fbpx

صور الرموز الدينية لا تمنع تكدّس النفايات في بغداد!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لجأ عراقيون إلى وضع صور لرموز دينية عند بداية كل شارع من أجل دفع المواطنين الآخرين إلى الامتناع عن رمي النفايات المنزلية. لكن ذلك لم يفلح!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

اعتادت أم رامي وهي موظفة حكومية تسكن في الصدرية، إحدى مناطق وسط بغداد، على رؤية تلال النفايات في خلال خروجها وعودتها إلى منزلها. هذا المشهد بات مألوفاً لآلاف العراقيين الذين يقطنون العاصمة. أم رامي تحمّل مسؤولية تكدّس النفايات إلى “الخدمات البلدية الحكومية” وإلى “الثقافة البيئية عند المواطن البغدادي”.  

المسؤولية أصبحت متقاذفة بين هذين الطرفين. إذ تعوّل البلدية على وعي المواطن بعدم رمي النفايات إلا في الأماكن المخصصة لها، بينما يتذمر المواطن من قلة حاويات النفايات والتي توزَّع على الطرق الرئيسة، فيما لا تجول سيارات رفع النفايات بشكل يومي، ما يؤدّي إلى تكدّسها، في مشهد “مخزٍ” بحسب أم رامي.

وتشير إلى أنها تعيش في زقاق ضيق لا تستطيع سيارة صغيرة المرور من خلاله “فما بالك بالسيارات الكبيرة المعروفة بكابسة النفايات”.

“المقدّس” لمنع تكديس النفايات

لجأ كثر من العراقيين الذي يحلمون بشوارع نظيفة خالية من النفايات إلى وضع صور لرموز دينية عند بداية كل شارع أو قطعة أرض فارغة من أجل دفع المواطنين الآخرين إلى الامتناع عن رمي النفايات المنزلية، ومراعاة وجود الصور التي يفترض أن تشكّل رادعاً.

وبحسب المواطن جعفر عبد الجليل، “الغاية من تلك الصور هو بث الهيبة والخشية في نفوس الآخرين لمنعهم من رمي النفايات في  الأماكن التي تضم صور الأئمة والصالحين و رجال الدين”. لكن مع ذلك، لم يرتدع كثيرون عن رمي نفاياتهم في مكان الصور. 

ويشير عبد الجليل إلى أن “ثقافة النظافة ضاعت ما بين دوائر البلدية والمواطنين، فالطرفان يتجاهلان الوضع”. ووفقاً لكلامه: “البلدية لا تعمل على استبدال الحاويات القديمة ولم تُفعّل نشاطها في توعية المواطن وتعاونه معها”، ما جعل المواطنين “حائرين في مكان رمي النفايات وكيفية رفعها، ما تسبب برميها في أماكن غير مخصصة لها، فضلاً عن حرقها في الحاويات للتخلص من تراكمها”، مع ما ينتج عن ذلك من دخان ملوّث للهواء والجو.

وتنتقد عضو لجنة الخدمات النيابية السابقة صباح التميمي مستوى الخدمات البلدية الحكومية في العاصمة بغداد. تقول لـ”درج”: “أغلب مناطق العاصمة تعاني من إهمال في تقديم الخدمات البلدية من تراكم النفايات وعدم اهتمام أمانة بغداد وأحياء العاصمة وأزقتها”. وتضيف: “من المفترض على الحكومة المحلية دراسة حاجة المجتمع وان تكون على قدر المسؤولية في حماية المواطن والحرص على خدمته لا العكس، خصوصاً في الوضع الصعب الذي يمر به البلد”.

الملف الشائك

ملف رفع النفايات في العراق “شائك ومتخلّف” بحسب ما وصف الخبير في الشؤون الاقتصادية هيثم الحسني، و”مسألة رفع النفايات أصبحت من الأمور البسيطة في جميع دول العالم البعيدة والمجاورة، على حد سواء، وللأسف العراق عجز عن ذلك”.

يلفت الحسني النظر إلى “وجود فساد كبير في إدارة ملف النفايات وسوء إداري كذلك وأن دولاً كثيرة استثمرت النفايات بالشكل الصحيح من قبل الشركات الأجنبية، من طريق تدويرها وخلق صناعة جديدة كالأسمدة من خلالها وتصديرها إلى الخارج لرفد الدولة بالعملة الصعبة”.

“الغاية من تلك الصور هو بث الهيبة والخشية في نفوس الآخرين لمنعهم من رمي النفايات في  الأماكن التي تضم صور الأئمة والصالحين و رجال الدين”.

هناك مشكلة يعاني منها العراق تتمثل في وجود نفايات كثيرة في الشوارع والأزقة وعجز السلطات الحكومية والبلدية عن إدارة هذا الملف. ويبرر المسؤولون عن البلدية التقصير “بوجود عجز كبير في الموارد البشرية والمالية والمعدات والآليات”، كما يقول حسني. 

ويؤكد الاقتصادي العراقي إن “معالجة النفايات بالطرق البدائية يشكل خطراً على صحة المواطنين ويسبب الكثير من المشاكل البيئية والصحية، خصوصاً مع غياب رؤية حكومية تعالج الأسباب جذرياً، إذ إن التعامل مع النتائج يستنزف الأموال والطاقات، من دون إيجاد حلول جذرية”.

الاستعراضات الإعلامية!

“على أمانة بغداد تحمّل كامل مسؤوليتها والقيام بواجباتها” هذا التوجيه صدر من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي  في 9/5/2021 الذي شدد في بيانه على ضرورة تفعيل حملات تنظيف واسعة لأحياء العاصمة ورفع النفايات، والحفاظ على المناطق الخضر والحدائق العامة.

بعد يومين من توجيه الكاظمي، دعا أمين بغداد علاء معن أهالي العاصمة إلى “دعم عاملي النظافة وإسنادهم من خلال الالتزام بجمع النفايات في أماكنها المخصصة”، مشيراً إلى أن “النظافة مسؤولية مشتركة تهدف إلى إظهار بغداد بشكل أجمل”. 

بينما نصح حسن الكعبي، النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي، أمين بغداد بالابتعاد من الاستعراضات الإعلامية والنزول الميداني مع كوادر الأمانة إلى المناطق والأسواق والأزقّة التي لم يصلها أحد منذ سنوات، وإزالة النفايات التي تملأ الشوارع والأزقة في عاصمة عمرها أكثر من ألف عام.

معامل تدوير النفايات 

عام 2013، افتتحت بلدية المحمودية معمل فرز وتدوير نفايات يقع على مساحة 64 دونماً، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 200 طن لليوم الواحد، ويعد الوحيد على مستوى بغداد ومناطق الجنوب، بحسب تصريح رسمي لمدير المعمل، عادل علي محمد، الذي يؤكد أن “الغاية الرئيسية من إنشاء المعمل هي توفير بيئة صحية مناسبة للمدن من خلال طمر النفايات خارج المدينة، فضلاً عن تعظيم واردات البلدية من خلال فرز المواد القابلة للتدوير كالكارتون و البلاستيك بأنواعه والألمنيوم والحديد وغيرها من المواد، وثم بيعها في المزاد العلني من طريق محافظة بغداد وبلدياتها”.

وبحسب مدير المعمل الحكومي، فإن “كمية المواد المفرزة ارتفعت خلال الأشهر الستة الماضية واستطاع المعمل بيع ما يعادل 60 مليون دينار (نحو 40 ألف دولار)، وهذا يعد مردوداً إيجابياً للمعمل”، مشيراً إلى أن “المواد المفرزة تباع في المزاد العلني”. كما أن “الغازات المنبعثة من النفايات تمكن الاستفادة منها في توليد الطاقة الكهربائية، في الأحياء والمناطق القريبة من المعمل”، وفق التميمي، التي تؤكد أن “إنشاء معامل من هذا النوع لها جدوى اقتصادية مثل توليد الطاقة الكهربائية من خلال الغازات المنبعثة من النفايات، فضلاً عن إنتاج الأسمدة العضوية التي تنتج من مخلفات الطعام والاستفادة منها في مجال الزراعة، إضافة إلى تأمين فرص للعاطلين من العمل”.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.