fbpx

حملات المقاطعة من “زارا” إلى “الدحيح”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بات المشهد متذبذباً ومنقسماً عربياً حول الملف الفلسطيني، بلغة حادة وأفكار مسيسة أحياناً. وربما يعد هذا الواقع المزعج أحد أسباب نجاح الصوت الفلسطيني في حربه الأخيرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من الطبيعي أن تنشط حملات تدعو لمقاطعة مجموعة الأزياء الإسبانية ومتاجرها “زارا”، بعدما وجهت المصممة الرئيسية فانيسا بيريلمان رسالة شديدة اللهجة وُصفت بالتحريضية، إلى عارض الأزياء الفلسطيني قاهر حرحش، عبر “إنستاغرام”، لتدخل معه في جدال حول موقفها المنحاز لإسرائيل مقابل تأييده لقضية وطنه فلسطين، فخرجت علامة الأزياء “زارا” ببيان توضيحي عن سياستها التي تدين مثل هذه التعليقات، من دون طرد بيريلمان.

في موازاة ذلك، شُنت حملة مقاطعة لبرنامج “الدحيح”، وهو برنامج لليوتيوبر المعروف أحمد الغندور نتيجة عرضه برنامجه الجديد على منصة ممولة اماراتياً  ومتهمة بارتباطها بالتطبيع مع إسرائيل.

ليست هذه النماذج الوحيدة التي سادت الفضاء العربي مؤخراً بعد جولة الاعتداءات الاسرائيلية ضد غزة وضد فلسطيني الداخل. وهنا لا خلاف على أن القضية الفلسطينية هي قضية حق إنساني وهي قضية راسخة في الوجدان العربي، تماماً كما هي قضية الإنسان العربي الذي يبحث عن لقمة عيشه ليحيا بكرامته وسط صراعات يومية يخوضها في بلده مع أنظمة مستبدة فاسدة، ومن ثم يناصر قضاياه المحلية والعربية التي يؤمن بها بالكلمة والمال والموقف. 

هذا التداخل ما بين مناصرة حق الشعب الفلسطيني وما بين المعاناة اليومية للإنسان العربي مع أنظمته ومجتمعه يخلق الكثير من الالتباسات.

هذا ما ينطبق على مقدم برنامج “الدحيح” أحمد الغندور وفريق عمله الذي تنقل بين مؤسسات خليجية بحثاً عن منصة تدعمه مادياً، وتساهم في إيصال محتواه الثقافي البعيد من السياسة كما وصفه في بيان توضيحي لمجابهة حملة المقاطعة. فبرنامج “الدحيح” الذي كان يتم بثه من خلال مؤسسة قطرية في خضم مرحلة الخلاف الخليجي المصري- القطري، كان بطلاً بالنسبة إلى البعض وعميلاً بنظر آخرين. و”الدحيح” الذي واجه سابقاً اتهامات بنشره أفكار الإلحاد، يُتهم اليوم بتعاونه مع منصة تدعم التطبيع! وقد تكون مثل هذه السهام الحادة مفيدة لاستمرارية برنامجه الذي حقق ملايين المشاهدات، بدلاً من إيقافه. لكن علينا أن نتوقف لحظة، لنفكر ونحاول معالجة تضارب أفكارنا كداعمين ومتابعين لتطورات القضية الفلسطينية، وحياة المواطن العربي الكريمة التي من شأنها أن تفيد القضية الفلسطينية وغيرها من همومنا العربية، أكثر مما تضرها.

فعلى رغم أن البيان الذي خرج به مقدم البرنامج قد تمكن من امتصاص غضب البعض بخاصة بعد رد فعل المنصة “نيو ميديا” والتي أوضحت في بيان، أنها تعمل على إثراء المحتوى العربي، ولا تعمل على قضايا سياسية بأي شكل من الأشكال، إلا أن حملات مقاطعة برنامج “الدحيح” ما زالت قائمة، ومناشدات فريق العمل بالتوقف عن التعاون مع “نيو ميديا” مستمرة من دون تقديم بديل يُذكر لاستمرار البرنامج الذي قدم أولى حلقاته بعنوان “الملل”!

لقد بات المشهد متذبذباً ومنقسماً عربياً حول الملف الفلسطيني، بلغة حادة وأفكار مسيسة أحياناً. وربما يعد هذا الواقع المزعج أحد أسباب نجاح الصوت الفلسطيني في حربه الأخيرة، بعدما اضطر إلى سرد قصته من جديد لمن يجهلها او يشكك بها في محيطه القريب قبل البعيد، وهذا ما يدفعنا للبحث في واقع اليوم العربي وهموم مواطنيه وأولوياتهم بقدر تفهمنا ومساندتنا القضية الفلسطينية، أي أنه بات علينا محاولة التفكير بتجرد في مصالح الآخرين أيضاً وهمومهم، تماماً مثلما حصل مع  تغريدة الفنان المصري العالمي عمرو واكد، عندما لقيت نصيبها من الجدل بعد تعليقه على إخلاء سبيل محمد ومنى الكرد، مستشهداً بما قد يحدث لهما لو كانا مصريين، وما قد يلقيانه من أحكام نتيجة الاعتقال في مصر على حد وصفه. 

علينا أن نعترف بأننا كشعوب نمر بمرحلة خانقة تتطلب منا التفهم ومساندة بعضنا بعضاً، والمساهمة في رفع المعنويات لا إحباطها وزيادة اوجاعها أكثر مما تحتمل.

إقرأوا أيضاً: