلب تلقي لقاح “سبوتنيك” الذي تقدّمه مؤسسة النائب ميشال ضاهر، فأدخلته الممرضة واضطرت أن تكشف لصفوان أن المستشفى “الحكومي” محجوز لتلقيح المسجلين في مؤسسة ضاهر.

ولدى مراجعته لزملائه المسجّلين على المنصة الوطنية للتلقيح، علم صفوان أنهم تلقّوا اللقاح بشكل طبيعي أمس في عدد من المستشفيات الحكومية في مناطق مختلفة، والتي لم تكن مقفلة بموجب العطلة الرسمية: “تأكّدت بذلك أن الدولة حوّلت مستشفاها في المنطقة إلى مركز خاص بمؤسسة الضاهر”، يقول صفوان. ويرى أن في ذلك “استهتاراً كبيراً بحياة الناس في ظل الأزمة الصحية الخانقة، فلا دليل على أن عمليات التلقيح عبر المؤسسة تراعي الأولوية لجهة الفئة العمرية والأمراض المزمنة، كما أنها تجرى داخل صرح حكومي يفترض أنّه مكرّس بالكامل في هذه الظروف لخدمة المرضى وإعطاء اللقاح لمن تسجّل على المنصّة الرسمية منذ شهور طويلة. أتى الكثير من المرضى وكبار السن من مناطق بقاعية بعيدة جداً إلى المستشفى اليوم لتلقّي اللقاح وفوجئوا بإقفال أبوابه في وجههم. هل عليهم أن يتكبّدوا إلى جانب عناء المرض عناء الحضور كل يوم إلى مركز التلقيح لأن الدولة عاجزة حتى عن إبلاغهم بهذه القرارات العشوائية؟”.

ولا يخفي صفوان أنه فكّر، بعد هذه الحادثة، في شراء اللقاح لوالديه حتى لا تدفع العائلة ثمن الإهمال الرسمي، ويشير إلى أنه قد يلجأ إلى جهة سياسية للحصول على اللقاح طالما أنها قادرة على توفيره له في ظل لا مبالاة الدولة التي تدفع بمواطنيها دوماً إلى سلوك طرق ملتوية لتحصيل أبسط حقوقهم، “لو كنت أعلم أن الدولة ستدير ملف التلقيح بهذه الطريقة، لكنت تسجّلت أنا ووالداي، لتلقّي اللقاح عبر مؤسسة الضاهر!”.

عجز الدولة يشرّع الأبواب للزبائنية

يستغل الضاهر، كما غيره من السياسيين والأحزاب، ثغرات كثيرة ظهرت في عمليات التلقيح الرسمية لتحقيق مكاسب مناطقية وسياسية وانتخابية فيما تزداد النقمة الشعبية على السلطة بكل أركانها، فمع دخول عمليات التلقيح شهرها الثالث لا تزال وتيرتها تسير ببطء كبير ولم يصل الدور بعد إلى الفئة الثانية من كبار السن، إلى جانب عدم التزام الدولة بتلقيح الفئات التي وضعتها ضمن أولويات خطتها، فعدد ضخم من أفراد الطواقم الطبية والأطبّاء ومسعفي الصليب الأحمر لم يتلقّوا اللقاح بعد، بحسب ما أفاد نقيب الأطباء شرف أبو شرف، فيما تم تلقيح سياسيين ونواب من خارج المنصّة في فضيحة شغلت الرأي العام اللبناني.

وزارة الصحة ترفع عنها مسؤولية التأخر في عمليات التلقيح، وتلقي باللوم على الموردين الذين لم يفوا بوعودهم بتسليم اللقاحات في الوقت المتفق عليه. ويؤكّد وزير الصحة حمد حسن أن دخول القطاع الخاص على خط التلقيح لن يؤثر بشكل سلبي في العمل الرسمي في هذا الإطار، فالدولة حجزت 7 ملايين جرعة من اللقاح وهي كمية تكفي حاجة كل البلاد، وشدّد على أن “الوزارة تقوم بدورها على أفضل وجه”.

وفي حين لا تعد الدولة مواطنيها سوى بالعمل على تسريع عملية التلقيح، يضعهم أداؤها الباهت المعهود أمام ثلاثة خيارت تبدو كلها مرّة، وهي إمّا الانتظار لفترات طويلة لنيل اللقاح المجاني ضمن الحملة الرسمية أو شراء اللقاح من شركات خاصة، إذا ما استطاعوا تأمين كلفته والتي تبلغ نحو 38 دولاراً (أي نحو 456 ألف ليرة لبنانية بحسب سعر الصرف في السوق السوداء)، أو الحصول على اللقاح من طريق جهات سياسية ليدخلوا بذلك في دوامة الزبائنية التي أدّت ولا تزال إلى ترهّل الدولة وتلاشي دورها.

إقرأوا أيضاً: